الصور وتناقلها والشائعات والأرقام أكثر ما يزعج الفلسطينيين من الإعلام

حجم الخط
0

رام الله- «القدس العربي»: ليست هذه الحرب الأولى على قطاع غزة بشكل خاص، وعلى الأراضي الفلسطينية بشكل عام، وقد لا تكون الأخيرة، هذا ما أخبرتنا به التجارب السابقة. لكن الفلسطينيين ورغم الحروب الشعواء، التي تطال الأخضر واليابس، تعلموا كيفية الصمود في وجهها ووجه المحتل. لكن أكثر ما يزعجهم في هذه الظروف الصعبة هو تداول الصور الوحشية التي يخلفها الإحتلال الإسرائيلي خاصة إن كانت «للبشر» وتداول أرقام الشهداء الفلسطينيين.
ويعتقد الفلسطينيون، أن تداول صور أشلاء الأطفال، أو أجزاء من أجسادهم، لن يفيد القضية الفلسطينية في شيء، فهذه الصور تتكرر بإستمرار في العراق وسوريا وقد أصبحت مرهقة للمتابع إلى درجة تدفع لهروبه من متابعة الأخبار الملحقة بهذه الصور، والأهم من ذلك هو التأثير السلبي لهذه الصور على عائلات الشهداء وذويهم وأقاربهم. فمن المحزن جدا بعد فقدان فلذات أكبادهم أن تروج الصور بهذه الطريقة البشعة على مواقع التواصل الإجتماعي، وأن يروها بعد حين، بهذه البشاعة، ما قد يعرضهم لردات فعل سيئة، وصدمات قوية، خاصة في حال انهم لم يروا المشهد قبل نشر الصورة.
الأمر الآخر الذي يصيب الفلسطينيين في مقتل هو تعامل الإعلام العربي والدولي مع الشهداء و«البشر» على أنهم أرقام فقط، وأن يقال فقط أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قتل 24 فلسطينياً، وأن تبقى الأرقام في ارتفاع مستمر كون الحرب مستمرة، فهؤلاء بشر والإعلام يغفل هذا الجانب. صحيح أن ما يجري في الوطن العربي الكبير، وخاصة بشاعة ما يجري، يكاد ينسينا أننا نمت للبشرية بصلة، لكن الفلسطينيين يحاربون هذه الثقافة، ويريدون تعامل الإعلام معهم كبشر، ونقل صورة معاناة هؤلاء البشر بعد 66 عاما على النكبة الأولى، ذلك أن الشهيد هو قصة وليس رقما، ولأننا في العزاء نذهب لتعزية الأحياء وليس الأموات.
الأمر الآخر، هو الخلط في الصور من قبل «الهواة» الذين ليس لهم عمل سوى جذب المزيد من «اللايكات على الفيسبوك، أو المزيد من المتابعين على تويتر، حيث يأتيك بصورة من العراق، ويقول لك إنها من غزة، أو أنظر لحظة ضرب الصواريخ لمدينة تل أبيب، فتجد أن الفيديو هو لقصف حصل من أعوام سابقة، وكل ذلك يمنع الإعلام المحلي الفلسطيني، وحتى العربي من تداول الصور الصحيحة ويحد بالتالي من تأثيرها، وهو ما حاول الكثيرون تنبيه العامة له منذ اللحظة الأولى ليس في حال العدوان على غزة فقط، وإنما أيضاً منذ حادثة إستشهاد وحرق الفتى المقدسي محمد أبو خضير.
تتناقل الشائعات كذلك، وتحديدا من قبل العامة، أمرا يربك الساحة الفلسطينية، والصحافيين بشكل أكبر، فلو أردت التأكد من كل معلومة من مصدرها، فهو أمر قد يستغرقك وقتا طويلا، والمشكلة أنك مجبر على التأكد من كل شيء، قبل نشره أو الكتابة عنه، والمشكلة الرئيسية تكمن في «تبهير» الشائعة وإضافة بعض المعلومات المختلقة على شيء لم يحصل أصلاً، ما يزيد من الطين بلة، ويزيد الأمور تعقيدا أكثر مما هي معقدة أصلاً في واقع الحياة الفلسطينية على الأرض.
وتكمن المعضلة الرئيسية في عدم القدرة على السيطرة على ما ينشر على شبكات التواصل الإجتماعي لوقف الشائعات أو إلغاء الصورة المغلوطة منها أو الوحشية التي ارتكبت على يد قوات الإحتلال الإسرائيلي، إلا أن النشطاء الفلسطينيين لا يتركون جهدا إلا ويحاولون الوصول لكافة الشرائح، وبث رسائل التنبيه التي من شأنها التخفيف على أقل تقدير، من هذه الحالة.

فادي أبو سعدى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية