نواكشوط ـ «القدس العربي»: مثل انتشار البلاستيك في سبعينيات القرن الماضي المادة الخارقة التي تستجيب لكل القوالب والأشكال والتلوين بكل سهولة، اختراقا في عالم الصناعة، لكن لم يكن يخطر في بال أي أحد أن ليونة البلاستيك ستجعل صناعيين مجرمين يقدمونه أرزا أبيض لاستهلاك البشر. وهذا ما حدث في أسواق إفريقية، حيث أثار تسويق أرز مصنوع من البلاستيك في أسواق دول غرب إفريقيا خاصة جدلاً واسعة وعجت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في المنطقة بصور وتحذيرات من مخاطر.
وكانت شائعات انتشرت في 2016 حول تسويق أرز البلاستيك الذي يصعب التفريق بينه وبين الأرز العادي، وتأكدت الإشاعات قبل أشهر، ليتضح أن مصدر هذا الأرز هو دول آسيوية وأن وجهة تصديره هي دول منطقة غرب إفريقيا.
وتتحدث تقارير عن انتشار هذا الأرز المزور من نيجريا إلى موريتانيا مرورا ببوركينا فاسو والسنغال.
وقبل أشهر حذرت تدوينة على «الفيسبوك» من قيام صينيين بتصنيع كيماوي لأرز غريب، وتحدثت عن إحباط مؤامرة، قبل أن يتبعها مقطع فيديو منشور تحت عنوان «هؤلاء اللصوص يقتلوننا» أظهر أشخاصا في مصنع وهم يضعون كميات من البلاستيك في ماكينة، ليتم استخراج كميات منها تشبه الأرز الناصع، يتم تعبئتها في أكياس تحمل شعار ومعلومات الأرز الطبيعي.
ولم تمض فترة بعد ذلك حتى وجد هذا الأرز البلاستيكي طريقه إلى موائد السنغاليين، وخاصة وجبة «الأرز مع السمك» التي هي أشهر الوجبات في البلاد، غير أن السنغاليين سرعان ما لاحظوا أن الأرز يتعلك داخل الفم عند تناوله، كما لاحظوا أن حالات الإمساك الهضمي قد انتشرت بين السكان.
ورغم كلما حصل، فقد نفت السلطات الحكومية السنغالية وجود أي نوع من أرز البلاستيك على أراضيها أو داخل أسواقها.
غير أن الإشاعات حول انتشاره جعلت السلطات في دول غرب إفريقيا تشدد التدقيق في الأرز المستورد والمتداول، ووجهت الإعلام العمومي دعوات للسكان بأن يدققوا في الأرز الذي يستهلكونه.
وبعد ظهور حالات إمساك شديدة، أكد الدكتور انغوم في تصريحات لموقع «سنغوم» الإخباري السنغالي «أن مادة البلاستيك غير قابلة للهضم، وأن اختلاط الأرز بمادة «البوليمير» الكيماوية زاد عدد المرضى في المستشفيات.
والغريب أن تحقيقات صحافية في عدد من دول غرب إفريقيا، أظهرت أن الجشع ليس السبب وراء تصنيع وتسويق أرز البلاستيك لأن سعر الطن المتري من حبوب البلاستيك المعاد تدويره تتجاوز بشكل كبير سعر الطن المتري من الأرز العادي في الأسواق الدولية».
وفي ردود على قنوات فضائية أوروبية، أكد طباخون آسيويون أن لمس وذوق أرز البلاستيك لا يجعل المرء يكتشف مادته بل إنه سيعتقد أن أرز المطاط أرز من نوعية رديئة فقط».
وأكد علماء مختصون في السموم أن ابتلاع مادة «البوليمر» الكيماوية تجعل آكلها يلفظها بمجرد أن تحتك بأسنانه.
ويقول فيزيائيون آخرون «أن حبات أرز البلاستيك تطفو على الماء إذا خلطت معه لعجزها المؤقت عن اختراق تيار سطح الماء».
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، احتجزت جمارك نيجريا كمية من الأرز المشتبه فيه معبأة في 102 خشة بسعة 50 كلغ للواحدة، كانت هذه الكمية موجهة للأسواق في أعياد آخر السنة.
ومكنت التحاليل من تأكيد أن الأرز غير نظيف وأنه ممزوج بكائنات دقيقة وبالتالي لا يصلح للاستهلاك البشري، لكنها لم تثبت بأنه مصنوع من البلاستيك كما أشيع.
وأكد ناطق باسم جمارك نيجيريا «أن كمية كبيرة من الأرز المشتبه فيه، توجد في مخازن بالدول المجاورة، وهو أرز منتهي الصلاحية وخطير على الصحة العامة».
وفي موريتانيا، نفى وزير الثقافة والصناعة التقليدية الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد الأمين ولد الشيخ في تصريحات قبل أيام قليلة ما سماه «شائعة متداولة حول وجود أرز بلاستيكي في موريتانيا».
وأكد «أن اللجنة الوزارية التي شكلت لدراسة الموضوع، توصلت إلى معلومات بأنه لا يوجد أي صنف من أصناف أرز «الزنكلونيا «وغيره»، مؤكدا «أن جميع ما في الأسواق الموريتانية صالح للاستعمال ويتوفر على معايير الجودة المطلوبة»، وفق تعبيره.
غير أنه حذر «من تسرب أرز منتهي الصلاحية من إحدى الدول المجاورة التي أعلنت في وقت سابق عن دخول حوالي 20 ألف طن من الأرز غير الصالح للاستعمال، إلى أراضيها».
كل شعب لا ينتج ما يأكل يستأهل ذلك وأكثر.