بغداد ـ «القدس العربي»: يواصل العشرات من أبناء العاصمة بغداد، وعدد من المحافظات العراقية الأخرى، تظاهراتهم اليومية، المطالبة بتحسين الخدمات و إيجاد فرص عمل، رغم «الهدوء النسبي» الذي شهده الحراك الاحتجاجي في اليومين الماضيين.
وعلمت «القدس العربي» من مصادر محلية، إن ارتفاع درجات الحرارة، دفع المتظاهرين إلى استئناف تظاهراتهم اليومية عند المساء. وتشهد ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد، بشكل يومي، تجمع عشرات المتظاهرين، من دون قطع الشوارع الرئيسية المؤدية إلى الساحة، أو الجسرين الرئيسيين، الجمهورية والسنك، المؤديين إلى المنطقة التي تعتبر «منصة التظاهر» في بغداد.
ولا تزال القوات الأمنية منتشرة بـ«شكل مكثّف»، في أغلب المناطق والطرق الحيوية في العاصمة، لضمان توفير الأمن والحماية للمتظاهرين، إضافة إلى التدخل في حال حصول أعمال شغب.
أما في منطقة الشعلة، غربي العاصمة بغداد، والتي شهدت تظاهرات احتجاجية تخللتها أعمال حرق إطارات ومحاولات اقتحام مركزٍ للشرطة في اليومين الماضيين، فلا يزال الأهالي يواصلون تظاهراتهم اليومية، رغم الإجراءات الأمنية المشددّة المفروضة على المنطقة، من دون أي صدامات أو أعمال شغب.
مقتل وإصابة 583 شخصاً
الحراك الاحتجاجي المستمر منذ أكثر من أسبوع، خلّف أكثر من 580 بين قتيل ومصاب، بين المتظاهرين والقوات الأمنية، فضلاً عن اعتقال أكثر من 300 متظاهر.
المفوضية العليا لحقوق الإنسان (منظمة أممية غير حكومية) وثّقت وفاة 12 متظاهراً، وإصابة 571 شخصاً، من متظاهرين وقوات أمنية، منذ اندلاع التظاهرات في محافظة البصرة ومدن الجنوب والوسط.
وذكرت في بيان، إنها «تابعت بقلق وأسف شديد الأحداث التي رافقت المظاهرات في محافظات الوسط والجنوب للمطالبة بالخدمات الأساسية والإنسانية»، موضحة أنها «شكلت خلية أزمة لرصد وتوثيق الانتهاكات ومتابعة مطالب المتظاهرين مع الجهات المحلية والحكومة الاتحادية، وأرسلت فرقا لتقصي الحقائق تتواجد بشكل يومي في أماكن التظاهرات، واستقبلت مئات الطلبات من المتظاهرين وعقدت العديد من اللقاءات المباشرة مع المحافظين والقيادات الأمنية والسلطات القضائية لدعم سلمية التظاهرات وتعزيز حماية المتظاهرين».
وأكدت أهمية «كفالة وحماية حقوق المواطنين، وتطالب الحكومة بتوفير الخدمات الأساسية والإنسانية لديمومة حياتهم في الجوانب الحياتية والاقتصادية والصحية والبيئة، وتوفير فرص العمل».
واعتبرت التظاهرات، «دليلا على أن المواطن لم يلتمس منجزات حقيقية على مستوى الخدمات، رغم الموازنات الهائلة مما أبقاه تحت خط الفقر»، معربة عن «أسفها البالغ عن التطورات التي حصلت في التظاهرات، مما أدى إلى سقوط ضحايا بين المدنيين والقوات الأمنية، نتيجة المواجهات المباشرة واستخدام القوة المفرطة والتجاوز على المرافق العامة».
ووثّقت المفوضية من خلال فرقها «وفاة 12 متظاهر من المدنيين، وإصابة 571 شخصاً، منهم 195جريحاً من المدنيين، و371 من القوات الأمنية»، فضلاً عن «إلحاق الأضرار بـ47 مبنى، منها 18 مبنى حكوميا و22 مبنى عائدا لمقرات الأحزاب، إضافة إلى 7 مبا سكنية، وحرق 25 سيارة وكرفان».
وكشفت أيضاً عن «اعتقال 302 متظاهر، قسم منهم كان بدون مذكرات قبض أو اعتقالات عشوائية»، مشيرة إلى «استمرار المتابعة اليومية لأوضاع وقضايا المعتقلين مع السلطات القضائية والأمنية، للمساهمة في إكمال أوراقهم التحقيقية وضمان حقوقهم بإطلاق سراحهم بشكل عاجل».
واستنكرت «بشدة أعمال الشغب وإلحاق الأضرار بالمباني العامة واستخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين العزل أو ضد القوات الأمنية من قسم من المتظاهرين».
وأكدت وقوفها «مع مطالب المتظاهرين الإنسانية وسلميتها»، داعية رئيس الوزراء أن «يتولى إدارة المحافظات من موقع أدنى، لتسهيل تنفيذ مطالب المتظاهرين والمحافظة على حقوقهم، وخصوصا الحياتية والاقتصادية والصحية منها».
كما حثت القوات الأمنية إلى «تعزيز دورها في حماية المتظاهرين وعدم استخدام القوة المفرطة، وتعزيز الجهد الاستخباري لإبعاد من يحاول حرف التظاهرات عن سلميتها أو التجاوز على المرافق العامة للدولة وإيقاف اَي اعتقالات عشوائية غير مستندة للقانون»، مطالبة في الوقت نفسه السلطة القضائية بحسم قضايا المعتقلين وإطلاق سراح من لم تثبت إدانته.
ويأتي ذلك تزامناً مع إعلان ناشطين في محافظة الأنبار الغربية، استعدادهم لإقامة تظاهرات خلال الأيام المقبلة، على غرارِ الاحتجاجات الجارية في المحافظات الجنوبية.
ونقل موقع «روسيا اليوم»، عن الناشطين قولهم، إن «التظاهرات قد تنطلق خلال الأسبوع المقبل»، لكنهم أكدوا وجودَ مصاعبٍ في ذلك، حيثُ حشّدت الحكومة قواتها الأمنية وقواتٍ من الحشد الشعبي في المحافظة».
وأضافوا أن «المطالب التي سيرفعونها تتعلق بالخدمات والتدهور الذي تُعانيه مؤسسات الدولة العراقية، بالإضافة إلى مطالبٍ أخرى تتعلقُ بعودةِ النازحين، وإطلاقُ سراحِ المعتقلين ومعرفةَ مصيرِ المختفين قسرياً من أبناء المحافظة».
في الأثناء، أعلنت 41 عشيرة من عشائر محافظة الأنبار «براءتها» من أبنائه في القوات الأمنية، ممن يعتدون على المتظاهرين، وطالبوا بتغيير الدستور، والخلاص من «النفوذ الإيراني» على حدّ قولهم.
وقال مجلس شيوخ عشائر الانبار، يضم 41 عشيرة، في بيان «لقد إنطلق أهلنا في جنوب العراق في تظاهراتهم السلمية مطالبين بأبسط حقوقهم، ولقد بنوا تظاهراتهم على قواعد منهجية صحيحة أكدوا فيها بأنهم طلاب حق، بعد المعاناة التي لحقتهم من تردي الأوضاع الأمنية والصحية والخدمات وتغلب الفساد الإداري والمالي في جميع أجهزة الدولة».
واعتبر المجلس، المتظاهرين بأنهم «يسعون إلى تطهيرٍ شامل وعميق لكل مفاصل الدولة، مطالبين بالمحافظة على وحدة العراق واستقلاله وأمنه، وسيادته تكون حصرا بيد العراقيين دون تدخل لا إيران ولا السعودية ولا تركيا ولا ممن جاء مع أمريكا».
وخاطب عشائر الأنبار، متظاهري البصرة بقولهم: «تظاهراتكم اليوم ماضية قدما ولا تراجع ولا بديل لمهماتها المرسومة حتى تتحقق المصالح الوطنية كاملة غير منقوصة، ولا ينطلي عليكم زيف وخداع وتخدير اعصابكم من قبل ساسة اليوم، ومحاولاتهم لتضليلكم وطمس الحقائق وخلط الأوراق، ظنا منهم أن هذا الشعب كأنه خارج ساحة الصراع ولا يعنيه شيئا».
وأضاف: «أننا ابناء ووجهاء عشائر الأنبار اليوم نقف معكم ونشد على أيديكم و نعلن البراءة من أي منتسب أو ضابط في الجيش الحالي من أبناء الانبار يلتحق لقمع تظاهراتكم السلمية».
وتابع البيان «نكرر رفضنا لهذا الدستور الطائفي بكل بنوده جملة وتفصيلا لأنه مزق الشعب و البلد طائفيا وعنصريا وطمس هوية العراق العربية والإسلامية وأسس لتبعية فارسية وهو الذي كان ولا زال غطاءً لاستمرار حكم الطائفيين للعراق، فتغيير الحاكم الطائفي مع بقاء الدستور لن يغير من الحال شيئا لأن الذي يليه سيكمل مخطط التقسيم وأذية الشعب العراقي وفق هذا الدستور المرفوض».
ترضية إيران
ومضى البيان «لقد جرب شعبنا هذه الوجوه السياسية لحقبة من الزمن ولم يجني منهم سوى الويلات والدمار والاذية التي إلحقوها بجميع ابناء شعبنا، ومحاولة تقسيم العراق وزرع الفرقة بين أبنائه والفساد المالي والإداري، وبجرائمهم المشهودة وحقدهم الأسود انتقاما من شعبنا وترضية لإيران أثبتوا أنهم أعداء الشعب العراقي».
وزاد أن «ما تسمى بالحكومة العراقية هي في الحقيقة تحالف طائفي تبعيته لإيران الحاقدة على شعب العراق بكل أطيافه، وينفذون أجنداتها الطائفية ومنهجها التوسعي في تصدير ما يسمى بالثورة الإيرانية سيئة الصيت، لتبتلع العراق والدول الإقليمية لا محالة»، معتبراً إنه «لا فرق بين أعضاء من ينتمون إلى هذهِ الحكومة الطائفية العميلة، فكلهم يدينون بالولاء المطلق لإيران، وتغيير الوجوه لا يعني لدينا شيئا لأن الطائفية ستبقى والتبعية لإيران ستستمر وتتكرس يوما بعد يوم».
ودعا البيان، الدول العربية والإسلامية ودول العالم إلى «إعادة النظر في علاقاتهم مع هذه الحكومة الطائفية العنصرية المفروضة على شعبنا ظلما وعدوانا، وندعوهم للوقوف إلى جنب شعبنا لتشكيل حكومة إنقاذ وطني وإعادة كتابة الدستور بأيادٍ عراقية وطنية معروفة، بما يضمن وحدة العراق واستقلاله وأمنه وسيادته وتحقيق الحرية والعدل والمساواة والسلام لشعبنا ولشعوب العالم أجمع»، حسب تعبير البيان.
وذكر المجلس أسماء 41 عشيرة من عشائر المحافظة، وتبرأ «من أي عنصر عسكري للوقوف ضد المتظاهرين في البصرة وباقي محافظات الجنوب وبغداد».
في الموازاة، تناقلت وسائل إعلام محلية أنباء عن عزم عشائر محافظة واسط الجنوبية، الخروج وحمل السلاح ضد الدولة، الأمر الذي نفاه عضو مجلس المحافظة، غضنفر البطيخ. وقال في بيان إن «هذا الكلام غيرَ صحيح، وعشائر المحافظة مع المطالب المشروعة والحقوق، ومع الدولةِ العادلةِ القوية، التي تستمعُ لمطالب الناس، والمتمثلةِ بحقوقٍ تَشملُ الكهرباء والخدمات والماء، وإعادةَ المشاريع وتشغيل الخرجين والعاطلين».
وأضاف أن «عشائر واسط ضدَ كلَ اشكال التهديد والتخريب لدوائر الدولة، والمال العام والتعرضِ للمنشآت النفطية، وضد الاشتباكات والتماس مع القوات الامنية».
أما عشائر محافظة المثنى، المدينة التي شهدت اقتحام مبنى الحكومة المحلية في وقت سابق من الأسبوع الماضي، فقرروا زيارة العاصمة بغداد ولقاء رئيس الوزراء حيدر العبادي غداً. وقال محافظ المثنى، فالح الزيادي، في بيان، إن «وفداً كبيراً من أبناء المحافظة برئاسة المحافظ، يضم شيوخ العشائر ووجهاء المحافظة ومنظمات المجتمعات المدني، سيلتقي رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، يوم السبت المقبل في العاصمة بغداد».
وأضاف أن «الوفد سيطرح عدداً من القضايا المهمة، منها زيادة حصة تجهيز المحافظة من الكهرباء، واكمال مشاريع الكهرباء ومن أهمها محطة 750 ميغاواط والخط الناقل، وإلغاء خصخصة الكهرباء».
وتابع: «سنطالب ايضا بايصال الحصة المائية إلى المحافظة، وإكمال مشاريع ماء المثنى الكبير، والمستشفى الألماني سعة 490 سريراً، والسايد الثاني لطريق وركاء سماوة، ومجسر الصدرين، والمدارس، واكمال كافة المشاريع المتوقفة».
ومن بين المطالب التي يحملها وفد المحافظة هو «دعم الفلاحين وتخفيض أجور الديزل، واسقاط تسديد السلف عنهم، وزيادة حصة المحافظة من شبكة الحماية الاجتماعية، وافتتاح مركز لتدريب العاطلين عن العمل».
وطبقاً للمسؤول المحلي، فإن «المحافظة ستطالب بتخصيص درجات وظيفية مع التخصيص المالي إلى دوائر الشرطة، والصحة والتربية والبلديات وبقية الدوائر الحكومية في المثنى».
إذا شارك سنة العراق – إن كا بقي منهم أحد – في الحراك الشعبي والمطالب بأبسط مقومات الحياة سيقول النظام القاتل والفاسد : ها هي داعش والبعثيين اقتلوهم وانتقموا للحسين رضي الله عنه وهو منهم براء وينتهي كل شيء. ، تبتعدوا أيها السنة ولا يغركم من ينصحكم بهذا الأمر فإنه إما عديم النظر السديد أو خبيث الطوية ؟