العواصم الاصطناعية بلا جذور تاريخية ولا سيادة اقتصادية… وتقاعس الحكومة في محاسبة رموز نظام مبارك

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي» من: كان الموضوع والخبر الرئيسي في صحف أمس الثلاثاء 24 مارس/آذار عن توقيع الرئيس السيسي والبشير ورئيس وزراء إثيوبيا ديسالين، على وثيقة اتفاق المبادئ العشرة حول سد النهضة، وضمان حقوق دول حوض نهر النيل، ثم مغادرة السيسي السودان إلى إثيوبيا لإجراء محادثات هناك، وإلقاء كلمة أمام البرلمان الإثيوبي. قال عنها يوم الاثنين زميلنا في «الأهرام» أشرف أبو الهول: «لا تقل أهمية عن كلمة الزعيم الراحل أنور السادات أمام الكنيست الإسرائيلي، التي لولاها لما أصبح الإسرائيليون مؤهلين نفسيا للانسحاب من سيناء، وبالتالي التخلي عن حلمهم التاريخي بإقامة دولتهم من النيل للفرات. فالواقع يقول إن جميع الإثيوبيين يعتبرون أن مشروع سد النهضة هو المشروع الأعظم في تاريخهم، الذي سيخرجهم من الوضع الاقتصادي المتأزم الذي يعيشون فيه، وبالتالي فإن أي تغيير في خطط إقامة السد يحتاج إلى مجهود هائل وإلى اقتناع بان بناء السد بشكله الحالي سيؤدي إلى إضرار جميع الأطراف بلا استثناء، بما فيها إثيوبيا نفسها. لكن الشيء الأهم الذي يحتاجه الإثيوبيون هو الشعور بأن كرامتهم مصانة، وأن تغيير خطط السد يتم بالتوافق والود وليس تحت التهديد. هذا ورغم أي خلافات أثارها البعض من أن الوثيقة لا تتضمن التزاما صريحا من إثيوبيا بعدم المساس بحصة مصر السنوية البالغة خمسة وخمسين مليار متر مكعب من المياه، حسب اتفاقية سنة 1929، إلا أن التفاؤل هو سيد الموقف».
كما أشارت الصحف إلى ملخص للحديث الذي أدلى به الرئيس لإذاعة القرآن الكريم بمناسبة الذكرى الواحدة والخمسين لإنشائها يوم 25 مارس سنة 1964 والذي سيذاع اليوم الأربعاء. ونشرت «عقيدتي» أمس الثلاثاء تحقيقا لزميلنا إسلام أبو العطا جاء فيه:
«روى الرئيس عبد الفتاح السيسي ذكرياته مع الإذاعة، وكيف كان ينتظر فيها قرآن الفجر، ويستمتع بتلاوة بعض المشاهير من المقرئين. كما روى ذكريات له مع بعض الدروس الدينية التي كان يقدمها علماء الأزهر. وأشاد بالدور الذي تقوم به منذ أكثر من نصف قرن لبث آيات الذكر الحكيم بمختلف القراءات القرآنية ولمشاهير الشيوخ والقراء المصريين».
اييه.. اييه .. بارك الله في الرئيس فقد ذكرنا بالذي كان يا ما كان في عهد خالد الذكر وسالف العصر والأوان، حيث كنت، وكثيرون مثلي، بعد الفجر أو في الصباح الباكر أفتح إذاعة القرآن لاستمع إلى المرحوم الشيخ محمود خليل الحصري وهو يقرأ القرآن بطريقة المصحف المرتل. وهكذا اغضب السيسي الإمام الأكبر شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، الذي وصف النظام الذي أنشأ الإذاعة بأنه كان يضيق على الدين والأزهر.
ونشرت الصحف حيثيات حكم محكمة جنايات الجيزة ببراءة وزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي من تهمة الكسب غير المشروع، وإصدار الجيش بيانا عن قيام طائرة أباتشي بضرب منزل في شمال سيناء كان يجتمع فيه اثنا عشر إرهابيا للتخطيط لعمليات، فقتلت ثلاثة وجرحت تسعة. ومن أخبار الصحف أيضا استمرار العمل في حفر القناة الجديدة بمعدلات عالية وبتكاليف أقل، كما أعلن رئيس هيئة قناة السويس .
واهتمت بعض الصحف بما كتبه الإعلامي الإخواني في قناة الجزيرة احمد منصور في الفيسبوك من هجوم على قيادات الجماعة واتهامها باختراق المخابرات الأردنية للتنظيم الدولي، والإشارة إلى الاستعدادات لعقد مؤتمر القمة العربية يوم السبت في شرم الشيخ.
وإلى بعض مما عندنا….

ساويرس: أنا من مدرسة المصارحة بالحقيقة

ونبدأ بأبرز ما نشر عن المؤتمر وردود الأفعال عليه، حيث لوحظ ارتفاع المخاوف من سيطرة الأجانب على الاقتصاد، أو الجانب الأكبر منه وكذلك سيطرة رجال الأعمال، خاصة من أنصار نظام مبارك وتحركاتهم للسيطرة على الإعلام والحياة السياسية، ونسيان قضية العدالة الاجتماعية والتحذير من خطورتها على النظام إذا تجاهلها.
ونبدأ من يوم الأحد مع رجل الأعمال خفيف الظل نجيب ساويرس وقوله في مقاله الأسبوعي في «الأخبار»: «غضب البعض من ردودي على السيد وزير الاستثمار الهمام أشرف سلمان، وهم لا يعلمون أن هناك قدرا كبيرا من الاحترام والإعجاب المتبادل بيننا، لكنني أنا من مدرسة المصارحة بالحقيقة، التي ترى أن الوطنية الحقيقية هي معرفة النواقص والعيوب في وطننا والتخلص منها. وهذا ما قصدته عندما طالبت بضرورة التخلص من البيروقراطيين واستبدال الصف الثاني لكل وزير بشباب ودماء جديدة، لدفع العمل وتحقيق التقدم، وقد فوجئت مؤخرا بحملة عارمة تتجاهل المجهود الكبير الذي بذل لإنجاح المؤتمر، ولا تتفهم أهمية وضرورة المصارحة، وينطبق عليها ما كتبه الكاتب الكبير فهمي هويدي، الذي نادرا ما أتفق معه، في مقاله «رسالة إلى الآخر»، الذي نشره يوم الأربعاء الماضي في جريدة «الشروق» فقد كتب يقول: «إن طغيان أصوات التهليل والتصفيق أفسدت الحس العام، بحيث أن شرائح واسعة من الناس في مصر باتت تستغرب وتستنكر بشدة سماع أي صوت آخر لا ينخرط في العرس المقام». وفي النهاية لهواة الصيد في المياه العكرة من كتاب الصحف والبوابات الصفراء، أن المستثمرين، سواء كانوا من المصريين أو الأجانب على معرفة كاملة بالعوائق والبيروقراطية التي تقابلهم في مشاريعهم بكل تفاصيلها، ويعلمون أيضا أن كم المشاريع المتوقفة نتيجة البيروقراطية وعدم احترام التعاقدات والرجوع من الموافقات بعد صدورها، لا يحصى».

هل سيصل الخير المأمول إلى ريف
وعشوائيات وفقراء مصر

ونظل في يوم الأحد ففي «الوفد» صاح زميلنا الوفدي كامل عبد الفتاح محذرا: «إذا كانت التنمية ستتدفق في قنوات وشرايين الاقتصاد المصري، فما هي خريطة هذا التدفق وهل سيصل الخير المأمول إلى ريف وعشوائيات وفقراء مصر، أم أن الحليب والعسل لا يعرف إلا جيوب وحسابات الأغنياء من رجال المال والأعمال؟
من حقنا أن نعرف بعد أن اكتوينا بنار معدلات التنمية الكبيرة التي تجاوزت سبعة في المئة في عصر مبارك، والتهم عوائدها الأثرياء وحاشية السلطان، نريد أن نعرف ما نصيب أبنائنا وأحفادنا مما يحدث ويجري، نحن نتابع فرحا وفرجة ولسنا ضد الفرح، بل نحن في أشد الحاجة إليه، ولكننا كشعب أيضا تعودنا على أن نستيقظ صبيحة ليلة زفاف الأحلام على واقع أليم يصدمنا به لصوص الأفراح، الذين تربوا على سرقة كل شيء.. الأرض والأمان والمستقبل، وحتى الابتسامة. من حقنا سيادة الرئيس أن تشرح لنا وتبدد مخاوفنا وهواجسنا من أن الرأسمالية الجديدة، التي توصف بالمتوحشة، والسوق الحر الذي لا قلب له، أننا لن نذهب ضحية آليات هذا أو ذاك».

هل كل المشاريع الجديدة جديرة بالتنفيذ؟

أما في «الشروق» عدد أمس الثلاثاء فكتب لنا جلال أمين مقاله من وحي المؤتمر الاقتصادي قائلا: « يذكرني كثير مما ينشر من تصريحات وعناوين الصحف، ومنذ فترة ليست بالقصيرة، واستمر خلال المؤتمر الاقتصادي، بشخص ذهب إلى السوق، وعاد مسرورا، وأخذ يفتخر بما أنفقه في السوق من مبلغ كبير (كألف جنيه مثلا)، من دون أن يذكر لنا ما الذي اشتراه بالضبط، وما هو بالضبط النفع الذي يتوقع أن يعود عليه منه، وما إذا كان باستطاعته شراء شيء آخر أنفع وأرخص.. الخ
إن عناوين صحفنا، وكثيرا من التصريحات الرسمية، مليئة بمثل هذا الفخر بضخامة حجم الأموال التي سيتكلفها هذا المشروع أو ذاك، الذي انعقدت النية على تنفيذه، أو تم التوقيع على اتفاق بشأنه، من دون أن يوضح لنا ما يجب توضيحه حتى نتمكن من الحكم بما إذا كان المشروع جديرا أو غير جدير بالتنفيذ. فكثيرا ما لا يقال لنا شيء عن منافعه، من حيث حجم العمالة التي سيولدها، أو العملة الأجنبية التي سيدرها، أو ما إذا كان سيحفز على إقامة مشروعات أخرى، أو من القائم بتنفيذه، مستثمر وطني أو أجنبي.. الخ، ناهيك عن مقارنته بمشروعات أخرى بديلة كان من الممكن تنفيذها بنفقة أقل أو عائد أكبر، أو في منطقة أكثر حاجة من غيرها إلى مثل هذه المشروعات.
نحن نعيش، منذ فترة ليست قصيرة، في ظل مناخ من التفكير الاقتصادي أساسه الزعم بأننا لا نستطيع تحقيق نهضة اقتصادية، من دون اعتماد كبير على الموارد الأجنبية. لقد بدأ هذا النوع من الحديث منذ تدشين السادات لسياسة الانفتاح، وكان الدافع إليه في رأيي ليس حاجتنا الماسة إلى موارد خارجية بقدر حاجة أصحاب الموارد الخارجية إلى المجيء إلى دول مثلنا. على أي حال، فقد كان المتوقع بعد ثورة يناير/كانون الثاني 2011، أن نكون قد أصبحنا أكثر ثقة بأنفسنا وأكثر شجاعة وأكبر قدرة على تحدي ما يفرض علينا من سياسات من الخارج، مما كنا عليه في العقود الأربعة السابقة. ولكن ها قد انقضى أكثر من أربع سنوات على هذه الثورة، ولا يبدو أننا قد أصبحنا أكثر شجاعة وقدرة في هذا الصدد. أنا لا أقصد بالطبع أن نعود إلى سياسات الخمسينيات أو الستينيات، فالعالم قد طرأت عليه تغيرات كثيرة منذ ذلك الوقت، ولكن المصريين أيضا طرأت عليهم تغيرات كثيرة ومهمة منذ ذلك الوقت، تسمح لهم باستعادة القدرة على الاختيار بين ما يتاح لهم من بدائل، وألا يستسلموا للظن بأن مصيرهم قد أصبح خارجا تماما عن إرادتهم».

مصر الحاضنة الطبيعية للإنتاج
الثقافي والفني والإعلامي المتميز

وفي العدد ذاته من «الوفد» حذر صديقنا الإعلامي والإخواني القديم الذي برز في إذاعة «صوت العرب» أيام خالد الذكر، السيد الغضبان وقوله محذرا: «… كان الإعلام منذ بداياته (الصحافة) ينطلق من مصر، حتى إن كان مؤسسوه من غير مصر، مثل «الأهرام» و»الهلال».. ثم بدأ الإعلام المسموع ليكون لمصر السبق والسيطرة على الأثير العربي ومن بعده الإعلام المرئي.
ومن المؤكد أن احتضان مصر لكل هذا الإنتاج الثقافي والفني والإعلامي، لم ينشأ من فراغ ولم يكفل له الاستمرار ضغط أو إغراء مصري، بل تكفل بهذا إدراك واع بأن مصر – في كل ظروفها- مؤهلة لأنت تكون الحاضنة الطبيعية للإنتاج الثقافي والفني والإعلامي المتميز.. وأن مصر عندما تحتضن هذا الإنتاج المصري والعربي والإسلامي فإنها تحرص أشد الحرص على أن يساهم هذا الإنتاج بشكل إيجابي في تقوية الأمن القومي المصري بامتداده الطبيعي، هذا التطور كان الدافع الذي جعل مسؤولين مصريين ينشئون «مدينة الإنتاج الإعلامي» لتكون أكبر مؤسسة لإنتاج المواد الثقافية (خاصة السينما، والفنية «البرامج الموسيقية والترفيهية والاستعراضية» والدراما التلفزيونية والمواد الإعلامية). وكان الهدف الواضح هو تولى الدولة المصرية لمسؤوليتها الوطنية والعربية بتوفير المناخ والإمكانات لإنتاج هذه المواد التي تشكل عنصراً بالغ الأهمية في منظومة الأمن القومي المصري بامتداده العربي.
ورغم ملاحظات جوهرية على أداء مدينة الإنتاج الإعلامي فإن فكرة إنشاء هذه المدينة تظل فكرة مهمة لأنها تحقق هدفاً وطنياً وقومياً بالغ الأهمية. والحديث عن هذا الهدف تفصيلاً يحتاج لصفحات كثيرة.
اليوم تتسرب أخبار تتحدث عن تفكير بعض الوزراء في إنشاء (مدينة للسينما) يتم طرحها لاستثمارات عربية وأجنبية في محيط مدينة السادس من أكتوبر.
ويبدو أن من طرح هذه الفكرة قد غلبت عليه الحماسة الزائدة التي سادت خلال المؤتمر الاقتصادي، فلم يتنبه إلى أن هناك ألواناً من النشاط لا يمكن بأي حال السماح فيه لأي استثمار غير مصري، وهو الأنشطة التي تمس بأي درجة بمنظومة الأمن القومي، فما بالنا بنشاط يمثل عنصراً بالغ الأهمية في منظومة الأمن القومي.
ويضاعف من الكارثة أن «مدينة الإنتاج الإعلامي» وهي مؤسسة يمثل رأس المال العام فيها 80٪ والباقى لمساهمين مصريين. والمدينة متخصصة في إنتاج الأعمال الدرامية، سواء المسلسلات التلفزيونية أو الأفلام السينمائية. فهل يريد من يتبنى هذه الفكرة (فكرة إنشاء مدينة السينما) القضاء على مؤسسة تقوم بالنشاط نفسه مملوكة للدولة ولمواطنين مصريين؟
وهل يتصور من يتبنى هذا الاتجاه أن تهيمن على إنتاج هذه المواد التي تمثل عنصراً مهماً في منظومة الأمن القومي جهات غير الدولة المصرية؟
إذا غابت هذه الحقيقة عن صاحب هذه الفكرة فأرجو أن يراجع نفسه فوراً.. أما إذا كان صاحب الفكرة يدرك هذه الحقائق فهذه جريمة بالغة الخطورة.
أناشد السيد رئيس الدولة والسيد رئيس الوزراء تدارك الأمر فوراً حرصاً على الأمن القومي. اللهم بلغت.. اللهم فاشهد». 

مهرجان البراءة للجميع

ويوم الاثنين قال زميلنا وصديقنا رئيس تحرير جريدة «التحرير» اليومية المستقلة إبراهيم منصور «ناصري» محذرا الرئيس: «يؤكد السيسي أنه لن يكون مصيره مصير مبارك، وأنه لن يسير على خطى مبارك، الناس بدأت تتخوف الآن من طلة رموز نظام مبارك ومحاولتهم استعادة مكانتهم، وبدا للناس أن النظام الحالي يسمح لهؤلاء بالعودة مرة أخرى، بل إنه يساعدهم في ذلك، ولعل وجود رجال أعمال مبارك وبسط نفوذهم يؤكد ما يثيره الناس، واستغلالهم الوضع الاقتصادي المتدهور، للوجود والتأثير بـأموالهم في السياسة قبل الاقتصاد. لقد تقاعست إدارة حكم البلاد على محاسبة رموز نظام مبارك، وهو ما ساعد في مهرجان البراءة للجميع، وكأنه لم يحدث شيء ولا ثورة ولا يحزنون، ولا شهداء ذهبوا ولا أموال نهبت، ومن هنا يطالب الشعب الرئيس عبد الفتاح السيسي بتأكيد أنه لا يسير على خطى مبارك بمحاسبة هؤلاء».

مسيرة أي حضارة
لا تستقيم على الفتوحات فقط

أما زميلنا في «الجمهورية» أشرف عبد اللطيف فقد التفت يوم الأحد إلى التربية والتعليم قائلا: «على مدى سنوات دراستي للتاريخ الإسلامي، كانت كل الدروس تنصب على الفتوحات والغزوات، وعن حجم الغنائم ومدى شجاعة المقاتلين في الحروب، في الوقت الذي اختفت فيه سير العلماء والفنانين المسلمين إلا على استحياء شديد. لقد شهدت الحضارة الإسلامية علماء أفذاذا ساهموا في النهضة الإسلامية في العصور الوسطى والنهضة الأوروبية الحديثة، لقد شيد خلفاء بني أمية والعباسيين عواصم ملكهم من خلال مهندسين مسلمين، وأقاموا دعائمها بالفنون والثقافة والعلوم والفلسفة، رغم ظلمهم السياسي إلا أن مسيرة أي حضارة لا يمكن أن تستقيم على الفتوحات فقط.
لا شك أنه من الخطأ أن نركز كل مناهجنا حول المعارك التي خاضها المسلمون، هناك جوانب حضارية في حياة الرسول، وهي تحتل الجزء الأكبر من مسيرته كعدله ورحمته ومسامحته وحسن معاملته للناس سواسية، مسلمين وغير مسلمين، وأيضا مسيرة خلفائه المؤسسين لهذه الحضارة العظيمة وعلينا غرس مبادئ التسامح مع الآخرين من خلال مناهج تربوية تلقي الضوء على نماذج حقيقية في تاريخنا، وهذا يتطلب الاستعانة بروح ووجوه جيدة في وضع هذه المناهج».

زوجة المحافظ سيدة الإسكندرية الأولى

ومن «جمهورية» الأحد إلى «أخبار» الاثنين وزميلنا وصديقنا محمد الشماع رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» الأسبق وقوله وهو ينظر إلى أحد الوزراء بغضب: «استفزني ومعي الكثيرون حوار اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية بالأمس في «الأخبار»، كان محور الحديث هو قضية زوجة محافظ الإسكندرية، تأكد من حوار الوزير لبيب أنه قد فاض به الكيل من تحركات زوجة المحافظ وفشله في إيقاف تدخلاتها في شؤون العمل، وإصرارها على أن تنشئ لنفسها منصبا وظيفيا جديدا، هو سيدة الإسكندرية الأولى. فشل الوزير في إيجاد حل بعد أن تأكد من فشل السيد المحافظ «الزوج»، فقرر الوزير أن يفوض أمرها للسيد رئيس الوزراء، هل كل ذلك يحدث لأن المحافظ يتمتع بالجنسية الأمريكية ويثق تماما أن أحدا في مصر لا يستطيع محاسبته أو حتى مراجعته في شؤون الوظيفة التي احتلها».

هجوم على محافظ الإسكندرية

واجتذب الكلام عن زوجة محافظ الإسكندرية زميله خفيف الظل أحمد جلال للقول في العدد ذاته من «الأخبار» في بروازه اليومي «صباح جديد»: «القسم الأمريكي أمام المحكمة شرط أساسي للحصول على جنسية الولايات المتحدة ونصه: «أعلن يمينا مطلقا أنني أنبذ وأتخلى عن الولاء لكل أمير أو ملك أو دولة أو السيادة التي تأتي منها المواطنة، وأنني سوف أدعم وأدافع عن دستور وقانون الولايات المتحدة الأمريكية ضد كل الأعداء المحليين والأجانب». هذا هو القسم الذي أداه هاني المسيري محافظ الإسكندرية للحصول على جنسية ماما أمريكا، فإذا كان المسيري صادقا في ما أقسم فهو لا يصلح لمنصب المحافظ. أما لو كان القسم كده وكده للحصول على الجنسية فهو لا يصلح أيضا لأنه بصراحة يبقى بوشين».

بقاء شباب الثورة داخل السجون
جريمة في حق المستقبل

وآخر مهاجمين للحكومة يوم الاثنين كانا زميلنا في «الأهرام» الشاعر الكبير فاروق جويدة لسبب آخر قال عنه في عموده اليومي «هوامش حرة»: «تأخرت كثيرا قرارات الإفراج عن الشباب داخل السجون ..أكثر من وعد وأكثر من حديث وأكثر من فرصة، كنا نتصور أن نجد هؤلاء الشباب في بيوتهم ومع أسرهم ..كان هناك وعد مع ثورة يناير /كانون الثاني، بخروج أعداد كبيرة من شباب الثورة، الذين لم يتورطوا في أعمال جنائية، وقيل يومها إن الكشوف تم اعدادها في وزارة الداخلية، لكي ترسلها إلى المستشار النائب العام .. ومضت ثورة يناير وما بعدها ولم يفرج عن أحد حتى الآن .. لنا أن نتصور أعداد هؤلاء الشباب والأرقام غير معلنة، ولا أحد يعلم عنها شيئا.. ولنا أن نتصور أهالي وآباء وأمهات هؤلاء الشباب، خاصة الأبرياء منهم.. هناك شباب تركوا جامعاتهم أو وظائفهم أو طوابير العاطلين، وهناك شباب آخر كان على وشك زواج أو تكوين أسر، وأصبح مستقبلهم جميعا مهددا أمام إجراءات لا تتم وقرارات لا تصدر .. لا اعتراض لنا على قرارات وأحكام القضاء التي صدرت لصالح رموز النظام السابق، الذين كانوا سببا في دخول هؤلاء الشباب للسجون، واذا كانت العدالة قد انصفت الزلزال الأصلي فهل تمسك بالتوابع.. لقد خرج الزلزال كريما معززا وأمسك الجميع بالتوابع، رغم أنها لم تفعل شيئا.. إن خروج جميع رموز العهد البائد من السجون يتطلب الآن خروج الشباب، وقد وعدت الدولة بذلك وعليها أن تفي بوعدها.
لنا أن نتصور آباء هؤلاء الشباب وهم يشاهدون كل يوم حفلات الإفراج عن رموز العهد البائد .. كانت صورة هؤلاء الشباب يوما تملأ الساحات والشاشات والصحف، لأنهم ثوار هذا البلد، ودخلوا السجون جميعا على أساس أنهم مدانون، رغم أنهم ضحايا .. كانوا ضحايا البطالة والفقر والعشوائيات وغياب العدالة، وانتهى بهم الحال إلى غرف مظلمة وأيام كئيبة.. إن الإفراج عن هؤلاء الشباب ليس فقط ضرورة إنسانية تفرضها الظروف والمستقبل، ولكنها ضرورة تفرضها العدالة وعشرات الوعود التي أعلنتها الحكومة تجاه هؤلاء الشباب.. بقاء شباب الثورة داخل السجون بلا محاكمات أو جرائم جريمة في حق المستقبل».

حانوتي الدولة

وأما الثاني فكان زميلنا وصديقنا الرسام في «الأسبوع» محمد الصباغ الذي جلس على المقهى التي اعتاد الجلوس فيها بجوار محل حانوتي، فوجده قد غير اليافطة بأخرى كتب عليها «حانوتي الدولة»، وكان صاحبه يقرأ في صفحة الحوادث ويقول غاضبا للمقرئ والمغسل:
– حاجة تقلق فات 12 ساعة ومفيش حوادث على الطريق ولا حالة إهمال في المستشفيات ولا تسمم في المدارس هي الحكومة نسيت أنها عاملة معانا بروتوكول تعاون.

عصام زكريا: أطالب بتنظيف
الإعلاميين و«تحميم» المهنة

ومن الحكومة ومعاركها إلى بعض المعارك المتنوعة التي يضرب أصحابها في كل اتجاه لا يلوون على شيء، فمثلا قرأنا يوم الخميس لزميلنا في «البوابة» عصام زكريا هجوما على مقدم البرامج تامر أمين جاء فيه: «خرج المذيع تامر أمين على المصريين منذ يومين بخطابه اللوذعي يناشدهم فيه بأهمية الاستحمام وارتداء الملابس اللائقة وعدم الاقتراب منه والتسليم عليه إلا إذا كان الشخص نظيفا أنيقا زكي الرائحة مقلم الأظافر لم يتناول الكشري أو البصل أو القرنبيط قبل الحضور للسلام على كبير مذيعي تلفزيون « المزاريطة». لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها أصول المهنة ويضع لنفسه دورا ليس دوره، وفي الحقيقة تامر ليس وحده، فمنذ ثورة يناير/كانون الثاني كنوع من تعويض سنوات الخرس الطويل، تحول كثير من المذيعين إلى مدعين لا يكفون عن الثرثرة والحذق والعويل.. تحولت الساحة الإعلامية بعد ثورة يناير إلى مرتع للمذيعين الذين يتسابقون على لعب دور الزعيم السياسي، حتى اختفت أو كادت مهنة الإعلامي المحايد، الذي يكتفي بالخبر والمعلومة وانتقاء الموضوع، وترك الرأي والجدل لضيوفه. في هذا المناخ الذي تتلاشى فيه أو تكاد موضوعية الإعلامي باعتبارها أكبر وأهم مميزاته، وعندي أيضا حق أن أطالب بتنظيف الإعلام والإعلاميين و«تحميم» المهنة وتخليصها من القاذورات والشوائب الكثيرة التي علقت بها إنظف يا تامر».

وجود عناصر غير سوية
ملوثة في الإعلام

ويوم الاثنين صرخ في «الأخبار» زميلنا وصديقنا رئيس تحريرها الأسبق جلال دويدار محذرا في عموده اليومي «خواطر» مما يحدث في الإعلام قائلا: «لا يمكن لشريف يحترم مهنته ويعشق النزاهة والبعد عن السقوط في بئر الانحطاط الأخلاقي أن ينكر وجود عناصر غير سوية ملوثة في الإعلام، سواء المقروء أو المرئي أو المسموع. هذه الظاهرة السلبية التي تعكس الانحراف وسلوك الدخلاء موجودة في كل المهن، ولكن لا جدال أن تسللها إلى الإعلام له انعكاسات في غاية الخطورة على جوانب الحياة في المجتمع. بعض هذه العناصر المعنية بهذا الانحراف من المنتمين لهذا الإعلام، أصبحوا معروفين بالاسم، حيث تعودوا أن يكون لكل كلمة يكتبونها أو يقولونها ثمن وسعر. إن ما يثير الحزن والشجن أن يسمح بعض من بيدهم الأمر بهذه الممارسات الشائنة التي يمكن نعتها بأنها إعلانات غير مدفوعة، يذهب عائدها إلى جيب هؤلاء الإعلاميين المنحرفين، الذين احترفوا هذا السلوك وبرعوا في تسويقه بطرق غير مشروعة، وتمثل وصمة عار للضمير وللقيم الأخلاقية».

سوق الناشطين السياسيين

أما زميلنا دندراوي الهواري في «اليوم السابع» فقد أخبرنا يوم الاثنين بأنه ذهب إلى سوق الناشطين السياسيين فوجد عشرة أنواع منهم كما قال:
النوع الأول: ناشطو الإحباط دورهم تصدير السواد والكآبة واليأس للناس ولا يرون بارقة أمل ولا يعجبهم العجب، يتقمصون شخصية قاسم السماوي الشهيرة للكاتب المبدع الراحل أحمد رجب ناقمون على أنفسهم وعلى غيرهم طول الوقت.
النوع الثاني: ناشطو الشاتمين لا دور لهم في الحياة إلا تدشين كل مصطلحات الشتيمة الوقحة، واستحداث أنواع جديدة من السباب واللعنات ضد كل من يخالفونهم الرأي.
النوع الثالث: ناشطو الفتوى وهؤلاء يدعون الفهم في كل شيء.
النوع الرابع: ناشطو اللطم على الخدود والدعاء على معارضيهم، يتركون شعر رؤوسهم طويلا ويرتدون ملابس غريبة وعجيبة وكمية «حظاظات» في أيديهم لا حصر لها وتعليق سلاسل في أعناقهم عجب العجاب.
النوع الخامس: ناشطو السبوبة من أصحاب دكاكين حقوق الإنسان….».

العواصمُ لا تولد
بين يوم وليلة

أما أنور الهواري فكان مقاله في «المصري اليوم» عدد يوم الاثنين عن فلسفة العاصمة الجديدة ومما جاء فيها: « أنقلُ لكم ما كتبه الدكتور جمال حمدان، تحت هذا العنوان، في المجلد الرابع من موسوعته: «شخصية مصر.. دراسة في عبقرية المكان».
أولاً: التفكير في ترك عاصمة قائمة- مهما كانت مُرهَقَة أو مُرهِقة ومُحبَطة أو مُحبِطة- إلى عاصمة جديدة مسألةٌ ليست بالهينة، وتحتاج إلى مراجعة مُعمَّقة جداً، وإلى ميزانية دقيقة للغاية لحسابات الأرباح والخسائر، ليس فقط علمياً أو تخطيطياً، ولا اقتصادياً أو مادياً فحسب، ولكن أيضاً سياسياً وقومياً، محلياً وعالمياً.
ثانياً: العواصمُ لا تولد بين يوم وليلة، ولا تنشأ بأمر عال ولا فرمان همايوني، وإنما هي تنبثق استجابة لضرورات طبيعية، وتخضع- في دورة حياتها- لقوانين وضوابط طبيعية، وإلا فشلت وأفلست.
ثالثاً: القاهرة لم تنشأ وتتضخم- حيثُ هي- كمجرد نبت شيطاني أو كعش الغراب الطفيلي، ولا لأسباب عشوائية أو بمجرد قرار أو مرسوم بيروقراطي، وإنما موقع القاهرة هو المحصلة النهائية لآلاف السنين من التجربة والخطأ، ونتيجة لعملية فرز جغرافي وجيوبوليتيكي قاسية ومُفعمة، طولُها خمسة آلاف سنة هي عُمرُ مصر، وعرضُها ألف كيلومتر هي أبعادُ الوادي. إنها الخلاصة الصافية لكل تاريخ مصر الألفي وجغرافيتها المُقطَّرة المُرشَّحة.
رابعاً: وبوضوح كامل، فليس في مصر مكان تُحكَم وتُدار منه أصلح من موقع القاهرة. وإذا كانت هذه المنطقة- القاهرة- هي أقدم وأطول مواقع عاصمتنا عُمراً، بحيث كانت العاصمة الطبيعية لمصر خلال معظم تاريخها الوطني، فليس ذلك بالصدفة أو عبثاً، ولكن بقوة قوانين أنثربولوجية عقلانية وقوى طبيعية منطقية حاكمة، بل ليس في الدنيا عاصمة أكثر طبيعية ومنطقية من موقع القاهرة، لا جغرافياً ولا تاريخياً، كما يحدثنا جغرافى عظيم- غير قاهري ولا مصري- هو عالم الجغرافيا البريطاني ددلي ستامب…
العواصم الاصطناعية، وهي «عواصم بالأمر Fiat Capitals»، بلا جذور تاريخية، بلا سيادة اقتصادية، ضئيلة الحجم غالباً، أحادية الوظيفة بصرامة دائماً، فهي مدينة سياسية صرف، ومن ثم مختلة التوازن اقتصادياً، إنها عواصم البلاد الجديدة البكر أساساً، حديثة النشأة والتعمير….».

حسنين كروم

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Alaa:

    شباب الثورة الذين إستشهدوا والشباب ألأحيآء في السجون ضآع ويضيع حقهم و يخرج كل المجرمون هكذا وأمآم الجميع ؟؟؟؟؟؟ هذا ظلم ظلم ظلم.

إشترك في قائمتنا البريدية