لا يستغرب الناظر للمنجز الشعري الذي تنتجه الشواعر العربيات حين يجد صعوبة في وضع ملامح تدلل على هذا المنجز لأسباب بعضها نقدي ـ ثقافي يرتبط بنظريات الهوية والانتماء والجندر والأنا والآخر والذات والكينونة وأنساق الهيمنة والإقصاء وبعضها الآخر اجتماعي ـ ثقافي له صلة بضواغط السياسة والتدين والإعلام والمجتمع والاثنية وغيرها.
وهذا ما سيظفر به المتمعن في تجارب الشواعر العربيات سواء اللائي يكتبن الشعر عن هواية وانبهار أو اللائي يكتبنه عن تمرس واحتراف وتعبوية وضمن المرحلة الراهنة التي تعني المزامنة في الإبداع والاستمرار في العطاء معايشة ومداركة، وما دام النص الشعري يزامن الواقع ويعاصره ويماشيه فهو راهن.
ومما لا شك فيه أن مفردة «الراهنة» ليست نظيرة الحالية أو مرادفتها لأن الحالية تعني الآنية والآنية هي اللحظة بكل معطياتها الدالة على سرعة الزوال والانطفاء والانقضاء بينما الراهنية تتجاوز تلك الآنية باتجاه الحراك والتحرر الإبداعي سواء بالتخلص من سلطة الزمن أو بالتملص من سلطة المثال وإلزامية الانضواء تحت صورة أو نموذج شعري.
وهذا الإقرار بالراهنية ونفي مسألة الزمن ستجعلنا في منأى عن التقسيمات الشعرية بحسب الوقائع التاريخية من حرب أو حصار أو تغيير ما دام الشاعر يزامن بأدبه واقعه ويماشيه ويحاذيه فهو محسوب على المرحلة الشعرية الراهنة سواء أ كان مولده ستينيا أم سبعينيا أم ثمانينيا أم تسعينيا.
وبهذا تتيح الراهنية إمكانيات النظر بعين غير تاريخية، والهدف رؤية الواقع الشعري في استمراريته ومداومته، كي نضع المحصلات والظواهر التي تميز هذه المرحلة تزامنيا لا زمنيا.
ولا تنطوي الراهنية على أي إقرار بالتجييل الذي يصنف الشعر تصنيفا زمنيا يعتمد على المؤثرات السياسية والمراحل المجتمعية التي تجعل الإبداع الشعري مرهونا بها وتبعة من تبعاتها بينما تماشي الراهنية النتاج الشعري غاضة الطرف عن تلك التأثيرات والمؤثرات وهذا ما يجعل الإبداع حيا متدفقا غير موقوف على زمنية ما أو مكانية معينة.
وبهذا تسهم الراهنية في إبقاء عطاء الشاعر مشرعا لا يقر بحدود التاريخ ووقائعياته لأنه في الأصل ليس معنيا بالتأريخ وإلا ما كان لقصائد الشعراء الكبار أن تخلد وتستمر في اشعاعيتها إلا لكون الإبداع لا يقر إلا بالتزامنية التي فيها خلوده وتجدده واستمراره والشاعر المجيد هو الذي يظل عطاؤه متعديا حدود الزمان والمكان منحازا ومتحفزا للأدب ووظائفيته.
وتتجلى خطورة التجييل في انشداده إلى التوثيق وعدم اهتمامه بالمزامنة الأدبية التي فيها علامات الثراء في الكتابة حيث لا تحديدات تاريخية ولا ارتهانات قطعية ولا تداعيات غير إبداعية. وما هذه الرؤية للإبداع في إطارها التزامني الراهني إلا تجل من تجليات المنظور ما بعد الحداثي الذي لا يقر بالتجييل.
ومن هنا تصبح التوصلات والاستنتاجات المبنية أو المؤسسة على التجييل محض رؤى أدعائية تتبنى نهجا غير موثوق به كون القاعدة تظل هشة بسبب مطاوعتها السير باتجاه التخندقات والتكتلات والانتماءات والتوريثات الشعرية وما إلى ذلك وحري بالنقد أن يتعالى على هذا كله… ناهيك عن كون الإقرار بالتجييل مصطلحا يضع أمامنا تركة ثقيلة بعضها سياسي بتداعياته الإيديولوجية وبعضها تاريخي بانحيازاته وسلطويته الأرشيفية والتوثيقية البعيدة عن الرصد والتحليل والتشخيص.
وإذا سلمنا بأن نتاج الشعر هو نتاج راهني لا جيلي؛ فإن هذا النتاج نفسه قد اعتراه وبشكل غير منصف اهتمام جنوسي جعل النتاج الذكوري طاغيا ومعمما على النتاج الأنثوي فما من مسلمة أو معلومة نقدية عن الإبداع الشعري إلا ونجدها تصاغ في ظل نقد ذكوري يحضر فيه المذكر صوتا عاليا طاغيا على حضورية الصوت المؤنث.
وهكذا فان ما تكتبه المرأة العربية في مرحلتها الراهنة يستدعي حتما وإلزاما تشخيص صوتها الإبداعي ليكون حاضرا شأنه شأن الصوت الذكوري، توكيدا لخصوصية هذا الإبداع ومتعلقاته وإثباتا لوجوده وتحديدا لهويته.
وانطلاقا من وعي نسوي بأهمية أن تكون للمرأة الشاعرة خصوصيتها الإبداعية نصطنع هنا مفهوم «القصيدة المؤنثة» وصحيح أن الحديث عن تأنيث القصيدة سبق وأن تحدث عنه الناقد د. عبد الله الغذامي كمشروع وصفه بأنه نقلة نوعية من نقد النصوص إلى نقد الأنساق لكن مشروعه للأسف لم يلق تأييدا أو ترحيبا فقد جوبه بالصمت إن لم نقل بالرفض.
وقد استعمل الناقد الغذامي مفهوم «القصيدة المؤنثة» وهو بصدد التأشير على انعتاق القصيدة الحديثة من العمود إلا إننا نرى أن القصيدة المؤنثة أوسع من أن تتحدد بالتمرد على النظام الإيقاعي. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الناقد الغذامي لم يقصر هذه القصيدة في حدود المفاهيمية التأنيثية بل وسّع المفهوم ليشمل المؤنث والمذكر معا.
ونخالفه الرأي كون هذه الرؤية التنظيرية رهن بالنسوية أو النسائية وليس بالأنثوية ومن ثم تغدو تقسيماته الرباعية للقصيدة داخلة تحت مفهوم النسوية وليس الأنثوية.
وعموما فإن اجتراحنا للقصيدة المؤنثة لا نبغي به تأييد الناقد الغذامي في دعواه؛ إلا من منطلق ما يؤكده الواقع الشعري من أن حضور المرأة هو حضور فاعل ومركزي. وبغية ان تكون «القصيدة المؤنثة» إظهارا لحقيقة الإبداع الأنثوي وإمكانياته.
اذ بالقصيدة المؤنثة تكشف المرأة عن انعكاس الواقع فيها امتلاء أو تقشفا لذة أو مرارة لتكون متنا فاعلا ومؤثرا وليست هامشا مهملا محتلة مركزية الحضور الإبداعي وصدارته تماما كالإبداع المذكر الممتلك لمركزية الحضور وصدارته دوما.
وإذا كانت القصيدة المؤنثة تعني الإبداع الأنثوي الذي يحتل مركز الفاعلية في الصياغة الأسلوبية للشعر، فإن القصيدة النسوية تعني الإبداع الشعري الذي يجعل المرأة مركزا سواء أكان صاحب الإبداع رجلا أو امرأة ولهذا عددتُ نزار قباني وزهير بهنام بردى شاعرين نسويين.
وإذا كنا قد توصلنا إلى هذا التوليف النظري بناء على التمييز النقدي بين مصطلحي النسوية والأنثوية؛ فإن علينا توطين متعالقات هذا التوليف لـ»القصيدة المؤنثة» متسائلين: كيف تبدو رؤيا العالم من وجهة نظر الشاعرة أهي خارج مألوف أم هي داخل مألوف؟ وإذا كانت القصيدة مرآة لحالها فهل هي بذلك تهادن الشعر أو تضاده؟ ثم ما تكنيكات القصيدة المؤنثة الراهنة في كتابة الشعر؟
بدءا فإن ما يؤكد أحقية توصيف القصيدة بأنها مؤنثة، أن الموهبة مؤنثة والحياة والحقيقة والهوية كذلك مؤنثات والمرأة تصر أن يكون لها في الإبداع مكانة أولى لا تالية.
والمشوار الإبداعي الذي تخوضه المرأة الشاعرة هو مشوار إثبات وجودها الممتد في جذوره بالأرض وما كفاحها وجهادها إلا بحث عن هوية كيانها وفاعلية صوتها الذي طُمس أو انمحى عبر العصور.
ولقد شهدت الشعوب في طفولتها الأولى حضورا مهيمنا للمرأة في مشهد الحياة فهي السيدة والإلهة لكنها ما أن شاركت الرجل السيادة والإلوهية حتى صادر منها صفاتها وأزاح دورها الامومي لتتغلب الأبوة وهكذا اعتلى الرجل سيدا على عرش الحياة معلنا للأبد أن زمن الانوثة قد ولى وهكذا سادت القوة وانتهت البراءة وتراجعت الحكمة.
ومنذ ذلك الزمن هُمشت المرأة وغُلبت وصارت هي الخادمة والجسد الذي لا روح له وهي الغواية لا الهداية والهوية الناقصة لا المكتملة والمستسلمة لا الثائرة.
وما التعميم الإبداعي من دون فاصل جنوسي والشيوع النقدي في تصوير تداعيات الإبداع وتداولها بلا ركيزة تحددها إنما هو من قبيل التغاضي عما للإبداع الأنثوي من خصوصية وما هذا التغاضي إلا قصور وحبس مؤبد أو أسر مدى الحياة. ولا سيما إذا أخذنا بنظر الاعتبار طروحات النقد الثقافي ومفاهيمه ومنظوراته الثقافية فإننا سنكون مطالبين بقوة وحزم بأن لا نقيس الشعر بمقاييس جاهزة وشاملة وتعميمية كوننا نريد الشعرية بلفظها المؤنث.
والسبب أن القصيدة صادرت الشعر والأنوثة باغتت الفحولة باعتداد، معرّية التقولات التي تدعي أن لا وجود لقصيدة مذكرة أو مؤنثة أو المسلمات التي تغمط حق المرأة ولا تريد الإقرار بالحضور المؤنث في الشعر والتي تقيس الشعر على وفق ما تشتهي الذكورة وترتجي قامعة الأنوثة في حقيقتها مظهرة منها السطحي والمزيف.
ناقدة وأكاديمية من العراق
د. نادية هناوي
اذا كانت الجمله فيها مفردة القمر المذكر ومفردة الشمس المؤنثه .. فالمنطق والقانون يمنح للذكوريه حالية الحركه والمشهد ويمنح للانثويه راهنيتها .. اي ان المشكله تخص عيون الناقد في حال رؤيتة للحاليه الذكوريه اعظم من الراهنيه الانثويه .. على كل حال .. في ثنائية القمر والشمس .. ذكورية القمر تتقمص الدور الرجولي النسبي في عتمة الليل .. بينما الدور الرجولي المطلق تتقمصه انثوية الشمس في ضوء النهار .. المشكله هنا ان العربان اليوم يعيشون في يوم طال ليله …
هل فعل تخمير راس الانسان يتعارض مع المصحف؟؟
******
من معاجم اللغه .. الخمار او تخمير الشيء فيه دلاله على الغطاء او التغطيه .. اما الضرب ففيه دلالة على الابدال (كما نقول “اضرب مثلا” .. اي ابدل شيء مكان شيء اخر) ..
****
الان .. ليس منطقيا ان نفهم جملة (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) كما لو كانت (وليضربن من خمرهن على جيوبهن) او كما لو كانت (وليدنين عليهن من خمرهن)..
***
بناء على ما تقدم .. انا افهم معنى (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) هو ابدال تغطية الراس بتغطية الجيوب
***
اما موضوع الجلابيب (جلب يجلب جلباب) ففي لفظ (الجلباب) دلالة على زي يرتدى لجلب معين .. وادناء الشيء هو عكس اعلاء الشيء .. واعلى شيء في جسد الانسان هو الراس .. يتبع ..