القاهرة – «القدس العربي» : أثارت لجنة الدراما في المجلس الأعلى للثقافة في مصر غضب كثير من المبدعين، بعد أن أعلنت عن إصدار قائمة بالموضوعات التي لها أولوية من وجهة نظرها، والتي ينبغي على صناع الدراما تناولها.
وقامت جبهة الإبداع بإصدار بيان تستنكر فيه قرارات اللجنة جاء فيه «تلك القائمة غير ملزمة إلا أننا نرى أن الفكرة في حد ذاتها غريبة جداً، ونحن مندهشون لكون قامة مثل المخرج الكبير محمد فاضل والذي رافق طريق الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة والذي دافع عن مفاهيم الحرية والتعددية في العديد من أعماله يقبل أن يزج بإسمه في مثل هذا القرار الغريب».
وأضاف البيان «فلنتخيل معاً يوماً في الثمانينات يستيقظ فيه الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة يتوجه لتلك اللجنة حاملاً سيناريو «الراية البيضا»، أو «أنا و إنت وبابا في المشمش» لينبه عليه رئيس اللجنة أنهم لن يمنعوه ولكن أنهم يفضلون أن يتطرق لمواضيع أخرى، كيف كان محمد فاضل نفسه ليرد على مثل هذا التنويه الذي يأتي عكس كل ما تحمله روح الفن ذاته من إنفرادية وخصوصية لا تنبع إلا من خيال وهواجس وآلام الكاتب نفسه».
واستطرد البيان «نتفهم أن يكون لتلك اللجنة الحق في إصدار قائمة مواضيع تنتجها الدولة بشكل مباشر مثلا كلجنة إستشارية لمؤسسة إنتاجية، ولكن وضع تلك القائمة بشكل عام فيه وصاية غير مقبولة على مبدعي مصر وعلى المتفرج سواء، ولعل هناك خلطا هنا بين الإعلام والفن خصوصاً وبين دور الدولة و إعلامها الرسمي ودور مؤسسات الاعلام عموماً التي قد يكون من واجبها أحياناً العراك الفكري مع اعلام الدولة وصولاً لحراك إيجابي».
وأضاف «لا نستطيع أن نجد مثالاً واحداً في التاريخ لقيام مؤسسة من مؤسسات الدولة بدور مماثل إلا في ألمانيا النازية في عهد هتلر ووزير دعايته غوبلز الشهير وإستديوات أوفا التي كانت تنتج المواضيع والرسائل التي يوافق عليها ويشجعها غوبلز، هل تلك هي الصورة التي نرغب في أن يكون عليها المشهد الفني في مصر؟ فن تحت الوصاية؟ فن مدجن؟».
وفي ختام البيان، تم توجيه رسالة للمخرج محمد فاضل جاء فيها «أستاذنا الفاضل محمد فاضل، فن تحت الوصاية لم يكن لينتج أعمالك الرائدة ولهذا فان الواقفين على رصيف فيلا أبو الغار يدعونك للعودة لصفوفهم والوقوف معهم، حتى لا تضطر الدراما المصرية إلى رفع الراية البيضاء أمام الدراما العربية وحتى لا تصبح الريادة التي نتشدق بها هي وهم لا يصدقه غيرنا».
وكانت لجنة الدراما المنبثقة عن المجلس الأعلى للإعلام قد اجتمعت برئاسة المخرج محمد فاضل وبحضور فاروق صبري، رئيس غرفة صناعة السينما، مع منتجى الدراما التلفزيونية وشارك في الاجتماع هدى زكريا، عضو الأعلى للإعلام، وأعضاء اللجنة وهم كل من أشرف زكي، نقيب الممثلين، الدكتور خالد عبد الجليل، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية، والمخرج أحمد صقر، رئيس قطاع الإنتاج، ومن المنتجين محمد فوزي، صادق الصباح، محسن علم الدين، محمد خفاجي، محمد إبراهيم، وائل عمر عبد المطلب، عصام شعبان، وممدوح شاهين.
ضوابط لترشيد الإنتاج الفني
واتفق المجتمعون على بعض البنود والتى تضمنت صياغة ورقة عمل بأولويات موضوعات المحتوى التى يحتاج إليها المجتمع في المرحلة الراهنة، لتكون هذه الورقة دليلا للعاملين فى مجال الإنتاج الفني، ومن بين البنود المتفق عليها أن الإنتاج الفني يحتاج إلى وضع ضوابط لترشيد إنتاج الأعمال الدرامية نظرًا لحالة التخبط التي تشهدها الفترة الحالية – بحسب وصفهم – كما تطرقوا للاتفاق على محاربة المضاربة في أجور الفنانين والفنيين والتي قالوا إنها تخلق تنافسا غير شريف. تقضي على ريادة الدراما المصرية.
وترددت أخبار، عن تعرض «زكي» للضغط من أعضاء النقابة وبعض المنتجين، عقب الاجتماع الأخير للجنة الدراما في المجلس الأعلى للإعلام، الذي انتهى إلى تحديد أولويات للموضوعات التي يجب التطرق لها في الدراما خلال الفترة المقبلة، وهو ما أثار عددًا كبيرًا من الفنانين، ووجهوا الاتهامات للنقيب وأعضاء اللجنة، بالسعي لتقييد حرية الإبداع والحجر على رؤيتهم الإبداعية.
وحاول الخروج من المأزق، بالدعوة لاجتماع مع عدد من المنتجين والمخرجين والمؤلفين، منتصف الشهر الجاري، إلا أنهم رفضوا دعوته، واعتبروه ضلعًا في ما أطلقوا عليه «مؤامرة غريبة على صناع الدراما المصرية»، وعرض بعض المنتجين والفنانين على «زكي» الاستقالة من منصبه كنقيب، وهو ما يُسقط عنه عضوية اللجنة، للخروج من مأزق فرض توصيات على صناع الدراما، وهو ما يبرر استقالته المفاجئة أول امس.
وقال المخرج مجدي أحمد علي، إن الفنانين يرفضون وصاية اللجنة ولا يقبلون من أي جهة أن تفرض عليهم الموضوعات التي يناقشونها في أعمالهم.
في حين دافعت هدي زكريا، عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، عن اللجنة مؤكدة إن التوصيات التي خرجت بها لجنة الدارما المنبثقة من المجلس حول تنظيم العمل الدرامي في مصر لا تقيـد الحـريات.
وأضافت زكريا أن لجنة الدراما رأت أن مصر الآن تحتاج وقفة حقيقية؛ لإعادة إنتاج الأعمال الدرامية الهادفة التي تساعد على بناء المـجتمع وليـس هدمـه.
وقال المخرج محمد فاضل، إن الجنة لا تطالب بأكثر من تطبيق قانون الرقابة على المصنفات الفنية وفقا للقانون الموضوع عام 1924، والذي تم تعديله أكثر من مرة. وشدد فاضل على أن لجنة الدراما في المجلس الأعلى للإعلام تعطي توصيات على الأعمال الدرامية، ولا يمكن تحويل عمل اللجنة إلى الرقابة على الأعمال، وأشار إلى أن ورقة العمل التي من المقرر الاتفاق عليها، لن يتم كتابتها إلا بعد عقد مؤتمر مع المؤلفين والمخرجين يوم 16 فبراير/ شباط الجاري، ومن بين الحاضرين سوف يكون المؤلف الكبير عبد الرحيم كمال، وستكون هذه الورقة مجرد دليل استرشادي ببعض الموضوعات التي تهم الشعب المصري، وليس قرارًا أو فرضًا على صناع الدراما، وفي النهاية الجمهور من يقيّم الأعمال التي يشاهدها.
فايزة هنداوي