الصدر والإنذار الأخير للعبادي: الإصلاح أو الرحيل

حجم الخط
10

بحضور جماهيري واسع في وسط بغداد، تمكن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر من إشعال حماس آلاف المحتشدين، عندم وجّه ما يشبه إنذارا أخيرا إلى رئيس الوزراء حيدر العبادي لتطبيق الإصلاحات الشاملة، التي كان وعد بها الصيف الماضي، خاصة محاربة الفساد وإقالة الوزراء، وتشكيل حكومة تكنوقراط، وإلا مواجهة غضب شعبي عارم يطيح به مع العملية السياسية بأكملها.
وكان العبادي قد وعد الصيف الماضي بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية بعد احتجاجات حاشدة في الشوارع، لكنه سرعان ما واجه مقاومة مستمرة وتحديات قانونية للتغيير. وتعهد هذا الشهر بتعيين تكنوقراط يحلّون محل وزراء تم تعيينهم على أساس الانتماءات السياسية، لكن ظل هذا الوعد مجمدا أيضا.
وقال الصدر الذي تستحوذ كتلة الأحرار التي يتزعمها على 34 مقعدا نيابيا وثلاثة مناصب وزارية، أمام الحشد الضخم، «رئيس الحكومة على المحك بعد أن انتفض الشعب (…) اليوم هو ملزم بالإصلاح الجذري لا الترقيعي». وأضاف «كفاهم سرقات كفاهم فسادا»، مشيرا بذلك إلى أعضاء الحكومة.
وبعدما ردّد مع المتظاهرين «نعم نعم للإصلاح» و«نعم نعم لمحاربة الفاسدين» و«كلا كلا للفساد»، هدد الصدر في كلمته بانتفاضة شعبية. وقال «اليوم نحن على أسوار المنطقة الخضراء وغدا سيكون الشعب فيها».
وحرص الصدر على تذكير العبادي بأنه كان خذل الدعم المعلن من المرجعية الشيعية العليا أثناء المظاهرات السابقة، ما يمكن تفسيره على أنه يتحدث باسمها هذه المرة، خاصة فيما يتعلق بتخييره بين التحرك الفعلي او تقديم استقالته.
ويسعى الصدر الى الاستفادة من هذه المعطيات في العودة إلى صدارة المشهد السياسي، في الوقت الذي تتفاقم فيه المواجهة بين رئيس الحكومة وأغلب الأحزاب التي رفضت مطالبته بتشكيل حكومة تكنوقراط، وطالبته بأن يبدأ بنفسه والتخلي عن منصبه الذي كان شغله ضمن المحاصصة الطائفية نفسها التي يدعو حاليا للتخلص منها.
ويعتبر البعض أن تهديدات الصدر باقتحام المنطقة الخضراء مجرد دعاية سياسية فارغة، حيث أن العبادي كان أعلن فتح المنطقة التي تضم مقر الحكومة والأجهزة الأمنية في وسط بغداد أمام المواطنين.
أما المعيار الحقيقي فيبقى إمكانية تحقيق الإصلاحات المطلوبة مع الحفاظ على بقاء العملية السياسية، وهو أمر يتشكك كثيرون في إمكانية حصوله، إذ أن الأحزاب والنواب البرلمانيين الذين يمسكون بالأدوات الفاعلة سياسيا لا يستطيعون عمليا أن يحاربوا الفساد، بينما يواجه أغلبهم اتهامات رسمية او شعبية بالفساد.
ولم يتمكن العبادي خلال جلسة حضرها قبل أيام من الحصول على تفويض من البرلمان لإجراء إصلاحات واسعة، رغم اتخاذه من قبل خطوات بهذا الاتجاه أبرزها تقليص المناصب الوزارية من 33 الى 22، وخفض عناصر حماية المسؤولين.
ومن اللافت أن المرجعية الشيعية كانت اختارت مؤخرا التوقف عن التدخل العلني في العملية الحزبية بعدم إصدار الخطب السياسية المعتادة في أيام الجمعة، وهو ما يشير إلى مشاعر بالإحباط وخيبة الأمل تجاه رئاسة الوزراء التي فشلت في توظيف الزخم الشعبي نتيجة للمظاهرات الماضية.
وليس مستبعدا أن يكون الصدر قد حصل على ضوء أخضر من المرجعية للدفع نحو إقالة العبادي، رغم صعوبة النتائج المتوقعة بما في ذلك انهيار العملية السياسية، للحفاظ على الحد الأدنى من النفوذ والمصداقية في أعين الشارع الذي وصل إلى مستوى غير مسبوق من الاحتقان.
ويتمنى كثير من العراقيين أن تكون هذه لحظة الحقيقة بالنسبة لكافة الأطراف، بعد أن أدى ضعف رئاسة الحكومة إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، والتدهور الأمني، وتفجر الصراعات المذهبية، في ظل انفلات الميليشيات الشيعية ضد المدنيين السنة بشكل خاص، حسبما أكدت تقارير حكومية ودولية. فهل تبدأ أخيرا ساعة المحاسبة التي طال انتظارها؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الصريح:

    طبعا والله شي مضحك عندما يتظاهرون يصبحون الشعب العراقي وعندما يقاتلون داعش يصبحون مليشيات شيعيه … أنصار الصدر يمثلون نصف الحشد الشعبي !!!

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      للصدر 40 نائبا بالبرلمان وعشر وزراء
      الصدر تظاهر لإنقاذ الحكومة بالتسلق على الثوار
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول سامح // الاردن:

    * ( العراق ) على صفيح ساخن وساخن جدا ؟؟؟
    * لن تستقيم الأمور الا بمحاربة ( الفاسدين ) والمفسدين
    والكف عن اللعب ( بالطائفية ) والعصبية البغيضة .
    سلام

  3. يقول سامح // الاردن:

    * على ( ايران ) رفع وصايتها عن ( العراق ) وترك
    العراق للعراقيين .
    سلام

  4. يقول سامح // الاردن:

    * برأيي البسيط : السيد ( العبادي ) شخصية ضعيفة
    والأفضل البحث عن شخصية قوية تستطيع مسك الأوضاع
    ع الأرض ومحاربة ( الفساد ) بجدية وصرامة .
    سلام

  5. يقول محمد سعد+اليمن:

    لا يمكن لاي اصلاح ان يتحقق ما لم تكن هناك دوله وقانون يحمي الجميع ويتساوى فيه الجميع
    دوله ولا ئها لبلدها ولا يتم التحكم بها

  6. يقول الخيال:

    لا يمكن القضاء على الفساد بدون حل المليشيات الايرانيه والاحزاب الداعمة لها وانهاء المحاصصه الطائفية وهذا لن يتم بدون حل البرلمان وتجميد الدستور لحين كتابه دستور جديد وهذا بدوره لن يتم بدون انقلاب عسكري ولكن الجيش العراقي ضعيف لذلك فالعبادي لن يستطيع اصلاح الكثير في المستقبل القريب.

  7. يقول محمد قطيفان / شرق المتوسط:

    – رفع العلم العراقي .. فقط ، بيد مئات الآلاف في ساحات بغداد العزيزة ، باعث على الأمل ، وأرجو أن يتحصل الشعب العراقي على قيادة واعية مخلصة عراقية لا طائفية
    – هل يستطيع الصدر الخروج من العباءة الإيرانية والالتحاق بثورة الشعب العراقي ضد الفساد والطائفية ؟
    أشك في ذلك
    – هل يستطيع العراقيون إنقاذ بلدهم من السقوط والتفكك والضياع بعد الحروب الأمريكية الإجرامية ، والعبث الإيراني الطائفي الذي أفرز ثنائية الميليشيات وداعش ، وبعد شبه الاستقلال الكردي ؟
    أتمنى ذلك .. من كل قلبي

  8. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم.رأي القدس اليوم عنوانه(الصدر والإنذار الأخير للعبادي: الإصلاح أو الرحيل)
    الاصلاح في العراق شبه مستحيل في ظروف التغول والحقد الاعمى لاذناب ايران على مكونه السني،ولذلك فانه (لن يستقيم الظل والعود اعوج)
    تلاميذ ملالي (قم) ليسوا اهلا للاصلاح ،لانهم ببساطة همهم الاكبر هو قهر واذلال وتقتيل مكون العراق السني لتهميشه والحفاظ علىمفعول احصاء (برايمر) المزور لتبقى السيطرة والنفوذ وتبديد الثروة بايدي عملاء ايران الطائفيين

  9. يقول أ.د خالد فهمي - تورونتو - كندا:

    شكراً لمقال القدس العربي الهام حول الصدر وأتباعه

    مقتدى الصدر هو الشيعي الوحيد الذي يتمتع ” بضمير ” حي ومصداقية !!! يهمه الاصلاح وتصحيح المسار ” الافلج ” لحكم المتحاصصين من الطائفتين المسلمة ومن الاكراد وحتى من الاقليات المسيحية منذ 2003 وفي تقديري سيكون له شأن متنامي بأتجاه صناعة القرار الديمقراطي الحقيقي والمستقل للعراق من دون تدخّل أمريكي أو أيراني…

    أتمنى أن يجتمع رجال الدين الشيعا ” النزيهين والشرفاء ” أمثال الصدر والصرخي وأياد جمال الدين ليكوّنوا جبهة سياسية موحدة لترسيخ الحق والعدل وحقوق الانسان العراقي المظلوم والمسحوق والمهان ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم !!!

إشترك في قائمتنا البريدية