المؤبد لجزار البلقان: العقبى لطغاتنا؟

حجم الخط
12

التقطت صحيفة «تايمز» البريطانية استنتاجا مهما في تعليقها أمس الأربعاء على صدور حكم بالمؤبد على القائد العسكري الصربي السابق راتكو ملاديتش بقولها إن «جرائم مشابهة لتلك التي ارتكبها ملاديتش تحدث في ظل النظام المنحرف للرئيس بشار الأسد في سوريا».
فالحكم على جزار البلقان الشهير، المسؤول عن حصار سراييفو وجرائم حرب وإبادات جماعية عديدة أشهرها مذبحة سربرينيتسا التي قتل فيها قرابة 8500 بوسني مسلم عام 1995، يعني، في جملة ما يعنيه، أن العدالة ممكنة، وأن عين الإنسانية لا يمكن أن تغفل عن المسؤولين الكبار حين يقترفون أفعال الإجرام المعمم الذي يستهدف شعوباً وعروقاً وأدياناً، وأن هذه الجرائم المهولة لا يمكن أن تمرّ من دون حساب، وأن كبار القتلة والطغاة من الزعماء والرؤساء والقادة العسكريين الممرغين بدماء الأبرياء والمدنيين والأطفال ليسوا فوق القوانين الأممية والشرائع التي تعارفت عليها الإنسانية.
المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة أدانت ملاديتش بجرائم تشمل القصف والقنص في سراييفو والقتل والاضطهاد والتعذيب، وكان رد السفاح الشهير متوقعاً: لقد سبّ القضاة بشتائم مقذعة واتهمهم بالكذب، وهذا أمر رهيب لأنه يقول عمليّاً إن ملاديتش، وأمثاله في البلقان وغيرها كثيرون، يعتبرون أن أفعالهم الفظيعة تبرّرها حقوق قوميّة أو دينيّة أو جغرافية، وهذه مسألة لم تستطع البشريّة بعد أن تتجاوزها، والدليل القاطع عليها هو ما نراه في بلداننا، من إجرام على طبعتين: الأول تمثّله إسرائيل، وهي أيضاً ترتكز في بنائها الأيديولوجي على فكرة حقّ إلهيّ في الأرض، والثاني يمثّله طغاة المنطقة، كما هو حال الأسد، الذي تفوّق كثيراً على ملاديتش، فقد استجلب جيوش الاحتلال الأجنبية لمساندته ضد الثائرين عليه، وقصف شعبه بالأسلحة الكيميائية والقنابل المحرمة والصواريخ والبراميل، ودمّر مدناً وشرّد الملايين… ورغم كل ذلك، لم تستطع العدالة الدولية أن تطاله بعد.
لا تلخّص سيرة ملاديتش حكاية البلقان وحدها بل حكاية العالم، فهذه المنطقة العجيبة كانت في قلب الأحداث العالمية كما كانت مختبراً كبيراً لإمكانيات الإنسانية في التعايش الإثني والديني، كما لإمكانيات الحروب التي تمحو الخرائط وتهجّر الملايين وتفتح أبواب المآسي التي تبتلع شعوباً وتغيّر مصيرها للأبد، فهذه المنطقة التي كانت تحت السيطرة العثمانية التي تركت آثارها العمرانية والحضارية واللغوية، ما لبثت أن وقعت تحت سيطرة الإمبراطورية النمساوية المجرية عام 1878 وشهدت مقتل وليّ عهد الإمبراطورية فرانتز فرديناند وزوجته في عاصمة البوسنة والهرسك، سراييفو، على يد ناشط صربي، عام 1914 وهو الحدث الذي فتح أبواب الحرب العالمية الأولى (التي قادت بدورها للحرب العالمية الثانية).
لملاديتش وجنونه الإجرامي دور في إنهاء الحرب البوسنية فقد أدّت مذبحة سريبرينتسا عام 1995 إلى بدء الحملة الجوية لحلف الأطلسي ضد جيش جمهورية صرب البوسنة في آب/أغسطس 1995، ورافقها هجوم بري لتحالف الكروات والبوسنيين وبعدها تم هجوم بري عقبته اتفاقية دولية لوقف الحرب وذلك بعد أن قتلت أكثر من 110 آلاف شخص وتهجير حوالي مليوني شخص عن مناطقهم.
وهو ما يدفعنا للتساؤل: لماذا لم تتوقف المذبحة السورية المستمرة حتى الآن، وكيف استطاع العالم هضم جرائم الأسد؟

المؤبد لجزار البلقان: العقبى لطغاتنا؟

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    قضت محكمة هولندية بمسؤولة هولندا عن قتل ما يربو على 300 شخص من المسلمين البوسنيين في بلدة سربرينيتسا في البوسنة والهرسك في يوليو/تموز عام 1995.
    وكان الرجال والصبية القتلى من بين خمسة الآف بوسني، معظمهم من النساء والأطفال، يحتمون بكتيبة هولندية تابعة لقوات حفظ السلام الأممية.
    كما تمت تبرئة هولندا من قتل ما يزيد على 7 الآف رجل آخرين في سربرينيتسا وحولها.
    وتعتبر مذبحة سربرينيتسا أسوأ مذبحة تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
    وكان أقارب الضحايا قد رفعوا القضية تحت اسم “أمهات سربرينيتسا”.
    وقالت المحكمة ومقرها لاهاي إن كتيبة قوات حفظ السلام الهولندية لم تقم بما يكفي من المهام لحماية ما يزيد على 300 شخص من البوسنيين، وكان ينبغي أن تدرك هذه القوات احتمال وقوع إبادة جماعية.
    وأضافت أن الدولة كان ينبغي لها أن تعلم بأنهم سيقتلون على يد صرب البوسنة عندما سلمتهم من مجمع بوتوكاري التابع للأمم المتحدة.

    رفع القضية أقارب الضحايا تحت اسم “أمهات سربرينيتشا”
    وقالت المحكمة :”يمكن القول بقدر كاف من اليقين، لو كانت الكتيبة الهولندية سمحت ببقائهم في المجمع، لظل هؤلاء الرجال أحياء. فمن خلال التعاون في تسليم هؤلاء الرجال، تكون الكتيبة الهولندية قد أدت عملها على نحو غير قانوني.”
    وأضافت المحكمة أن الحكومة الهولندية يتعين عليها أن تقبل تحملها قدرا من المسؤولية عما حدث وتدفع تعويضات لأسر أكثر من 300 ضحية.
    ولم تصل المحكمة إلى حد تحميل هولندا المسؤولية عن مصير معظم الرجال الذين قتلوا في سربرينيتسا، وقالت إن أغلب اللاجئين الذكور في ذلك الوقت لم يفروا إلى مجمع الأمم المتحدة، بل “فروا إلى الغابات القريبة من سربرينيتسا.”
    وقالت آنا هوليغان، مراسلة بي بي سي في قاعة المحكمة، إنه حكم بالغ الأهمية لكنه صادم للسيدات لأن هولندا تحملت جانبا من المسؤولية عن مقتل ما يزيد على 300 شخص من مجموع أكثر من 7 ألاف شخص.
    وأضافت أن ذلك يعني أن العديد من أقارب الضحايا لن يحصلوا على تعويضات.
    كانت البلدة التي تقطنها غالبية مسلمة منطقة تحميها الأمم المتحدة وحاصرتها قوات الصرب خلال الحرب
    وقالت منيرة سوباسيتش، ممثلة مجموعة الأقارب، “يبدو أن المحكمة لم يكن لديها أدنى إحساس بالعدالة.”
    وأضافت :”كيف يمكن تقسيم الضحايا وأن نقول لإحدى الأمهات إن هولندا مسؤولة عن قتل ابنها على جانب دون الجانب الآخر؟
    – يتبع لطفاً –

  2. يقول ع.خ.ا.حسن:

    بسم الله الرحمن الرحيم. رأي القدس اليوم عنوانه(المؤبد لجزار البلقان: العقبى لطغاتنا؟)
    العدالة الدولية التي تحكم على ملاديتش بالمؤبد رغم مسؤوليته المباشرة عن قتل وتشريد مئات الآلاف من مسلمي البوسنة هي عدالة غير عادلة. لان هذ الحد الاعلى لعقوبة مثل هذه الجرائم ليس رادعا كافيا لامثاله، وكان الاولى ان يكون الاعدام الفوري، وليس السجن، وبعد ارتكاب الجرائم بحوالي ربع قرن.
    وجرائم ملاديتش تتضاءل امام مثيلاتها من بشار الاسد الذي يتربع على كرسي الاجرام والدموية المفرطة
    (فقد استجلب جيوش الاحتلال الأجنبية لمساندته ضد الثائرين عليه، وقصف شعبه بالأسلحة الكيميائية والقنابل المحرمة والصواريخ والبراميل، ودمّر مدناً وشرّد الملايين… ورغم كل ذلك، لم تستطع العدالة الدولية أن تطاله بعد.) واذا اردنا شيئا من التفصيل عن جرائم الاسد في سوريا،فحصيلتها مرعبة بكل المقاييس؛فمقتل اكثر من نصف مليون سوري وتشريد وهدم عمران اكثر من نصف هذا الشعب هي جرائم قل نظيرها على المستوى الدولي، في هذا العصر.
    وكذلك فان جريمة ايجاد اسرائيل على انقاض الشعب الفلسطيني وارضه وتشريد شعبه، واستمرار المذابح والاقتلاع من الجذور خلال سبعة عقود عجاف ؛هي من اشنع الجرائم التي مرت على البشرية كذلك في العصر الحديث.
    ولا شك ان مثل هذه الجرائم التي ترتكب تحت سمع وبصر المجتمع الدولي بقيادة الدول الكبرى، يمكن تلاشيها لو لم تكن هذه الدول متواطئة مع رموز هذا الاجرام الفظيع. وعلينا ان لا ننسى كذلك ان هذه الجرائم في الحالات الثلاث اعلاه هي ضد المسلمين وان استمرارها يمثله المذابح والتطهير العرقي ضد مسلمي الروهينجا في ميانمار هذه الايام

  3. يقول الكروي داود:

    يذكر أنه خلال الحرب التي امتدت بين عامي 1992 إلى 1995، سعى البوسنيون من المناطق المحيطة إلى اللجوء إلى بلدة سربرينيتسا، حيث نفذ جيش صرب البوسنة حملة تطهير عرقي وطرد السكان غير الصرب.
    وأعلنت الأمم المتحدة سربرينيتسا “منطقة آمنة” للمدنيين عام 1993. وسقطت في يوليو/تموز عام 1995، بعد أكثر من عامين من الحصار.
    وذهب الآلاف من البوسنيين إلى قاعدة الأمم المتحدة خارج سربرينيتسا في بوتوكاري.
    بيد أن الجنود الهولنديين قالوا لهم إنهم سيكونوا آمنين وسلموا الرجال والصبية إلى قوات صرب البوسنة.
    ونقلت النساء والأطفال الصغار إلى منطقة يغلب على سكانها البوسنيون.
    – عن موقع ال بي بي سي عربي 16 يوليو/ تموز 2014 –
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول محمد حاج:

    اية عدالة هذه ؟؟ السفاح قتل الآلاف من المسلمين واستباح أعراضهم ، فيحكم عليه بعد ٢٢ عام بالمؤبد ؟ اية عدالة وقد كان الغرب يتفرج عليه وهو يبيد الأسر والأفراد ، و يتركونه يفعل ما يشاء ، وبعد ان انجز مهمتهم بالقضاء على اكبر عدد من المسلمين تذكروا العدالة ؟ هذه طرق الغرب في التعامل مع الأقليات المسلمة ، يتركون السفاحين ينالون من المسلمين ، وبعد سنوات عدة وتكون المجزرة في طي النسيان يقررون الحكم على الجاني للتخلص منه وليس للدفاع عن المسلمين ، والان نفس الطريقة يتم التعامل مع مسلمي ميانمار ، وبالطريقة نفسها يتعاملون مع السفاحين يتركونهم لقتل اكبر قدر ممكن من المسلمين ، وفجأة يستيقظ ضميرهم فيعلنون محاكمة السفاحين ، لماذا لم يتم إيقاف المجازر في حينها ، قلبي يؤلمني وانا من ٢٢ سنة قرات لإحدى البوسنيات وهي تصرح ان المجرمين كانوا يلاحقون الفتيات لاغتصابهن وهن يستنجدن بقوات حفظ السلام الهولندية ولم يحركوا ساكنا وتركوهن فريسة المجرمين وسط صمت العالم .

  5. يقول سليم ياسين:

    ليس بعيدا اليوم الذي سيصدر فيه قرارات بالمؤبد لبشار وعصابته وزعماء المليشيات المرتزقة .

  6. يقول تونسي ابن الجمهورية:

    الطغاة العرب لهم المؤبد لكن فى السلطة….تحيا تونس تحيا الجمهورية

  7. يقول RAFEEK KAMEL:

    اسالوا الطغاة والسفلة والقتلة العرب …هل تنامون جيدا ليلاكم ؟ بالطبع لا ..وهذا هو حكم مدى الحياة المؤرق …ان لم يكن هناك حكم البشر …فدوما هناك حكم الطبيعة..فلا ياس

  8. يقول عبود:

    القبائل البدائية تعتقد إنها هي الوحيدة في العالم وأن حدود قريتها هى نهاية العالم طبعا هذا الإعتقاد ناتج عن جهل وقلة معرفة
    لكن إذا هذالإعتقاد في عالمنا المتحضر ناتج عن قصد وعن إديلوجية فهذه مصيبة وكارثة

  9. يقول غاندي حنا ناصر - كوريا الجنوبيه - سول - نكبه فلسطين ذاكره تأبى النسيان - Free Palestine:

    Tomorrow Palestine Will Be Free
    قانون أعمى وعداله مضلله وكيل بمكيالين يحاكمون البعض ويغضون الطرف عن البعض الأخر .. ماقامت به عصابات شتيرن والهجاغاناه الصهيونيه من ليله النكبه الفلسطينيه وحتى الساعه من تطهير عرقي وفظائع وجرائم ضد المدنيين الآمنين يبقى وصمه عار على جبين الأنسانيه والعداله الدوليه والمؤسسات القانونيه الدوليه ؟! 530 قريه ومدينه هجروا وشردوا والعالم صامت؟! ويحاكم الضحيه ويكافىء الجلاد القاتل أي بؤس واي هذيان هذا لا اؤمن بأي عداله دوليه وكفرت بكل مبادئكم ؟؟ كل الشرائع تطبق وكل القوانين يعمل بها .. إلا عندما تصل من غتصبوا فلسطين وقتلوا وشردوا شعبٌ بإكمله عن ارضه وحلمه نصبح نحن القتله .. عالم قذر مليء بالظلم والدماء..أي عداله هذه واي قانون هذا .. ولازال الكيان الصهيوني الغاصب يعربد ويقتل ويشرد على مرآى من العالم ؟؟ أي قبح هذا واي دمامه والله أنه يراودني شعور بالقيء على عدالتكم وعلى محكمتكم وعلى عفتكم وقانونكم الذي يكيل بمكيالين؟
    Tomorrow Palestine Will Be Free

    ———-
    إبن النكبه العائد إلى يافا
    لاجىء فلسطيني

  10. يقول سامح //الأردن:

    *قاتل الله طاغية البلقان وكل الطغاة
    إن فلتوا من عذاب الدنيا ..
    لن يفلتوا من عذاب الآخرة.
    سلام

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية