القاهرة ـ «القدس العربي» : واصلت الصحف المصرية الصادرة أمس الثلاثاء الأول من مارس/آذار الاهتمام بقضية عضو مجلس النواب وصاحب «قناة الفراعين» توفيق عكاشة، وقيام صديقنا عضو المجلس كمال أحمد بضربه بالحذاء داخل المجلس، بسبب استقباله السفير الإسرائيلي وتصريحاته المتوالية عن العلاقات مع إسرائيل.
وقد أخبرنا أمس في «اليوم السابع» زميلنا الرسام محمد عبد اللطيف عن صورة تاريخية لضربة حذاء كمال التي ضرب بها توفيق مع عبارة، حذاء كمال أحمد على رأس عكاشة. وقرر المجلس مثول كمال أمام لجنة تم تشكيلها لمساءلته عن الحادثة، كما قرر المجلس تشكيل لجنة أخرى يمثل أمامها عكاشة بسبب استقباله السفير الإسرائيلي أيضا، وبسبب واقعة إهانة عكاشة لرئيس المجلس الدكتور علي عبد العال، الذي قرر منعه من حضور عشر جلسات متتالية.
أيضا أفسحت الصحف المصرية مساحات واسعة لمقابلات وتصريحات الرئيس السيسي في اليابان، وقرب انتهاء الحكومة من مشروع قانون التأمين الصحي الشامل، وطرح شهادة» بلادي الدولارية على المصريين في الخارج، بفائدة سنوية قدرها خمسة ونصف في المئة. ومن الأخبار الأخرى الواردة في الصحف الصادرة أمس الثلاثاء، قتل عشرة من أنصار بيت المقدس في سيناء، وإصابة أربعة جنود في انفجار عبوة ناسفة، وإصدار محكمة جنح الجيزة حكما بحبس مقدمة البرامج ريهام سعيد سنة في قضية «فتاة المول». وإلى بعض مما عندنا…
«أضربوا راسكم في الحيط وأعلى ما في خيلكم أركبوه»
نبدأ من مساء يوم الاثنين، الذي ظهر فيه توفيق عكاشة مع مقدمة البرامج الجميلة حياة الدرديري، وشن لأول مرة هجوما عنيفا على المملكة العربية السعودية وقيادتها، وقال إنها دولة فاشلة وتسعى لتقسيم العالم العربي، وإن قادتها سيتم القبض عليهم ومحاكمتهم، وإنه من الآن سيسخر القناة التي يملكها مستثمر سعودي ويهاجمه من خلالها، وصرخ «لازم يطردوا الواد الأقرع ده، أنا هخليه يمشي في مدينة الإنتاج الإعلامي بالملابس الداخلية، وألا يسمحوا لأي قناة سعودية بتشغيله»، وهذا شرطه الوحيد لوقف حملته ضد السعودية. وقال عكاشة إن عزومة العشاء للسفير الإسرائيلي ومن حضر وطاقم الحراسة كلفته عشرة آلاف جنيه، وإن السعودية تقوم بمحاولات للصلح بين السيسي وكل من قطر وتركيا اللتين تريدان منه عمل مصالحة مع الإخوان، والشعب لن يوافق إلا إذا دفعت تركيا لمصر ستة مليارات دولار، ودفعت قطر مبلغا مساويا له، أي اثني عشر مليار دولار، قيمة خسائر مصر من الإرهاب. ولما نبهته حياة إلى استشهاد سبعة آلاف ضابط وجندي من الجيش والشرطة، وسألته عن حقوقهم، قال طبعا هطلب مليون دولار لأسرة كل شهيد يبقى كام المبلغ؟ الإعداد أخبرني أنه سبعون مليار دولار، نحط عليهم اثني عشر مليارا يبقى المبلغ المطلوب سبعين واثني عشر مليار دولار، ويمكن السعودية تدفعهم وهذا شرط الصلح، لأن ديننا يقول وإذا جنحوا للسلم، وأنا أريد أن أحكّم شرع الله، إنما عمرو أديب صبي العالمة يشتم أسياده وأسياد اللي خلفوه لا.. ده أنا جدي كان أكبر تاجر قطن، ما هو عمرو أديب من إنتاج عبد الناصر والناصريين دول لا يريدون الاعتراف بأنهم سبب هزيمة 1948، ويرفعون شعار عدم التطبيع مع إسرائيل، دول لازم نشيلهم من على وش الأرض، أي ناصري لازم نحرقه هم اللي قتلوا السادات بالتعاون مع الإخوان المسلمين، ده اليهود عاشقين لمصر ومتيمين بالمصريين ونفسهم يكونوا معاهم نزرع مع بعض. إسرائيل تبحث عن مصر عايزين يخلوا مصر غنية بالمحاصيل، قلت علشان مفيش مياه نقعد بقى لحد الجفاف والمجاعة، ولا إذا كان فيه حل. المشكلة سد النهضة في أيد إسرائيل تروح له، وأمسك بالمصحف وأقسم عليه ثلاث مرات وقال وحياة المصحف ده إثيوبيا قالت لمصر «أضربوا راسكم في الحيط وأعلى ما في خيلكم أركبوه».. وكشف عكاشة عن سرين لم يكن أحد في الدنيا يعلم بهما، الأول أن مصر قدمت شكاوى ضد إثيوبيا للمنظمات الدولية، ولكنها لم تتحرك لأنها خاضعة لليهود. أما السر الثاني فكان أيام الرئيس الراحل أنور السادات، إذ قال إنه عندما علم بأن إثيوبيا تقيم السد، أرسل للسودان سربا من القاذفات المصرية بالاتفاق مع النميري وانطلقت من السودان ودمرت السد. وقال عكاشة متوعدا، ده أحنا عيلة عكاشة والسواركة عددنا في مصر أربعة ملايين، وافرضي إني أنا مجنون وقلت لهم كل واحد يجي بعربيته ومعاه تلاتة هايجي عشرة آلاف لأنهم بيدافعوا عن نفسهم.
عكاشة أبرع من دي كابريو في التمثيل
وفي يوم أمس الثلاثاء قال زميلنا في «الأخبار» خفيف الظل عبد القادر محمد علي في بروازه اليومي «صباح النعناع»: «انتظرت إعلان أسماء الفائزين بجوائز الأوسكار في التمثيل حتى الفجر، ثم فوجئت أن قرار لجنة التحكيم فيه مجاملة صارخة ومكشوفة، فقد منحوا أوسكار أفضل ممثل للأمريكي ليوناردو دي كابريو، رغم أن توفيق عكاشة أبرع منه في التمثيل مليون مرة».
أسامة كمال: «إحنا آسفين يا برلمان»
ونبقى مع البرلمان ونوابه ومقال الزميل أسامة كمال في «المصري اليوم» عدد يوم الاثنين وقوله: «قمت بعدة زيارات للبرلمان البريطاني بغرض التصوير مع أعضاء مجلسي العموم واللوردات، أو فقط للتجول في أروقة هذا المكان الذى احتفظ بعبق التاريخ وحافظوا على تقاليده العريقة، وأبقوا على صورته الأولى الممتدة عبر القرون. في كل ركن وعلى كل مقعد تشعر بأن التاريخ يناديك في قصر وستمنستر، الذي يعتبر واحدا من أكبر مباني البرلمانات في العالم.. كنت أقارن في ذهني بين هذا المكان والبرلمان المصري العريق أيضا، الذي امتهن كثيرا من قبل وزراء وأعضاء مجلس شعب، ولكن كان ذلك في حدود ضيقة إلى حد ما، رغم انفلات كصفع وزير لنائب في العصر الحديث، وحالات هياج على وزير آخر في العصر القريب جدا.. ولكنني كنت دوما أقول لنفسي، الحمد لله إننا لم نصل إلى حال بعض برلمانات آسيا وأمريكا اللاتينية التي تحولت لحلبات صراع باللكمات والأرجل. ولكن ما حدث مؤخرا في البرلمان هدم لي هذه الصورة، وهدم لي تأكيدات خرجت أقولها مرارا بعد الانتخابات؛ بأنني متفائل بهذا البرلمان، لأن فيه نوابا محترمين، ونوابا شبابا من عصر جديد ونائبات فاضلات.. ظلمهم الإعلام حين ضخم من ممارساتهم في اليوم الأول، وهو كان في رأيي يوم فرح لمئات النواب المنضمين للبرلمان لأول مرة.. أكدت أكثر من مرة هنا وعلى الشاشة أنني مازلت متفائلا بالبرلمان.. ثم وجدت هذا البرلمان عاجزا حتى عن إقرار لائحته ولجانه وزادت التربيطات عن أن تكون مجرد ائتلافات وتحالفات، وتغلب الخاص على العام وتاهت المصلحة العامة. ثم كانت الطامة الكبرى حين قرر النائب توفيق عكاشة أن يتصرف بشكل منفرد ويلتقي السفير الإسرائيلي، من دون الرجوع إلى المظلة التي أصبح ينتمى إليها، فردَّ عليه النائب كمال أحمد بالضرب بالحذاء على مرمى ومسمع من وسائل الإعلام، وكل ذلك بعد مشاحنات وطرد للأعضاء وضرب لصحافي يغطي أخبار البرلمان، فضاعت القيم وضاع المثل الأعلى وضاعت تأكيداتي بالتفاؤل من هذا البرلمان بأكمله بمحترميه وشبابه ومثقفيه وسياسييه وسيداته. الكل في البرلمان أصبح في كفة النائب المتعامل منفردا مع إسرائيل، والنائب الشتام اللعان، والنائب الضارب بالحذاء، لأن هيبة البرلمان بأكمله ضاعت.. ليس يوم أن التقطوا السيلفي.. فقد أعطيناهم العذر.. ولكن يوم قرروا أن يتعاملوا مع قاعة أسفل القبة وكأنها موقف ميكروباص في منطقة عشوائية.. فكيف يمكن لهؤلاء أن يحاسبوا حكومة أو إعلاما أو أطباء أو شرطة وهم يفعلون ما يفعلون. لا يسعني إلا أن أقول إننى أخطأت حين تفاءلت بالبرلمان ودعوت الناس لتتفاءل به.. أنا آسف.. ولا يسعنى إلا أن أنظر إلى هذا المكان العريق بعد أن أصابه ما أصابه وأقول له، إحنا آسفين يا برلمان».
خطاب السيسي يزيد مساحة
القلق والخوف لدى المصريين
أما ردود الأفعال التي تراكمت لدينا على خطاب الرئيس السيسي الأخير، فيبدأها زميلنا جمال سلطان رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة «المصريون» المستقلة، قائلا: «عندما يفتح خطاب رئيس الجمهورية بابا للأسئلة أكثر مما يعطي من أجوبة، فاعلم أن السلطة في أزمة. وعندما يزيد الاستماع إلى خطاب الرئيس من مساحة القلق والخوف لدى الشعب، أكثر مما يمنحهم من الطمأنينة والثقة، فاعلم أن البلاد كلها في أزمة. وهذا ما حدث بعد خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعقبه طوفان من التوتر والقلق والحيرة والتساؤل، وقد امتزج كثير من ذلك بحالة من السخرية المرة التي تعبر عن الإحباط وغياب الأمل، أكثر مما تعبر عن الشماتة أو الرضى بحال السلطة المأزومة. هذا الاضطراب والقلق والحيرة والإحباط يكشف جانبا من سوء التقدير لدى قطاع من النخبة المصرية، التي بشرت بعد 3 يوليو/تموز 2013 بأن مصر كانت في حاجة لقيادة من خلفية عسكرية حاسمة، تحسن الضبط والربط، وأن الحل في مصر لا يكون إلا من خلال «الرئيس الدكر»، وقد فشلنا وقتها في أن نقنع أحدا بأن إدارة الدولة في منعطفاتها التاريخية الصعبة تحتاج إلى خبرات مدنية عالية، وعقل سياسي ناضج وسلام اجتماعي، ووحدة الإرادة الوطنية، فالمجتمع ليس كتيبة عسكرية والدولة ليست فرقة جيش، وكنا نقول ذلك بوازع وطني مجرد بدون أي رغبة في التقليل من شأن أحد أو الانحياز إلى أحد… مصر اليوم بحاجة إلى خطة إنقاذ عاجلة وشاملة، مصر اليوم بحاجة إلى مكاشفة حقيقية، بين السلطة والشعب، بمنتهى الشفافية، المزيد من الوقت على هذا الحال يعني المزيد من التعقيد والمزيد من الخسائر والمزيد من الخطر، مصر بحاجة إلى خريطة طريق جديدة، بحاجة إلى شجاعة قرار سياسي مسؤول، فهل هذا ممكن؟».
الأثرياء يكتفون بالفرجة على أوضاع مصر
وإلى «أخبار» الأحد «حكومية» وزميلنا عاطف زيدان وقوله: «مرارة غضب.. خيبة أمل.. قوة وإصرار وتحدٍ، عتاب وصل إلى حد مؤثر، هذه بعض أوصاف كلمة الرئيس السيسي في حفل إطلاق رؤية مصر 2030 الأسبوع الماضي، ووصل غضب وحزن الرئيس إلى حد قول عبارة هزتني بشدة وهو يكاد يبكي: «والله العظيم لو ينفع اتباع هتباع»، ولسان حاله يقول لكل قادر: استحي على دمك مصر تحتاج مساعدتك فلا تضن عليها. وقال الرئيس لو أن 10 ملايين مواطن فقط صبحوا على مصر كل يوم بجنيه سوف نجمع 4 مليارات جنيه سنويا. عبء ثقيل تنوء بحمله الجبال يحمله الرئيس وحده ونحن نكتفي بالفرجة خاصة الأثرياء منا، هذه هي الحقيقة المرة لا أطالبكم أن تفعلوا مثلما فعل الرئيس عندما تنازل عن نصف راتبه وأملاكه الموروثة عن والده لمصر، وإنما نتخيل أنفسنا في موقع الرئيس لنشعر بثقل المسؤولية وعندها لن ندخر وسعا لإنقاذ مصر وأهلها الطيبين».
وليد عبد العزيز: «والله ما هيبني البلد دي
ويعمرها بجد غير الناس الطيبين»
ومنه إلى زميله وليد عبد العزيز وقوله بإعجاب عن الناس البسطاء وإخلاصهم وجشع وبخل رجال الأعمال: «والله ما هيبني البلد دي ويعمرها بجد غير الناس الطيبين المخلصين، اللي بيصحوا الصبح بدري يتشعبطوا في المواصلات علشان يروحوا شغلهم، وآخر اليوم وهم راجعين بيحمدوا ربنا، رغم أن ظروفهم صعبة جدا ويمكن بيكملوا عشاهم نوم. عارفين الناس دي بتعمل كده ليه علشان هم مصدقين بجد أن البلد دي لو ضاعت مننا مش هنلاقي بلد تاني ولا هنلاقي حتى خيام لاجئين، بعد أن تكدست في كل بلدان العالم بأهالينا من السوريين وقبلهم من العراقيين والليبيين، أنا زعلان علشان الرئيس السيسي راهن على رجال الأعمال لما أطلق فكرة «صندوق تحيا مصر» ومع الأسف خذلوه. وكان نفسي من الأول يطلب من الشعب الغلبان أن هو اللي يجمع المئة مليار جنيه علشان نساعد مصر في أزمتها، لأننا بقينا بنتكسف بجد من طلب المساعدات. رجال الأعمال اللي بخلوا على البلد كان لازم يفتكروا لما عربيتهم المحملة بالبضائع كانت بتتسرق وكانوا بيدفعوا للبلطجية فلوس كتير علشان يستردوها أيام الانفلات الأمني، بعد ثورة يناير/كانون الثاني، ولازم يفتكروا لما كانوا بيشتغلوا بنصف طاقتهم علشان مش قادرين يوزعوا الإنتاج، وكمان لما العمال كانوا كل يوم يحتجزوا أصحاب المصانع علشان المطالَب الفئوية، هم تقريبا مش عارفين قيمة وثمن الأمن والأمان اللي هم عايشين فيه دلوقتي لأنهم تقريبا عودانهم ياخدوا من البلد دي وبس».
«صبح على مصر بجنيه»
أما زميلته الجميلة في «الأخبار» زميلتنا فاتن عبد الرازق فكان رأيها هو: «يوما بعد يوم يؤكد المصريون أنهم وطنيون حتى النخاع محبون ومخلصون لوطنهم يسارعون لمساندته للخير مثلما يقفون معه وقت الشدائد، وهو ما أكدته الاستجابة السريعة من المصريين، على مختلف مستوياتهم، لمبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية «صبح على مصر بجنيه» ما أحلاك يا مصري وأنت تشارك في علاج أخوتك غير القادرين، من فيرس سي، وتوفر المسكن اللائق للشباب، وأنت تساهم في تمويل العشوائيات والقرى المعدمة بمختلف المحافظات إلى مناطق سكنية متطورة، كل ذلك من خلال مساهمتك في صندوق «تحيا مصر». ولكل المصريين المخلصين المحبين لوطنهم الذين يزرعون الأمل في القلوب ويشاركون في صنع مستقبل أفضل لمصر أقول فخورة بكم».
رئيس مصر لا يباع ولا يشترى
أما صديقنا وزميلنا رفعت رشاد رئيس تحرير مجلة «آخر ساعة» الأسبق وأمين الإعلام السابق في أمانة الحزب الوطني في القاهرة، وهو ناصري وكان يحرص على إظهار ناصريته أيام مبارك قال: «خلق خطاب الرئيس حالة من الحديث السلبي بين نسبة لا يمكن تجاهلها من المواطنين، خاصة ما قاله عن استعداده لبيع نفسه لو كان ذلك لخدمة مصر وحل مشاكلها! ما قاله الرئيس بحسن نية لم يكن ليقال، فرئيس مصر لا يباع ولا يشترى، حتى لو كان ذلك بحسن نية. نثق في إخلاص ووطنية الرئيس ونسانده إلى آخر المسار، ولكن نأمل ألا يطلق الرئيس لعواطفه وسجيته العنان، فتختلط المعاني ويركز المغرضون على ما لا يقصده ولا يعنيه. أما الشعب فيريد أن يكون برنامجك واضحا يا ريس، لأن الشعب انتخبك بدون برنامج لثقته فيك، وهي ثقة مستمرة ولن تنقص لكن الشعب يريد أن يشعر بالعدل وتكافؤ الفرص، فالناس تنتظر منك تحقيق العدل، العدل الذي اشتاقوا إليه كثيرا، عليك أن تعيد لنا الكرامة في أقسام الشرطة وألا تبيع حصص الدولة في البنوك والشركات الرابحة، لأنك إذا كنت تنتقد عصر السادات وعصر حسني مبارك فهما عنوان الخصخصة، وعليك ألا تسير على دربهما في بيع مقدرات الدولة، وعليك أن تقيل القطاع العام من عثرته حتى لا يكون إصبعك تحت ضرس رجال الأعمال».
الكل لا يتحرك إلا بتعليمات الرئيس!
وإلى «الجمهورية» وزميلنا السيد نعيم وقوله: «الرئيس لديه مشاغل ومشاكل كبرى يسعى لحها بأقصى ما يستطيع، وهو في ذلك حقق نجاحا فرديا ملحوظا، فلماذا لا تتعاون كافة الأجهزة وتخفف العبء عنه، وتسعى هي بفكرها المتجدد والخلاق لحل المشاكل الجماهيرية، أيا كان نوعها أو أسبابها؟ أستغرب كثيرا مما فعله مجلس النواب وأستغرب كثيرا مما تفعله الأجهزة التنفيذية المختلفة، وهي كلها لا تتحرك إلا بتعليمات الرئيس وتوجيهات الرئيس، وكأنهم لا يدرون من أمر نفسهم شيئا، أو لا يعرفون طريق الحل الأنسب لكافة مشاكلها، وإذا كانوا غير قادرين بالفعل على التفكير والتجديد والابتكار والسعي والعمل والاجتهاد، كل في ما يخصه فلماذا لا يرحلون من مناصبهم ويأتي غيرهم من الشباب والخبراء ممن هم قادرون على طرح الحلول ومتابعة التنفيذ؟».
ضيق صدر السيسي بالنقد
أخيرا إلى زميلنا فهمي هويدي وقوله يوم الاثنين في «الشروق»: «الخطاب سرب إليّ شعورا بالخوف لأنه عبر عن قدر لا يستهان به من ضيق الصدر بالنقد، وأعطى انطباعا بأن النخبة مطالبة بأن تختار بين التأييد والموالاة، أو الصمت، لأن كل كلام خارج تلك الحدود سيعد من قبيل تمزيق الوطن وإسقاط الدولة، الأمر الذي سيقابل بمنتهى الشدة والحزم. هناك سبب آخر للخوف والقلق هو أن يكون الكلام موجها إلى جهات في الدولة أُريد تحذيرها من أي تحرك يحاول استثمار الفراغ السياسي الراهن. ما يثير الانتباه أن هذه اللغة التي لا توحي بالثقة والاطمئنان برزت إلى الأفق بعد الإعلان عن الانتهاء من استحقاقات خريطة الطريق (انتخابات مجلس النواب) وكان الظن أن ذلك يفتح الأبواب أمام طور آخر من الاستقرار، إلا أن أصداء الخطاب أعطت انطباعا بأننا بصدد الدخول في طور مختلف، كأن تكون الحرب ضد الإرهاب قد استنفدت أغراضها، وأننا بصدد الانتقال إلى مواجهة المعارضة التي تعد «تصفية» منظمات المجتمع المدني من مقدماتها وهو ما أرجو أن تكذبه الأيام المقبلة».
الخرافة ما زالت هي الحاكم الفعلي لمصر
وإلى المعارك والردود المتنوعة التي لا رابط بينها، وبدأها يوم الأربعاء الماضي في «الوطن» الدكتور خالد منتصر في عموده اليومي «خارج النص» وقوله: «صورة المحافظ الذي يمسك بالبيضة المقدسة ثم يضعها برفق داخل العلبة القطيفة بعد أن قبّل جبين قشرتها الوضاء، تعبر باختصار وتلخص ماذا حدث لعقل مصر. الخرافة ما زالت هي الحاكم الفعلي لهذا البلد هي فوق رئيس الجمهورية، هي فوق العلم وفوق الدين وفوق حتى المصلحة. وحفاظا على وحدتنا الوطنية ولكيلا تحدث فتنة اكتشف المسيحيون أيضا «طماطماية» رُسم بداخلها الصليب حتى لا تحدث فتنة طائفية، ولكي تكتمل منظومة العجة الغيبوبة التي نفطر بها كل صباح!! وبدلا من أن يحاسب المحافظ الطبيب البيطري على نقص الكالسيوم الذي أنتج هذه الخرابيش التي رسمت لفظ الجلالة، إذا به يحتفي بالطبيب وفرخته وديكه وبيضته! لم يتغير أي شيء، فالمشهد نفسه حدث بحذافيره، ولكن مع اختلاف المقدس والمقدس به. قبل الثورة وضع نائب سيناوي على منصة مجلس الشعب أمام د. فتحي سرور ثمرة كنتالوب كان مكتوبا عليها الله! ساعتها انبهر الأعضاء البرلمانيون بهذه المعجزة، وتركوا وقتها مناقشات الميزانية ومطالب العمال وخلافات المحامين والقضاة وظلوا يتأملون الكنتالوب مرددين في نفس واحد: «سبحان الله» هذا يثبت لكم باختصار ألا ثورة قد حدثت ولا تغيير. وكأن الخالق عز وجل محتاج لإثبات معجزاته على قشر الكنتالوب؟ يكفي أن تنظر إلى نفسك في المرآة لتدرك معجزة الخالق.. يكفي أن تنظر إلى تصميم زهرة أو جناح فراشة أو زخرفة قوقعة أو ألوان جناح طاووس لتعرف معنى المعجزة الإلهية! الله ليس محتاجا إلى «بيضاية» أو «بطاطساية» أو «كنتالوباية» عليها توقيعه لكي يثبت لنا نحن البشر أنه موجود وعظيم ويفعل المعجزات. نصيحة إلى محافظ المنيا إذا أردت أن تشاهد الإمضاء الإلهي الحقيقي فلتراقب الكتكوت وهو ينقر البيضة ليتنفس الحياة ولا تجهد ذهنك في خربشة قشرتها للبحث عن إمضاء مزيف وورع شكلي وتقوى مصطنعة «.
خيط رفيع بين الأدب (الإبداع) وقلة الأدب (الإسفاف)
وفي «أهرام» الاثنين شن زميلنا جمال نافع هجوما ضد من يدافعون عن قصة أحمد ناجي قال: «أصدرت مجموعة من المثقفين بيانا يدين حبس أحمد ناجى لمدة عامين، لنشره فصلا من روايته في جريدة أدبية بتهمة «خدش الحياء العام»، مدافعين عن حق المبدعين وأصحاب الرأي في التعبير عن آرائهم- أيا كانت وبأي لغة كانت- من دون التعرض للتنكيل. ورغم أنني ضد الحبس في قضايا النشر والإبداع والإعلام، وكتبت ضد حبس إسلام البحيري، أو وقف برنامج باسم يوسف، أو إغلاق القنوات الدينية، وضد محاكمة النصوص الأدبية دينيا أو قانونيا، إلا أنني ضد ما تحاول أن تقنعنا به جماعة المثقفين بأن ما كتبه المؤلف هو أدب، فهناك خيط رفيع بين الأدب (الإبداع) وقلة الأدب (الإسفاف) وأدعي أنني قارئ نهم للأدب العربي والأجنبي، وتناول أدباء كثيرون العلاقة بين الرجل والمرأة، ولكنني لم أقرأ نصا بمثل فجاجة وقبح وابتذال وإسفاف هذا النص «المشكلة»، فاستخدام الألفاظ الجنسية المباشرة والأوصاف المبتذلة ليست أدبا ولا إبداعا، وأتحدى جماعة المثقفين أن يقرأوا النص على أبنائهم أو في ندوة عامة، وهو ما طلبته المحكمة من رئيس اتحاد الكتاب السابق عندما دافع عن «النص المشكلة» فطلبت منه قراءته فتهرب».
مصائب متحركة
أما في يوم الاثنين نفسه فقال زميلنا في «الجمهورية» السيد البابلي: «الدكتورة هبة قطب التي تتحدث في قضايا الجنس كشفت في برنامجها عن طبيب نفسي شهير يمارس الجنس مع ضحاياه من النساء، بحجة علاجهن، والكلام خطير والمتصلات بالدكتورة أكدن أن لديهن معلومات بذلك، ووزارة الصحة عليها إجراء تحقيق عاجل وعدم التستر على هذا الطبيب وفضحه للرأي العام. صحيح أن الطبيب يستحق العقاب ولكن السيدات اللاتي استجبن لهذا النوعية من العلاج لا يمكن إعفاءهن من المسؤولية «دول مصائب متحركة».
«إحنا بتوع الواسطة»
وإلى زميلنا وصديقنا رئيس التحرير التنفيذي لـ«اليوم السابع» أكرم القصاص وقوله يوم الاثنين أيضا: «كان وائل الإبراشي يستضيف رئيس أكاديمية الشرطة السابق اللواء أحمد جاد منصور وسأل الإبراشي، كيف ترد على ما يثار أن الواسطة تسيطر على اختيار طلاب الشرطة و«الكوسة». ورد الرجل: اتكلم بصراحة، أنت مش مكلمني عن أتنين عاوز تدخلهم الشرطة؟ ابتسم الإبراشي: بس أنت ما أخدتهمش؟« كانت إجابة رئيس أكاديمية الشرطة السابق صادمة وإحراج الإعلامي واضحا، لكن ما جرى أن الرجل ألقى بالقفاز في وجوه الجميع، كانت الحقيقة التي لا يتطرق إليها أحد ولا يعترف بها هؤلاء الذين يمارسونها ويكتفي كل واحد بالقول: نريد أن ننهى الواسطة بينما هو وغيره متورطون فيها حتى آذانهم، ولا نعرض الأمر لإدانة الإبراشي بقدر ما نكشف عن واقع في المجتمع كله يدور ويلف حوله».
حديث شيخ الأزهر يتبدل طبقا للأحوال السياسية
وتتواصل المعارك وتنتشر لتصل شرارتها شيخ الأزهر الدكتور الشيخ أحمد الطيب، وأول شرارة، خرجت من «البوابة» يوم الأربعاء الماضي في تحقيق زميلتنا الجميلة رحاب عليوة، الذي جاء فيه: «أظهرت زيارة الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إلى إندونيسيا، التي بدأها الأحد الماضي وتستمر حتى الجمعة المقبل إصابته بـ «شيزوفرينيا» واضحة في تعامله مع «الشيعة»، فبينما يبدو محاربا صلبا مهاجما لهم في مصر، يتبدل وجهه تماما هناك في إندونيسيا مبديا من الود الكثير ومن التسامح أكثر. وقف «الطيب» خلال لقائه مع «مجلس حكماء المسلمين» في العاصمة «جاكرتا» متحدثا عن «الشيعة» بطريقة مغايرة لأسلوبه المتبع في مصر، فحذر من الفرقة بين علماء الأمة، ودعا إلى التسامح والحوار قائلا: «الاختلاف بين علماء الأمة قد يؤدي إلى الخلاف بين الناس والتعصب لفكر معين والتشدد في المذاهب، ومن ثم فرض مذهب معين على أحد مما يؤدي إلى صراع ديني». مؤكدا سماحة الإسلام واستيعابه لكل المذاهب بلا تعصب أو تشدد. وأضاف شيخ الأزهر: «الشيعة والسنة جناحا الإسلام ومن الضروري التقريب بينهما». واصفا اصحاب المذهبين بـ«الأخوة»، مجددا دعواته للشيعة بالالتقاء مع الأزهر في تحريم قتل أي مسلم سني أو شيعي، موضحا أن الخلافات بينهما «فرعية» ما عدا مسألة الإمامة «التي نعتبرها من الفروع ويعتبرونها من الأصول»، غير أننا نرفض التشدد من بعض الشيعة ومن يعطون الرسالة لغير سيدنا محمد، وينكرون ما ثبت من الدين أو من ينفقون الأموال من أجل فرض عقيدة أو مذهب بعينه». كان الحديث سيكون «طبيعيا» لا يبدو فيه أي تناقض أو عدم اتساق من «مولانا الطيب»، لولا سجل طويل من مواقفه ضد «الشيعة» بدأها في سبتمبر/أيلول 2012 حينما قرر تأسيس لجنة «رفيعة المستوى» بالتعاون مع السلفيين ممثلين في «الجمعية الشرعية» ورئيسها آنذاك محمد مختار المهدي هدفها: «التصدي للفكر الشيعي وما يحمله من مخاطر على أهل السنة والعقيدة وإثارة الفرقة من خلال أمور تحمل شططا وأفكارا تخالف عقيدة أهل السنة والجماعة وتزعزع ثوابت الأمة»، طبقا لتصريحاته. وأثار تناقض شيخ الأزهر وحديثه الأخير في إندونيسيا موجة جديدة من الغضب والتهكم الشيعي ضده وقال عماد الديب المفكر الشيعي، إن حديث شيخ الأزهر يتبدل طبقا للأحوال السياسية، فطالما كان بعيدا عن مصر، سواء في المغرب أو إندونيسيا أو أي مكان آخر يتحدث بأريحية عن المذهب الشيعي في محاولة للظهور بمظهر المنفتح، في حين أن ذلك لا يعبر عن الواقع داخل مصر».
مشيخة البرق والبريد والهاتف
وفي اليوم التالي الخميس تلقي شيخ الأزهر في «اللواء الإسلامي» (حكومية) هجوما عنيفا ولاذعا من زميلنا وصديقنا حازم عبده، بسبب ما اعتبره تصرفات من الدكتور الطيب تقلل من شأن الأزهر قال والحزن يعتصر قلبه: «يعلم الله مدى دفاعي عن الأزهر الشريف، ولعل مقالتي الأخيرتين خير شاهد على ذلك الدفاع، لكن ذلك لا يمنعني من التوقف بالنقد، قد أرى فيه ترخصا لا يليق لا بمقام الأزهر ولا بمقام إمامة الأكبر، لأن مثل هذه المواقف على بساطتها قد تمثل لونا من ألوان الإساءة لهذه القامة قامة الأزهر، وقامة شيخه، وأذكر هنا بعض الأخبار والمواقف التي أرى فيها ترخصا لا يليق، يقول الخبر الأول الإمام الأكبر يهنئ الدكتور سلطان الجابر لتجديد الثقة به كوزير دولة في حكومة الإمارات، وتعيينه مديرا عاما لشركة بترول أبو ظبي الوطنية. أما الخبر الثاني فيقول، الإمام الأكبر يهنئ الدكتور علي النعيمي لتعيينه مديرا عاما لمجلس أبو ظبي للتعليم، حيث بعث فضيلة الإمام الأكبر برقية تهنئة إلى الدكتور علي النعيمي بمناسبة تعيينه، مع تقديري واحترامي لكل الدول العربية، صغرت أم كبرت، ومع احترامي لمنصب مدير شركة البترول ومدير التعليم، هل من أدبيات المشيخة وشيخ الأزهر أن يبعث مثل هذه البرقيات؟ وإن كان الأمر كذلك لماذا لم يبعث مثلها لمدير تعليم الصومال أو جيبوتي أو مسؤول البلدية في موريتانيا، أو وزير الفلاحة في الجزائر، فمثل هذه الأمور لا علاقة لها بالبروتوكول ولا بالمشيخة ولو أن الأزهر وشيخه تفرغا لكتابة برقيات تهنئة لمسؤولي التعليم ومديري شركات البترول والكهرباء والصرف الصحي في الدول العربية والإسلامية لتحول إلى مشيخة البرق والبريد والهاتف وهذا لا يليق».
حسنين كروم