«القدس العربي» تستطلع آراء خبراء مصريين في الوضع الاقتصادي

حجم الخط
1

القاهرة – «القدس العربي»: أثار قرار الحكومة المصرية تأجيل المؤتمر الاقتصادي الذي كان مقررا في شهر شباط/فبراير المقبل تفسيرات متباينة، بعضها سياسية وأخرى اقتصادية وأمنية، خاصة انه تزامن مع تصاعد جديد في الهجمات الإرهابية، واحتمال اجراء الانتخابات البرلمانية في التوقيت نفسه، وكذلك الحاجة الى تسوية ملفات شائكة تتعلق بالعراقيل التي تواجه المستثمرين، وهو ما يعتبره بعض كبار رجال الأعمال، ومنهم الملياردير نجيب ساويرس الذي توقع فشل المؤتمر ان لم تتم تسوية تلك المشاكل قبل انعقاده، وحذر من إفلاس الخزينة المصرية في حالة عدم إجراء إصلاحات اقتصادية قائلا على حسابه في تويتر» أحيانا تكون المعرفة والخبرة لعنة، ليس لدي أي شك في أن مصر تتجه بخطوات متسارعة نحو إفلاس قريب».
«القدس العربي» أجرت استطلاعا لآراء متباينة لخبراء اقتصاديين مصريين بشأن الموضوع.

مؤتمر «مش عزومة»

وقال الدكتور عبد الخالق فاروق، الخبير الاقتصادي ومدير مركز النيل للدراسات الاقتصادية والإستراتيجية السابق، ان تأجيل انعقاد المؤتمر الاقتصادي يرجع الى أسباب عدة، الأول هو ان من الواضح ان الفكرة الأساسية التي تم عليها المؤتمر هي دعوة المستثمرين ورجال المال والأعمال والشركات الأجنبية للمشاركة في المشروعات التي تقدمها الحكومة المصرية، ويبدو انه لم يعد هناك حماس كبير لدى أطراف خارجية بحكم ان السياسات المصرية الاقتصادية لم تتغير حتى اليوم وتمارس نفس ما كانت تفعله من قبل والاعتماد على القروض والمساعدات، وليس هناك افق لشيء جديد يتم في مصر. السبب الثاني ان الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة المصرية ليس لديهما حتى الآن رؤية متكاملة بشأن خطط التنمية الحقيقية، وبالتالي فإن الدعوة الى المؤتمر الاقتصادي أشبه «بالعزومة» في الاستثمار في مشروعات لا تربطها منظومة تنموية واحدة، وإنما تعد احتياجات يستفيد منها بعض القطاعات وخاصة قطاعات التشييد والبناء والمقاولات في مصر.
السبب الثالث هو انه ليس بهذا الشكل يتم بناء بلد تم تخريبه وتجريفه على مدار 40 عاما من الاعتماد وتدليل من يسمون بالمستثمرين والسماسرة، وهذه الحكومة «تجر» الرئيس السيسي وتجذبه الى السياسات نفسها التي كان يتبعها الرئيس مبارك من قبل، وهذه السياسات خاصة بتدليل وتقديم المزيد من التنازلات والمزايا للمستثمرين، أدت الى خراب البلد ونهب ثرواته لصالح رجال المال والأعمال.
وعن رأيه في قبول مصر قبل أيام عدة قرضا دوليا من البنك الدولي بنصف مليار دولار، قال عبد الخالق، منذ تولي السيسي الرئاسة وهو يعتمد على القروض من الخارج و»هيغرق» البلد معاه، لانه كانت وما زالت لديه فرصة تاريخية عظيمة، فالسيسي لديه شهور أخرى فأما ان يستيقظ الشعب، ويكتشف ان السيسي ليست لديه رؤية وسوف يسير على نهج مبارك مع بعض التحسينات، أو ينقلب السيسي على جميع سياسات مبارك، وبذلك سوف نغير منظومة وفلسفة العمل الاقتصادي. فالسيسي يعتمد على السعودية والإمارات ودول الخليج وهذه الدول لديها طاقة معينة ولديها مطالب من السياسة المصرية قد تضر الأمن القومي المصري، فنحن يمكننا الاعتماد على مواردنا الذاتية، في مصر موارد كثيرة يمكننا الاعتماد عليها ولكن للأسف الحل الأسهل هو الاقتراض من الخارج. ورفض فاروق تصريحات ساويرس الأخيرة بأن مصر تتجه نحو الإفلاس، وأعتبر ان شركاته تمثل أحد أسباب الأزمة الاقتصادية في مصر.

