القوات الشعبية السورية ميليشيا إيرانية جديدة

حجم الخط
0

منهل باريش: علمت «القدس العربي» أن اتصالات مكثفة بين قيادة «وحدات حماية الشعب» والجنرال قاسم سليماني أفضت إلى انتشار الميليشيا الجديدة المسماة «القوات الشعبية السورية» في مناطق عفرين، والتي تتشكل أساسا من الميليشيات الشيعية المتمركزة في نبل والزهراء.
ويأتي الانتشار بمثابة «جس نبض» الجانب الروسي الذي اعترض سابقا على انتشار «القوات الحكومية « في حال بقيت «الوحدات» الكردية في عفرين. ووافق على عملية «غصن الزيتون» التي شنتها تركيا وأشركت فيها فصائل «درع الفرات»، معتبرا أن من حق تركيا الدفاع عن أمنها القومي، وهو الكلام الذي سمعه قائد «وحدات حماية الشعب» مع الأركان الروسية، في موسكو مطلع تشرين الأول (أكتوبر) الماضي سابقا، وتكرر في المحادثات الأخيرة في مدينة حلب بينه وبين ممثلين عن النظام وموسكو.
ومع تضارب الأنباء حول انسحاب «وحدات حماية الشعب» من مناطق حلب الشرقية في الهلك والشيخ مقصود والأشرفية والحيدرية، أكد مصدر مقرب من المقاتلين الأكراد انسحابهم من كل الأحياء المذكورة عدا حي الأشرفية، فهو بقي تحت سلطة «الوحدات».
مسؤول هيئة العلاقات الخارجية في «مقاطعة عفرين»، سليمان جعفر، نفى في تصريح لـ«القدس العربي» تسليم القوات الكردية «أي قطعة سلاح»، ووصف دخول النظام إلى عفرين بـ«الاتفاق العسكري مع الوحدات، وهو دليل على مصداقية طرح الإدارة الذاتية بأن عفرين منطقة سورية، وتسقط كل الترهات التي يفبركها المتصيدون بالمياه الضحلة والذين يشيعون أن الكرد انفصاليون».
ومع احتدام المعارك والتقدم المتسارع للجيش التركي وحلفاؤه من فصائل الجيش الحر، وحول قرار الوحدات بالاتفاق مع النظام السوري، أضاف جعفر: «قامت بدعوة الجيش السوري للقيام بواجبه لحماية السيادة السورية. على مبدأ لماذا اللف والدوران من جنيف وأستانة. فلنتفاوض مباشرة لإنقاذ منطقتنا، ولماذا كل التنظيمات والمعارضات تجري مباحثات من تحت الطاولة ومن فوقها مع النظام وتركيا، ولماذا هو حلال لهم وحرام علينا؟ لذلك وافقنا على تمركز الجيش السوري على الحدود الدولية فقط».
الاتفاق بين الوحدات الكردية والنظام السوري انعكس بشكل واضح على تحالف قوات سوريا الديمقراطية، «قسد»، في منطقة عفرين، إذ غادر مقاتلون من جيش الثوار (أبرز فصائل الجيش الحر المنضوية في تحالف قسد) مناطق عفرين باتجاه مناطق سيطرة حركة نور الدين الزنكي عبر خط الاشتباك القريب من جبل الشيخ علي، والذي اتخذه الجيش التركي نقطة مراقبة حسب مناطق «خفض التصعيد».
وأكد الناطق الرسمي في جيش الثوار، أحمد السلطان، أن 50 مقاتلا من فصيله غادروا مناطق قسد إلى مناطق سيطرة الزنكي، ولفت في حديث مع «القدس العربي» أنه قام شخصيا «بترتيب خروجهم إلى منطقة قبتان الجبل بعد أن اتخذ تعهدات بعدم التعرض لهم والسماح لهم بالإقامة في مناطق سيطرة الزنكي». وعلل انسحابهم بـ«عدم قبولهم البقاء في منطقة يسيطر عليها النظام السوري فنحن أساسا محاربون ضد النظام ونحن تجمعنا في منطقة عفرين بعد أن قاتلتنا جبهة النصرة ولاحقتنا».
من ناحية أخرى تبادلت الحكومة التركية الاتهامات مع النظام السوري وقسد بشأن القصف الجوي التركي لقافلة على طريق حلب عفرين، وصفته المصادر التركية أنه استهدف رتلا للقوات الكردية المتحركة من حلب إلى عفرين، في حين اعتبرها إعلام النظام «قافلة إنسانية أرسلها إلى عفرين»، وهي مساعدات إنسانية وقافلة تضامن مدني وشعبي مع المدنيين السوريين في عفرين.
عسكريا، تقدم الجيش التركي سريعا في الأسبوع الأخير وزادت القرى التي سيطر عليها بمساندة من فصائل العسكرية إلى نحو 75 قرية، ووسع سيطرته في المناطق السورية في عفرين، وتمكن أيضا من وصل ناحيتي راجو وادمانلي غرب عفرين، وأكمل السيطرة على تل تيلور في ناحية جنديرس.
ويحتاج الجيش التركي الآن إلى السيطرة على ناحيتي ميدان إكبيس وشيخ الحديد لإتمام السيطرة على المناطق الحدودية المشتركة مع سوريا، حيث تقع ميدان إكبيس في الزاوية الشمالية الغربية المحاذية لتركيا وريفها، لوصل منطقة شانكال بمنطقة ادمانلي. وتتوسط شيخ الحديد المنطقة بين راجو وجنديرس وهي الأقرب إلى محافظة إدلب ومعبر باب الهوى أيضاً.
وتسارعت التطورات الميدانية مع فتح جبهة جديدة انطلاقا من الأراضي المتاخمة لمنطقة أطمة وقاح باتجاه عفرين شمالا، وشاركت فصائل «الزنكي» و«أحرار الشام» و«فيلق الشام» بالهجوم على «قسد» في ذلك المحور، وتمكنت من السيطرة على قرى قيلة (القريبة من نقطة المراقبة التركية الأولى في صلوة)، تل سلور، الديوان التحتاني، ديوان الفوقاني، مضايا، مدايا، والمحمدية، ما شكل ضغطا ناريا كبيرا على ناحية جنديرس وخفف عن باقي المحاور المتعثرة كثيرا بسبب جغرافيتها الجبلية.
التعارض الإيراني ـ الروسي في عفرين أصبح واضحاً وسيزداد تعقيدا خلال الأيام المقبلة، فروسيا التي أطلقت يد تركيا في عفرين تريد هزيمة الحليف الأمريكي، هزيمة تصدع العلاقة بينهما شرق الفرات وليس في عفرين فقط، ولذلك لن تفضل المخرج الذي يبحث عنه النظام في عودته إليها ونشر قواته على الحدود مع الجيش التركي.
إيران من جانبها تفضل استعجال انتشار الميليشيا التي شكلتها حديثا لقطع الطريق على تركيا ومنعها من التوغل في عمق عفرين، بل ستفضل أن تسيطر عسكريا وتقيم قواعد عسكرية على الحدود مع تركيا في أول تقدم لها منذ بدء الحرب السورية. وفي هذا محاولة لتحجيم النفوذ التركي في سوريا ومنع وصل منطقة درع الفرات في إدلب عبر الشريط الذي تسعى إليه، وبذلك فإنها تفضل وصل المنطقتين عبر تل رفعت ونبل والزهراء وصولا إلى عندان.
التوافق التركي ـ الروسي الكبير في ملف عفرين قد يهدد تحالف موسكو وطهران بشكل كبير هذه المرة، وسيكون استمرارا لسلسلة اختبار العلاقة بينهما، والتي نجحا دائما في تجاوز عقباتها. لكن فرق الحسابات المعقدة في عفرين سيؤدي نهايةً إلى تفاهمات أوسع تذهب ضحيتها «الوحدات» الكردية، وربما تسفر عن خروجها من كانتون عفرين إلى شرق نهر الفرات.

القوات الشعبية السورية ميليشيا إيرانية جديدة
إيران تتمدد إلى الحدود التركية في عفرين:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية