غزة – «القدس العربي» أعلن المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أن معدلات اعتقال واحتجاز التجار الفلسطينيين لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي، من الذين يتنقلون ضمن مهمات عملهم الاعتيادية عبر معبر بيت حانون «إيرز»، والخاضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، سجلت ارتفاعاً غير مسبوق بداية هذا العام، مقارنة بذات الفترة من العام الماضي، واتهم إسرائيل بـ»تقويض» آخر مقومات الاقتصاد.
وذكر المرصد في تقرير مفصل حول حوادث اعتقال التجار الأخيرة وتلقت القدس العربي نسخة منه أن حالات اعتقال التجار الفلسطينيين ورجال الأعمال، في المعبر الواقع أقصى شمال قطاع غزة، خلال الربع الأول من العام 2015 بلغت (19) حالة اعتقال، وأنه تم الإفراج عن اثنين منهم، فيما لا يزال (17) تاجراً معتقلاً حتى تاريخه.
وأوضح أنخ تم تقديم لوائح اتهام لستة تجار منهم، تتمحور حول إدخال مواد ممنوعة لقطاع غزة، ومساعدة الفصائل الفلسطينية المسلحة في القطاع، وتهم أخرى تتعلق بتهريب معدات اتصال وشبكات لحركة حماس عبر الأنفاق الحدودية مع جمهورية مصر العربية في العام 2013، في الوقت الذي سجلت فيه حالة اعتقال واحدة في الفترة نفسها من العام 2014، فيما قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي باحتجاز (25) تاجراً لعدة ساعات في مراكز الشرطة التابعة لها لأسباب غير مبررة منذ بداية العام الحالي حتى مارس الماضي، وسحبت تصاريح 46 تاجراً.
وأشار الأورومتوسطي إلى أن التجار المعتقلين لدى سلطات الاحتلال الإسرائيلي في أحيان كثيرة توجه لهم تهم تتعلق ببيع مواد وبضائع لجهات معادية في قطاع غزة، في حين أن البضائع التي يستوردها التجار هي بضائع متعددة الاستخدام يتم بيعها لأفراد مدنيين في القطاع، ثم إن جميع المواد الداخلة للقطاع تخضع للرقابة الإسرائيلية المشددة، وتمر عبر غرف وأجهزة الفحص الإسرائيلية، فيما كان يتم إدخال تلك البضائع بشكلٍ علني سابقاً عبر الأنفاق الحدودية مع جمهورية مصر العربية والتي كانت تمثل شريان الحياة بالنسبة لسكان القطاع ويعتمد عليها السكان بشكل أساسي، إلا أن الإجراءات الأمنية المصرية على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة تسببت في تدمير وإغلاق الأنفاق، الأمر الذي أدى إلى التوقف التام لإدخال السلع والبضائع عبرها.
ووفقاً للمعلومات التي جمعها فريق المرصد الأورومتوسطي فإن تلك الاعتقالات «تثير شكوكاً كبيرة حول نوايا إسرائيلية حقيقية لإلحاق أضرار بالغة في اقتصاد قطاع غزة، خاصة وأن التجار المعتقلين يشغلون قطاعات اقتصادية هامة في القطاع، ويستوردون مواد تتصل اتصالاً مباشراً بالحياة اليومية للسكان».
وأوضح المرصد الحقوقي أن عمليات الضغط الإسرائيلية على التجار الفلسطينيين «ارتفعت في الآونة الأخيرة»، وخاصة في الربع الأول من العام الحالي، كان منها زيادة المقابلات التي تقوم بها المخابرات الإسرائيلية للتجار على معبر بيت حانون «إيرز»، بهدف الضغط عليهم لتقديم معلومات عن قطاع غزة، وعن الفصائل الفلسطينية المسلحة في القطاع، والإمعان في تفتيشهم على المعبر أثناء المغادرة والعودة، في حين أنه كان لا يتم تفتيشهم أثناء العودة سابقاً، إضافة إلى سحب تصاريح التجارة منهم عند مخالفتهم بعض تعليمات السلطات الإسرائيلية أو لرفضهم العمل لصالح الأجهزة الإسرائيلية.
وأشار إلى أن المخابرات الإسرائيلية «تبذل محاولات جادة لتجنيد التجار أثناء مقابلتهم للعمل مباشرة مع السلطات الإسرائيلية مستخدمة في ذلك أساليب عدة كالتهديد والإغراءات».
وقال الأورومتوسطي «ما من شيء يدعو للتعامل مع التجار الفلسطينيين بهذه الطريقة غير المبررة من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ومحاسبتهم على أعمال من المفترض ألا يتم محاسبتهم عليها، في الوقت الذي يمثل فيه معبر بيت حانون (إيرز) آخر المنافذ التي يسلكها التجار من أجل أعمالهم وتجارتهم لاستيراد البضائع لسكان القطاع المحاصرين منذ ما يقارب الثماني سنوات».
وأشار الأورومتوسطي إلى أن المحققين الإسرائيليين يتعاملون مع التجار المعتقلين بـ «طريقة مهينة ولا إنسانية، ويوجهون لهم الشتائم أثناء عملية اعتقالهم، والتي تتم عبر تعصيب أعينهم وتقييد أيديهم من الخلف».
ونقل التقرير عن مصادر أمنية فلسطينية قولها أن المعلومات التي يتم جمعها من خلال استجواب المواطنين على المعبر تتمحور حول أسباب السفر، ومعلومات حول المسافر وعلاقاته الاجتماعية، وعلاقته بالتنظيمات الفلسطينية في قطاع غزة، ومعلومات عامة حول الوضع في قطاع غزة وخاصة في مجال تخصص المسافر، كأن يكون مزارع أو مهندس أو تاجر أو حتى طالب أو مريض.
وأوضح الأورومتوسطي في تقريره، ووفقاً للشهود الذين التقاهم أن السلطات الإسرائيلية تتعمد التضييق على كل فلسطيني عند مروره عبر هذا المعبر وتحاول إذلالهم وتهديدهم بالاعتقال تارة، وتارة بسحب التصاريح، وأخرى بابتزازهم ومحاولة تجنيدهم للعمل الاستخباري، فيما يبقى الفلسطينيون ساعات طويلة على المعبر حتى يسمح لهم بالمرور.
وفي هذا الصدد وثق التقرير، إفادات وشهادات حية على انتهاك السلطات الإسرائيلية لحق التجار الفلسطينيين في الحركة والتنقل عبر المعبر. وأظهر التقرير أن 95% من سكان قطاع غزة لا يستطيعون التنقل عبر معبر بيت حانون «إيرز» بفعل القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل لتنقل الأفراد عبره.
ولفت المرصد الحقوقي في التقرير إلى أن السلطات الإسرائيلية تنتهك حق مواطني قطاع غزة بالسفر والتنقل بشكلٍ واضح على هذا المعبر، وأنها «لم تُعر المواثيق والعهود التي كفلت هذا الحق أي اهتمام، وتمارس سياسة التضييق على المواطنين الذين يتنقلون عبره».
وشدد المرصد على أن الحق في حرية التنقل والسفر هو من «الحقوق الثابتة في القانون الدولي»، والتي تعتبر من الحقوق اللصيقة بالإنسان وحريته، ولا يجوز المساس بها إلا في ظروف طارئة وفي أحوال ضيقة ومحددة وفي إطار القانون.
يشار إلى أنه رغم الحديث عن تسهيلات إسرائيلية مؤخرا للسكان المحاصرين، بزيادة كميات المواد المدخلة، إلا أن إسرائيل قامت الأسبوع الماضي بعملية تضييق على الكثير من الشركات المستوردة، وأهمها العاملة في استيراد الأخشاب، ومنعت نحو 20 شركة من الاستيراد، وإدخال البضائع من معبر كرم أبو سالم.
وبموجب الحصار تمنع إسرائيل مرور الكثير من البضائع والسلع للسكان المحاصرين، وأهمها المواد الخام ومواد البناء.
وكان ممثلو القطاع الصناعي والتجاري في غزة عقدوا الأسبوع الماضي مع الجانب الإسرائيلي المشرف على معابر وبضائع غزة، في معبر بيت حانون «إيرز»، وجرى بحث الكثير من الملفات، بما في ذلك ملف الأعمار والقيود المفروضة على عمليات الاستيراد.
وكذلك بحث المجتمعون مع الجانب الإسرائيلي قرار الاحتلال الخاص بمنع استيراد الأخشاب، والقيود المفروضة على تصدير البضائع من القطاع.
ويقول تجار فلسطينيون أن الاجتماع لم يتم خلاله التوصل إلى إي نتائج إيجابية ملموسة، إذ لم تقدم إسرائيل أن وعود بإجراء تسهيلات جديدة، خاصة في ظل عمليات الاعتقال التي تنفذها سلطات الاحتلال بحق التجار.
وطلب المجتمعون من الجانب الفلسطيني من المسئولين الإسرائيليين بإعطاء تصاريح إضافية لعدد كبير من تجار غزة، وإتاحة حرية التنقل بشكل أكبر للتجار دون أي عراقيل خلال انتقالهم من القطاع للضفة الغربية أو لإسرائيل.
أشرف الهور