القرار خاطئ ولا شبح افلاس

من جهته قال قال الدكتور أسامة عبد الخالق، الخبير الاقتصادي في جامعة الدول العربية، نحن لا نقرأ ما وراء السطور، لأن هناك تصريحا من وزير المالية بأن أعياد الكريسماس وأعياد الاقباط سوف تمنع بعض الدول من الحضور، وبالتالي قررت الحكومة إرجاء هذا المؤتمر، لكن هذه الدول لم تعتذر، ولذلك كان يجب على الحكومة ان تعقد المؤتمر في ميعاده دون تأجيل، خاصة ان هناك قبولا من بدءعقد اتفاقيات مع دول الاتحاد الاوروبي بعد ما توقف العمل بها منذ عام 2008 وذلك بعد الأزمة العالمية، فهناك رغبة شديدة لإحياء هذه الاتفاقيات مرة أخرى، فكنا نتمنى ألا يحدث إرجاء لهذا المؤتمر وأن يتم في ميعاده.
وعن رأيه في الانتقادات التي وجهت للسيسي لقبوله قرضا دوليا من البنك الدولي بنصف مليار دولار، قال أسامة، في الماضي كانت الأمور تسير على ان مصر هي التي تطلب قرضا من البنك الدولي وكان يعتذر، أما الآن فالبنك الدولي يعرض على مصر القرض، وهذا يثبت لنا ان البنك الدولي يرى ان أمواله في أمان، لأن هذه الأموال لا تؤخذ من البنك الدولي اعتباطا، فهو المشرف عليها وليست ملكا له، فإذا كان لدى البنك الدولي أي نوع من التخوفات من عدم سداد مصر لهذا القرض، أو انها توشك على الإفلاس كما قيل، فلماذا إذن عرض على مصر الاقتراض منه، لأننا الآن في مرحلة ان البنك يعرض ونحن نقبل أو نرفض.
وعن رأيه في تصريحات ساويرس الأخيرة بأن مصر تتجه نحو الإفلاس، قال أسامة، لا يوجد أي شيء من هذا القبيل، ولن أجد له أي تفسيرات أو مبررات لانه رجل اقتصادي قديم ومحنك، ويعلم تماما ان مصر أبعد ما تكون عن هذا الأمر، وهذا السبب يعد من أسباب رفضي لارجاء المؤتمر الاقتصادي، لانه سيكون إثباتا عمليا لجميع دول العالم ان مصر محط أنظار، فلا يصح ان يكون هناك إقبال من المستثمرين من جميع الدول ونتحدث عن وجود إفلاس.

