في تقرير عن إحدى وكالات الأنباء العالمية أول أمس طالعنا خبر بعنوان «اعتقال 600 عنصر من داعش أثناء محاولتهم الهروب مع نازحي الفلوجة». اعتمد المحرّر المسؤول في الوكالة الخبر كما ورد على لسان أحد قيادات «الحشد الشعبي» في محافظة الأنبار، العقيد لورنس محمد العيساوي، في تصريح له لوكالة أنباء الإعلام العراقي يقول فيه «إن القوات الأمنية تمكنت من اعتقال 600 عنصر من تنظيم داعش الإرهابي خلال محاولتهم الهروب مع العوائل التي تم إخلاؤها من محاور الفلوجة الغربية والجنوبية بعد تدقيق هوياتهم وثبوت كونهم من المطلوبين».
يحمل الخبر كل عناصر الدعاية السياسية المباشرة (البروباغاندا) التي تستخدمها الجيوش لتضليل الرأي العامّ أو لإضعاف المعنويات القتالية للخصم الذي تحاربه، وهو أمر لم يعد مؤثّراً وفاعلاً كما كان الأمر في الماضي، لأن آليات كشف التناقض في المعلومات والتأكد من موثوقيتها صارت أكثر سهولة وشيوعاً بكثير مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي واتساع أساليب فضح التزوير والمقارنة والتفتيش على محرّكات البحث، لا في الخبر فحسب بل كذلك في الصورة وشريط الفيديو وشهادات الشهود، وهو ما اضطرّ الكثير من وسائل الإعلام وحتى الأطراف المسلّحة، سواء كانت جيوشاً رسميّة أو ميليشيات مسلّحة، إلى محاولة التأكد كثيراً قبل إعلان نبأ قد يجرّ كشف كذبه عليها من السوء أضعاف ما كانت تأمله من فائدة.
وبما أن الحال كذلك فقد صار وقوع وكالات أنباء عالميّة، يفترض أن تعتبر مصادر موثوقة للأخبار، في ترديد كلّ ما يصلها من أخبار من دون عناية كافية بتحريرها بنسبتها إلى قائلها على الأقل أو برفض نشرها عندما تحتوي شبهة «البروباغاندا» وتناقض العقل والمنطق، فالخبر المذكور يحمل شبهة إجراميّة لأنه يجري في وقت ضجّت فيه الفضائيات والصحف ووسائل الإعلام بأخبار مسؤولية «الحشد الشعبي» نفسه عن اختفاء آلاف الأشخاص، وقيامه بإعدامات ميدانية تمّت مناقشتها تحت قبة البرلمان العراقي، وهو، بدون كثير تأويل، يعتبر تمهيداً لمزيد من هذه الإختفاءات والجرائم تحت زعم اعتقال المئات من تنظيم «الدولة الإسلامية»، في الوقت الذي لا زالت فيه عناصر التنظيم تقاتل في شمال الفلوجة، كما أنه من غير المعروف عن عناصره الهرب لأن عقوبته الإعدام، إضافة إلى أن من الإجراءات التي يتبعها التنظيم مصادرة بطاقات هويّة وجوازات سفر المنتسبين إليه، وهذا يناقض ما ذكره الخبر.
في اليوم ذاته الذي نشرت فيه الوكالة المذكورة الخبر الآنف قامت بنشر خبر آخر عنونته: «تقرير: مقتل جندي روسي في سوريا أثناء منعه هجوما ضد قافلة إنسانية بريف حمص»، وهذا الخبر لا يقلّ تناقضاً وتهافتاً عن سابقه، فهو يقول إن الجندي هو أحد حراس قافلة إنسانية وأنه «قام بمنع وصول سيارة مفخخة يقودها انتحاري إلى مكان توزيع المساعدات الإنسانية على السكان»، فإذا افترضنا صحّة وجود جنديّ روسيّ مع قافلة إنسانية متوجهة لتوزيع مساعدات إنسانية في ريف حمص (أي، منطقة، في المناطق التي يحاصرها النظام كحيّ الوعر)، فأين المنطق والعقل والموضوعية في أننا لم نسمع عن هذه السيارة المفخخة إلا في هذا الخبر، وكيف أمكن لهذا الجنديّ الأجنبيّ معرفة السيارة المفخخة، وكيف يتوجّه انتحاري بسيّارة مفخخة من منطقة للنظام إلى منطقة للمعارضة (أي من منطقة علويّة أو مختلطة إلى منطقة سنّية)، أو العكس (أي من منطقة محاصرة إلى منطقة للنظام)؟
الحقيقة أن لا سبب معقولاً لنشر أخبار مثل هذه إلا أن الاستقطابات السياسية الحادّة العربيّة قد دخلت إلى قلب مطابخ وكالات الأنباء مما أضعف قدرتها على التفحّص والمساءلة والتدقيق، وهو أمر صرنا نسمع الشكوى منه في كثير من المحطّات الشهيرة التي يُفترض أن تلتزم بمواثيق صحافية وأخلاقية تمنع هبوطها وتحافظ على مستوياتها المهنية.
ما يجعلنا نتساءل: هل صارت مقاييس الموضوعية والمهنية والحياد الصحافي أمراً مستحيلاً مثل الغول والعنقاء والخلّ الوفيّ؟
رأي القدس
العراق بلد العجائب والغرائب.
مع الأسف أن المهنية أصبحت مفقودة في كثير من وسائل الإعلام التي كنا نحترمها والسبب هو الكره الدفين للإسلام من بعض محرريها
ولا حول ولا قوة الا بالله
لوكنت تشير البروباكاندا للعمليه السياسيه واللاعبين فيها لكنا نصدقك اكثر مما تقول لانها واضحه اما ان نتماشى مع الراي باختفاء واختطاف الالاف وتصفية البعض من قبل الحشد هذا مردود لاسباب كثيرة اولا وزير الدفاع والجش العراقي (اغلب الجنود من الرمادي وصلاح الدين)هم من هذه المناطق السنيه الذين يشتركون مع الحشد في تحرير الفلوجه وبالتالي لايمكن اي منهم فعل شئ ما دون علم الاخر ، ثانيا هناك تواجد مستمر مكونات ومسؤولي المنظمات الانسانيه في الميدان .
أخي الكريم علي كركوكلي
هل فعلاً انت مصدق ما تقول هنا ؟!
ما تذكره لم يحصل في انظف حروب التأريخ و كأنك تتكلم عن تصوير فلم حربي ، السيطرة الكاملة بيد المخرج.
هل فعلاً لم تتطلع على الجرائم البشعة و البربرية التي ارتكبها الحشد الوحشي ؟!
هل فعلاً لم تتطلع على تقارير المنظمات الإنسانية الموثوقة و على رأسها الهيومن رايتس ووتش ، و منظمات تابعة للامم المتحدة ؟!
و الممارسات التي ذكرتها و التي يترفع اشرس حيوان على وجه الارض ان يفعلها بضحيته فضلاً عن بني جنسه؟!
وزير الدفاع عبارة عن منصب خيال المآتة ، من سياسيي العملية السياسية المسخ القائمة على المحاصصة و التي قامت على عين الاحتلال الأمريكي ثم ورثها منه الاحتلال الايراني
اسمح لي ، أخي علي ان اقول لك ، ان مداخلتك هنا ، هي الدليل الصارخ و الإثبات الواضح على صحة ما ورد في رأي القدس هذا اليوم
بسم الله الرحمن الرحيم.رأي القدس اليوم عنوانه( لغول والعنقاء و… الإعلام الموضوعي )
تساؤل كاتبنا المحترم (هل صارت مقاييس الموضوعية والمهنية والحياد الصحافي أمراً مستحيلاً مثل الغول والعنقاء والخلّ الوفيّ؟)
وكما يجزم كثيرون بان الموضوعية في الاعلام العالمي اصبحت من هذه المستحيلات في هذا الظرف الذي نعيش ؛ ولسبب بسيط هو السيطرة الصهيونية على معظم وسائل الاعلام العالمية وعلى وكالات انبائها كذلك .وفي العراق وفي سوريا وفي اليمن وغيرها من بلدان العرب والمسلمين تحولت الحرب الطائفية بين الاكثرية السنية والاقليات الشيعية الى حرب ابادة دموية شبه عالمية ضد المسلمين السنة اما بقتلهم او خلعهم من جذورهم بتهجيرهم القسري الوحشي . وهذه الحرب القذرة يقودها ويوجهها الاعلام العالمي المتصهين وادواتها هي الميليشيالت التابعة لايران يساعدها ويشاركها كذلك ادوات القهر العالمية ورأس حربتهم امريكا وروسيا وعملاؤهما في المنطقة وخارجها . ففي العراق تزحف الميليشيات الشيغية التابعة لايران على المناطق السنية وترتكب الجرائم الابشع وبغطاء جوي امريكي ، وفي سوريا يرتكب النظام هو وحزب حسن نصرالله جرائم اكثر بشاعة ووحشية وبغطاء جوي روسي ويتنسق مع الجيش الاسرائيلي ( جار السرور والصديق جدا !!) .وعلينا ان لا ننسى التنسيق والمشاركة في السر او العلن بين مكونات الاجرام الدموي الاربع (امريكا وروسيا وايران واسرائيل ) ضد المكون السني في منطقتنا الشرق اوسطية .
