الصيت لترامب والغنى لبوتين

حجم الخط
3

غادرت ضوضاء ترامب المنطقة ومعه رحل صخب زيارته الاستعراضية، الصيت له ولكن الغنى يبدو انه لبوتين، الذي يعمل بصمت ومعه حلفاؤه الإيرانيون بأقدامهم الثقيلة على فرض واقعهم المقيم في بلادنا، لا الزائر المرحلي كالامريكي.
سيحل بوتين ضيفا على عاصمة خليجية جديدة هي الكويت، ولا نعرف إن كان سيرقص العرضة أيضا هذه المرة، بسيف دمشق الذي غنمه هدية حربه الأخيرة من ما يسمى «اصدقاء الشعب السوري».
وبعيدا عن العراق وسوريا وليس بعيدا عن الكويت، تتشكل ملامح شبكة موالاة روسية جديدة في المنطقة، من أبوظبي حتى القاهرة فبنغازي، تتوطد ارتباطات حلفاء بوتين بمشروعه، يتحدثون بصخب عن علاقاتهم مع واشنطن، لكنهم ينسجون بصمت خيوطا نيابة عن العنكبوت الروسي في بلادنا، حيث تزاحم موسكو لاستعادة موطئ قدم لها في ميادين ظلت ملعبا للامريكيين لعقود طويلة، وما بين الامريكي والروسي، والتمدد الإيراني الأشد وقعا، نبقى كعرب في حالة الفراغ، عملنا هو ترقب من يملأ الفراغ، نقبع في غرفة الانتظار، انتظار المفعول به للفاعل الجديد.
العلاقات المتينة التي تربط ابوظبي بالقاهرة بالحفتر الليبي، باتت تحالفا وطيدا، برعاية روسية حثيثة، تتخذ من العداء المطلق لكل تيارات الإسلام السني عاملا موحدا، وهو ما يجعل ايران في اتم الرضى عن هذا الجهد الروسي الذي يصب تماما في توجهات المشروع الايراني نفسها ويعضده.
ويظهر أداء هذا الفريق واضحا على الارض في كل بقعة، من عدن حيث اشتبكت المصالح الاماراتية مع حلفائها الخليجيين السابقين في حرب اليمن، ما منح حلفاء الايرانيين في صنعاء، وهم الاكثر تماسكا وانضباطا، فرصة أكبر لتثبيت اقدامهم، والحال نفسه في ليبيا، وقصة اشتباك جديد بين حلفاء الدول الخليجية من طرابلس ومصراته ذات الميول الإخوانية فصائليا، والمقربة من قطر وتركيا، إلى بنغازي حفتر المدعوم من الإمارات والسيسي، واخيرا روسيا بحاملة طائراتها التي رست قرب الشواطئ الليبية المصرية، وأمنت دعما لوجستيا من فرق عسكرية خاصة لحفتر، وحتى في سوريا رغم انها ساحة صراع تدار مباشرة من ايران والاسد ومن بعدهم روسيا، ولا حاجة ملحة تستدعي معاونة الروس من هذا الفريق، إلا انه لم يبخل بمساعدته، وأحد الامثلة البسيطة على ذلك هي تحويل الجربا رئيس الائتلاف السابق، من مسؤول عن كيان سياسي يمثل المعارضة، الى متعهد روسي لجمع المقاتلين لجانب وحدات الحماية الكردية، بعد أن أسس حزبه في القاهرة برعاية كل عرابي التكتل العربي الروسي الجديد.  
هذا التشظي المتواصل في الساحة الخليجية والعربية لصالح الروس، وبالتالي الايرانيين، لن ينعكس فقط على سوء إدارة الملفات العربية في مناطق النزاع في سوريا والعراق واليمن لصالح ايران، بل سيفضي إلى نزاعات بينية حادة، ستجعل مجرد ذكر القضايا الرئيسية الكبرى في سوريا والعراق وفلسطين ضربا من العبث، إذ أن الانشغال بصراعات القبائل وملوك الطوائف في بلادنا سيطغى على أي تحد وجودي ماحق.  
كاتب فلسطيني من أسرة «القدس العربي»

الصيت لترامب والغنى لبوتين

وائل عصام

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح //الأردن:

    *بدون شك وضع منطقة الشرق الأوسط
    حرج وعلى صفيح ساخن جدا..
    *حسبنا الله ونعم الوكيل
    والله المستعان.
    سلام

  2. يقول S.S.Abdullah:

    أشكر الكاتب على زوايا ومعلومات جديدة بخصوص تحوّل الجربا ممثل البدو في سوريا من دول الخليج إلى مصر

    أظن بالنسبة لنظام الأمم المتحدة ومفهوم دولة الحداثة، يجب أولا إجابة السؤال من سيسبق؟ سياسة المحافظة على نظام دولة الحداثة، أم سياسة تطوير نظام الحكم من أجل التأقلم مع الأجواء التي فرضتها العولمة وأدواتها الاقتصادية والتقنية التي فرض البنك الدولي مفهوم الرقم الوطني والحكومة الإليكترونية للوصول إلى الحوكمة الرشيدة كمنهج أساس لأي دولة تطلب أي قرض من البنك الدولي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991.

    لقد تم الإعلان عن أن الصين والسعودية اعتمدت العملة الصينية في تعاملاتهم الاقتصادية، ومن ضمنها حتى منتجات الطاقة، ولذلك أظن من المنطقي والطبيعي وبالتالي لن يتعارض مع أي علم من العلوم لو كان هناك أي مشاكل أو تنافس بين روسيا وأمريكا لكان قام بوتين بتسعير الغاز بالروبل الروسي بدل الدولار الأمريكي وحينها سيُصيب الاقتصاد الأمريكي في مقتل، لأن الدولار سبب صمود الاقتصاد المبني عليه هو أن كل منتجات الطاقة يتم تسعيرها بالدولار، خصوصا بعد اجتماع غورباتشوف وريغان واتفاقهما لإنهاء سباق التسلّح الذي عمل على تدمير اقتصاد الدولتين، والتي كانت نتيجة اتفاقهما عام 1987 انسحاب الاتحاد السوفييتي من أفغانستان وانتهاء الحرب العراقية الإيرانية وسقوط حائط برلين.

    يجب الانتباه إلى أن هناك فرق بين الذكاء الصُنعي لأي آلة، وبين الذكاء الطبيعي لأي إنسان، ومن يظن أن الذكاء الصُنعي للآلة يتفوّق أو سيتفوق على الإنسان، من خلال الفهم والتعلّم الآلي للآلة، جاهل بقدرات الذكاء الإنساني ولغته، ومبهور أو أصيب نظره بالزغللة من شدة الإضاءة من نجاحات تقنيات الآلة، ببساطة لأن العولمة أثبتت أن الإنسان ليس آلة أو حيوان في أداء أي وظيفة، حيث هناك فرق بين القولبة وبين الحوار، لفهم ما يحتاج الـ آخر من منتجات يمكن تسويقها في أجواء العولمة وأدواتها الاقتصادية لزيادة دخل الإنسان والأسرة والشركة وبالتالي الدولة

    ومن هنا أهمية اعتماد لغة اقتصاد الأسرة (مشروع صالح التايواني) من خلال اعتماد طريقة صالح لتعليم كل اللغات ومن ضمنها لغة الآلة، أساسها خمسة أركان: لغة الاقتصاد (تمثل المنافسة)، لوحة المفاتيح (تمثل التقنية)، الحرف(تمثل الأصوات والموسيقى)، الكلمة(تمثل معنى المعاني والصيغ البنائية)، الجملة (تمثل الحوار والتعايش والتكامل).

  3. يقول أبو عمر. اسبانيا:

    استشهد صدام و سقط معه التوازن العربي الإيراني .
    من لا يملك فكر استراتيجي لا يستحق أن يكون في رأس هرم السلطة. هم من تأمرو على صدام و هم من يدفعون الثمن.

إشترك في قائمتنا البريدية