الكرات الباردة والساخنة!

حجم الخط
0

عندما علق مدير المسابقات في الاتحاد الاوروبي لكرة القدم جورجيو ماركيتي على ادعاءات التلاعب بقرعة المسابقات الاوروبية، وتحديدا قرعة دوري أبطال اوروبا، فانه لم يتمالك نفسه من الضحك، معتبراً أن الأمر مجرد مزحة.
وكون نظرية المؤامرة دائماً تسيطر على مشجعي اللعبة وعشاق الأندية الكبيرة، فأنها تصبح بمثابة حقيقة ويقين عندما يقع فريقهم أمام احد الكبار، أو يصطدم بعملاق آخر كان من المفترض أن يلقاه في المباراة النهائية وليس في الدور ربع النهائي، على غرار ما حدث بين ريال مدريد وبايرن ميونيخ في القرعة الاخيرة للتشامبيونزليغ. وقبلهم ملأ أنصار أرسنال الانكليزي مواقع التواصل الاجتماعي بفرضيات التلاعب بالقرعة، وساندهم كثيرون من أنصار الفرق الاخرى، بعدما اصطدم في قرعة دور الـ16 لدوري الأبطال مع بايرن ميونيخ للمرة الثالثة في السنوات الأربع الاخيرة، والذي دفع الى اعتبار ان الامر مرتباُ، كون أرسنال في السابق كان يحل ثانيا في مجموعته، ويرضى بلقاء أحد أبطال المجموعات الاخرى، لكنه هذا الموسم تصدر مجموعته، واعتقد أنصاره أنه سيلاقي أحد فرق قوى الصف الثاني، لكنه للغرابة وقع حظه ضد البايرن مجدداً.
لكن ما أضفى الشكوك، بل أكدها الى حد اليقين، وتأكيد التلاعب بقرعة المسابقات الاوروبية، هو تصريح رئيس الاتحاد الدولي للعبة السابق «الفاسد» جوزيف بلاتر، الذي قال الصيف الماضي أنه كان شاهداً على التلاعب بقرعة المسابقات الاوروبية باستخدام الكرات الساخنة والباردة، على اعتبار ان الذي يختار بامكانه التفرقة بين الكرتين امام باختيار الباردة وتفادي الساخنة أو العكس، كي يوجه اليويفا القرعة مثلما يريد، طبعاً هو ما نفاه ماركيتي مدير المسابقات في اليويفا واعتبرها مزحة، لكن تغليق بلاتر قادني الى أكثر من تحليل.
أولاً، السبب خلف كشف بلاتر هذا الأمر هو تلويث سمعة الاتحاد الاوروبي، في وقت كانت الحرب محتدمة بينه وبين رئيس اليويفا ميشيل بلاتيني، تخللتها حملات تبادل الفضائح والتنكيل بالآخر، فكان دور بلاتر بابراز فساد صديفه القديم، معتبراً أن هذا الأمر لم يحدث مطلقاً تحت ادارته في مسابقات الفيفا. لكن أهم ما اثارني هو أن بلاتر يعترف بأنه شاهد هذا الامر يحدث (أي التلاعب بالقرعة)، وبالتأكيد فانه كان في وقت كان رئسياً للفيفا وفي عز قوته، رغم أنه لم يحدد متى، ومع ذلك فأنه لم يعترض، ولم يلفت نظر «صديقه» بلاتيني، ولم يعتبر الأمر فساداً، ما يعكس مدى عمق أزمة المصداقية والفساد الذي كان ينهش كرة القدم عموماً والفيفا واليويفا خصوصاً.
طبعاً من السذاجة اعتبار الأمر حقيقة مطلقة، رغم أن مدير المسابقات ماركيتي اعتبر أن الامر مستحيلاً لانه لن يرضى أي نجم سابق يستدعيه اليويفاا أن يقوم بعمليات التلاعب واختيار الكرات الباردة والساخنة، مثلما هو أيضاً من السذاجة أن لا شيء مثل هذا يحدث، خصوصاً أن بعض النجوم، مثل النجم الانكليزي السابق والاعلامي الحالي غاري لينيكر تحدث عن «الكرات الساخنة والباردة» منذ سنوات، مع التذكير أن ليست كل قرعة يتم فيها التلاعب، وليست كل الأوعية في القرعة المتلاعب فيها تحوي كرات باردة وساخنة، وأعتقد أن هذه الامور بدأت تحدث في قرعة دوري أبطال اوروبا، حيث آثر اليويفا توجيه القرعة لاختيار الفرق الشعبية، وضمان وصولها الى الأدوار اللاحقة، بدل العشوائية في القرعة والتي قادت في السابق الى انتاج نهائي 2004 بين الفريقين الاقل شعبية بين الكبار موناكو الفرنسي وبورتو البرتغالي، وزادت الوتيرة بعد ذلك بعد احتكار الانكليز للادوار اللاحقة، فكان القرار التخنيق عليها بالقوانين، وأيضاُ ضمان وصول اما برشلونة أو ريال مدريد او الاثنين معاً الى الدور النهائي، لضمان استمرار شعبية اللعبة، وبالتالي زيادة المداخيل عبر الرعاة ومالكي حقوق البث في العالم، فهناك 4 أو 5 أندية في أوروبا يجب أن يكون بينها واحد على الاقل في المباراة النهائية، كي يضمن اليويفا حضورا عالميا كبيراً لنهائي مسابقته.

twitter: @khaldounElcheik

الكرات الباردة والساخنة!

خلدون الشيخ

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية