العراق إلى أين بعد إعادة شرعية البرلمان وعودة الصدر من إيران؟

بغداد ـ «القدس العربي»: لم يشكل إعلان رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي تغيير أولويات برنامج حكومته، مفاجأة كبيرة للكثير من المتابعين وللجمهور، عندما أكد ان تحرير الموصل ومواجهة الأزمة الاقتصادية هي أولوياته في هذه المرحلة. فالعبادي ومنذ بدء أزمة تشكيل حكومة جديدة تحضى بقبول المتظاهرين المطالبين بالاصلاحات، وبعد نشوب مسرحية شلل البرلمان وانقسامه، أخذ يتعامل مع الأمور بمنطق الأمر الواقع، أي تمشية أمور الحكومة بما متوفر من الوزراء ما دامت القوى السياسية المتحكمة بالعملية السياسية في العراق، عاجزة عن الاتفاق على التشكيلة الوزارية المطلوبة وكل منها متمسك بمواقفه ومصالحه.
وأقر العبادي ان تغيير التركيبة الوزارية التي وعد بها، لم تعد تحضى بأهمية قصوى بالنسبة له، منوها إلى ان «التعديل الوزاري جزء صغير من عملية الاصلاح» وانه سيعمل مع جميع الوزراء العائدين أو الجدد.
وجاء قرار المحكمة الاتحادية العليا هذا الأسبوع حول عدم دستورية جلسات البرلمان الأخيرة وعدم شرعية القرارات التي صدرت عن البرلمان المنقسم، ليضع حدا لجدل طويل ومناكفات سياسية أسهمت في ادخال الشعب في دوامة جديدة بعد إصابة البرلمان بالشلل والعجز عن أداء عمله التشريعي الاعتيادي. وإذا كان قرار المحكمة أعاد أوضاع البرلمان إلى السابق وإلى ممارسة مهامه الاعتيادية، فان القرار لم ينهِ الأزمة بين قوى المجلس، إذ توعد النواب المتمردون بأخذ دور المعارضة ومواصلة طرح الثقة على رئاسة البرلمان في أول جلسة.
وتأتي هذه التطورات بالتزامن مع عودة السيد مقتدى الصدر إلى العراق من إيران بعد انهاء فترة اعتكافه لمدة شهرين، ويتوقع المراقبون ان تتجدد بعد عطلة عيد الفطر التظاهرات والاعتصامات التي يقودها أتباع الصدر، خاصة مع استمرار أجواء تبادل الاتهامات بين التيار الصدري من جهة والحكومة وبعض القوى الشيعية من جهة أخرى. ويقوم أتباع الصدر بالتحضير لتظاهرة مليونية بعد عودته من الاعتكاف.
وبالنسبة للموقف العسكري في المواجهة مع تنظيم «الدولة» واستثمارا للنجاح المتحقق في معركة تحرير الفلوجة، أعلنت القوات العراقية عن التقدم نحو الشرقاط والقيارة جنوب الموصل، لكون تحرير هاتين المدينتين يشكل المفتاح لبوابة الموصل. وأقر العبادي ان حكومته غيرت خطة تحرير الموصل بعد تسريبات وتصريحات من نواب، مؤكدا ان عملية تحريرها ستتم هذا العام.
وأثارت الاستعدادات لمعركة الموصل لغطا سياسيا واسعا وتصعيدا للخطاب الطائفي جراء اصرار إرادتين الأولى تمثلها القوى السياسية لأهل الموصل مدعومة بتأثير أمريكي ترفض مشاركة الحشد الشعبي في المعركة تجنبا للحساسيات الطائفية والسلبيات التي رافقت تحرير مناطق أخرى، والتي يمكن ان تخدم تنظيم «الدولة» وبين إرادة معاكسة تمثلها الحكومة العراقية والقوى الشيعية السياسية التي تصر على مشاركة الحشد الشعبي في تلك المعركة.
كما عبرت العديد من القوى والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية، عن مخاوف وقلق حقيقي لمشكلة معقدة ستصاحب معركة الموصل وهي الأعداد الهائلة المتوقعة من النازحين من سكان المدينة الذين سيفرون منها قبل وأثناء المعركة الحاسمة. وإذا كانت مشكلة النازحين من الفلوجة مستمرة حتى الآن وهي مدينة صغيرة، فلنا ان نتصور كيف ستكون الحال مع الموصل التي تعتبر ثاني أكبر مدينة في العراق ويزيد سكانها حاليا على المليوني نسمة، خاصة وان الحكومة العراقية والمنظمات الإنسانية أعلنت مؤخرا عجزها عن توفير الاحتياجات الأساسية للنازحين لقلة امكانياتها وضعف الدعم الدولي الإنساني.
وفي شأن آخر، وصل إلى العاصمة العراقية وفد أحزاب السليمانية (الاتحاد الوطني الكردستاني وحركة التغيير) وأجرى لقاءات مع الحكومة المركزية وقادة الأحزاب الشيعية والسنية، لعرض أفكاره في كيفية حل أزمة العلاقة بين الإقليم وبغداد، ولتوضيح أبعاد الاتفاق الثنائي الذي تم عقده بين الحزبين الكرديين مؤخرا.
واتفق المراقبون على ان تشكيلة الوفد التي ضمت أحزاب السليمانية فقط، قد عكست ترسيخ حالة عدم التوافق بين الأحزاب الكردية الرئيسية في الإقليم وتعقد الأزمات فيما بينها ووصولها إلى مستويات خطيرة، وطالب بعض القادة في بغداد الوفد الكردي بضرورة ترتيب أوضاع أحزاب الإقليم لتكوين موقف موحد للتعامل مع الحكومة الاتحادية وحل المشاكل بين الطرفين.

العراق إلى أين بعد إعادة شرعية البرلمان وعودة الصدر من إيران؟

مصطفى العبيدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية