العودة… ولكن إلى أين؟

حجم الخط
0

دليار بوزان : ذات يوم قررت أن أُنصب خيمة عزاءٍ لنفسي، حين شقِّ الألم طريقه نحو وطني، وطوق الحزن أبوابه وأراد من أهلها الرحيل ولم يستطيعوا أن يحملوا حقائبهم معهم.
لم يدم العزاء طويلاً لأنه أصبح جزءاً من حياتنا البائسة لاحقاً كما السعادة والفرح اللذان لم يعرفا طريق بيتنا منذ أن هُدم وغدا خراباً ودمارا..
بدأ الصباح بانسيابيته كما كل يوم، استيقظت عند العاشرة والنصف، وقصدت صالة المسرح في «بغجالولر» بتركيا، بعد أن أخذت حماماً سريعاً وتناولت الفطور على عجل، حيث غالبني الملل والتعب، فمنذ أسابيع مضت وأنا مشتت التفكير لا أعرف ما الذي جعلني أدخل حالة القلق هذه. عند الحديقة التقيت بالصديق محمد السطام وتحدثنا عن بعض الأمور والمشاريع التي نعمل عليها مؤخراً، وعن رغبتي بالسفر إلى أوروبا وعن صعوبة البقاء هنا في تركيا والمستقبل الغامض الذي نتلمسه عن قرب.
رغبتي بالسفر بدأت بعد أن تبددت فكرة العودة إلى سوريا من مخيلتي والتي كانت قائمة حتى الأمس، وباتت أقرب إلى المستحيل اليوم، بعد أن نفذت الخيارات ووضعت الحرب أوزارها وقتلت كل ما هو جميل، يبقى السؤال «لماذا لم تعد إلى سوريا؟» السؤال الأكثر غموضاً والذي لا يلقى له جوابا منطقيا. لكن الجواب الأقرب إلى الواقع والحقيقة هو أن سوريا أصبحت سجناً كبيراً جداً، لا تستطيع الخروج منها بمجرد دخولك إليها من بوابة مرشد بينار «بوابة مدينتي كوباني مع بلدة سروج التركية»، ناهيك عن ضعف فرص العمل والدراسة وانتكاس الإدارة الذاتية لوعودها التي أطلقتها بإعادة الإعمار والحياة في كوباني ،كما أن المعارك التي تشهدها مناطق منبج والباب والرقة تهدد استقرار المدينة أيضاً.
على سبيل السخرية والقرف لم تعد مؤتمرات واجتماعات مجلس الأمن ومدعو حقوق الإنسان قابلة للتفاؤل بكل الأحوال، فالمصالح والعلاقات والسياسات الدولية تقتضي منها إطالة عمر الحرب والاستفادة منها قدر المستطاع. ويؤسفني القول بأن السوري بات سلعةً رخيصة وورقة رابحة للعديد من الدول، وأن حلم عودته أصبح قاب قوسين وأدنى موضوعاً للاتجار والمساومة عليه في البازارات السياسية.

العودة… ولكن إلى أين؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية