رام الله ـ «القدس العربي»: وسط أجواء الأعياد اليهودية، نفذت مجموعة من المستوطنين من المتطرفين، عملية استيلاء على ثلاث بنايات تحوي 24 شقة سكنية في أحياء القدس المحتلة، بدعوى ملكيتها لها. وتمت العملية كما العادة،تحت حراسة جيش الاحتلال الإسرائيلي وشرطته، وهي الأوسع على الإطلاق، وتمثل سابقة هي الأخطر في عملية الاستيلاء على المنازل الفلسطينية في المدينة المقدسة.
ونفذت العملية في حارة بيضون ببلدة سلوان، جنوب المسجد الاقصى، وتعود البنايات الثلاث لكل من عائلات فيصل الكركي، وعنان بيضون، ويوسف الزواهرة. وخلال عملية الاستيلاء اندلعت مواجهات عنيفة بين الاهالي وقوات الاحتلال، أصيب فيها شرطي إسرائيلي بحجر في رأسه، في حين ألقى المستوطنون أغراض المواطنين الفلسطينيين في الشارع.
و أصدر «مركز معلومات وادي حلوة» في حي سلوان بيانا رسميا قال فيه، إن قوات الاحتلال برفقة مستوطني جمعية العاد الاستيطانية اقتحموا بلدة سلوان، وبعد الانتشار الواسع في أحيائها وحاراتها شرعوا بالاستيلاء على المنازل الخالية من سكانها، باستثناء أحد المنازل الذي أخلي منه سكانه عنوة.
وأعلن المركز أن بعض المنازل قد تكون سُربت من بعض السكان بطرق ملتوية. واعتبر المركز هذه العملية الأخطر في القدس المحتلة، مستنكرا الهجمة الاستيطانية غير المسبوقة في البلدة، بالقول «حتى لو كان هناك تسريب فهي عملية استيلاء غير شرعية على المنازل العربية، تنفذها جمعية العاد الاستيطانية، التي تطبق وعلى مدار السنوات الماضية، أجندتها بطرق مختلفة.»
وطالب المركز السلطة الفلسطينية والمؤسسات والقوى الوطنية والإسلامية محاسبة وملاحقة المُسربين قانونياً، كما طالب السكان بمقاطعتهم، وبهذا الاستيلاء ارتفع عدد البؤر الاستيطانية في سلوان ليصبح 29 بؤرة استيطانية، 26 منها في حي وادي حلوة، حيث استولت جمعية إلعاد على أول منزل في سلوان عام 1987، ثم شنت حملة استيلاء واسعة عام 1991.
وأدعت صحيفة «معاريف» العبرية وغيرها من وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن الشقق التي احتلها المستوطنون في سلوان، تم شراؤها من قبل شركة أمريكية اسمها «كيندل فينس».
وسبق عملية الاستيلاء هذه مصادقة الحكومة الإسرائيلية على بناء مستوطنة ضخمة جنوب مدينة القدس، ضمن مشروع «القدس 2020» الذي يستهدف إنشاء 58 ألف وحدة استيطانية. وتمت المصادرة الاسبوع الماضي على بناء 2561 وحدة استيطانية في مستوطنة «جفعات همتوس»، التي ستقام على أراضي بلدة بيت صفافا جنوب القدس ايضا، وجزء من أراضي مدينة بيت جالا في بيت لحم.
يذكر أن الحكومة الإسرائيلية صادقت على إنشاء المستوطنة، من خلال اللجنة اللوائية، التي تختص بالمصادقة على أوامر الاستيطان، وهذا يعني أن المصادقة هذه لا تحتاج سوى إصدار العطاءات من أجل المباشرة في بناء المستوطنة.
ويوجد مكان المستوطنة حاليا نحو 250 منزلاً متنقلاً من الكرفانات للمستوطنين، وسيتم إزالتها وفقا للمشروع، وإنشاء مبان اسمنتية مكانها، وهذا يعني أن بلدة بيت صفافا باتت محاصرة بالمستوطنات والطرق الالتفافية من كل الجهات، والقضاء على أي مجال للتوسع العمراني للبلدة، كما أنها ستؤدي لفصل منطقة جنوب القدس عن بيت لحم من جبل أبو غنيم حتى قرية الولجة.
ويشكل هذا المشروع قفزة نوعية في مشروع تهويد القدس 2020، الذي يقضي بتوسيع مستوطنات موجودة، وإقامة أخرى جديدة، فالمستوطنة الجديدة كبيرة الحجم، وسيتم من خلال ذلك مصادرة نحو 2000 دونم.
بدوره أكد خليل التفكجي، مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق، والخبير في شؤون الاستيطان والخرائط لـ «القدس العربي» أن قضية سلوان ليست سوى جزء صغير من مخطط تهويدي كبير، حيث أن إسرائيل تسعى لبناء مستوطنات جديدة، وتوسيع أخرى قائمة، والاستيلاء والبناء داخل التجمعات السكنية الفلسطينية في القدس المحتلة.
وقال إن هذا مخطط مقسم إلى قسمين رئيسيين، الاول منع إعادة تقسيم مدينة القدس المحتلة، والثاني إحداث تغيير ديموغرافي لصالح إسرائيل في المدينة المقدسة، وهي سياسة متشابكة لربط ثلاثة عناصر ببعضها البعض. فإسرائيل بحسب التفكجي تريد القول «أولاً إن هنا كان لنا تاريخ قبل ثلاثة آلاف عام، وثانياً الناحية الدينية وقربها من ساحة البراق، وقضية الهيكل المزعوم، وثالثاً القضية السيادية لتقول «إننا نحن من يسيطر على البلاد».
وذكر التفكجي أن الأسبوع المقبل سيشهد افتتاح 22 وحدة استيطانية في جبل الزيتون، ما يعني أن إسرائيل أرسلت رسائل للفلسطينيين أن في شرق وغرب مدينة القدس تحت السيطرة الإسرائيلية، ورسائل أخرى للعالم أن القدس هي لليهود فقط، والبناء فيها كما البناء في تل أبيب كما قال نتنياهو، وهذه هي خطورة ما تم في سلوان.
وأدان نبيل أبو ردينة، الناطق الرسمي باسم الرئاسة، بشدة استيلاء المستوطنين على بنايات وشقق سكنية في حي وادي حلوة في بلدة سلوان، جنوب المسجد الأقصى المبارك، بدعم من قوات الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى المبارك. وقال في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية، إن العدوان الإسرائيلي السافر على القدس والمسجد الأقصى، لا يترك أي خيار أمام القيادة الفلسطينية، سوى التوجه إلى المنظمات الدولية، لمحاسبة إسرائيل على جرائمها، وإجبارها على وقف الاستيطان.
وأتت هذه التطورات على وقع اقتحام أكثر من مائة وخمسين مستوطناً يهودياً من المتطرفين للمسجد الأقصى المبارك، عبر باب المغاربة، ونفذوا جولات «سياحية» وطقوسا دينية قبل مغادرتهم عبر باب السلسلة، تحت حراسة عسكرية إسرائيلية مشددة.
فادي أبو سعدى