العراق: الصدر يريد إسقاط النظام؟

حجم الخط
24

دخلت الأزمة العراقيّة مؤخّراً أطوارا جديدة لافتة كان آخرها اقتحام الآلاف من مؤيدي الزعيم الشيعي مقتدى الصدر المنطقة الخضراء المحصّنة داخل بغداد ودخولهم مجلس النوّاب والذي تصادى مع دعوة الصدر إلى «ثورة كبرى» بعد فشل البرلمان في استكمال تشكيل الحكومة الذي كان من المفترض برئيس الوزراء حيدر العبادي تقديمه يوم السبت الماضي.
إحدى المفارقات الكبرى للحالة العراقية أن التمرّد الشعبيّ خارج البرلمان يحاول فرض رأي الشارع على النظام السياسي العراقي المؤلف، نظريّاً، من الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان، وكان حتى يوم السبت الماضي، يلعب دوراً ضاغطاً لتمكين رئيس الوزراء حيدر العبادي من فرض تشكيلة من الوزراء التكنوقراط تنجو من نفوذ الكتل السياسية.
أما النوّاب المعتصمون في البرلمان فكانوا هم، لا النوّاب الآخرين من قاموا بمهاجمة رئيس الوزراء بقوارير المياه وعلب المحارم الورقية وأفشلوا، بالتالي، جلسة إقرار التعديل الوزاري الذي كانت تصريحات الصدر المتكرّرة تؤكد دعمه.
بدت النقلة الأخيرة وكأنها انقلاب على النظام السياسي العراقيّ الحالي لأنها، أولاً، نجحت في كسر الطوق الأمني للمنطقة الخضراء، وأعطت بذلك إنذاراً خطيراً للساسة العراقيين في أن أسوارهم التي احتموا خلفها من الجمهور العام فقدت صلاحيتها، وثانياً، لكونها وضعت النظام السياسي على المحكّ لأن القوى السياسية الممثلة للأحزاب في البرلمان صارت تحت الضغط الشعبيّ المباشر، وثالثاً، توجيهها أصابع الاتهام لإدارة اللعبة السياسية العراقية من إيران، وذلك من خلال الشعارات التي رفعت ضد طهران ورجلها القويّ قاسم سليماني.
لكن الحقيقة أن اندفاعة جماهير الصدر إلى المنطقة الخضراء والبرلمان واعتصام النواب وتمردهم والفوضى التي تعيشها بغداد (رغم ما ذكرناه آنفاً) هي أقل بكثير من انقلاب، ولا يمكن أن تشكّل خروجاً حقيقياً على النظام السياسي العراقي، وشعاراتها ضد الفساد وإيران، وطلباتها لتشكيل حكومة تكنوقراط خارجة عن المحاصصة السياسية، وهجومها على الرئاسات الثلاث، تدخل كلّها في باب رفع السقف السياسي لمطالبات الصدر وجعله الرقم الأصعب في المعادلة العراقية.
يتمتّع الصدر بميّزتين كبيرتين: الأولى هي امتيازه بثقل رمزيّ كبير، والثانية هي تناقضاته السياسية وعثراته.
وسبب تمتعه بثقل رمزيّ لا يتوفّر لأيّ من أقرانه، أنه جمع في زعامته خطّ النضال السياسيّ الشيعيّ ضد نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، من خلال قرابته بالمرجع الشهير محمد باقر الصدر الذي أعدمه نظام صدام مع شقيقته نور الهدى عام 1980، كما أنه كان الزعيم الشيعيّ الأكبر الذي واجه الاحتلال الأمريكي ما أدى إلى مقتل ما يقارب الألف من أنصاره.
ومقابل الوضعيّة المذكورة التي لا ينافس الصدر عليها أحد من السياسيين الشيعة الآخرين فإن حركته العسكرية «جيش المهدي» اتهمت بعدد من الأفعال الإجراميّة الطائفيّة المروّعة، وإلى ذلك هناك التهمة الشهيرة الموجّهة إلى أتباعه بقتل نجل المرجع الشيعي السابق أبو القاسم الخوئي عام 2003 وذلك بعد يوم واحد من سقوط بغداد، وقد صدر بعدها أمر قضائي عراقي شهير باعتقال الصدر لكنه لم ينفذ. ويضاف إلى القضيتين الآنفتين القول إن المكان الذي احتمى فيه الصدر حين أصبح رأسه مطلوباً من الأمريكيين كان قمّ الإيرانية التي قضى فيها أربع سنوات مختبئاً.
جُماع القول إن طموح الصدر يتجاوز وضعيّته كزعيم شيعيّ ولكنّ تاريخه، الذي يرفعه كثيراً عن أقرانه ممن تلوّثوا بخدمة الاحتلال الأمريكي، أو بالتبعيّة المباشرة لإيران، يخفض أيضاً من وزنه حين تضاف الحوادث الأخرى التي ترتبط باسمه أو بحركته العسكرية.
انتزع الصدر مكانة شعبيّة واسعة ضمن الجمهور الشيعيّ، ما يسمح له بمناورات كبرى لا تصل إلى حدّ الانقلاب على النظام، ولكنّها مكّنته عبر الأيام من إتقان اللعب في المناطق الخطرة، فهو الوحيد الذي يستطيع أن يواجه المرجعيّة الشيعية للسيستاني، وجماهيره قادرة على مناكفة إيران والنظام السياسي العراقي، لكنّه، للأسف، رغم مناشداته للجمهور العراقيّ العامّ، بمن فيهم السنّة والأكراد، لا يستطيع أن يصبح زعيماً فوق ـ طائفيّ، وليس مؤهلاً، بالتالي، لإنجاز «الثورة الكبرى» التي طالب جمهوره القيام بها.

العراق: الصدر يريد إسقاط النظام؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Salam Adel:

    اولا اريد ان اصحح بعض المعلومات التي وردت في المقال.ان السيد محمد باقر الصدر الذي اعدمه صدام مع اخته هو عم مقتدى الصدر وان سبب ثقله الرمزي هو بسبب والده السيد محمد صادق الصدرالذي اغتالته المخابرات العراقية اثناء صلاة الجمعة في الكوفة مع ولديه في العام 1999 وهو الذي كان قد انشاء التيار الصدري وقد ورثه الصدر منه.نعود لالاحداث التي جرت في البرلمان والمنطقة الخضراء.كل الذي اراده الصدر هو تصحيح خطاءه بسحب نواب التيار الصدري الذين كانوا مع النواب المعتصمين واقالوا رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الذي تبين لاحقا ان السفير الامريكي كان له دور مهم في اعادته للبرلمان ولازالة الشبهه عن التيار الصدري قام مقتدى الصدرباقتحام البرلمان

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      تصحيح
      الذي إغتال السيد محمد محمد الصدر هي المخابرات الإيرانية
      والسبب هو لأنه أراد المرجعية له ولم يعترف بالسستاني كزعيم لحوزة النجف
      ولهذا فمقتدى الصدر لا يتبع مرجعية السستاني وقد حاول بسنة 2004 السيطرة على النجف
      ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول نمير العبيدي:

    في المزاد وقفت أرى عجبا…
    يبيعون كل شئ الدين والحطبا ….
    ولم استغرب بضاعتهم فهم اشياؤهم ندبا…
    حتى جاء صائحهم يحمل لنا طلبا…
    من يشتري وطنا ؟……أنهكته دماء بنيه فصار محطما خربا؟
    قلت من؟ …. قالوا العراق … فأجهش صاحبي ومادت اوداجه غضبا..
    فقلت: بكم تبيعونه ؟ قالوا … بنخلة تحمل لنا رطبا..
    قلت ….! ألم يكن به نخل وماؤه جاوز الحجبا…
    ألم يكن فيه الرافدان خيرهما جاوز الركبا ؟
    قالوا بلى ….. لكن فيه اناس اظلّمت بصيرتهم
    فخانوا عهده ….فأهلكوا …فلم يبق منهم غير السيف والتربا
    ذبحوا حتى الامام به وبغوا فداسوا ضمائرهم وصيروا أمرهم عجبا
    قلت به أحفاد الرشيد؟ قالوا…بلى
    قلت به بعض من صلاح الدين؟ قالوا….بلى
    قلت جدهم كان الامام على؟ قالوا بلى
    قلت لديهم أئمة اهل البيت؟ ومقام أبراهيم…..!
    وقبر سلمان وصحبه النجبا؟ قالوا بلى
    قلت أبلى الله سريرتهم … واوقدهم نارا صاروا لها حطبا
    يا شمس… من علَّم اهلي بالبصرة الحقد واللعبا؟؟
    يابدر ابكي لنائحتي… فانا عراقي أستحي من فعل مغتصبي وأنتحبا
    يبكي العراق على أخياره…. زمنا مغصوب يبكي من غصبا
    السياب يطوي صحائفه ويلعن كل تأريخ أمته.. ويلغي كل ما كتبا
    اليوم قد اعلن التتار عودته… وصار لزاما علينا أن نرتدي حجبا
    لا صيَّر الله ارضا تقطع أثدائها.. وتسقي أبنائها السم مضطربا
    فوا أسفاه على وطني… يرمونه حجرا… ويرمي لهم رطبا
    فوا أسفا على عراق يذبح بسيف بنيه
    وفي صدره جرح بات ملتهبا

