نواكشوط ـ «القدس العربي» من عبد الله مولود: الكثيرون سياسيون وكهنة غيب ومحللون مستقبليون، قرأوا كف السنة المنصرمة 2017، لكن لم يكن أي منهم يتوقع أن تكون هذه بامتياز، سنة العجائب المدهشة.
فقد وقعت أحداث، يصعب على المحلل أن يختار أعجبها وأكثرها إدهاشا.
تحدث محللون عن رجال العام، وجعلوا على رأس قائمتهم الزعيم الصيني «شي جين بينغ»، الذي يسير بخطى حثيثة نحو التحول ليصبح امبراطورا لجمهورية الصين شبيها بما كان عليه الزعيم التاريخي «ماو تسي تونغ» قبل خمسة عقود.
وشغلت مغامرات محمد بن سلمان، ولي العهد، الذي يقترب من اعتلاء عرش العربية المملكة السعودية، حيزا كبيرا بين أحداث سنة 2017 التي كانت سنة مآسي المليارديرات.
وشهدت سنة 2017 كذلك تبخر «داعش» من الشرق وظهور أنوائها في الساحل الأفريقي.
وسجل معهد ستوكهولم الدُّولي لبحوث السلام حالات تسلح واسعة للغاية خلال السنة المنصرمة.
ويؤكد ما قام به الأمير محمد بن سلمان هذه الحقيقة، حيث أنه جمع في فندق من خمس نجوم أكثر من مئتي أمير ورجل أعمال سعودي بسبب ما وصفه دونالد ترامب «بأنهم طالما اعتبروا الدولة بقرتهم الحلوب».
وقد أخذ بن سلمان من كل واحد من المجموعة المعتقلة مليار دولار من ثروته؛ وأشيع بأن المبلغ الضخم سيضاف لموازنة الدولة لكن لا شيء يؤكد ذلك.
والذي أظهرته أحداث 2017 أن السياسيين يسيرون على خطى الأثرياء وهو ما يؤكده التاريخ أيضا، حيث يتذكر الجميع قيام فلاديمير بوتين في بداية ملكه باعتقال الثري الروسي ميخائيل خودوكوفسكي مدة عشر سنوات.
الجانب الآخر من أحداث 2017 هو تبخر «داعش» فلا هي في سوريا ولا هي في العراق ولا هي في أي مكان آخر؛ فقد طردت «داعش» من الموصل واختفى أبو بكر البغدادي خليفتها الذي بويع قبل ثلاث سنوات، لكن الغريب أن لا خبر عن أمرائها الذين تواروا أيضا عن الأنظار؛ حيث أنهم لم يعتقلوا ولم يقتلوا: فأين هم يا ترى!؟
ويظل السؤال الآخر الذي تركته 2017 من دون جواب هو هل ستنتهي الحروب فيما كان يعرف بالعالم الثالث أم أنها ستتسع؟ الملاحظ في هذا الصدد هو ما نشره معهد ستوكهولم الدُّولي لبحوث السلام المتخصص في المجال، حيث أعلن يوم 11 ديسمبر/كانون الأول المنصرم أن مبيعات السلاح بين الدول ازدادت عام 2016 لتصل إلى مبلغ فلكي هو 374.8 مليار دولار أي بزيادة 38٪ موازنة مع حالة مبيعات التسلح خلال الأربع عشرة سنة الأخيرة.
كل هذه التطورات تؤكد أن مؤشر مبيعات التسلح قد ازداد خلال عام 2017 وأنه مرشح للزيادة خلال سنة 2018.
وتصدرت الولايات المتحدة قائمة الدول المصدرة للأسلحة باستحواذها على 60٪ من كعكة مبيعات الأسلحة، وتلتها روسيا من بعيد، بحصولها على نسبة 23٪ من الأسلحة المباعة.
وإذا قسنا المبلغ المصروف كل سنة في شراء السلاح وهو 140 مليار دولار يجري تحويلها كل سنة للدول الغنية مع المساعدات التي تمنحها الدول الغنية للدول الفقيرة، فإننا سنلاحظ أن هذا المبلغ لا يمثل نصف المساعدات العمومية الموجهة للتنمية من الدول الأغنى للدول الأفقر.