الإعداد الجيد للمؤتمر

ارجع الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي المصري سبب تأجيل انعقاد المؤتمر الاقتصادي، الى رغبة مصر في إجراء مؤتمر مرتب بطريقة صحيحة، والدليل واضح، بأن مصر في هذا العام استعانت بشركة متخصصة في الترويج للمؤتمرات وشركة ثانية لتنظيم المؤتمر وادارته، وستستعين بشركة أخرى حتى تضمن ان المشروعات التي ستقدمها للمستثمرين ذات جدوى، وشركة ثالثة تدرس الجداول الاقتصادية لكل مشروع مقدم على حدة، ولكن بالنظر الى الموعد الذي كان من المنتظر ان يعقد فيه المؤتمر في شهر شباط/فبراير المقبل، فقد واجه العديد من المشاكل، لأنه مؤتمر موسع وعالمي وبالتالي فلابد من ان يتواجد به أكبر عدد من المساهمين مثل الصين وجنوب شرق آسيا، فما حدث ان الصين أبلغت مصر بانها لا تستطيع الحضور بسبب الأعياد الصينية، وكانت حريصة على مشاركتها، فرجعت الى الدول العربية الشقيقة صاحبة فكرة المؤتمر وهي السعودية والكويت والإمارات، وقالت لهم هل لديكم أي مانع من إرجاء المؤتمر قليلا حتى يكون المشاركة من دول أخرى ممكنة، ولم تمانع أي دولة من هذا الاقتراح لانها تريد مشاركة أكبر عدد من الدول، وبالفعل تم إرجاء المؤتمر حتى يتناسب التوقيت مع الجميع ، سواء من دول أو خبراء أو مستثمرين.
وأضاف: عندما يأتي المستثمرون الى أي دولة لابد وان تتوافر لهم الضمانات المناسبة، من أهمها توفير السياسة المستقرة، ولكي تتوافر هذه السياسة لابد وان تتوافر الديموقراطية، والتي لا تكتمل حتى تستكمل مصر خارطة الطريق الخاصة بها، وخارطة الطريق لم تكتمل بعد، الدستور والانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية، حققنا اثنين، لكن الانتخابات البرلمانية لم تجر بعد، فعلينا الانتهاء من انتخابات الرئاسة قبل بدء المؤتمر وهو ما أكده الرئيس السيسي، فأنا اعتقد ان الانتخابات البرلمانية ستجرى في كانون الثاني/يناير أو شباط/فبراير على أقصى تقدير.
وأكد ان تأجيل المؤتمر أيضا يعطي للدولة فرصة في مقاومة الإرهاب، خاصة في سيناء، ان تأجيل المؤتمر لا يعد حرمانية ، فهو ليس قرآنا أو انجيلا أو دستورا ولكن أهم شيء تحقيق التوافق لتعظيم المكاسب.
وعن رأيه في الانتقادات التي وجهت للسيسي لقبوله قرضا دوليا من البنك الدولي بنصف مليار دولار، قال عبده، تعاني مصر من أزمة حقيقية في العملا ت الأجنبية، وقد تمت إتاحة الفرصة لمصر لحصولها على قرض فلماذا ستعترض، وهذا يعد قرضا محترما ،لأنه ينص على ان يسدد على 28 عاما بالإضافة الى 7 أعوام سماح، ومصر مطالبة بدفع ثلث المبلغ فقط وتم إعفاؤها من باقي المبلغ، وفي الوقت نفسه هذا القرض لتمويل دخول الغاز الطبيعي الى المنازل، لأن من المعروف ان تكلفته أقل من أي مصادر أخرى.

انشغال الصين

من جهته قال الدكتور صلاح فهمي، استاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر ان السبب الرئيسي في تأجيل المؤتمر الاقتصادي هو ان الصين دولة عظمى ولديها استثمارات ضخمة في أمريكا، ولديها في هذا الوقت مؤتمر في امريكا، فالسيسي يود ان تحضر الصين هذا المؤتمر، فالتأجيل حدث من أجل تجميع الدول ولإجراء المزيد من الدراسات، لكن من يتحدث عن كون التأجيل نتيجة انسحاب بعض الدول من المؤتمر، فهذا كلام ليس دقيقا ولا أساس له من الصحة، وهذا أيضا السبب الرئيسي الذي أعلنته الدولة.
وعن رأيه في تصريحات ساويرس الأخيرة أن مصر تتجه نحو الإفلاس، قال فهمي، ان الدولة تسير في الاتجاه الصحيح ولا تتجه نحو الإفلاس، لأن الاحتياطي العام لمصر بلغ 19 مليار دولار وسددنا وديعة قطر، فهذا يعد مؤشرا جيدا، والتصنيف الائتماني يشير الى تحسن الاقتصاد، وهناك مشاريع اقتصادية كثيرة وهذا يؤكد لنا أننا نسير في الاتجاه الصحيح فلا داعي للتشاؤم والاحباط.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول م . حسن . هولندا:

    عندما تقل الإيرادات عن الإلتزامات , تبدأ المشاكل , لا توجد دولة عصية علي الإفلاس في مناخ الإرهاب والإرهاب المضاد .

إشترك في قائمتنا البريدية