الصدر: العراق متجه إلى أعلى مراتب الخطر… والعبادي يحمّل الكتل مسؤولية تأخير حكومته

بغداد ـ «القدس العربي»ووكالات: في خضم التطورات السياسية المتسارعة في المشهد العراقي، تصاعدت حدة المواجهة وتبادل النقد والاتهامات بين التيار الصدري ورئيس الوزراء، حيدر العبادي.
ويأتي هذا على خلفية الموقف من تشكيل حكومة تكنوقراط لحل مشاكل البلاد، وأيضا بالتزامن مع إعلان قوى سياسية رئيسية عدم المشاركة في الحكومة المرتقبة.
فقد دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أمس الاربعاء، إلى الاستمرار في الاعتصام بوجوده او بغيابه، مشددا على ان الشعب هو من يقرر شكل الدولة العراقية.
وحذر في لقاء صحافي من مكان اعتصامه، من ان العراق متجه إلى «أعلى مراتب الخطر إذا بقي الوضع على ما هو عليه». وكان الصدر قد رد، مساء أول من أمس الثلاثاء، برسالة على خطاب ألقاه رئيس الوزراء، حيدر العبادي، في اليوم نفسه، طالبه فيها بالالتزام بموعد اليوم الخميس لتنفيذ الإصلاحات الشاملة، وقال له إن خطاباته «بعيدة عن تطلعات الشعب العراقي». وتلا القيادي في التيار الصدري ،علي سميسم، في مؤتمر صحافي عقده في ساحة الاعتصام أمام المنطقة الخضراء، رسالة الصدر إلى العبادي التي جاء فيها: « لقد خيبت أملنا بخطابك الأخير، وخيبت آمال الشعب المظلوم. و لذا فإنني أنصح رئيس الوزراء بألا يكثر من الخطب بلا نفع، وكفى خوفا وترددا».
وأعلن الصدر أن «هناك مهلة إلى الخميس (اليوم) لتنفيذ التغيير الكبير في الإصلاحات»، مهددا بـ» اللجوء إلى خيارات أخرى ومنها سحب الثقة عنه».
ومن جانبه، ألقى رئيس مجلس الوزراء نفسه كلمة إلى الشعب العراقي، مساء الثلاثاء، دعا فيها مجلس النواب إلى تحديد شكل الإصلاحات المقبلة المطلوبة منه، معتبرا ان «من غير الحكمة تقديم تشكيلة وزارية يرفضها مجلس النواب». ودعا البرلمان والكتل السياسية لتحديد موقفها بشأن الإصلاح.
وكان يرد في خطابه، الذي بثه التلفزيون الرسمي، على المهلة التي حددها البرلمان يوم الاثنين (28 مارس/آذار) لتشكيل حكومة جديدة بحلول اليوم.
وقال العبادي، قبل ما يزيد على ستة أسابيع، إنه سيشكل حكومة جديدة تضم وزراء تكنوقراط لا تربطهم صلات بالأحزاب السياسية. لكن ساسة آخرين بينهم أشخاص من حزب الدعوة الشيعي المنتمي له العبادي عارضوا مثل هذا التعديل.
وأرجع البعض ذلك إلى خشية هذه العناصر الحزبية من أن يُقَوِض هذا التطور- في حال حدوثه – شبكات التأييد السياسي التي تدعم ثرواتهم ونفوذهم منذ أكثر من عشر سنوات.
وفي خطابه وجه رئيس الوزراء دعوة للصدر، بشكل غير مباشر، لإنهاء الاحتجاجات التي قال إنها تمثل عبئا على قوات الأمن في الوقت الذي تقاتل فيه تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه، فقال ان الحكومة «تعطي الأولوية القصوى للحرب ضد عصابة داعش الإرهابية لأنها حرب وجودية يستهدف خطرها العراق والعالم أجمع».
ومضى يقول ان «أمن بغداد والمحافظات أصبح يتطلب جهودا وإمكانات إضافية، الأمر الذي بات يشكل ضغطا كبيرا على قوات الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية التي تعيش حالة إنذار، وتتخذ إجراءات وقائية لحماية المتظاهرين وتأمين حياة المواطنين ومصالحهم».
كما دعا العبادي إلى «مراعاة ذلك وتخفيف الضغط على القوات المسلحة والأجهزة الأمنية. فلايجوز ـ من أجل تحقيق الإصلاحات – التأثير على الوضع العسكري او التضييق على حركة المرور وحريات المواطنين، خاصة في المناطق السكنية التي تعيش فيها عوائل المواطنين حالة حرج وقلق». وطالب العبادي مجلس النواب بأن يحدد بصورة واضحة موقفه وما يطلبه من رئيس الوزراء. وقال: «هل المطلوب تقديم وزراء من الكتل السياسية، أم تقديم وزراء تكنوقراط خارج الكتل والمحاصصة»؟ ويعني هذا أنه طالب المجلس بإصدار «توجيه واضح» بشأن ما إذا كان يتحتم عليه تعيين ساسة ينتمون إلى الأحزاب أو تكنوقراط مُستقلين في حكومة جديدة تهدف إلى مكافحة الفساد.
وضمن مواقف القوى السياسية من محاولات تشكيل حكومة جديدة، أكد «ائتلاف الوطنية» بقيادة إياد علاوي، عدم تقديم أي مرشح للتشكيلة الوزارية الجديدة والاكتفاء بدور المعارضة في مجلس النواب، في حال لم يستجب العبادي إلى ملاحظات الائتلاف.
وأمس الأربعاء أيضا، أكد رئيس كتلة «ائتلاف الوطنية النيابية»، النائب كاظم الشمري، لـ«القدس العربي»، أن العبادي أرسل اليهم وفدا «لمناقشة تشكيل الحكومة الجديدة». وقد أرسلت الكتلة الوطنية ردها برسالة تتضمن تصوراتها لعمل الحكومة، ومنها التأكيد على المصالحة الوطنية والابتعاد عن المحاصصة ومكافحة الفساد وتعقب الأموال المنهوبة والعفو العام وغيرها من المطالب المشروعة.
وقال: «إذا استجابت الحكومة لمطالبنا، فيمكن أن نشارك بالحكومة القادمة، وإذا رفضت فلن نشارك فيها وسنتخذ موقف المعارضة داخل البرلمان».
وأعلن رئيس البرلمان العراقي، سليم الجبوري، في مؤتمر صحافي أمس، وقوفه مع مطالب المتظاهرين. وقال إن رئيس الوزراء أمامه خياران لا ثالث لهما: الأول، تلبية مطالب المحتجين، والثاني أن يكون التغيير الوزاري جزءا من إصلاح شامل وليس تهدئة للخواطر. وأكد على أن مجلس النواب يهيّئ كل الظروف المناسبة للتغيير، داعيا القوى السياسية للتعاون وتقديم تنازلات.

مصطفى العبيدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية