غزة ـ «القدس العربي»: في ظل تخوف إسرائيل من نشوب مواجهة مسلحة جديدة مع قطاع غزة، على غرار الحرب الاخيرة، تقرر وبأوامر من وزير الجيش الإبقاء على الضباط المشرفين عن أمن البلدات الإسرائيلية القريبة من الحدود في أماكن عملهم.، رغم وجود قرار عكس ذاك.
وتزامن ذلك مع بروز خلاف بين المؤسسة العسكرية الممثلة بالجيش، والأمنية الممثلة بجهاز المخابرات الداخلية «الشاباك» سببه أيضا الحرب على قطاع غزة.
وللدلالة على اهتمام الجيش الإسرائيلي بحماية بلدات غلاف غزة، على عكس ما روج «الشاباك»، قرر الوزير موشيه يعالون الإبقاء على عمل مسؤولي الأمن في التجمعات السكنية الواقعة على حدود إسرائيل في مختلف القطاعات وعدم تقليص ساعات عملهم.
جاء هذا خلال جلسة عقدها الوزير يعالون مع الجهات الأمنية المختصة وفي ضوء «العبر المستخلصة من عملية الجرف الصامد في قطاع غزة».
ويشمل القرار الجديد ليعالون أن يواصل مسؤولو الأمن عملهم الاعتيادي في التجمعات السكنية التي تبعد عن القطاع حتى مسافة 14 كيلومترا، مع رفع أجور عملهم، وذلك بعد أن كان يعالون قد أعلن في وقت سابق من هذا العام عن نيته تقليص عمل مسؤولي الأمن في هذه، مما أثار استياء السكان فيها.
وكانت أكبر موجة استياء حصلت خلال الحرب الأخيرة على غزة، والأيام التي سبقتها، وشهدت تبادلا للهجمات. فخلال الحرب تمكن عدد من المسلحين الفلسطينيين التابعين لحركة حماس من التسلل عبر أنفاق أرضية إلى داخل الحدود الإسرائيلية، وتنفيذ هجمات هناك، ما أثار حفيظة سكان بلدات غلاف غزة.
ولا يزال هاجس الخوف يسيطر على سكان هذه المناطق، الذين نظموا قبل أيام تظاهرة احتجاجية ضد أي عمليات تقليص لحمايتهم، خاصة وأنهم عبروا عن خشيتهم من تجدد القتال واندلاع مواجهة جديدة.
ويأتي ذلك كله في ظل استمرار وتكشف الخلافات بين المؤسسات الإسرائيلية خاصة الأمنية والعسكرية بشأن الحرب الأخيرة. فلم تخف مصادر عسكرية إسرائيلية سخطها من التصريحات التي أدلى بها مسؤولون كبار في جهاز «الشاباك»، مؤخرا في تقرير تلفزيوني بثته القناة الإسرائيلية الثانية، تحدث عن الحرب الماضية، من خلال الإشارة إلى وجود تحذيرات سبقتها بنية حماس البدء بالحرب والهجوم على بلدات غلاف غزة.
ولم يعجب قيادة الجيش حسب ما نقلت صحيفة «معاريف» أمس الكشف عن هذه المعلومة، ووصفت التصريحات المنسوبة لضباط «الشاباك» بـ»الشائنة، كونها مثلت هزة كبيرة.
وأكدت الصحيفة وجود حالة من الغليان في صفوف قيادة الجيش بعد إرسال «الشاباك» لاثنين من ضباطه أحدهم بمنصب رفيع جداً في الجهاز فقط للتقليل من شأن الجيش وإظهاره بمظهر المستهتر بأمن إسرائيل.
فقيادة الجيش ترى أن تصرفات «الشاباك»، هدفها فقط إحراج الجيش وإظهاره بمظهر «غير الأمين على الإسرائيليين»، بهدف تقوية نفوذ «الشاباك».
الاتهامات المتبادلة من الطرفين، وحالة الغليان هذه دفعت قيادة الجيش إلى التأكيد على أن ما قام به «الشاباك» كان نشرا للأكاذيب في الإعلام لتحسين صورته داخل إسرائيل.
في الرد على ما ورد من تحذيرات لـ«الشاباك» فقد قال ضابط كبير في الجيش حول نية مقاتلي حماس الهجوم على بلدات الحدود، قبل نشوب الحرب «تحديد أعمار المصلين في الأقصى يحتاج إلى جلسة خاصة لأخذ موافقة رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو فما بالك بمسألة هامة كالحرب « . وقال هذا الضابط في سياق التقرير الذي نشرته صحيفة «معاريف» أنه في حال بقي «الشاباك» مصراً على موقفه بخصوص هذه التحذيرات فهم «يتهمون ضمنياً بنيامين نتنياهو والجيش والوزراء بالكذب»، على اعتبار أن نتنياهو صرح في وقت سابق أنه لا علم له بوجود تحذيرات بخصوص نية حماس بدء الحرب.
وأتهم الجيش الإسرائيلي الذي يعاني من انتقادات حادة بعد انتهاء حرب غزة، «الشاباك» بتجاوز «الخطوط الحمر» والمس بالثقة بين الأجهزة العسكرية والأمنية.
وأكدت قيادات الجيش أن نتنياهو تابع البرنامج التلفزيوني «وأبدى سخطه من طبيعة ما ورد فيه وخاصة إظهاره بمظهر غير العارف ببواطن الأمور وتكذيبه». ومن المتوقع أن يطلب قادة «الشاباك» الذي ظهروا في البرنامج لـ «جلسة توبيخ».
يشار إلى أن الحرب الأخيرة على غزة التي دامت 51 يوما، أظهرت خلافات كبيرة داخل المؤسسة السياسية الإسرائيلية، حتى أن نتنياهو أتخذ قرار إنهاء الحرب دون العودة لوزراء الائتلاف، أو المجلس الوزاري المصغر. وما زال قادة تل أبيب بسبب تلك الحرب يتبادلون الاتهامات حول نتائجها وما آلت إليه الأمور بعدها، خاصة في ظل الادانات والانتقادات الدولية.
أشرف الهور