عمان – «القدس العربي»: أثار تسرب الغاز من إيلات الإسرائيلية إلى مدينة العقبة الأردنية منتصف الأسبوع الماضي جدلا واسعا على مستوى خبراء البيئة في الجانب الأردني وسط غموض يحيط بطبيعة ما حصل بعدما ظهرت في سماء مدينة العقبة المجاورة لإيلات سحابة سوداء غريبة من الغاز الإسرائيلي المحترق تسببت بإصابة عشرات الأردنيين بالإختناق.
إثر الإعلان عن الموضوع وجه نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي انتقادات لاذعة للحكومة الأردنية اثر تعاملهم مع قضية تسرب الغاز إلى مدينة العقبة وتضارب الروايات الرسمية وإصابة أكثر من 80 مواطنا نقلوا لمستشفيات المدينة مساء الاربعاء.
وكالة الأنباء الأردنية «بترا» نقلت عن مصدر رسمي بان انتشار الغاز يعود لانفجار أحد آبار الغاز في منطقة إيلات الإسرائيلية ما أدى إلى تسرب كميات من غاز كبريتيد الهيدروجين ووصلت كميات منه إلى مدينة العقبة حيث لاحظها السكان.
مفوض الاستثمار والتنمية الاقتصادية في سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، شرحبيل ماضي أكد في تصريحات محلية أنه تمَّ رصد مقدار الغاز في أجواء العقبة، حيث وصلت نسبة تركيزه في الهواء إلى مستوى 80 جزيئا عند بدء حادثة التسرب، في حين أن النسبة الطبيعية أقل من 30 جزيئا.
وأشار إلى أن التعامل مع الغاز المنبعث من المصدر استطاع تخفيض النسبة خلال ساعة إلى 40 جزيئا.
وبحسب الوكالة الرسمية فإن هذا الغاز يتم خلطه مع الغاز المستعمل للطهي المنزلي كي ينبه برائحته إلى وقوع تسرب، ويعتبر ساما إذا ارتفعت نسبته في الهواء إلى معدلات عالية، الأمر الذي وضع الأردن لأول مرة تقريبا مباشرة مع إحتمالات التلوث في التنكولوجيا الإسرائيلية وهو موضوع تسكت عنه السلطات الأردنية السياسية منذ وقعت إتفاقية وادي عربة عام 1994 .
مدير دفاع مدني العقبة العقيد محمد الهباهبة أكد على وجود رائحة غاز منبعثة في أجواء العقبة مشيراً إلى ان مديرية الدفاع المدني أمضت وقتاً ليس بالقليل للبحث عن مصدر الغاز.
حصل ذلك فيما كان محافظ العقبة فواز ارشيدات ينفي وجود تسرب لغاز الأمونيا في العقبة، مؤكداً ان فرق الدفاع المدني واصلت البحث عن مكان التسرب وتحديده والذي استبعد ان يكون في العقبة، مضيفا انه لم يراجع المستشفى أي شخص يشكوى من أثر الغاز.
التناقض بدا واضحا في تصريحات الحاكم الإداري للمدينة فوفقا لمدير مستشفى الأمير هاشم العسكري العميد إبراهيم العمرو فقد تم استقبال 73 حالة إثر انتشار غاز غير سام ليلة الأربعاء على الخميس وهي حالات إصيبت بالإختناق وخرجت جميع الحالات بعد الكشف عليها، مشيراً إلى أنها تنوعت بين الشعور بالخوف والهلع والتحسس لمصابي الربو.
ورغم ان مؤسسات رسمية وأهلية في العقبة أعلنت حصول نحو 84 إصابة إلا ان نائب محافظ العقبة سامي المعايطة نفى لـ «القدس العربي» وجود حالات اختناق نتيجة تسرب الغاز في مدينة العقبة مشيرا الى ان بعض المواطنين من الذين دخلوا إلى المستشفى يعانون أصلا من أزمة تنفسية.
في الجانب الإسرائيلي أعلنت وزارة جودة البيئة إن 8 أطنان من غاز الأمونيا السام تسربت من إحدى المصانع الكيميائية قرب مدينة إيلات، ما ألزم إخلاء العمال والسكان في المنطقة بينما صرحت مديرية الدفاع المدني الأردني في بيان صحافي لها ان هذه المادة غير سامة وتأثيراتها الجانبية على صحة الإنسان بسيطة جداً.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الشرطة الإسرائيلية أحضرت حافلات لإخلاء مئات الأشخاص العالقين في مكان الحادث كما أفادت «القناة السابعة» الإسرائيلية أنه تم الطلب من سكان مستوطنات محيطة بمكان تسرب الأمونيا البقاء في بيوتهم بسبب خطورة المواد المتسربة.
وذكرت صحيفة «يديعوت احرنوت» الإسرائيلية أنه تم اغلاق الطريق السريع الموصل إلى حيفا من إيلات وإيقاف حركة السير قرب مستعمرة كفار يونا وسط انتشار رجال الانقاذ والشرطة في المنطقة، مشيرة إلى أن 27 من طواقم الانقاذ عملت على حصر التسرب الكيميائي.
وبيّنت التحقيقات الأولية أن التسرب ناتج عن قيام بعض العمال بقطع الأنبوب الذي يضخ هذه المادة السامة للمصنع.
وسبق أن حذّرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية من أن خزان الأمونيا الموجود بالقرب من ميناء حيفا والذي يمر بعسقلان إلى إيلات والذي يحتوي على 12 ألف طن من المواد السامة والقاتلة، يشكل تهديداً حقيقيا يقلق حياة مئات الآلاف من مستوطني حيفا وضواحيها.
وقالت الصحيفة، في تحقيق لها إن «خزان الأمونيا هو تهديد إسرائيلي خالص ومن صنع محلي». وأضافت «في هذه الأيام تحديداً التي يكثر الحديث فيها عن الحرب الإقليمية وعن سقوط مئات بل آلاف الصواريخ على إسرائيل، تبدو إسرائيل نائمة بالسماح بتعريض عشرات الآلاف من سكان الشمال لهذا الخطر».
الخبير في مجال الطاقة المهندس زهير صادق شكك بالرواية الإسرائيلية التي تحدثت عن تسرب في أنبوب نفط ناقل من عسقلان الى أيلات، مؤكدا ان حالات التسمم لا تحدث إلا من خلال الغاز.
وانتقد صادق اتفاقية الغاز التي وقعها الأردن مع الكيان الصهيوني التي لا تحمل أي ضمانة أمنية لاستمرار تدفق الغاز في ظل أوضاع ملتهبة خصوصا على المستوى الإقليمي متماثلا في رأيه مع رئيس هيئة الطاقة النووية الأردنية الدكتور خالد طوقان الذي صرح بان عدم وجود ضمانات للأمن البيئي يعتبر الهاجس الأكبر في إدارة مشروع النووي السلمي الأردني.
وقال ان النفط لا يصدر عنه أي تسرب خطير للغازات، وإذا كان الأمر كذلك فان أغلب العاملين في الحقول النفطية معرضون لخطر التسمم بالغازات، كما ان التجمعات السكنية القريبة من الآبار النفطية تكون هي الأخرى عرضة للمخاطر.
واستبعد نقيب الجيولوجيين السابق بهجت العدوان ان يكون سبب الغاز الذي انتشر في أجواء العقبة وأدى إلى حالات الاختناق طالت مئات المواطنين يعود إلى تسرب من أحد الآبار ، مؤكدا ان المنطقة خالية تماما من أي بئر للغاز.
ونفى لصحيفة «السبيل» المحلية فرضية اصطدام باخرة بأنبوب نفطي مشيرا إلى ان بقع الزيت ستظهر مباشرة على المياه.
ورجح ان يكون الغــــاز المتسرب هــــو من أنــــبوب أو خط ناقل للغاز هـــو ما أكدته الإذاعـــة الاســـرائيلية.
وقال «لا يمكن لوم أي جهة سواء الدفاع المدني أو غيرها حول حالات الاختناق التي حدثت نظرا لصعوبة التنبوء المسبق بأي حادث مماثل، وصعوبة توزيع كمامات غاز واقية على جميع الموطنين».
وأضاف العدوان أن الغازات المتسربة من النفط الخام تضم عددا من الأنواع أبرزها غاز الميثان البروبان والأكثر خطورة غاز كبريتيد الهيدروجين (أو سلفيد الهيدروجين) وهو مركب كيميائي عديم اللون قابل للاشتعال.
وأشار إلى ان هذا الغاز لا يمكن نقلة عبر الأنابيب أو الشاحنات حيث يجري التخلص منه فور استخراجه من الآبار النفطية.
الدفاع المدني صرح في بيان له بإن تسرب الغاز حصل نتيجة اصطدام مركبة بأحد أنابيب النفط الخام في إيلات، مما أدى إلى انتشار الغاز في الهواء ووصوله إلى منطقة العقبة .
وأضاف البيان بان عددا من المواطنين في مدينة العقبة، أبلغ دفاع مدني العقبة مساء الأربعاء بوجود رائحة غازات في الهواء وتحركت على الفور فرق الكشف عن المواد الكيمياوية من كوادر دفاع مدني العقبة وبالتعاون مع الأجهزة المختصة في المحافظة وبمرافقة مفوض البيئة حيث تم وبواسطة الأجهزة والمعدات الخاصة، فحص نسبة الغازات في الهواء، فتبين وجود نسبة من مادة النفط الخام المسال.
ونتيجة للتحري ومتابعة الأجهزة المختصة ومعاينة الهواء ومتابعة مصدر انبعاثه تبين أن المصدر هو من الجانب الآخر وتحديداً من مدينة إيلات. وبعد معرفة نوع المادة والمتمثلة بمادة النفط الخام سادت حالة الاطمئنان بين المواطنين لا سيما وأن أجهزة فحص الغازات في الهواء أثبتت انتهاء وجود أي آثار لهذه المادة حيث تشتتت بفعل الرياح والهواء في المناطق المفتوحة.
وزارة البيئة الإسرائيلية قامت بدورها وطمأنت المستوطنين المقيمين بمنطقة ايلات، وقدمت بيانا مفصلا حول الحادثة لـ «جمهور السكان» في حين تعذر الوصول لمسؤولين أردنيين لطمأنة أهالي محافظة العقبة في بداية الأمرعندما انتشر غاز الأمونيا في أجواء المدينة.
كارثة الأمونيا كادت أن تفتك بأرواح بعض المواطنين المصابين بأزمات تنفسية من أهالي محافظة العقبة ووزير الصحة الأردني الدكتور علي الحياصات يؤكد في تصريحات محلية بانه لا يعلم بكل الحادثة، في الوقت الذي ظهرت فيه تناقضات في التعليقات الرسمية مع بروز «قصور» في تقديم رواية متماسكة أو حتى الوصول إلى رواية جذرية توضح قصة غاز الأمونيا الإسرائيلي المحترق.
بالنسبة لنشطاء في مجال الطاقة ومعارضون لإتجاهات التعاون مع إسرائيل في مجال الطاقة لا قبل لعمان في الحصول على ضمانات حقيقية للأمن البيئي بصرف النظر عن صلابة التشريعات الأردنية. وحسب الناشط السياسي محمد حديد فإن إسرائيل على الأرجح لا تعترف بوجود شعب أردني في جوارها أصلا وبالتالي تساهم في تسميم وتلويث البيئة بإسترخاء فيما تغرق الحكومة ومؤسساتها بالعسل مما يعيد إستنساخ الحقائق القائلة دوما ان إسرائيل كانت وما زالت وستبقى هي العدو.
فور إندلاع حادثة تسرب الغاز الإسرائيلي في العقبة بدأت فرق فنية معارضة بالبحث عن المعلومات لتوثيق الإنتهاك الإسرائيلي وسط تجاهل الرأي العام عموما للرواية الرسمية المتناقضة للأحداث في الوقت الذي بدأ فيه أعضاء في البرلمان ممثلون لمدينة العقبة بشن حملة إنتقاد تطال وزير الداخلية حسين المجالي.
معايير الأمن البيئي هي الأهم في أي قراءة وطنية لما حصل في العقبة حسب المهندس صادق. والعديد من جمعيات البيئة بدأت تطرح تساؤلات وتبحث عن أجوبة في هذا السياق أملا في تحصيل إجابات مباشرة لتفسير ما حصل وللتوثق كما يقول الخبير سمير العواد من ان الحكومة الأردنية تتعامل بصرامة عندما يتعلق الأمر بمسائل حيوية وحساسة مثل البيئة مع شريك وجار السلام الإسرائيلي .
العواد يلفت النظر لقصور شديد في مجال الضمانات البيئية في نصوص إتفاقية وادي عربة عموما ويعتقد بأن القصور الأمني الذي كشفت عنه واقعة «مفخخات التجسس» الإسرائيلية في مدينة عجلون شمالي البلاد الشهر الماضي يوازيه على الأرجح قصور في النصوص المعنية بمسائل البيئة تحديدا وتحديد كيفية التصدي لها خصوصا وان إسرائيل وصناعاتها الثقيلة والنفطية مجازفة في هذا الإتجاه عندما يتعلق الأمر بجوار الضفة الغربية ولاحقا الأردن على الضفة الغربية لنهر الأردن.
حادثة غاز الأمونيا في العقبة أطلقت مجددا كل مرامي التكهنات عن أضرار إسرائيل على البيئة الأردنية وكثيرون يعتقدون ان ما خفي كان أكبر في الأساس.
إسلام أبو زهري
غاز كبريتيد الهيدروجين له رائحة البيض الفاسد رمزه H2S
غاز الأمونيا (المعروف بالنشادر)رمزه NH3
على ضوء ما كتبه الأخ شاهد عيان يبدو انه كبريتيد الهيدروجىين وهو غاز طبيعي اثقل من الهواء بينما الامونيا غاز مصنع واخف من الهواء
ويتطاير في الفضاء على شكل سحب بيضاء
الخلاصة من كل هدا ان اسرائيل حذرت مواطنيها من مخاطر الغاز في حين العرب تركوا لمصائرهم فليس لهم حكومات تهتم لهم او تقيم لهم اعتبار،يموتوا اختناقا او فقرا او قهرا فالامر سيان…
|نا كنت في العقبة وقت الحادث، وفي المنطقة العاشرة الأكثر تأثيرا بالغاز، لقد استمرت راحة البيض المعفن إلى حوالي 3 أيام، وكانت قوية بعد يوم من انتشار الغاز الكثيف يوم الأربعاء، مما يرجح ان هناك تسريب مستمر ودام لأكثر من يوم.