القروض البنكية: كوارث اقتصادية تلقي بظلالها على المواطنين في غزة

حجم الخط
0

 

غزة ـ «القدس العربي»: دفعت متطلبات الحياة وتدني الأجور مقابل غلاء المعيشة الكثيرين إلى محاولة تدبير حاجاتهم عبر أقصر الطرق، وهي القروض التي بدأت وتوسعت خلال السنوات الأخيرة، خاصة أن إجراءات الحصول عليها أصبحت أكثر سهولة من ذي قبل ولم تستغرق وقتا طويلا من غالبية البنوك والمؤسسات المصرفية التي تقوم بمنحها.
بالنسبة لجموع المواطنين في قطاع غزة، وفى ظل تأزم الوضع الاقتصادي بدأت الحاجة والرغبة في التخلص من الأزمة المالية التي طالت شريحة كبيرة منهم واللجوء إلى القروض ملاذاً وحيداً أمامهم للتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة رغم تسليمهم التام بمدى حرمتها في الجانب الديني وتأثيرها على الواقع المعيشي.
لا يرى الموظف أبو كامل والذي يعمل في القطاع العسكري مخرجاً لضائقته المالية غير اللجوء إلى قرض من أحد البنوك التي يتقاضى منها راتبه، في وقت لم يجد قريبا أو صديقا يساعده ببعض من المال لسد حاجته، لافتا إلى انه لجأ لاقتراض مبلغ 9000 دولار من أجل إنشاء بقاله صغيرة لأحد أبنائه والذي تخرج من الجامعة ولم يحالفه الحظ في الحصول على فرصة عمل تؤمن له مستقبله.
يقول أبو كامل خلال حديثه لـ «القدس العربي»: أتقاضى راتبا معدله 700 دولار أمريكي شهريا، والبنك يخصم منه ما يقارب 200 دولار لسداد القرض غير خصومات الكهرباء والمياه، ولكن في ظل الخصومات الحادة التي تفرضها السلطة على الموظفين والتي وصلت قيمتها لقرابة 50 في المئة أثرت بشكل كبير، إذ إن الخصومات من قبل البنك التي كان سببها القرض وعدم مراعاة ظروف تدني الراتب الذي أتقاضاه، أصبحت أعيش بلا راتب وتدهورت أوضاعي المعيشية للأسوأ. مؤكداً أنه بات يدرك مدى خطورة القروض من البنوك، لكونها كما يقول حرام شرعا فضلا عن أن الشخص سيرد قيمة القرض مضاعفة، لكن ظروفه السيئة هي من أجبرته على ذلك.
لم يختلف حال المواطن أبو أحمد والذي كانت علامات الندم على وجهه كفيلة بأن تروي قصة معاناته من تورطه بقرض، والذي يعمل كموظف ويتقاضى راتبا متدنيا بقيمة 550 دولارا أمريكيا شهرياً.
يقول: أبو أحمد لـ «القدس العربي»: لم أتمكن خلال 8 سنوات من اقتناء شقة للعيش أنا وعائلتي بعيدا عن دفع الإيجار الذي يفوق 200 دولار شهرياً، فقررت أن أمتلك قرضاً من البنك من أجل بناء منزل صغير يحتوينا أنا وأبنائي بدلاً من معاناة الإيجار واستنزافها.
وأضاف أبو أحمد «دفعتني الإغراءات المقدمة من البنك في بداية الأمر والتهويل الكبير في حجم التسهيلات المريحة رغم العلم والدراية الكاملة بمخاطر القروض وعواقبها إلى القيام بسحب قرض لبناء شقة في منزل العائلة، ولكن بعد عام من امتلاك القرض بدأت فعلياً أشعر بالندم الشديد، وذلك بعد أن ازداد الخصم ولم يتبق من راتبي إلا 70 دولارا فقط، في ظل الغلاء المعيشي وارتفاع أسعار مواد البناء التي لم تساعدني في إكمال بناء الشقة، ولم يتحقق مرادي من القرض إذ انني كنت مستور الحال فيما قبل».
وحسب خبراء اقتصاديون فان متطلبات الحياة المعيشية وارتفاع نسب البطالة أدت إلى إقدام أعداد كبيرة من الموظفين على تدبير أوضاع أسرهم من خلال القروض والتي تعتبر أسهل الطرق وأسرعها لتلبية احتياجاتهم وتلبية رغباتهم.
وأشار مدير عام الغرفة التجارية في غزة ماهر الطباع إلى أن سياسة الإقراض في البنوك والمؤسسات العاملة في غزة تطورت مقارنة بالأعوام الماضية نتيجة التسهيلات المصرفية في منح القروض.
وبين لـ «القدس العربي» أن القروض التي يقدم عليها المواطنون هي نوعان، استهلاكية وإنتاجية، حيث أن الإقبال الكبير يكون على الاستهلاكية لكونها تأتي في شراء احتياجات منزلية صغيرة كبعض الأجهزة الكهربائية وغيرها، في حين الإنتاجية تكون من أجل إقامة مشروع بغض النظر إن كان كبيرا أو صغيرا كافتتاح محل أو شراء سيارة بهدف جعلها مصدر دخل، ومن هنا تأتي مخاطر القروض الإنتاجية والتي تستنزف مبالغ كبيرة وأي خسارة فيها تؤثر بشكل كبير على أصحابها.
وفي الجانب الديني بين رئيس قسم الإفتاء في جامعة الأقصى في غزة د. عبد الفتاح غانم لـ»القدس العربي» أن القروض مهما كانت نوعها فهي محرمة في الشريعة الإسلامية حتى وان كانت لحاجات ماسة وضرورية كبناء منزل أو شراء سيارة لأنها تدخل تحت طائلة الربا والربا محرم شرعاً.
ونصح غانم جموع الموطنين وخاصة الموظفين الابتعاد عن القروض لأنها تلقي بأصحابها إلى الهلاك وهو ما يعيشه آلاف المواطنين في غزة اليوم الذين أنهكتهم القروض والديون وجعلتهم في أسوأ حال مما كانوا عليه.

القروض البنكية: كوارث اقتصادية تلقي بظلالها على المواطنين في غزة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية