التقطت صحيفة «تايمز» البريطانية استنتاجا مهما في تعليقها أمس الأربعاء على صدور حكم بالمؤبد على القائد العسكري الصربي السابق راتكو ملاديتش بقولها إن «جرائم مشابهة لتلك التي ارتكبها ملاديتش تحدث في ظل النظام المنحرف للرئيس بشار الأسد في سوريا».
فالحكم على جزار البلقان الشهير، المسؤول عن حصار سراييفو وجرائم حرب وإبادات جماعية عديدة أشهرها مذبحة سربرينيتسا التي قتل فيها قرابة 8500 بوسني مسلم عام 1995، يعني، في جملة ما يعنيه، أن العدالة ممكنة، وأن عين الإنسانية لا يمكن أن تغفل عن المسؤولين الكبار حين يقترفون أفعال الإجرام المعمم الذي يستهدف شعوباً وعروقاً وأدياناً، وأن هذه الجرائم المهولة لا يمكن أن تمرّ من دون حساب، وأن كبار القتلة والطغاة من الزعماء والرؤساء والقادة العسكريين الممرغين بدماء الأبرياء والمدنيين والأطفال ليسوا فوق القوانين الأممية والشرائع التي تعارفت عليها الإنسانية.
المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة أدانت ملاديتش بجرائم تشمل القصف والقنص في سراييفو والقتل والاضطهاد والتعذيب، وكان رد السفاح الشهير متوقعاً: لقد سبّ القضاة بشتائم مقذعة واتهمهم بالكذب، وهذا أمر رهيب لأنه يقول عمليّاً إن ملاديتش، وأمثاله في البلقان وغيرها كثيرون، يعتبرون أن أفعالهم الفظيعة تبرّرها حقوق قوميّة أو دينيّة أو جغرافية، وهذه مسألة لم تستطع البشريّة بعد أن تتجاوزها، والدليل القاطع عليها هو ما نراه في بلداننا، من إجرام على طبعتين: الأول تمثّله إسرائيل، وهي أيضاً ترتكز في بنائها الأيديولوجي على فكرة حقّ إلهيّ في الأرض، والثاني يمثّله طغاة المنطقة، كما هو حال الأسد، الذي تفوّق كثيراً على ملاديتش، فقد استجلب جيوش الاحتلال الأجنبية لمساندته ضد الثائرين عليه، وقصف شعبه بالأسلحة الكيميائية والقنابل المحرمة والصواريخ والبراميل، ودمّر مدناً وشرّد الملايين… ورغم كل ذلك، لم تستطع العدالة الدولية أن تطاله بعد.
لا تلخّص سيرة ملاديتش حكاية البلقان وحدها بل حكاية العالم، فهذه المنطقة العجيبة كانت في قلب الأحداث العالمية كما كانت مختبراً كبيراً لإمكانيات الإنسانية في التعايش الإثني والديني، كما لإمكانيات الحروب التي تمحو الخرائط وتهجّر الملايين وتفتح أبواب المآسي التي تبتلع شعوباً وتغيّر مصيرها للأبد، فهذه المنطقة التي كانت تحت السيطرة العثمانية التي تركت آثارها العمرانية والحضارية واللغوية، ما لبثت أن وقعت تحت سيطرة الإمبراطورية النمساوية المجرية عام 1878 وشهدت مقتل وليّ عهد الإمبراطورية فرانتز فرديناند وزوجته في عاصمة البوسنة والهرسك، سراييفو، على يد ناشط صربي، عام 1914 وهو الحدث الذي فتح أبواب الحرب العالمية الأولى (التي قادت بدورها للحرب العالمية الثانية).
لملاديتش وجنونه الإجرامي دور في إنهاء الحرب البوسنية فقد أدّت مذبحة سريبرينتسا عام 1995 إلى بدء الحملة الجوية لحلف الأطلسي ضد جيش جمهورية صرب البوسنة في آب/أغسطس 1995، ورافقها هجوم بري لتحالف الكروات والبوسنيين وبعدها تم هجوم بري عقبته اتفاقية دولية لوقف الحرب وذلك بعد أن قتلت أكثر من 110 آلاف شخص وتهجير حوالي مليوني شخص عن مناطقهم.
وهو ما يدفعنا للتساؤل: لماذا لم تتوقف المذبحة السورية المستمرة حتى الآن، وكيف استطاع العالم هضم جرائم الأسد؟
رأي القدس
لسنا ضد العدالة مطلقا ولكننا ضد الانتقائية الفاضحة في اقرار تلك العدالة المغيبة فادا كنا قد رحبنا باصدار حكم المؤبد على القائد العسكري الصربي راتكو ملاديتش بفعل جرائمه المروعة والفظيعة في حق مسلمي البوسنة في بداية التسعينيات الا ان دلك لا يجعلنا راضين عن عمل هده المحكمة بفعل افلات العديد من عتاة المجرمين عبر العالم من العقاب فهل ما فعله مجرم الحرب بوش وزمرته من المحافظين الجدد وخادمهم طوني بلير في حق العراق والعراقيين يقل اجراما عما فعله المجرم ميلادتش؟ من منا لا يتدكر ملجا العامريةالدي قصفته الطائرات الامريكية وادى الى مقتل المئات من المدنيين العراقيين؟ وهل ما ترتكبه العصابات الصهيونية في قتل يومي وتهجير وتشريد في حق الفلسطينيين مند 60 سنة تقريبا لا يستحق المحاكمة؟ ومادا عن اليمن؟ الا يستحق قتلة اليمنيين المحاكمة العاجلة بفعل جرائمهم المروعة والفظيعة؟ ومادا عن الطغاة العرب الاخرين الدين يجثمون على صدور الشعوب العربية؟ لسنا ضد العدالة ان كانت تستهدف جميع المجرمين ولكننا ضد الانتقائية التي شوهت قيم العدالة ولهدا سنبقى نشكك في النوايا الحقيقية لمحكمة الجنايات الدولية الدي تقتصر احكامها على الصغار دون الكبار؟
لا تنسوا قائد القوة الكندية هناك … الذي كان يرتشي من الصرب .. وكانت الرشوة هي الفتيات البوسنيات .
ولما افتضح الامر .. استدعته كندا وكأن شيئا لم بحصل..
ولا حول ولا قوة الا بالله