وقبل ان تقول السعودية وتركيا وغيرهما من الدول السنية (اكلت يوم اكل الثور الآخر ) ، عليها ان تتعامل بحذر شديد مع( الصداقة !!) الامريكية ،بل وعليها ان تنبذ هذه الصداقة الكاذبة والقاتلة في آن معا ؛ كما عليها كذلك ان تبحث عن الحركات المجاهدة ضد اسرائيل ومن وراءها وتحمي ظهرهم وتجاهد معهم بالمال والسلاح والرجال ،والا فالطامة الكبرى على الجميع .
برأيي ، انه لا يوجد اعلام “محايد” و لكن بالأمكان ان يوجد اعلام “موضوعي” !
و هذه فرصة لتوضيح ما علقّت به مرة ، بهذا المعنى ، من انني ارى مثلاً ان الإعلام الذي تقدمه قناة الجزيرة (و ازعم اني متابع دؤوب لهذه القناة لست منحازاً ولكنني موضوعي هنا ) هو اعلام موضوعي و لكنه ليس محايد ، و هذا لا يعيبها ابداً و انما اراه الأمر الطبيعي كما سأوضح.
اقول فرصة للتوضيح ، لأنني حين فرقت و ميزت بين ما هو موضوعي و ما هو حيادي ، انبرى البعض ممن يتصيدون في الماء العكر (و يبدو انني ناجح في خلق منزعجين من تعليقاتي التي تستثيرهم ، و لا بأس بذلك بطبيعة الحال ، فهذه من سنن الله في خلقه ، الاختلاف ، الذي يحاول البعض جره الى خلاف!) هؤلاء استهزؤا بشدة ، كيف ان الموضوعي ليس هو الحيادي وكيف ان الحيادي ليس هو الموضوعي ، كأنني ارتكبت احدى الكبائر بزعمي هذا!
اليوم وقد اثير هذا الموضوع المهم من جديد ، ارى ان التوضيح بات مهماً و متسقاً مع طروحات المقال.
الحيادية ليس هي الموضوعية في الاعلام.
لا يوجد اعلام حيادي البتة ، الا اذا كان خلفه روبوتات وليس بشر ، فكل اعلام لابد ان ينحاز الى قضايا اجندات من يقف خلفه تمويلاً ، و لكن ان يكون موضوعي مسألة اخرى ، و معنى ان يكون موضوعي ،معناه ان يكون مهني و احترافي ، و ان ينقل الخبر كما حدث و بعد ان يتأكد من وقوع الحدث بالفعل ثم ينقله و بإسلوب و عبارات مهنية و معتدلة، و عند مناقشة مسألة ، يأتي بالرأي و الرأي المضاد المتكافئين من حيث الأمكانية ، و يعطيهم نفس المساحة للتعبير و من ثم يجعل الجمهور يحكم و يختار.
الجزيرة مثلت في خطها العام عبر العشرين سنة الماضية افضل مثال على هذا الإعلام برأيي ، لأنها وكما كان يقول المبدع أسعد طه ، في برومو برنامجه الشهير حسن الصيت ، نقطة ساخنة ، يقول ، نحن لسنا حياديين ، لأننا ننحاز الى قضايا الأمة.
لكن قضايا الأمة هذه التي تنحاز لها الجزيرة (وفق تعريف اجندة ادارتها بطبيعة الحال) تديرها بمنتهى الموضوعية و الاحترافية و المهنية.
مثال لتوضيح المسألة اكثر، عندما يقوم باحث ببحث علمي ما يتطلب اجراء تجارب مختبرية ، يجب ان يكون في قمة الموضوعية في اجراء هذه التجارب تحت ظروف قياسية ، ويدون النتائج و الظروف كما هي بالضبط ، لكنه هو من ينحاز الى اختيار موضوع البحث ومجالات تطبيقه!
* بغض النظر عن التقارير ( حقيقية ) أم ( مفبركة )..
( الحشد الشعبي ) لا يقل في السوء والتضليل
والهمجية عن ( داعش ) وكان الله في عون
أهل العراق وخاصة ( سنته ) المظلومين..
سلام