ثمة مساحة من الغضب الحقيقي لا يمكن إنكارها بين كثير من المصريين ليست مقصورة على قضية الأسعار الجنونية، ومن المفارقة أنه بعد ساعات قليلة من تسليم المقال للنشر، بدأ احتجاج شعبي قرب القاهرة بسبب رفع الحكومة أسعار حليب الأطفال إلى 26 جنيها للعلبة الواحدة وبذلك ستنظم معاناة الأطفال لمعاناة الكبار.
فهل يثور المصريون الغاضبون من النظام؟ وهل يقتربون من ثورة كما يتمنى أو يتوقع البعض؟ وعن الذين يظنون أن الشعب المصري لا يثور خوفا من الاعتقالات؟ وللبعض أن يذكروا كيف أن الرئيس عبد الفتاح السيسي أكد أكثر من مرة على أن الشعب قادر على الثورة وإنهاء حكمه بسهولة إذا قرر ذلك.
فهل يكون السبب أن الازمة الاقتصادية لم تبلغ ذروتها بعد، أم أن وسائل الإعلام تنجح في تبرئة السيسي ووضع اللوم على الآخرين دائما، أو أنها تستخدم العامل الأمني للابتزاز والتخويف، مع الترويج للسيسي كرئيس لا بديل له؟
وهذه محاولة لقراءة هذا المشهد الملتبس: اولا- قضية الأسعار: إنها موضوع حياة أو موت بالنسبة للفقراء. ورغم هذا فإننا أمام رئيس اتخذ قرارات شديدة القسوة تؤثر على الأشد فقرا ولا تستثني حتى من ينتمون إلى الطبقة الوسطى، بدءا من أسعار الأغذية إلى المياه والكهرباء، وهو يستعد لفرض ضريبة مضافة للمرة الأولى في تاريخ البلاد. إلا أن اغلب المراقبين يستبعدون أن يواجه ثورة وشيكة لهذه الأسباب.
وكمواطن عندي امثلة عديدة لمأساة الأسعار، التي لا يقل أسعار بعضها عن مثيلاتها في دولة مثل بريطانيا، واكتفي بقليل من كثير، منها ارتفاع سعر السكر إلى ثمانية جنيهات للكيلو، ومن المعروف أن المصريين يعدون الأكثر استخداما للسكر في العالم، ثم ارتفاع أسعار اللحوم (وهذه قضية سياسية تاريخية شائكة في مصر) إلى أكثر من مئة جنيه للكيلو الواحد، وكانت أسعار اللحوم إلى جانب الخبز بين الاسباب الرئيسية التي أشعلت «الانتفاضة الشعبية» عام 1977، وسماها الرئيس الراحل أنور السادات حينها بـ«انتفاضة الحرامية». وأذكر جيدا من بعض الشعارات الشعبية الصادقة التي رفعها المتظاهرون في حينها (احيه احيه.. كيلو اللحمة بقى بجنيه) أي أن سعر اللحوم اليوم ازداد أكثر من مئة وعشرين مرة، بدون أن تقترب الرواتب والدخول إلى اي مكان من هذه الزيادة.
ومن المثير أن الرئيس السيسي ذكر تلك الانتفاضة في خطاباته أكثر من مرة، متعهدا بعدم تراجع الدولة أمام غضب المتظاهرين، كما حدث في الماضي، معتمدا على حماية الفقراء من العواقب، لكن هل من دليل حقيقي على إمكانية النجاح في المخاطرة؟
ثانيا – تحولات استراتيجية: ثمة تحولات داخلية واقليمية أعادت رسم المشهد السياسي اليوم، لم تكن حاضرة في عهد السادات، ومنها أن المصريين الذين تحملوا ثمنا اقتصاديا باهظا بعد الهزيمة الفادحة عام 1967، كانوا يفترضون أن ينالوا بعضا من المكافأة الاقتصادية، وليس عقابا مؤلما متمثلا في ارتفاع الاسعار. وكانت قرارات السادات بدورها تفتقر إلى رؤية واقعية وسياسية دقيقة، بل استهدف حلولا اقتصادية متسرعة بعد أن تراجعت مساعدات دول الخليج، رغم انها كانت بدأت تحقق اموالا هائلة من دخول النفط بفضل الانتصار المصري في حرب 1973 ضد اسرائيل. وإذا كان السادات سرعان ما توصل إلى ضمان اكثر من ملياري دولار كمساعدات سنوية باعتبارها منحا من الولايات المتحدة، بعد اتفاق السلام مع اسرائيل، فكيف يجد السيسي بديلا، خاصة بعد التحول في قيادة المملكة السعودية منذ وفاة الملك عبد الله في بداية العام الماضي؟ وهل الحصول على قرض من صندوق النقد مقداره 12 مليار دولار يكون كافيا مع التفاقم في عجز الميزانية بشكل خاص، فيما تقلصت المساعدات الامريكية إلى مليار واحد مخصصة لاغراض عسكرية، بينما أصبحت المليارات الخليجية القليلة تقتصر على استثمارات وودائع. ومع اكتشاف أهوال الفساد التي تترى، أصبح كثيرون يعتقدون أن مشكلتهم الحقيقية تكمن في إنقاذ مصر من الداخل وليس من الخارج.
ثالثا- الحرب السياسية – الإعلامية: بدأ مؤيدو الرئيس السيسي أسوأ بداية ممكنة للحرب الإعلامية المبكرة في الانتخابات الرئاسية المقررة في 2018، بعد أن اعتبروا «أن الإنجاز الأكبر للنظام يتمثل في القضاء نهائيا على جماعة الإخوان، وتحقيق الأمن والأمان للمصريين»، فوجئنا بحملات دعائية موتورة تحذر المصريين من أنهم سيتعرضون إلى «المعاناة مجددا بين إرهاب الإخوان وقيامهم بقتل الناس في الشوارع ومظاهرات الاتحادية، اذا استجابوا لمن يعترضون على ترشح السيسي مرة ثانية للرئاسة». ويا له من تناقض؟ فإذا كان النظام نجح في الجانب الأمني، وهذا صحيح نسبيا، فما علاقة وجود رئيس مصري آخر غير السيسي بعودة الإخوان والعنف والإرهاب، حسب زعم هؤلاء؟
الواقع أن ما يقوله هؤلاء عمليا، وهذا لا يقوله السيسي نفسه، إن هذا الرئيس يجب أن يبقى في منصبه إلى الأبد إذا أردتم استمرار الأمن والاستقرار، وكأنه لا توجد مؤسسات أمنية تمارس واجبها، أيا كان اسم الرئيس، أو أن بقاء مؤسسة بعينها حتمي لبقاء الامن (..). فهل يخدم هؤلاء «المؤيدون للنظام» حقا شعبية السيسي؟ أم أنهم أشد خطرا في الحقيقة من الذين يكيلون الشتائم الفجة ضده من الخارج، متوهمين أن الناس يمكن أن تستمع إليهم، بينما الواقع أن ترفع السيسي عن لغة الشتم قد خدمت شعبيته.
الواقع أن استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم، مع تركيز توقعناه على الجانب الامني، قد يسمح باقتراب السيسي من فترة رئاسية ثانية، اما حصول التغيير المحسوب من داخل النظام، وهذا يبقى ممكنا، فله حسابات أخرى معقدة، وإن كانت لن تعني بأي حال عودة حكم الإخوان، وهو ما اتفق عليه، في غياب كارثي للرؤية، سواء بعض أنصارهم، أو أعدائهم على السواء.
اخيرا: اما (الكمية الحرجة) من الشعب المصري، فهي الوحيدة القادرة على أن تقلب الحكم وبسهولة، وحقا بدعم كامل من المؤسسة العسكرية التي لن تنحاز إلى رئيس ضد الشعب.
وهذه (الكتلة الشعبية) التلقائية وغير الممنهجة سياسيا أو دينيا، تبدو اليوم، ورغم مشاعر الغضب بسبب الحالة الاقتصادية وأخطاء النظام، اكثر حاجة إلى الالتزام بالتروي والتسامح إدراكا منها أن البلاد تحتاج إلى تجاوز ازمة وجود وهوية نادرة نشأت مع تولي الاخوان للحكم، وإن كان هذا لا يعني بالضرورة السماح للسيسي مطولا بأن يفعل ما يشاء، وهو يرتكب خطأ فادحا إن ظن ذلك.
٭ كاتب مصري من أسرة «القدس العربي»
خالد الشامي
السيسي لا يهمه الشعب المصري والدليل هو بشراء أسلحة بسعر 40 مليار دولار من فرنسا وغيرها
الذي يهم السيسي فقط هو العسكر الذي سيبقيه رئيساً مدى الحياة وقد يرث إبنه الرئاسة من بعده
والسؤال كان : هل سيثور الشعب المصري ؟ والجواب نعم لأن سيل الفقر قد بلغ الزبى !
ولا حول ولا قوة الا بالله
” ورغم مشاعر الغضب بسبب الحالة الإقتصادية واخطاء النظام، اكثر حاجة الى الإلتزام بالتروى والتسامح ادراكاً منها ان البلاد تحتاج الى تجاوز ازمة وجود وهوية نادرة نسأت مى تولى الأخوان للحكم ” !!!
لم يتولى الأخوان المسلمين الحكم فى مصر لا سنة ولا شهر ولا يوم ولا حتى ساعة واحدة !!
اما ازمة الوجود والهوية ، ربما من المفيد ان يسأل عنها الكاتب من خان، من تحالف مع ألد اعداء هذا الوطن على مدى التاريخ ليسبغوا علية الحماية من المصريين .
ربما يجب ان يسأل عنها من غيروا العقيدة القتالية للجيش من جيش لحماية الشعب والأرض والحدود ، الى جيش قاتل للشعب مفرط فى الأرض والحدود ! جيش بيحمى حدود العدو !!!!
وتحيا مسر
الأطفال أقصد الشعوب نضجت ولو قليلا وأصبحت تميز بين الحقيقة والخداع .
الحديث عن انتخابات وتداول للسلطة في مصر اليوم ضرب من العبث لأن السيسي على كل الأحوال لن يتزحزح عن الكرسي بأرادته، والشعب عليه ان يجد الطريق للتخلص من الطاغية.
ثورة الجياع حتمية لا محالة. اذا جاع شعب و لم يثر فانه يستحق الموت جوعا و نبشر الانقلابيين أن رفاقنا الأحرار المصريين لا يهابون بنادقكم و دباباتكم اللتي بدل أن تصوبوها تجاه الكيان الصهيوني صوبتوها تجاه الثوار الأحرار.