بغداد – أ ف ب: بعد دخول العقوبات الأمريكية حيز التنفيذ، سيكون العراق المتضرر الاكبر للنزاع بين طهران وواشنطن بسبب اعتماده بشكل شبه كلي على مشتقات النفط ومواد اساسية من هذا البلد الذي يشاركه حدودا تمتد لأكثر من ألف كيلومتر.
ومن المرجح ان يفقد العراق، الذي يعاني من إرتفاع معدلات البطالة، الآف الوظائف لعاملين في مصانع تعتمد على مواد أولية لصناعة السيارات تابعة لـ»الشركة العامة لصناعة السيارات» المملوكة للدولة. وبلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران خلال العام الماضي نحو 6.7 مليار دولار ، بينها 77 مليون دولار فقط هي قيمة صادرات بغداد إلى طهران، وفقا لمصدر رسمي في وزارة التجارة.
وإيران هي البلد الثاني بعد تركيا من حيث حجم التبادلات التجارية مع العراق.
وقال رئيس الوزراء حيدر العبادي الثلاثاء الماضي أنه مضطر للالتزام بالعقوبات الأمريكية رغم عدم «تعاطفه» معها، مضيفا قوله ان بلاده عانت من 12 عاما من الحظر الدولي.
و قال مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء، ان العقوبات الأمريكية «ستؤثر بشدة على الاقتصاد العراقي «. واضاف «السوق العراقية تستهلك وبشكل واسع سلعا إيرانية ذات طبيعة زراعية وسيارات ومواد غذائية وغيرها مثل مواد البناء وغير ذلك».
إلى ذلك، «يقصد العراق بين مليونين وثلاثة ملايين للسياحة الدينية سنويا. هذا يمثل نشاطا اقتصاديا كبيرا سيحرم منه العراق»، وفقا للمستشار. ويدفع كل سائح مبلغ 40 دولارا كرسوم مقابل الحصول على تصريح للدخول إلى العراق.
وقال مسؤول عراقي رفيع، رفض كشف اسمه، ان بلاده تمتثل للعقوبات الأمريكية وأتخذت قراراً بوقف إستيراد السيارات الإيرانية. وكشف عن مطالبة الحكومة العراقية استثناءاً من الحكومة الأمريكية، للسماح بإستيراد قطع غيار لصناعة السيارات لتأمين استمرار المصنع الذي يوفر خمسة الآف فرصة عمل، والمتوقف حاليا في انتظار صدور قرار سيكون غالبا غير أيجابي. وأكد ان «هذا الامر يعرض جميع العاملين إلى فقدان وظائفهم».
من جهة اخرى، تعتمد الأسواق العراقية بشكل كبير جدا على المنتجات الصناعية الإيرانية، الأمر الذي سيؤدي إلى ركود حاد في ظل تطبيق هذه العقوبات.
وقال عباس مخيلف، وهو تاجر أجهزة كهربائية «نعتمد على إيران في الكثير بل في معظم مجالات الحياة». وأضاف «لدينا معامل تستورد قطع غيار، وستتوقف بشكل كامل».
وأوضح إن المواد الأولية من إيران أرخص ثمنا من أي بلد نظرا لقرب المسافة وفرق سعر صرف العملة.
واشار إلى ان «العراق يستورد من إيران مكيفات الهواء، وهناك نحو 300 الف حاوية خلال موسم الصيف، في كل منها بين 160 إلى 180 مكيف هواء». واعلن العراق رفضه مبدأ الحصار على اي دولة، كونه سيلحق اضرارا بالدرجة الأولى في شعبها بمختلف شرائحه الاجتماعية، حسبما نقل بيان رسمي للخارجية العراقية.
ورأت الخارجية ان «الانعكاس السلبي سيكون كبيرا على العراق والمنطقة بأسرها من النواحي الاقتصادية والاجتماعية، لان إيران دولة جوار جغرافي مهمة». ويقول علي عجلان وهو تاجر من بغداد يعتمد في عمله على الاستيراد من إيران «إذا أغلقت الحدود التجارية فان البلاد ستتعرض لأزمة، لأن 80 في المئة من أسواقنا تعتمد على إيران». وأضاف أن «اقتصاد السوق العراقية معتمد على ركيزتين أساسيتن، هما الصين وإيران».
ولم يستبعد هذا التاجر ازدياد نشاط السوق السوداء بين البلدين لأن «هناك حدود طويلة ستواصل الأستيراد حتى لو تم منعه بشكل رسمي».
ويتفق ياسين فرج مساعد رئيس غرفة تجارة السليمانية في اقليم كردستان الشمالي، مع عجلان فيما يتعلق بانتعاش السوق السوداء، ويقول «نحن نلتزم بقرارات بغداد وحكومة الإقليم، لكن يجب ان نعرف، في الإقليم ومناطق اخرى على الحدود، توجد معابر غير رسمية بين البلدين ويمكن أن تحدث عمليات تهريب».
ورجح ان يؤدي «تشديد الحصار الأمريكي على إيران إلى نزوح اليد العاملة الإيرانية إلى الاقليم وخصوصا المناطق الكردية، كما حصل إبان تسيعينات القرن الماضي ، عندما أرتفعت معدلات التضخم آنذاك».