كيف نقرأ القرآن؟ سؤال نتجت عنه أسفار ضخمة على طول تاريخ المسلمين، في محاولات للوصول إلى قراءة النص القرآني القراءة المنسجمة مع خصائص النقل وثوابت العقل، أو القراءة التي تأخذ بالسياقين التاريخي والمعاصر لهذا النص.
النص القرآني نص ديني يدخل ضمن دائرة «النصوص المكثفة/Intensive text»، التي تحتاج إلى عمليات عقلية مستمرة للغوص في طبقات كثافتها للوصول إلى دلالات النصوص ومآلاتها. وأي نص يحتاج إلى تأويل هو بالضرورة نص مكثف، كالنصوص الشعرية والأدبية التي تستعمل فيها اللغة استعمالاً مجازياً غالباً. والتأويل هو أداة «القراءة النصية» التي تتوخى النظر إلى النص باعتباره «كتلة لغوية»، تتم مقاربتها بعملية معقدة تتداخل فيها عوامل كثيرة فكرية وفلسفية وعاطفية ووجدانية، كما تدخل فيها العوامل النصية والسياقية والاجتماعية المختلفة، ولذا اختلفت التأويلات للنصوص الدينية المختلفة، ومنها النص القرآني، باختلاف تلك العوامل التي تشكل مرجعيات أو محددات التأويل.
لدى الفيلسوف الألماني هانز جورج غدامر (توفي 2002)، مصطلح حاول به تلخيص منهجه في التعامل مع النصوص، وهو ما أطلق عليه «دمج الآفاق». وفي شرح المصطلح يتعرض غدامر لقضية تأويل النص، ويذكر أن هناك من يتناول النصوص من منطلق ظروفها التاريخية والسياقية التي رافقت ميلادها، بينما يرى آخرون ضرورة التركيز على ضرورة تأويل النصوص بالنظر إلى الواقع التاريخي للقراءة، أي بمعنى تأويل النصوص وفقاً للظروف التي تحيط بالمؤوِّل/القارئ، لا بالظروف التاريخية التي رافقت نشأة النصوص وتولدها. وفي محاولة للجمع بين المدرستين حاول غدامر أن يقول بضرورة مراعاة الماضي والحاضر في تأويل النصوص، مراعاة الظروف التاريخية المحايثة التي ولد فيها نص ما، مع الظروف التي تحيط بالمؤولين، حتى لو كان الفاصل بين ظروف الماضي وظروف الحاضر آلاف السنين.
وبالعودة للنص القرآني فإن تأويله يصح أن يقوم على أساس من دمج أفقي القراءتين التاريخية والمعاصرة، على أن تسير القراءة وفقاً لمحددات الدلالة في النص باعتباره إشارة لغوية أولاً، ثم التركيز على غيرها من الإشارات السياقية التي حايثت هذا النص. النص القرآني «كتلة دلالية»، ينبغي أولاً تحليلها على أساس أنها مجموعة من «الدَّوال اللغوية»، ومن ثم النظر إلى السياقين: التاريخي والمعاصر لهذا النص. ولا شك أن التركيز على السياق التاريخي للنص القرآني مهم، لأنه يكشف لنا بواعث هذا النص وجانباً مهماً من دلالاته، كما أن الانتباه إلى الظروف المعاصرة للمؤوِّل/القارئ مهم، لأنه يعطينا المجال لعملية إسقاط ناجحة للنص على الواقع المغاير للواقع الذي نشأ فيه النص موضع القراءة.
كنت مرة في حلقة نقاش ـ في لندن ـ حول تواتر النص القرآني، فقال أحد الطاعنين في «موثوقية النص»، إن «النص القرآني الذي بين أيدينا «مزور» لأنه يحوي كماً هائلاً من الأخطاء الإملائية». تمالكت نفسي كي لا أضحك، وأنا أحاول تنبيه «صاحب نظرية الأخطاء الإملائية» في القرآن، إلى أن القرآن كتب على أساس قواعد الإملاء القديمة في عهد عثمان، وهي مختلفة بشكل كبير عن قواعد الإملاء المعاصرة في اللغة العربية. أضفت أن ما يعده دليلاً على «التزوير»، هو دليل «التوثيق»، لأن بقاء النص على قواعد الإملاء القديمة، يدل على أنه ظل محتفظاً ـ حتى ـ بـ«الشكل الكتابي»، الذي كان عليه منذ عهد الخليفة عثمان، وإلى اليوم بدون تغيير.
وإذ يظهر الخطأ المنهجي الذي وقع فيه من يقول بـ«أخطاء إملائية في القرآن»، خطورة عدم أخذ السياقات التاريخية للنص بعين الاعتبار، فإن إغفال بعض الجماعات الإسلامية اليوم للقراءة من منظور معاصر، وإغفال السياقات الحديثة، والشروط النفسية والاجتماعية السائدة في عالم اليوم، وإغفال «سياقات التلقي»، يشكل كارثة على مستوى توجيه الدلالات في نصوص القرآن.
يقف خطيب جمعة على منبر ما في مكان ما، ويقول حرفياً «الكفار يقولون عنا إننا إرهابيون، وأنا أقولها بكل صراحة: الإرهاب من الإسلام، لأن الله أمر به في قوله تعالى «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم…». وهنا تكمن إشكالية القراءة، ومشكلات التأويل، وذلك بخلط الدلالات، وعدم التنبه إلى السياقات. والواقع أن كلمة «ترهبون» الواردة في النص القرآني، تنفتح دلالياً على تأويلات لا علاقة لها إطلاقاً بالدلالات التي تنفتح عليها كلمة «Terrorism إرهاب» في سياقاتها المعاصرة.
«ترهبون» تنصرف إلى دلالات بث الرعب في قلوب العدو الذي يحمل السلاح، والذي تهيأ لغزو مدينة الرسول، فالإرهاب المقصود في الآية يستهدف جماعة عسكرية لا مدنية، ثم إن الغرض منه كذلك منع تلك الجماعة المسلحة من مهاجمة المدينة، وبالتالي منع وقوع الحرب من أساسها. وبذا تنفتح المفردة «ترهبون» في سياق النص، على إيحاءات إيجابية، لا توجد إطلاقاً في الدلالات التي تنفتح عليها مفردة «إرهاب» في سياقاتها المعاصرة، لأن الأخيرة تنفتح، غالباً، على دلالات «استهداف المدنيين، لتحقيق أهداف سياسية»، وهي غير الدلالات التي تؤول إليها المفردة القرآنية «ترهبون»، في الآية السابقة.
لا بد، في تصوري، للمسلمين للخروج من الإشكالية المفاهيمية التي يعيشونها اليوم، من الخروج إلى أفق قراءة قرآنية أوسع من تلك الآفاق المحدودة من القرءات الأحادية التي تركز في مجملها على السياقات التاريخية، مغفلة السياقات المعاصرة، أو تلك التي تريد أن تنسى تماماً السياقات التاريخية، لتعيد تأويل النص القرآني وفقاً للشروط المعاصرة، مع إغفال الجانب السياقي التاريخي لهذا النص. وقبل كل ذلك ينبغي إيلاء المناهج النصية الحديثة أهمية قصوى في مقاربة القرآن اليوم، لأن تلك المناهج تساعد على الغوص في كثافة النص القرآني للوصول إلى قراءة متوازنة، تراعي سياقاته الماضوية، وتنفتح على سياقات التأويل المعاصر، بما يخدم ردم الهوة بين قراءة المفسرين القدامى للنص، والواقع المعاصر للمسلمين الذين يعيشون القرن الواحد والعشرين، بدون أن يعني ذلك البعد عن محددات الدلالة في النص القرآني الذي جاء ليكون بلاغاً للناس، حسب آياته.
٭ كاتب يمني من أسرة «القدس العربي»
د. محمد جميح
لكي تقرأ القرآن وتفهمه يجب عليك أن تكون “مثقف” ملم بكل علوم المعرفة ، أولها في الأدب القديم “الجاهلي” والحديث ما بعد الإسلام وحتى اليوم أيضاً! أما من قال أن بالقرآن أخطاء لغوية فإنه لم يقرأ: “والراسخون في العلم يقولون كل من عند ربنا” … ومن كثرة قراءة القرآن وحفظه وتجويده وحبهم لكلام الله كان الصحابه رضوان الله عليهم: “يعرفونه كما يعرفون أبناءهم”! اللهم أجعل القرآن نور قلوبنا وقبورنا وشفيعاً لنا ، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من جاءك بقلب سليم موحد بإسمك العظيم!
مقالة جميلة متناسقة رااااءعة !! واكثر ما اذهلني المثالين الذين ضربتهما د جميح حول الاخطاء الاملاءية ههههههه والذي يعكس مشكلة اشاهدها شخصيا على صفحات القدس كلما قرات لبعض اليمين الليبرالي المتشدد حيث ينتقدون ما لم يدرسوه ! وما لم يفهموه وما لم يكلفو خواطرهم بمحاكمته بعد دراسة عادلة لدرجة انني عندما اقرا للاكليروس الاصولي المعادي للاديان استغيث باكثر المستشرقين تزمتا ضد الاسلام فقط ليفهموا ان اشد الناس عداوة درسوا على الاقل حتى ينجحوا ما ينتقدونه ولبثوا في ذلك عمرا !! فوالصورة الثانية صورة اخرى اشد دمامة وهي صورة من يفسر القرءان العظيم بقراءة ضحلة تعكس بؤسا ثقافيا مريعا وواحدا من اسباب الشقاء الثقافي والحضاري ان يتصدى لتفسير الكتاب العزيز الذي لا ياتيه الباطل من بين يديه ومن خلفه انعزاليون يعيشون خارج ظروف عصرهم ولا يفهمون دوافع من حولهم ولا يتقنون الا الصاق محدودية افهامهم بنص رفييع يحتل عقول وقلوب الملايين في مشارق الارض ومغاربها القرءان العظيم نص عابر للثقافات والحضارات وخطاب عالمي يظلمه نوعان من الخلق الذين يمثلون جاهلية القرن الحادي والعشرينالاصولية اليمينية الليبرالية المتزمتة المعادية للاديان والتي تعاني جهلا فاضحا في دراسةالاسلام كله وتصنفه عدوا وتلصق به كل انواع الدمامة الحضارية التي اجد ان ابرز نتوءاتها القبيحة هؤلاء الذين يقفزون قفزات بهلوانية ويتكلمون بمنطق لا اله ويفهمون بمنطق لا تقربوا الصلاة ! وينسون الا الله وينسون وانتم سكارى وهم سكارى مرض الغرور العمى والنسخ الثقافي بلا فهم والانتقاد بلا درس والاخرون ممثلين باصحاب الفهم الرجعي النصي الذي لا يلاحظ مقاصد النص القرءاني ولا يعلمون شيءا عن اليات التجديد القاءمة في هذا الدين كالقاعدة الشرعية التي تقول لا ينكر تغير الاحكام بتغير الازمان بل وايضا بتغير الاماكن لا يعرفون حرفا عن علم اصول الفقه علم التجديد والاجتهاد والنص ويحفظون نصف الاحاديث والايات لا كلها ويفتون الفتاوى ذات البلاوي د جميح نحن على ابواب مءة جديدة وقرن جديد اذن المهمة العالية تكمن فيما ورد عن ان الله يبعث على راس كل مءة سنة من يجدد لهذه الامة دينها والتجديد ليس حركة شخص ويطال فهم الشريعة والتكلم بلسان اهل الزمان والمكان وما ارسلنا من نبي الا بلسان قومه ليبين لهم وهذا لا يطال فقط اللغة بل انماط التفكير والفهم والتناول الذي يخص ثقافة ما نحن الان في مهمة انسانية نبيلة انها مهمة تجديد الدين مع الحفاظ على اصوله وهي مهمة لا تقل خطورة في زماننا عن مهمة زيد بن ثابت في جمع كتاب الله وانها لعمري لمهمة ينوء بحملها العصبة اولو القوة وتستثقلها الجبال فيا ايها النساء والرجال عزم كالجبال من اجل تغيير الحال الى افضل مءال
قارءتك المحبة غادة
د. محمد احببت ان اسجل في عجالة اعجابي الشديد بما كتبت، مقال رائع ويتناول موضوع هاااام جدا. فعلا لا يمكن دراسة القران دون السياق التاريخي وخاصة اسباب النزول وكذلك لا يمكن اهمال الفهم العصري للقران. اعتقد ان القران بطبيعته الاعجازية هو الذي يفرض على دارسيه الفم العصري والرؤية العصرية التي تواكب التطور، على عكس ما يدعيه العلمانيون بان الذين تحدثوا عن الاعجاز العلمي في القران مثلا، حملوا النصوص ما لا تحتمل وهذا غير صحيح على الاطلاق. من تجربة شخصية لي، حينما اتلو بعض الايات يخطر على قلبي معاني جديدة وانا هنا اتحدث اكثر عن الجانب الروحي التعبدي وقد ينطبق هذا ايضا على الجانب العلمي. فانا بدأت منذ فترة بقراءة متوازية للتفاسير القديمة والحديثة للقران وحاولت ان اربطها بفهمي الخاص للنص دون ان اجزم بصحة ما فهمته انا ولكن مجرد للتفكير بعمق. كم هائل من المعلومات والامور الخفية والمعاني العجيبة تثبت صحة المصطلح الذي اخترته انت بان القران نص مكثف ومكثف جدا جدا جدا وهذه هي البلاغة في اللغة، ان تعطي نصوص مكثفة ومختصرة معاني كبرى تتحدث عن التاريخ وقصص السابقين كما ورد في ( احسن القصص) وتتحدث عن الحاضر المعاش في عصر الرسول عليه السلام والصحابة وما بعدهم فتسرد لنا عن طريق اسباب النزول الواقع المعاس اثناء نزول الوحي كحادثة الافك مثلا وفضح المنافقين وكذلك يخاطبنا نحن بلغة عصرنا لغة العلم والاعجاز على سبيل المثال لا الحصر مراحل تطور الجنين ، مثال اخر ( لا اقسم بمواقع النجوم وانه لقسم لو تعلمون عظيم) ولنضع الف خط تحت لو تعلمون، اي ستعرفون انه قسم عظيم فقط حينما تعلمون اسرار هذا العلم، بلغة عصرنا علم الفضاء. ثم ان القران يحدثنا في البعد الاخر عن عالم الغيب، الموت والبعث والحساب والملائكة والجن والجنة والنار وكأننا نشاهدها، بطريقة لا يمكن ان يخترعها بشر. يجب تجديد الخطاب الديني والاعلامي لاننا في عصر العولمة والمثال الذي سردته عن ( يرهبون) خير دليل على ذلك.القران كتاب الله العظيم ذو الاسرار العظيمة. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا.
جاء المقال قيم و رائع … يجب أن يكون كذلك أو لا يكون. فالكتابة في موضوع القرءان تتطلب مستوى كبير يليق بأعظم و أرقى الكتب على الإطلاق.
ملاحظة: يا جماعة غياب أخونا الكروي داود طال فهل من جواب على السؤال؟
السلام عليكم..شكرا للكاتب على هذا الموضوع..ما أحوج المسلمين اليوم إلى مراجعة شاملة لكثير من التفاسير القديمة و ”التقليدية” غير أن تفسير القرآن المجيد و غربلة كثيرا من الأحاديث التي أسيئ تفسيرها أو أدخلت في أحاديث خير البرية محمد صلى الله عليه و سلم كذبا و زورا فشوهت أعظم دين أنزله الله لسعادة البشرية جمعاء..لكن كما قال الإخوة ليس كل من هب و دب يستطيع ذلك و لا حتى من درس الدين دراسية كافية،بل إنسان يختاره الله سبحانه و يعلمه من لدنه،فليدع كل مسلم بنية صادقة و قلب سليم أن يهديه إلى معرفته،فقد عرفه أناس و استهزأ به كثير و سينصر الله دينه الحق و لو كره الكافرون..هذا وعد الله و لن يخلف الله وعده كما قال في محكم تنزيله ”كتب الله لأغلبن أنا و رسلي إن الله قوي عزيز” صدق الله العظيم..
يظل القرآن كلام معجز وثابت وما دام كذلك فهو يصلح لكل العصور ولكن الأشكالية والتي تناولها الكاتب الفهم السطحي وتناول النص بطريفة تفتقر للمعرفة ومن هنا نحتاج لعلماء يقومون على نشر الفهم الصحيح لدلالات النص لكي لا نقع في الجهالة والأنحراف كما نشاهد اليوم من اجتهادات ساهمت في تشوية صورة الأسلام والمسلمين.
كلمة ارهاب هي ترجمة قاصرة لكلمة Terrorism. الترجمة الاقرب هي ترويع الآمنين وهو ما نهى عنه الاسلام. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه وإن كان أخاه لأبيه وأمه)). رواه مسلم. حتى انه نهى عن ترويع الحيوان فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، ومررنا بشجرة فيها فرخا حُمَّرة (طائر صغير كالعصفور)، فأخذناهما، قال: فجاءت الحمرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تصيح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من فجع هذه بفرخيها؟)) قال: فقلنا: نحن، قال: ((فردوهما)) رواه أبو داود (3300)، وقال الألباني: “صحيح”.
الارهاب الوارد في القرآن هو الاقرب الى مفهوم الردع العصري وهو السائد بين الدول لتأمين نفسها من العدوان.
اما عن التأويل في كل النصوص الدينية فهو غالبا لتمرير افكار معينة باستعمال النص المقدس بدون تغيير و لكن بالاحتجاج بمراميه او تكييفه مع المتغيرات العصرية. و قد رأينا كيف اشططت المذاهب الباطنية في التأويل الى الاختلاف القاتل وبدوافع غير بريئة.
من يفهم بلغة القرآن، يعلم أنَّ القرآن المعتمد هو المنقول من حافظ لحافظ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما الكتاب الذي بين أيدينا فهو نص اخترع علماء اللغة العباقرة لدينا طريقة تدوين لم تستخدم مع أي لغة غير لغة القرآن، من خلال جمع قراءات القرآن بالألسن العربية في نص واحد، ولذلك تلاحظ هناك فرق بين الكتابة الاملائية عن النص الموجود في الكتاب، وصحيح هناك الجذر رهب بل وحتى إرهاب في لغة القرآن ولكن هل لغة الإسلام تسمح بشيء له علاقة بالرهبنة والرهبان أصلا؟
ثم هناك علم اللغة الحديث، وهناك علم البرمجة اللغوية العصبية، وكل منهما يختلف عن الآخر، وأنا أختلف مع أهل علم البرمجة اللغوية العصبية 180 درجة، لأنّه ببساطة الإنسان شيء والآلة شيء آخر، فالمسيحي يعمل على نشر ثقافة التسامح من خلال مفهوم إذا ضربته على خده الأيمن فيعطيني الأيسر؟! بينما المسلم واليهودي يعمل على نشر ثقافة التكامل من خلال مفهوم السن بالسن والعين بالعين، هناك اختلاف ما بين الرجل والمرأة، كما هناك اختلاف ما بين اليهودية والمسيحية والإسلام، فمن يتعامل بما أنّهم كلهم يؤمنون بخالق، فيجب أن يتم التعامل معهم على أنّهم انسان واحد؟! بحجة المساواة؟! ولكن هذه ليست مساواة، هذه خلط متعمد للحابل بالنابل، للتعامل مع كل شيء على أنّه عديم الألوان؟! في حين على أرض الواقع هناك ألوان الطيف كاملة.
ثقافة الكتاب عنوان مقالة رائع للد سعيد يقطين نشرتها جريدة القدس العربي، لأنّه من وجهة نظري لخص إشكالية الراهب والمثقف والسياسي في دولة الحداثة للنظام البيروقراطي في عام 2016، فعملية الفهم من خلال التأويل بلا أسس لغوية لها علاقة بقاموس اللغة أو طريقة صياغة الجملة أو السياق التاريخي والجغرافي الذي تم به كتابة الكتاب، هي ما تؤدي إلى انحراف القارئ عن فهم الكاتب، ومن هنا نفهم سر موريتانيا في المغرب العربي وما يُقال عنها بلد المليون شاعر، ولكن السؤال لماذا إذن؟ مع وجود كل هذا العدد من المثقفين؟ والسياسيين من كثر عدد الانقلابات فيها، ومع ذلك، لم تظهر كدولة لها موقع على خارطة العلم العالمي إذن؟ في القرن العشرين أو القرن 21 مثلا؟!
يتبع….
…تكملة
هل تصبر على الظلم، أم تعمل على إيجاد حلول لإشكالية دولة الحداثة في نظام الأمم المتحدة البيروقراطي عام 2016؟ فقد أفلس النظام الربوي للديون بين المصارف والبنوك عام 2008 بسبب فساد القائمين على النظام السياسي، من أجل تأويل القوانين لصالح جهة على حساب المواطن والخدمات التي يجب أن تقدمها الدولة للمواطن مقابل ما فرضته عليه من ضرائب لتوفير تلك الخدمات، كما كان يحصل في الاتحاد السوفيتي والذي أدّى إلى انهيار الدولة وتفككها في 1991، ولذلك البنك الدولي فرض مفهوم الشفافية واللامركزية في طريقة تسجيل ما تم اعتماده في ميزانية الدولة، وتم تعيين نائب الرئيس الأمريكي آل غور لتسويق الشّابِكة/الإنترنت لربط مراكز المال وأسواق الأسهم من أجل إنعاش التجارة، ومشروع صالح لتطويع التقنية للمساهمة في الحلول؟!
في عام 2016 أهلا وسهلا بالعالم المواطن، فنحن لسنا في حاجة إلى العالم الراهب والمثقف والسياسي في عصر العولمة وأدواتها التقنية، فالإسلام هو القرآن والسُّنَّة وليس العمم وأصحابها، حيث إشكالية الفكر الشيعي والصوفي وبقية أهل شعار الوسطية، هو مفهوم الخُمس، ومن أجل جذب أكبر عدد من دافعيه لهم، يجب أن يكون هناك عدو لآل البيت من النخب الحاكمة، وخاطف لحقوقهم من المسلمين، وبهذه الطريقة أصبحت العمة السوداء ومن يتبعها من العمم البيضاء والخضراء، عالة على المواطن والوطن، ويجب التخلص منها، من أجل راحة العراق وإيران وسوريا ولبنان واليمن ومصر والكيان الصهيوني. فالإسلام الذي نعرفه، لا يحتاج إلى رهبان أو مثقفين أو سياسيين لكي يكونوا واسطة بيننا وبين لغة القرآن، وإلاّ ما معنى إعجاز بلاغة لغة القرآن.
الدولة أي دولة، تمثل لغة المجتمع، ومن أجل سعادة المجتمع ولمنع مسببات الفتنة بسبب مفهوم الصراع بين الأضداد الفلسفي حتى على مستوى الرجل (الـ أنا) والمرأة (الـ آخر)، أنا أفضل الحل الماليزي، الذي اعتمدته المحكمة الدستورية، بعد سجال عدة سنوات في المحاكم، وذلك في منع غير المؤمن بالله من خلال لغة القرآن والسنّة، من استخدام كلمة الله في كل ما يطرحه من آراء وأفكار، فكلمة الله في لغة القرآن لها 99 معنى، ليس منها رب من الأرباب بل هو رب الأرباب، وهو خالق الملحد والمنافق والكافر والمؤمن بأي شيء لو حتى كانت البوذية والكونفوشيوسية واليهودية والمسيحية، لأنَّ الدولة يجب أن تمثل ثقافة الـ نحن كما طرحتها سورة الكافرون في لغة القرآن أي تشمل ثقافة الـ أنا المؤمن وثقافة الـ آخر غير المؤمن؟!
ما رأيكم دام فضلكم؟
مقال قيم ورائع ولم أجد الكلمات لأعبر عن ما يجول في خاطري فيما خطت يدك يا أستادنا الفاضل بخصوص هذا الكتاب العظيم الذي سيظل معجزة المعجزات لرسولنا الأكرم والذي سيظل صالح لكل زمان ومكان إلى أن تقوم الساعة.