  3. يقول علي حسين أبو طالب / السويد:

    السلام عليكم

  4. يقول صوت من مراكش:

    ما دام هناك إيران قوية يتحكم بها مولدون للطائفية

    و رعاتها بجوار بلاد الرافدين فلن يكون هنالك من

    عراق للعراقيين بل للمعممين بقم .

    اتمنى لو اني كنت مخطئ في تقديري ويكذبني العراق

    بعينه المرفوعة الى الأبد

    وتحياتي

  5. يقول محمد بلحرمة المغرب:

    نحن نعارض كل نظام جاء على متن الدبابات الامريكية لان دلك يمثل فالا سيئا بالنسبة للشعوب سواء في المنطقة العربية او عبر العالم فما يجري في العراق الجريح هو نتاج للحرب العدوانية الامريكية وما تلا دلك من غزو واحتلال فامريكا التي تصرح وتعلن بملء فمها انها تعادي العرب والمسلمين لا يمكن لها اطفاء النيران المشتعلة في العراق والعمل على وقف فساد الطبقة السياسية بل العكس هو الصحيح فهي تنفخ فيها بكل ما اوتيت من قوة وتشجع الانحراف وما وعود مسؤوليها عن ارجاع العراق الى العصر الحجري وحديثهم عن الفوضى الخلاقة الا دليل قاطع على التوجه الامريكي والسياسات المرسومة للعراق خاصة والمنطقة العربية عامة فامريكا صاحبة السجل الاسود في المنطقتين العربية والاسلامية لا يمكن لها ان تقبل الحكام النزهاء في العالمين العربي والاسلامي بل كل ما تريده وتصبو اليه هي انظمة تابعة منبطحة مستسلمة خادمة للمشاريع والمخططات الصهيوامريكية والغربية مهما كانت درجة فسادها.

  6. يقول د. اثير الشيخلي - العراق:

    شئنا ام ابينا ، فإن بيد مقتدى الصدر جهاز التحكم لملايين من العراقيين الذين يتبعوه ، بغض النظر عن كون هذه الحالة صحية ام لا ، فهذا واقع ضاغط ،و معظم هذه الملايين من الطبقة المهمشة الفقيرة ضعيفة التعليم شديدة الجهل و ايضاً التعصب له (لكن للإنصاف هناك في تياره مجموعة من المتعلمين و المثقفين و الإعلاميين المؤثرين ) ، و لذلك فإن من يتمكن من احتواء الصدر سيتمكن بالنتيجة من احتواء هذه الجموع التي قد تخرج عن الإنضباط ، و تتصرف بطريقة غوغائية في حال انفلت عقالها ، وهناك تجربة اليمة في هذا الشأن حدثت بعد الغزو ، و ادت في حينه الى انشقاقات عن هذا التيار!
    و لطبيعة الرجل المزاجية المتقلبة و الغامضة في الكثير من الأحيان ، او مايسمى بعدم امكانية توقع تصرفه القادم Unpredictable behavior ، يصعب احتواءه او التعامل معه على المدى البعيد ، لكن المفتاح لشخصيته ، هو دغدغة طموحاته المتمثلة بحلمه وحلم عائلته الأزلي وهو الجلوس على عرش الحوزة العلمية في النجف ، و هو بتصوري الهدف الرئيسي و النهائي له.
    و لأن عائلته عربية (رغم ان مرجعه ايراني هو السيد كاظم الحائري) و لا مشاحة في ذلك ، كون ان مرجعيته من وجهة نظره اسلامية و ليست قومية ، لكن في نهاية المطاف ، هناك رغبة شديدة لدى الكثير من الشيعة العرب من اتباعه و من اتباع غيره ، و ايضاً لدى الكثير من السنة العراقيين و العرب ولدى الكثير من القوميين العرب و لدى الكثير من سياسيي دول الخليج ، تلك الرغبة الشديدة في تولي عربي سدة الحوزة في النجف للتخلص من النفوذ الإيراني المهيمن على الحوزة منذ تأسيسها لغاية هذه اللحظة ، و من اجل التقارب مع شيعة العراق و احتوائهم ضمن الجامع القومي ، و تحييدهم عن ايران في صراع ازلي بين الطرفين لكسب هذه الكتلة المهمة الى جانبها (نجح صدام حسين في ذلك نجاحاً مبهراً ، على اساس قومي ، فلم لا ينجح غيره من وجهة نظرهم)، اضافة الى ان المجئ بمقتدى الصدر على رأس الحوزة يحقق اضافة الى الاهداف التي ذكرت و اضافة الى تحقيق حلمه الأزلي بأن يكون رأس الحوزة و بالتالي مرجعاً لمعظم شيعة العالم ، فإن الجهات التي ستكون وراء هذا الإنجاز ، ستمتلك الحق المكتسب باحتواء تلك الجموع التابعة له ، من خلال احتواءه هو و تذكيره بإستمرار انه بدون دعم تلك الجهات و تأييدها لم يكن له ان يصل الى ما وصل اليه!
    هذا بتصوري هو السيناريو الخفي الذي يجري وراء الكواليس ، و لذلك فإن الكثير من قيادات الشيعة التابعين لإيران فكراً و مرجعية و تمويلاً ، هم من الد اعداء السيد مقتدى الصدر ، و يعلمون ان الد اعدائهم انما يقفون خلف مخططه القاضي على احلامهم في الهيمنة على العراق الى الأبد.
    الموضوع براغماتي نفعي ، كل يجري خلف مصلحته ، و تقاطع المصالح سيحدد التحالفات النهائية في النهاية.

  7. يقول Hassan:

    تحرير العراق يبدأ من طهران.

  8. يقول أحمد بيه / المانيا:

    نسأل الله ان يعود لنا العراق الذي أحببناه :
    عراق بدر شاكر السياب
    عراق علي الوردي
    عراق عمانوئيل بابا داود
    عراق زها حديد
    عراق قحطان العطار
    عراق علي جواد الطاهر
    عراق خليل الزهاوي
    عراق سليم البصري
    عراق منير بشير
    عراق نصير شمه
    وغيرهم الكثير ممن جعلنا نحن العرب نشعر بان العراق بما فيه من تنوع قومي وديني وطائفي انما كان بمثابة سلة من الفاكهة المتنوعة واللذيذة المذاق هبطت الى الأرض من الجنة .
    ولا وألف لا لعراق ذوي العمائم بكل ألوانها والذين حولوا العراق الى قطعة من جهنم وبئس مصير

  9. يقول وشوقي حبيب الكجزاءر:

    أنا لا اثق بكل هذه الزعامات لانه مهما فعلت وقالت هي مجرد ادوار مرسومه لها في ايران وتقوم بتنفيذها كما رسمت لها ومقتدى الصدر رجل حاقد منذ زمن بعيد وما زال وعلى الشرفاء من جميع المكونات العراقية ان يضعوا أيديهم ببعض ويجعلوا مصلحة العراق وعروبته فوق كل اعتبار وهكذا يعود العراق لكل أبناءه ان شاء الله

  10. يقول نمر ياسين حريري ــ فرنسا .خمسين مناضلا يمكنهم ان يجعلوا موسكو تحترق ردا طبيعيا على حلب تحترق:

    لن يتحرر العراق من التحالف الامريكي الايراني ضمن لعبة امريكا لورقة الاقليات من شيعة وكرد وعلوين الا بإيلام امريكا وضرب مصالحها في العالمين العربي والاسلامي ضربا مباشرا وموجعا لتبدأ بالشعور بضرورة تغير معادلتها

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية