اللغة الخشبية تسمية شائعة تطلق على كل كلام شفوي أو مكتوب مؤلف من عبارات جوفاء لا علاقة لها بالواقع، وتطلق هذه العبارة عادة على لغة الساسَة. والمفارقة أن من يستعمل اللغة الخشبية من ساسة، أو غيرهم، يعتقدون وهم يستعملونها أنهم يبدعون في توصيف الواقع ولكنهم لا يحركون ثبيرا.
وعبارة اللغة الخشبية التي ابتدعها الروس الثوريون لوصف كلام القيصر استخدمت ضدهم، إذ وصف خطاب أصحاب ثورة الأمس أيضا باللغة الخشبية. وتكون لغة أولي الأمر منا خشبية أيضا وقد تكون ناعمة حسب المناسبات والأزمات. وسواء أكانت اللغة خشبية أم حريرية، فإنها في هذه السياقات تستعير وصفها من مادة أولية صلبة أو ناعمة، استعارة تؤكد أن اللغة أقدم هي من أقدم الآلات التي تصنع السلطة وأصنامها؛ فبالكلام يصنع الإنسان سيده ويبني في الآن نفسه صنما لعبادته. وباللغة يتحرر الإنسان أيضا من أصنام صنعها بنفسه، لكن تحريره باللغة أعسر من أن يبني بها أصنام عبوديته.
بالكلام نبني أكوانا كثيرة: أكوانا من الحب وأخرى من الكره وثالثة من السلطة والعبودية. اللغة تصنع السلطة بطريقتها هي، لا تكتفي بتثبيتها فقط، بل هي تصنعها وتصنع معها تماثيل المستبدين المتغطرسين، ويساهم الخاضعون في الغالب بقسط كبير في توفير الطين اللغوي الذي تبنى منه الأصنام.
ارتبط معنى الصنم في الاستعمال بالسلطتين الدينية فالسياسية، وما تزال هاتان الجهتان أكبر مشغليْن لإنتاج الأصنام. صحيح أن الأديان الموحدة كسرت بفؤوس الأنبياء والصالحين أصنامَ الشرك المادية، غير أنها لم تستطع أن تكسر صنما قائما في الذهن مصنوعا من طين اللغة، من لغة الطين. هي لغة طينية لأن فيها جميع صفات الطين وميزاته الفيزيائية، وحتى الرمزية، فهي لغة تكون أول أمرها لينة العريكة وحين تيْبَس تصبح حجرية كالأصنام من الصعب زحزحتها؛ وهي طينية لأنها لا تبنى منها الأصنام وحسب، بل يُنفخ فيها صانعها من روحه اللغوية لتخلق كائنا سياسيا أو دينيا معبودا إلى ما شاء أن يعبد: هذه هي تماثيل اللغة.
أول مادة لهذه اللغة الطينية تُصنع بها التماثيل هي الأسماء. صحيح أن الأسماء اعتباطية لا شيء في مدلولها يبرر استخدامها لمدلول معين غير أنها هي عمود صناعة الأصنام اللغوية، إذ تصبح ألقابا ثابتة وأسماء مسكوكة بمجرد أن تعلق بكل سلطة أو سلطان نعبده. لا شك في أن لكثير من أسماء الملوك والسادة الوقع نفسه الذي كان لأسماء الآلهة، مثل اللات والعزى ومناة عند من كان يعبدها. حين يذكر عبدة الأصنام أسماءَ أربابهم يغشى على أسماعهم ويقع الروع في قلوبهم، كذلك تفعل أسماء الرؤساء لدى عبدتهم. لقد صنعت العقول العابدة تماثيل بالأسماء لاكَتْها مدة وما تزال تفعل حتى بعد فنائها. العَبدةُ لا يعترفون لهؤلاء بأخطائهم التي ربما اعترفوا هم بها، ينزهونهم عن أن يُخطئوا. يصبح الاسم هو المسمى بشحمه قبل لحمه. الحديث في حضرة هؤلاء ثقيل يُتحايل فيه على اللغة فيستعمل ضمير الغيبة وتخترع الأدوات وفي لغات أخرى يُستعمل له ضمير الجمع، وتضاف إليه الصفات، فعبارة مولاي التي تعني مطلق الخضوع هي العبارة الأسنى في تاريخ المخاطبات القديمة ما من عبارة أفضل منها في وصف العبودية. وأغلب الألفاظ التي تستخدم في المخاطبات القديمة الموجهة إلى الساسة هي ألفاظ مستمدة من قاموس العبودية. فمولاي وسيدي ومرادفاتهما في اللغات هي عبارات استخدمت في عصر اللادولة بين العبد ومولاه، وحين صار الأمر للدولة لم تتغير العبارات ولم تنقص العبودية إلا نزرا وقُنعت وصار الخليفة والأمير سيدا لبشر لم يشتروهم، بل هم من سخروا أنفسهم لهم.
وبالإضافة إلى الأسماء تَصنع طُرُقٌ في القول أصنامَ الساسة والأسلوب الأقرب إلى صناعة تلكم الأصنام هو الأسلوب الإنشائي. أكثر الأساليب النافخة في ربوبية أصحاب الأصنام من السلطة هو الأمر. لقد ابتُدع الأمر لكي تطلب به سلطة عليا من شخص أدنى أن يحقق لها ما تنويه وتريده. أسلوب الأمر هو أسلوب مفضل كي ترغب الأصنام ولا تفعل عليها فقط أن تصدر أمرا لمعبوديها ولسدنتها فيحققونه ولا تردد. الأمر عمل لغوي لازِمُ القول فيه – كما يقول التداوليون اليوم- لا تَرَمْرُمَ فيه، هو فعل نافذ ولا حول ولا قوة لمن طلب منه تنفيذه. مجاز الأمر يُحمل على الحقيقة فحين يقول الصنم لعابده: «الزم دارك» مثلا في معنى (أغرب عن وجهي) سيفهمها المسؤول حرفيا وسيلزم داره لا يغادرها. وحين يقول له :أغرب عن وجهي سيفهمها في معناها المجازي لأنه لا معنى حقيقيا لها. وحين يقول له إذهب إلى الجحيم سيتمنى أن تكون هناك جحيم حتى يغور فيها إلى الأبد طاعة.
الخبر لا يصنع الأصنام السلطانية كالإنشاء، هو أسلوب ثوري يمكن من كسر الصنم: في أسطورة شهرزاد كسر الحكي وهو خبر شهريار شوكته وجعله كائنا كالبقية بالخبر تفتت صنمه. الأخبار تكسر الأصنام إن كانت تنتقم منهم بالقص الخفي الممنوع، ولكنها وهي تكسر تلك الأصنام تحوك حولها الأساطير فتعيدها إلى شدتها أو أعتى.
وما يصنع الصنم لغويا هو التوجه إلى السلطان بكلام يكون فيه المتحدث لا طالبا، بل متضرعا كأنما يدعو ربه. إن الدعاء أسلوب يتحدد بعلاقة يكون فيها العبد في رتبة الضعيف الذي يشخص إلى رب أعلى مكانا ومكانة، لا يطلق البيانيون لفظ الدعاء إلا على الكلام من العابد إلى المعبود الحقيقيين. حظر النحاة والبلاغيون ومن بعدهم المتكلمون على السلطان لفظ الدعاء بفَرَمان نحوي /بلاغي.لكن ماذا يسمى دعاء العبيد لملوكهم، بأن يمنوا عليهم؟ يفتحوا لهم باب الخير والمن والسلوى؟ هناك فراغ اصطلاحي فهذا القول ليس بالطلب، إذ هو ليس بين ندين، وليس أمرا لأن الأمر لله ولأولي الأمر منا، وليس دعاء لقداسة الدعاء فما تراه يكون؟ لا شيء أنه شيء كالدعاء لكن يقوله المؤمنون على استحياء ويشتبه الأمر على العابدين.
يمكن أن نجد في الخطاب الموجه إلى السائس أو الموجه منه عناصر كثيرة تصنع فارقية المتعالين عن صنعة أصنامهم، ولا تقرب الصلة مهما تفانى العابدون؛ بل يمكن أن نقول إن كل ما في الخطاب من عناصر لغوية تقرب ظاهرا المسافة، هي في الحقيقة تصنع البون وتحنط العلاقة وتثبتها في صورتها العلوية. فأول عبارة يقولها السياسي في خطابه الموجه إلى الشعب فيها إبعاد أو تمْسِيف على حد عبارة «بريخت»، هذه العبارة هي: أيها المواطنون. وأول عبارة يوجهها من يخاطب إلى الرئيس أو الوزير ومن لبس بزتهم تزدان بصفة، يقولون: فخامة الرئيس، ودولة الرئيس، ومعالي الوزير، وسعادة السفير.. هذه عبارات تحاك فيها الصفة مع موصوفها حياكة رفيعة كالألبسة الرفيعة التي تميز أصحاب المقامات الرفيعة أو كالنياشين التي تجمل صدور الكبار ممن رضيت الدولة عنهم. لم يفكر الساسة في زيادة صفة إلى المواطنين في خطاباتهم، ظلت فقيرة فقرا يميزها من نعومة النعت وفخامة الصفة التي لديهم. فقر اللغة نقيض أبهتها.
٭ أستاذ اللسانيات في الجامعة التونسية
توفيق قريرة
اللغة وصناعة الأصنام : بصراحة إنه أفضل مقال لحضرتك نشرفي عام 2018.ليس لثيمته المضمونية فقط بل لصياغته وعرضه من السهل الممتنع.وسأقف عند قولك : { صحيح أن الأديان الموحدة كسرت بفؤوس الأنبياء والصالحين أصنامَ الشرك المادية، غير أنها لم تستطع أن تكسر صنما قائما في الذهن مصنوعا من طين اللغة، من لغة الطين }.ياسيدي المحترم لغة الأصنام بعث الله لها بنبيين كريمين من كباررسله الكرام.الأول : سيدنا إبراهيم الخليل في أوروبابل من العراق القديم.بعث لهداية وافحام قومه يومذاك من ( المجادلين ) بالباطل.فالجدل من المراء ؛ والمراء من الكفر.لذلك حذّرسيدي رسول الله من المراء في القرآن ؛ لأنه يؤدي إلى الفتنة.والفتنة من الكفر.
وأصنام قوم إبراهيم ؛ ليست أصنامًا من حجرأوخشب بل هم من البشر…المجادلون المخادعون لبني قومهم من أجل الاستحواذ عل أموالهم ؛ بعد الولاء لهم بالخداع.الثاني : سيدنا الكليم موسى ابن عمران في مصرالقديمة ضد فرعون والملأ والسحرة.لأنّ فرعون وقومه كانوا يجيدون سحرالكلام السياسيّ الدعائيّ…{ يتبع } :
إنّ لفظة السحرفي القرآن لم تأتِ إلا بمعنيين فقط ؛ لا ثالث لهما : # السحربمعنى قلة الخيروالعطاء.مأخوذ من قولهم ناقة مسحورة.أي قليلة اللبن.وهذه هي التهمة التي أشاعها ( أوليجاركية ) قريش من كبارالتجار؛ ضد سيدي رسول الله بمكة : { إذْ يقول الظالمون : إنْ تتبعون إلا رجلًا مسحورًا }( الإسراء 47).أي مفلس ليس لديه شيء يعطيه لكم.وتكررت مقولتهم تلك في سورة الفرقــان الكريمة في الآية ( 8 ). # السحربمعنى الخداع بقلب الباطل إلى ظاهرمقبول كذبًا ؛ وقلب الحقّ إلى باطل مقبول إفكًا.كسحرة فرعون كما في سورة يونس الآية ( 81) : { فلما ألقوا ؛ قال موسى : ما جئتم به السحرإنّ الله سيبطله }.وألقوا من الإلقاء والخطابة…ولهذا قيل للسحرة : البطلة.أي التي يكون عملها باطلًا…كما في الحديث بشأن سورة البقرة :{ ولا تستطيعه البطلة }.أي السحرة.ومن هنا سمّي الشعرباطلًا أي سحرًا ؛ لأنه مليء بالعذوبة الكاذبة ومبالغات الخيال…لقد وردت لفظة { السحر} في القرآن ( 23 ) مرّة ؛ ولم يخرج معناها عن أعـلاه…والخليل والكليم عليهما الصلاة والسّلام ؛ كسرا لغة الكفروالشرك الظالم ؛ من جدل عقيم وسحـركلام.ولوراجعنا كلّ عبارات الحكام اليوم في الشرق والغرب لم تخرج عما كان سحرة فرعون يخاطبون به فرعون رمسيس الثاني.كذلك الجدل من أجل تحقيق وضمان المصالح الخاصة ؛ لن يخرج عما جاء بلغة قوم إبراهيم. إنّ القرآن لا يأتي إلا بما له علاقة بالإنسان ؛ الفرد والمجتمع ؛ لا الجماد ولا الحيوان.
لغتك الكتابيه فذه يادكتور جمال تعمل العقل بعيدا للتفكير في المعاني التي طرحتها لكن تحديدا ماذا تعني هنا بالأصنام يادكتور ؟
أنا اختلف مع العنوان (اللغة وصناعة الأصنام) 180 درجة، لماذا؟ والأهم هنا معرفة لماذا، لأن على أرض الواقع، الفكر هو من يصنع أي شيء كرمز/صنم بواسطة الـ أنا، واللغة (كلاماً أو تدويناً)هي من تعمل على تسويقه للـ آخر، دولة الحداثة تم اكتمال تأسيس نظامها البيروقراطي مع الثورة الصناعية الأولى والثانية والثالثة والآن بعد ما حصل في 2014 بواسطة الشركة الأمريكية آي بي أم من خلال منتجها واتسون وصلنا إلى الجيل الرابع، التي حوّل واتسون منطق الآلة من منطقها الثنائي (0/1) والذي كانت من خلاله تحاكي كيفية أداء عضلات الإنسان في أي وظيفة، إلى منطق لغوي لمحاكاة الإنسان في عقله بالإضافة إلى عضلاته في أداء أي وظيفة.
سبحان الله على تغيّر الأوضاع على أرض الواقع بين ما حصل أثناء ولادة الجيل الأول وما حصل أثناء ولادة الجيل الرابع في معنى المعاني بتغير السياق الزمني والمكاني، لأن وقت الجيل الأول من آلات الثورة الصناعية الدولة العثمانية وقفت ضد دخول أي آلة من الآلات حفاظا على حقوق أهل المهن والحرف والصناعات بداية من مهنة التدوين اللغوي، فتم منع ادخال المطابع، بينما نجد أن الرئيس التركي (بمشروعه الفاتح) لإيجاد حل من أجل تخفيض وزن الحقيبة المدرسية بواسطة تقنية الآلة، وفي سنغافورة (مشروع القدوة) كحل آخر من أجل تخفيض وزن الحقيبة المدرسية، كانت هي حجر الأساس لكل التطبيقات الإليكترونية للوصول إلى الحكومة الإليكترونية، التي جعلت دولة الإمارات تقوم باعلانها عن تعيين أول رجل أمن آلة (روبوت) وأول طبيب آلة (روبوت) عام 2016 وفي السعودية في نهاية عام 2017 عند تقديم مشروع نيوم الاعلان عن تجنيس أول آلة روبوت (كمواطن) في السباق بين دول العالم من هو الأكثر حداثة من الآخر؟! وفي الصين خصوصا بعد 2008 قامت بالاعتماد على تطبيقات الذكاء الصنعي للآلات، في إدارة الدولة إلى مستويات خرافية، لتقييم حتى من له حق تأشيرة الخروج لزيارة أي دولة، السؤال المنطقي والموضوعي وبالتالي العلمي، في دولة الحداثة من هو عالة على من؟ وهل نقبل بحكم الآلة /العالة؟ أو هل يقبل من يجلس على كرسي السلطة من موظفي الدولة، العمل بلا أجر مثل الآلة، كيف سيستطيع تكوين الأسرة أو الشركة لإنتاج أي منتج، إن كان بشري أو مادي، يكون ذو عائد اقتصادي لو تم عرضه في أي سوق حر بلا واسطة ولا محسوبية ولا رشوة بداية من لغة الجسد (الحب) في العولمة والاقتصاد الإليكتروني
أنا اختلف مع العنوان (اللغة وصناعة الأصنام) 180 درجة، لماذا؟ والأهم هنا معرفة لماذا، لأن على أرض الواقع، الفكر هو من يصنع أي شيء كرمز/صنم بواسطة الـ أنا، واللغة (كلاماً أو تدويناً)هي من تعمل على تسويقه للـ آخر، دولة الحداثة تم اكتمال تأسيس نظامها البيروقراطي مع الثورة الصناعية الأولى والثانية والثالثة والآن بعد ما حصل في 2014 بواسطة الشركة الأمريكية آي بي أم من خلال منتجها واتسون وصلنا إلى الجيل الرابع، التي حوّل واتسون منطق الآلة من منطقها الثنائي (0/1) والذي كانت من خلاله تحاكي كيفية أداء عضلات الإنسان في أي وظيفة، إلى منطق لغوي لمحاكاة الإنسان في عقله بالإضافة إلى عضلاته في أداء أي وظيفة.
سبحان الله تغيّرت الأوضاع على أرض الواقع بين ما حصل أثناء ولادة الجيل الأول وما حصل أثناء ولادة الجيل الرابع في موقف الحاكم بتغير السياق الزمني والمكاني، لأن وقت الجيل الأول من آلات الثورة الصناعية الدولة العثمانية وقفت ضد دخول أي آلة من الآلات حفاظا على حقوق أهل المهن والحرف والصناعات بداية من مهنة التدوين اللغوي، فتم منع ادخال المطابع، بينما نجد أن الرئيس التركي (بمشروعه الفاتح) لإيجاد حل من أجل تخفيض وزن الحقيبة المدرسية بواسطة تقنية الآلة، وفي سنغافورة (مشروع القدوة) كحل آخر من أجل تخفيض وزن الحقيبة المدرسية، كانت هي حجر الأساس لكل التطبيقات الإليكترونية للوصول إلى الحكومة الإليكترونية، التي جعلت دولة الإمارات تقوم باعلانها عن تعيين أول رجل أمن آلة (روبوت) وأول طبيب آلة (روبوت) عام 2016 والسعودية في نهاية عام 2017 عند تقديم مشروع نيوم الاعلان عن تجنيس أول آلة روبوت (كمواطن) في السباق بين دول العالم من هو الأكثر حداثة من الآخر؟! وفي الصين خصوصا بعد 2008 قامت بالاعتماد على تطبيقات الذكاء الصنعي للآلات، في إدارة الدولة إلى مستويات خرافية، لتقييم حتى من يحق/يمنع تأشيرة الخروج له لزيارة أي دولة، السؤال المنطقي والموضوعي وبالتالي العلمي، في دولة الحداثة من هو عالة على من؟ وهل نقبل بحكم الآلة /العالة؟ أو هل يقبل من يجلس على كرسي السلطة من موظفي الدولة، العمل بلا أجر مثل الآلة، كيف سيستطيع تكوين الأسرة أو الشركة لإنتاج أي منتج، إن كان بشري أو مادي، يكون ذو عائد اقتصادي لو تم عرضه في أي سوق حر بلا واسطة ولا محسوبية ولا رشوة بداية من لغة الجسد (الحب) في العولمة والاقتصاد الإليكتروني
حيّ الله أهل قطر: أختي فاطمة المحترمة أشكرك.إنّ الأصنام من الفعل صنم ؛ صنّم : أي صوّت.وأصنام قوم النبيّ إبراهيم كان سلاحهم جهورية الصوت في الجدال لذلك سمّاهم القرآن : الأصنام.والمجادل غالبًا ما يرفع صوته في احتدام الجدل مع خصمه كنوع من محاولة فرض الهيمنة على المقابل.كما أنّ الجلسة الطويلة أمام المجادل المطاع ؛ تجعله عليهم كالصنم ( الثابت ) في مقعده ؛ وهم ينظرون إليه ويستمعون لساعات.ومن دلالات الأصنام : صنم ؛ صنّم : الرائحة النتنة.لأنّ المجادلين من قوم النبيّ إبراهيم ؛ كانوا يجمعون الأتباع للحديث إليهم في أماكن خاصة ؛ والاجتماع المزدحم غالبًا تسوده أجواء الرائحة النتنة للأنفاس الكثيرة.ولذلك يرشون المعطرات في أماكن الاجتماع المزدحمة حتى اليوم ؛ لمحو أو لتخفيف الرائحة الكريهة.مأخوذة أصلًا من صنّم الصنم إذا ذبحوا حوله النذور…فتكون رائحة الدم نتنة بعد حين.لذلك جمعت لفظة صنم ؛ أصنام كلّ هذه المعاني في لفظة واحدة.وهذه هي طريقة القرآن.لفظ واحد يعطيك صورًا شتى ؛ حتى مطلع الفجر؛ كالاشعاع المنير.ولا يزال وسيبقى في نفسي شيء من حتى.بقيّ شيء مفيد القول به.أنّ الأصنام الجامدة لم تظهرفي عهد النبيّ إبراهيم بل ظهرت على يد عمروابن لحي الخزاعيّ.وذلك قبل الإسلام بنحو150 سنة. فهوالذي جاء بأصنام الحجارة من بلاد الشام وأدخلها إلى جزيرة العرب ؛ وغيّردين إبراهيم الخليل ؛ وفي الحديث النبويّ : { رأيت عمرو ابن لحي يجرّقصبه في النار}. لذلك لا علاقة للنبيّ إبراهيم عليه السّلام بأصنام الحجارة والخشب الجامدة ( الرّوح ).كما قالوا.مع المودّة للجميع.
احييك دكتور توفيق على حرصك على الطرافة الموضوعية والمنهجية فيما تتناوله بالكتابة والتحليل…واحيي من خلالك اساتذة اعزاء في الجامعة التونسية….وفي مقدمتهم د/ عبد السلام المسدي شعلة الدراسات اللغوية واللسانية في العالم العربي من اقصاه الى اقصاه…وزملاء اعزاء جمعني بهم حب البحث ومحراب المعرفة في دراسات وندوات لن تنسى ذكرياتها مهما طالت فترة التباعد وعدم اللقاء….؛ واريد ان اشير فقط الى مسالة في هذا الموضوع وتتعلق باستقرار بعض المدلولات على نمط لفظي لازال يعكس حمولات ارتبطت بالاستعباد والظلم الاجتماعي والسياسي…، الا ان التتبع الدقيق للتطور الدلالي في لغات كثيرة سيكشف لنا انه لم يرتكز في جانب مهم منه على التخلص من الالفاظ والتعابير التي وضعت ابتداء لمعاني بعينها …ثم حولت جزءيا او كليا لمدلولات مشتركة او منفردة مختلفة على سبيل النقل او المجاز….مما جعل ارتباطها بالمعنى الاصلي منعدما اوضعيفا على الاصح…ومن ذلك لفظ سيدي يالفرنسية الذي تحول من الخنوع بمفهوم الرضوخ والاستعباد الى مجرد الاحترام الذي يكتسي صبغة روتينية في الغالب..، وهناك الفاظ لا يدل منطوقها الظاهر على خلفية الاحترام الذي يكتسيه الشخص او المؤسسة الموصوف بها…ومنها مفهوم نقيب المحامين او رءيسهم الذي يؤطره بالفرنسية..اسم :batonier..ومعناه الحرفي او السطحي في العربية حامل العصا…بينما مدلوله التاريخي والحقيقي يشير الى واقعة عرفها تاريخ القضاء الفرنسي عندما رفع محامي مشهور وكان متقدما في السن عصاه في وجه القضاة اثناء احدى الجلسات من باب الاحتجاج …ولكن ليس من مسافة قريبة…وشكرا استاذنا الفاضل.
اؤيد الاخت فاطمة من قطر..انا منبهر للمعاني والرؤية الجديدة لتعليقات الدكتور جمال.بعد قراءتها احتفظ بها بارشيفي.نحتاج لهذه الدماء الجديدة في الفكروالتاريخ والثقافة.كيف اتواصل معك يادكتور البدري؟
تحياتي لك أخي قسطنطين المحترم : التواصل الأفضل عبر جريدة القدس العربيّ.فهي واحة العرب في المشرق والمغرب وفي بلاد المهاجر.