المصريون يشكون ليل نهار من الغلاء وأعضاء مجلس النواب والساسة لا يعرفون حقيقة الأوضاع ومعاناة ناخبيهم

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: اهتمت الصحف المصرية الصادرة أمس الأربعاء 6 يونيو/حزيران، كما الأغلبية بالقضايا السياسية بعد الإعلان عن تقديم رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل استقالة حكومته للرئيس عبد الفتاح السيسي، وتكليفه بالاستمرار في إدارة الأعمال، حيث بدأت التساؤلات عن رئيس الوزراء القادم، هل سيعيد الرئيس تكليف شريف بها للاستمرار في المشاريع التي تنفذها مع تعديلات في بعض الوزراء؟ أم سيكلف غيره بها؟ وهل هو وزير الإسكان والمجمعات العمرانية الدكتور مصطفى مدبولي؟ أم مساعد الرئيس للمشروعات الاستراتيجية ورئيس الوزراء السابق المهندس إبراهيم محلب؟ أم شخصية غير متوقعة بالمرة. وفي ما عدا هذا الاهتمام الطارئ بقضايا سياسية، فالاهتمام لا يزال منصبا على امتحانات الثانوية العامة واستمرار حالات الغش رغم أنها قليلة جدا هذا العام. وقد أخبرنا الرسام في «اليوم السابع» محمد عبد اللطيف أنه كان في زيارة للجنة امتحانات فوجد طالبا يغش من طالب بجانبه ويقول للملاحظ: ده مش غش ده تبادل ثقافي.
واستمر الاهتمام واسع النطاق بمباريات منتخب البلاد لكرة القدم في مونديال روسيا وارتفاعات أسعار الوقود المقبلة ومتي ستنزل فوق أمهات رؤوس الناس وآثارها، ومسلسلات القنوات التلفزيونية خلال شهر رمضان. وإلى ما عندنا من تفاصيل الأخبار وأخبار أخرى غيرها..

مطالب الولاية الثانية

نبدأ بأبرز ردود الأفعال والهجوم الذي شنه عضو المكتب السياسي لحزب التجمع اليساري حسين عبد الرازق في جريدة الحزب «الأهالي» على كلمة الرئيس أمام مجلس النواب عن برنامجه فقال عنه: «الكلمة التي ألقاها الرئيس عبد الفتاح السيسى أمام مجلس النواب وأداؤه القسم في بداية ولايته الثانية كرئيس لمصر، جاءت خالية من تفاصيل برنامجه الاقتصادي والاجتماعي والسياسي خلال السنوات الأربع 2018 ـ 2022 التي تشكل فترة حكمه في ولايته الثانية والأخيرة، فقد اكتفى الرئيس ببعض العناوين والشعارات العامة مثل وضع «بناء الإنسان المصري على رأس أولويات الدولة خلال المرحلة المقبلة» أو التعهد بأن تكون ملفات التعليم والصحة والثقافة في مقدمة اهتماماتي، ورغم ذلك فقد هلل عديد من أعضاء مجلس النواب للخطاب واعتبروه يتصف بالكمال، ويرسم خريطة المستقبل»، على حد قول سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب. وإعلان لتوجهه خلال الفترة المقبلة وسير الدولة في الاتجاه الصحيح، كما قال سامي سعد عضو المجلس. ويؤكده الرئيس السيسي في تثبيت أركان الدولة المصرية وتحقيق الأمن والأمان، طبقا لما قاله علاء عابد رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب. ويبدو أن عديدا من أعضاء مجلس النواب والساسة والأكاديميين يعيشون في أبراج عاجية ولا يعرفون حقيقة الأوضاع ومعاناة ناخبيهم، فالمصريون يشكون ليل نهار من الغلاء والارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات الأساسية خاصة أسعار المواد الغذائية والمساكن، وهناك موجة جديدة من ارتفاع الأسعار وإلغاء دعم المواد البترولية، في ضوء هذه الحقائق وغيرها كثير يحتاج برنامج الرئيس السيسي إلى مراجعة وحوار مجتمعي حقيقي قبل أن تقع الفأس في الرأس كما يقولون».

المعارضة المصباح الذي ينير طريق الحاكم

أما السياسي والكاتب جمال أسعد عبد الملاك فقد أيد الرئيس، ولكنه اشترط إبعاد المطبلين للنظام وقال: «يمكن أن نقول إن عناصر الخطة الرئاسية مكتملة بالفعل، تؤكد الجدية بعيدا عن الوعود، فالتنمية السياسية الحقيقية هي بالفعل الرأي والرأي الآخر، هو أن تكون هناك معارضة حسب الدستور والقانون، فالمعارضة هي المصباح الذي ينير طريق الحاكم. نتفق في ما نتفق ونختلف في ما نختلف، في إطار اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، فالرأي والرأي الآخر كلاهما يعملان لصالح الوطن، حسبما يوفق كل منهم فلا مجال للتخوين ولا حماية وطنية على أحد غير الدستور والقانون، وهذا بالطبع غير الإرهابي الذي لا علاقة له بالدستور ولا القانون ولا الرأي، وهنا على من أجادوا التطبيل لمصالحهم، نقول لهم في ضوء متطلبات المرحلة المقبلة، يجب أن تأخذوا جانبا ونعطي الفرصة للجميع أن يبدي رأيه ويشارك في البناء وينتظم في الاصطفاف الوطني».

«الصحافة في الولاية الثانية»

أي أن الرئيس يحتاج إلى إعلام يقنع الناس وهو يدافع عن سياساته ويشرحها لهم، ولأن الرئيس سبق له أن أبدى إعجابا بإعلام جمال عبد الناصر فقد طالبه علي الفاتح في مقاله في جريدة «البوابة» بأن يكون إعلامه مشابها له وقال تحت عنوان «الصحافة في الولاية الثانية»:
«من المقولات الشهيرة للرئيس عبدالفتاح السيسي في مستهل ولايته الأولى «يا بخت عبدالناصر بإعلامه» ومن المقولات المفسرة لها مقولة الكاتب الصحافى حازم منير «إعلام عبدالناصر كان مؤمنا بمشروعه، بينما إيمان إعلام السيسي ضعيف في أحسن حالاته». إيمان الصحافة بمشروع وطني لبناء الدولة يعني عدم اكتفائها بنقل قشوره، وإنما الخوض في تفاصيله ومناقشة تداعياته الإيجابية والسلبية، حتى تكتمل الصورة. فهم أغلب القائمين على صناعة الصحافة والإعلام. مقولة الرئيس على نحو خاطئ دفعهم إلى الاعتقاد بإن الدولة لا تريد من يشاركها الرأي في مشروع بناء الوطن، متجاهلين أحد أهم أدوار الصحافة، وهو خلق آلية حوار مجتمعي داعمة لاستراتيجية الدولة ومهذبة لسياسات وخطط الحكومة، وبعين الصحافي أكاد أشعر في معظم الوقت بأننا أمام مالك واحد ورئيس تحرير واحد وفريق عمل واحد، يقوم على عملية إصدار هذا الكم الهائل من الصحف والمواقع الإلكترونية، التي تتبنى في ما يبدو سياسة تحريرية واحدة، وبالكاد تتمايز في ما بينها في انتقاء كتاب المقالات والأعمدة قولا واحدا، الدولة التي تسلط سيف الرقابة الإدارية على رقاب الفاسدين داخل أجهزتها التنفيذية لا يغضبها أن تقوم الصحافة بدورها، بل هي تحتاجه وتطلبه والدولة التي يؤكد رئيسها في مستهل ولايته الثانية، أن الوطن يسع الجميع تحتاج صحافة قادرة على إدارة الحوار بين أطياف المجتمع».

تحرك حزبي بدون تضييق

وفي «الوفد» طالب طارق التهامي بديمقراطية وتعددية حزبية حقيقية يحكم فيها الحزب الذي يحقق الأغلبية في الانتخابات ومما قاله: «وحتى لا تعود الفاشية وحتى لا تعود قوى الظلام وجماعات هدم الوطن، علينا أن نمنح الأحزاب الحقيقية والفاعلة دورًا طبيعيًا فنجعلها تتحرك بدون تضييق، ونجعلها تكبر بدون خوف منها، ونجعلها تفوز في الانتخابات بدون توجيه للقوى الفاعلة في المجتمع بمساندة هذا الحزب أو مواجهة ذاك. نريدها أحزابًا تتخذ قراراتها بدون قلق من تجفيف مصادرها الاقتصادية الضرورية لتنفيذ العمل الوطني، الذي تقوم به ونريدها أحزابًا تتنافس في الانتخابات بدون توقع الفائز من مجاورب السلطة، أو التأكد بأن الخاسر حتمًا سيكون من المعارضة. نريد أن نرى حزبًا للأغلبية البرلمانية لا ينتمي للسلطة من قريب أو بعيد، فنجد رئيس الوزراء قادمًا من حزب ولاؤه للدولة وليس للسلطة، وقد نراه يخسر الانتخابات التالية لصالح حزب آخر، وهكذا يتم تداول الإدارة بين الأحزاب. وعلى الناس في كل مرة أن يختاروا الحزب الذي يعبر عن مصالحهم، وبالتالي يتم اختيار وزراء يقتنع الناخبون بقدراتهم، وعندها ستصبح الأحزاب المفرخة الطبيعية للكوادر، منجمًا ذهبيًا لتخريج الوزراء والمسؤولين، وسيكون للناس دور في الاختيار الديمقراطى الذي نريد المحافظة عليه، تفعيل العمل الحزبي الوطني لن يتحقق إلا عندما يدفع الرئيس تروس تحريكه للأمام لصالح مشروع الدولة الوطنية».

الإصلاح الإداري

وبعد أن استمع وقرأ الرئيس لهؤلاء ولغيرهم قال في كلمة له في حفل إفطار العائلة المصرية نقلا عن إسماعيل جمعة في «الأهرام»: «قال الرئيس أن إجراءات الإصلاح الإداري لن تمس أرزاق الناس، ولن تكون على حساب الموظفين أو على حساب الأسر المصرية. إن النجاح يتطلب منا أن نتحرك بشكل يتسم بالتعاون والتضامن، وإن هذا نص العقد الاجتماعي الذي بيننا. وأنتهز هذه الفرصة لأوجه الشكر للشعب المصري بكل أطيافه لتحمله هذه الظروف الصعبة، بعد أن أطلقنا مرحلة إصلاح اقتصادي كانت قاسية على البعض»إن المرحلة المقبلة ستشهد اهتمامًا كبيرًا بالتعليم والصحة والإصلاح الإداري، ودعا الرئيس المواطنين إلى التعاون لإدخال إصلاحات مهمة للمنظومة التعليمية، موضحا أن هذه الإصلاحات مدروسة جيدًا وأخذت حقها من البحث والحوار المجتمعي».

معارك وردود

وإلى المعارك والردود المتنوعة وأولها عندما سمعت صرخة استغاثة صادرة من الصفحة الاخيرة في جريدة «المصري اليوم» وكان صاحبها السيناريست والناقد الفني مصطفى محرم فقد صرخ مهاجما الجمعية التاريخية المصرية وأعضاءها لأنهم لا يهاجمون عهد عبد الناصر ومما قاله: «تمثل الجمعية التاريخية صرحاً مهماً ينظر إليه المثقفون والحريصون على تناول علم التاريخ بأمانة وموضوعية وكان هذا دأبها في الواقع منذ أكثر من خمسين عاماً، عندما كان أعضاؤها من كبار كتاب التاريخ ومؤرخيه، الذين قاموا بتصحيح الكثير من الأحداث التي مرت بها مصر، فكانت آخر كتاباتهم العلمية، التي تتسم بالموضوعية هي بنهاية العصر الملكي وبعد يوليو/تموز 1952، رفعت الأقلام وجفت الصحف، وقام عبدالناصر بكتابة التاريخ الذي أراده أن يكون وساعده في ذلك الكثير من المنافقين والخائفين والكذابين، وكان أول الكذب عندما وافقوا عبدالناصر على أن حركة يوليو هي ثورة على الظلم والفساد، رغم أنها لم تكن سوى انقلاب عسكري قام به بعض ضباط الجيش، ولم يشترك فيه أي مدني سوى رجل شيوعي يدعى أحمد فؤاد، واستطاع عبدالناصر بقوة الدعاية أن يجعلها ثورة وثورة شعبية مباركة، واستطاع بعد ذلك أن يضمن بقاءه في حكم مصر عن طريق زبانيته، وأن يقنع المصريين بأنه يحكم حكماً ديمقراطياً عن طريق الحزب الواحد «الاتـــحاد الاشتراكي» وضرب بالحكم النيابي الديمقراطي الذي كانت تتمتع به مصر في العصر الملكي، عرض الحائط. والسؤال الذي أطرحه بمناسبة هذا الكلام: لماذا لا تقوم الجمعية التاريخية الموقرة، وهي المفروض أنها الجهة العلمية الموثوق بها بأن تجلي الحقيقة عن عهد عبدالناصر بكل مساوئه، حتى تريحنا من دعاوى من يعتمرون الناصرية على رؤوسهم، وينتهزون فرصة أي مظاهرة أو مؤتمر سياسي ويرفعون صور عبدالناصر على أساس أنه القدوة، فقد أخرج الإنكليز من مصر وأدخل بدلاً منهم الإسرائيليين».

شهادة للتاريخ

ومن عبد الناصر وعهده إلى مبارك وعهده ورجاله حيث قام محمود غلاب في «الوفد» بمهاجمة اثنين من أبرز قادته وهما خفيف الظل ورئيس مجلس الشعب الدكتور أحمد فتحي سرور والدكتور محمد رجب، الذي تولى رئاسة الحزب الوطني بعد عزل مبارك، وذلك ردا على حديث مسرور في «الأهرام» وكنا قد أشرنا إليه وحديث رجب في «الوطن» وقال: «عندما يتكلم سرور ورجب فهذه شهادة للتاريخ، تكشف بعض أسرار نظام مبارك، الذي اعتمد على حكم الفرد الديكتاتوري، فسقط في الفساد السياسي والفساد الاقتصادي، وعندما طفح الكيل خرج الشعب يوم 25 يناير/كانون الثاني يطالب بالعيش والحرية والكرامة الاجتماعية، فلو كانت مصر في ذلك الوقت دولة مؤسسات لتدخل مجلس الشعب الذي كان سرور على قمته أكثر من 20 عامًا.
وتحدث رجب مع حزبه الذي كان يزعم أنه حزب الأغلبية، ولكن بالبلطجة والتزوير سرور نسب الفشل إلى نظام مبارك بالكامل، ورجب نسبه إلى مبارك شخصيًا. والخطير في كلام محمد رجب آخر أمين عام للحزب الوطني عينه مبارك بعد استقالة الدكتور حسام بدراوي، أنه اتهم مبارك بأنه كان لا يحكم مصر في السنوات الأخيرة، ورغم ذلك قبل رجب أن يدافع عن نظام لا يعرف من يحكمه. رجب يقول إن مبارك ابتعد عن الحكم في السنوات الأخيرة، فمن الذي كان يحكم مصر في هذه السنوات وبدأت من أي عام؟ هل كان يحكم جمال مبارك الذي كان يريد أن يرث الحكم من والده؟ وهل كان رجب مع مبارك أم مع جمال؟ وسرور يقول أن أخطاء الحكم التي أدت إلى قيام ثورة 25 يناير/كانون الثاني كان يعلم بها مجلس الشعب والسؤال: لماذا تكتمت يا دكتور على هذا الخطر وأنت على قمة السلطة التشريعة؟ هل هو التمسك بالمنصب حتى لو كان هناك خطر يهدد بسقوط الدولة؟».

اختراق المجتمع والنخبة

أما المعركة الثالثة فكانت من نصيب رئيس تحرير «الشروق» عماد الدين حسين، فقد خاضها تحت عنوان «كيف تمنع اختراق المجتمع والنخبة؟ «وقوله: «كيف يمكن لمصر أن تحمي نخبتها من أن يتم اختراقها بهذا الشكل الفج ،وتتحول إلى أداة طيعة في يد هذا الشخص أو ذاك، أو هذا البلد أو تلك، بل تصبح خنجرا في ظهر الوطن بأكمله أحيانا؟ أول شرط هو أن تكون الحكومة وسائر أجهزة الدولة مقتنعة بضرورة تحصين كل قوى المجتمع من رياح الاختراق المستمرة، وأن تحصن نفسها أولا وإن لم تفعل الحكومة ذلك، فإنها تجعل بقية المجتمع عرضة للاختراق، وإذا كانت ذاكرتنا قوية فإن هذا التجرؤ يحدث منذ عقود. أذكر أنه في بدايات تسعينيات القرن الماضى قامت بعض الشخصيات الخليجية المشهورة المقيمة في مصر بالاعتداء على أسر مصرية، ولم تتم معاقبتها، بعدها قام شباب من دولة خليجية أخرى بدهس مصريين خلال سباق جنوني بالسيارات في شوارع القاهرة، أسفر عن ضحايا ولم تتم معاقبتهم، بل حوادث أخرى مشابهة جرى فيها ترحيل المتهمين والمجرمين و«الطلسقة» على القضية وترضية الضحايا أو أهاليهم ببضعة آلاف من الجنيهات، أو الدولارات ثم تنتهي القصة. البداية أن يتوقف كل ذلك فورا وأن يدرك الجميع أن هناك فارقا ضخما بين ضرورة وجود علاقات ود وصداقة وأخوة بين مصر وكل البلدان العربية من جهة، وأن يفكر شخص أو جهة في التجرؤ على مصر بطريقة مسيئة، لا أقصد بالمرة من قريب أو بعيد أن نسيء لعلاقتنا مع الأشقاء في الخليج، بل أدعو دائما لسد الثغرات التي يحاول عبرها الأعداء الإساءة لعلاقتنا مع الأشقاء العرب لأنهم بالفعل أخوة لنا بالمعنى الاستراتيجي، هناك فارق بين أن أحافظ على علاقتي بهذه الدولة أو تلك، وأن أسمح لأي مواطن مهما كان مركزه أن يتصرف بطريقة يعتقد فيها أنه صار المتحكم في بلدنا، وحتى أكون موضوعيا فأنا لا ألوم هذا الشخص أو ذاك اليوم أو بالأمس القريب أو البعيد، بل علينا أن نلوم أنفسنا نحن من يعطي الإيحاء بالقبول أو الرفض».

الإرهاب وأم المثني

ومن المعارك بالكلمات إلى المعارك بواسطة الأمن حيث قتلت الشرطة خمسة عشر إرهابيا من «داعش» هاجمتهم وهم مختبئون في أحد الأوكار بالطريق الدائري لمدينة العريش بعد أن تلقت معلومات عن وجودهم. كما ألقي القبض على أم المثني، وكان هذا خبرا رئيسيا لحسام محفوظ في الصفحة الأولى من جريدة «الدستور» جاء فيه: «كشفت مصادر أمنية عن نجاح أجهزة الأمن في إلقاء القبض على الإرهابية الشهيرة بأم المثني، المتهمة بتمويل خلية «داعش» الصعيد الإرهابية. وقالت المصادر إن أمل عبد الفتاح الشهيرة بأم المثني هي المتهمة رقم 17 في أمر إحالة المتهمين إلى محكمة جنايات الجيزة برئاسة المستشار معتز خفاجي، وذكرت أن أم المثني هي نجلة عبد الفتاح إسماعيل الذي حكم عليه بالإعدام مع سيد قطب، منظر التنظيمات الإرهابية في قضية تنظيم 65 بتهمة محاولة قلب نظام الحكم واغتيال رئيس الجمهورية وحيازة أسلحة ومفرقعات».

رحيل مذيع النكسة

أما محمد أمين فيتساءل في «المصري اليوم»: «ما ذنب الإعلامي أحمد سعيد كي نحمّله آثار النكسة حتى الآن؟ وأي ظلم له حياً وميتاً حين نطلق عليه لقب «مذيع النكسة» في حياته، ونعلن خبر رحيله بعنوان «وفاة مذيع النكسة»؟ حرام أن يتحمل أحمد سعيد خطايا عصر أو هزيمة جيش، فلم يكن الراحل يجرؤ على أن يذيع كلمة واحدة من نفسه.. فالمذيع لا يُسأل عن النشرة الإخبارية، وإنما يُسأل عن رأيه. فهل كان أحمد سعيد مسؤولاً عن النكسة أو الهزيمة في 5 يونيو/حزيران 67؟ وهل كان يعلن سقوط الطائرات من تلقاء نفسه؟ نريد إنصاف الرجل بعد أن رحل عنا للقاء ربه.. فلم يقف مشوار أحمد سعيد عند الحد الذي أغضب المصريين، وإنما كان له دور كبير في تطوير العمل الإذاعي.. كما أنه عمل في الصحافة وانتقل إلى الإذاعة في «صوت العرب»، حتى أصبح مدير المحطة. لا أحمد سعيد كان له ذنب في ما أذاع أيام النكسة، ولا صبري سلامة، الإعلامي الكبير، له فضل في ما أذاع يوم النصر في 6 أكتوبر/تشرين الأول.. أرزاق.. كلاهما انتظر خطاباً مغلقاً مكتوباً عليه «سري للغاية» وقرأ ما فيه.. هذا مذيع، وهذا مذيع.. لا الأول حارب وانهزم.. ولا الثاني حارب وانتصر.. فقد كان سعيد أعلى سهماً من صبري سلامة.. وكان الراديو يطلق عليه راديو أحمد سعيد. فالعرب من المحيط إلى الخليج كانوا ينتظرون «صوت العرب» كانوا ينتظرون أحمد سعيد.. صحيح كانت له لهجة مميزة، وكان صوته جهورياً يجذب المستمعين، وربما تعلم الإذاعيون الدرس منه، فحين جاء صبري سلامة يذيع خبر النصر قال له بابا شارو، رئيس الإذاعة: لا ترفع صوتك وكن هادئاً، وتعامل مع الأحداث على الأرض.. إنه الدرس القاسي من تجربة النكسة. طلبني الأستاذ أحمد سعيد منذ أعوام، وكنتُ في «الوفد»، وتلقيت الاتصال عبر التليفون الداخلي من السويتش.. يبدو أنه لم يعثر على رقم الموبايل، ولم يسأل عنه أحداً، ثم عرّفني بنفسه قائلاً: أنا أحمد سعيد.. هل تعرفني؟ فقلت فوراً: طبعاً، ومن الذي لا يعرف أحمد سعيد؟ أنت أستاذ جيل من الإذاعيين، وكان يعلق على أحد المقالات يومها، وأبدى الثناء على ما أكتب. كان صوت الراحل الكبير قوياً متماسكاً، بحيث يمكن أن تميّزه بسرعة، رغم سنوات العمر، فلم يرتبك منه حرف واحد أبداً وكان معتداً بنفسه.. ثم عزمني على فنجان قهوة لنتكلم في أمور كثيرة.. ويبدو أنه كان يعاني من إطلاق اسم «مذيع النكسة» عليه، ولكن شاءت الأيام والأقدار أن يرتبط اسمه من جديد بذكرى النكسة، ويرحل عشية 5 يونيو.. إنه القدر مرة أخرى.فلا تظلموا الراحل الكبير، ولا تحمّلوه ذنب النكسة أو الهزيمة، ولا تحاكموه حياً وميتاً.. فلا هو حارب وانهزم.. ولا هو قائد الجيش أو وزير الدفاع.. فهل ننسى المشير عامر ونمسك في أحمد سعيد؟».

شبه الدولة

أما جمال سلطان في «المصريون» فكتب لنا عن: «الواقعة التي جرت في الإفطار الذي نظمته الحركة المدنية في النادي السويسري، بدعوة من الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي الذي يرأسه الناشط والمثقف اليساري المعروف فريد هران، أثارت استغرابا واسعا، داخل مصر وخارجها، بقدر ما دقت ناقوس الخطر من الأحوال التي وصلت إليها مصر الآن، أن يرسل «أحدهم» مجموعة من البلطجية، قيل إنهم حوالي ثلاثين بلطجيا، لكي يهجموا على حفل صغير معظم الحاضرين فيه من شيوخ السياسة والأدب والصحافة، يصل سن بعضهم إلى السبعين عاما، يتأهبون لتناول طعام الإفطار في رمضان، وعقب الأذان مباشرة وقبل أن يتناول أحدهم طعامه يهجم «الأشاوس» على الموائد المنصوبة فيبعثرونها ويطاردون الحاضرين ويضربونهم ويشجون رأس زهران، وهم يسبون الحاضرين بأبشع الألفاظ مع الشتائم التقليدية التي تتهمهم بالخيانة والعمالة، قبل أن ينسحبوا بهدوء من مكان الموقعة، هذا المشهد الكابوسي لا يمكن تصور أن يحدث في «دولة»، كما أن ردود الفعل الرسمية، شديدة البرود بعدها، بل التجاهل شبه التام لما حدث، رغم بشاعته، يعطي الانطباع بأن أحدا لم يعد معنيا حتى بمحاولة إثبات حضور الدولة بأي صورة من الصور. تخيل معي لو أن هذا الهجوم من البلطجية حدث على حفل إفطار أقامه مجموعة من أنصار الرئيس ومؤيديه أو حزب موال له، ماذا تتوقع من سلوك الجهاز الأمني وجهات التحقيق، لا يحتاج الأمر إلى شرح، وإنما يحتاج فقط إلى مقارنة بالصمت الغريب من الدولة وأجهزتها وجهات التحقيق فيها، تجاه ما حدث أمس في النادي السويسري، هذا سلوك خطير للغاية، ويبعث برسائل شديدة السلبية إلى الناس، بأنهم لا يعيشون في دولة، حتى وإن كان السيسي نفسه قال قبل ذلك أننا لم نصل إلى وضع «الدولة» وأننا «شبه دولة»، فهذا كلام انفعالي من الرئيس ولا يمكن حمله على المعنى المباشر والدقيق له، فالناس تحتاج دائما إلى أن تشعر أنها تتعامل مع قانون ونظام ومؤسسات وأمن، ولا تتعامل مع منطق الفتوات والبطلجية في الحارات الشعبية، بقوانينهم وحساباتهم وأدواتهم ورعونتهم. محاولة تصدير الأذرع الإعلامية للتشويش على ما حدث، أو ترويج روايات سطحية وساذجة عما حدث لن تفيد، ويكفي لأي مرصد سياسي رسمي أن يتابع ما ينشر حتى الآن على صفحات التواصل بعد الواقعة، وشهادات شيوخ الأدب والفكر الحاضرين، وعن ربط التعليقات الغاضبة للحادثة بالإفراج عن «صبري نخنوخ» أكبر بلطجي في مصر بعفو رئاسي قبل أسبوعين، لكي يدرك صانع القرار وصاحب القرار أن الرسالة خطيرة، وأن الأمر يستدعي مراجعة على أعلى المستويات، وتحقيقات جادة في الواقعة، تعيد الإحساس للمواطن، السياسي وغير السياسي، بأن هناك دولة، خطير جدا أن يفقد المواطن أو المعارض الإحساس بأنه يتعامل مع دولة».

الدرس الأردني

ونبقى في «المصريون» ومع فراج إسماعيل ومقاله عن الدرس الأردني: «المعيشة اليومية للمواطن في أي مكان في الدنيا هي عصب الأمن والاستقرار والاطمئنان. لا يمكن أن تطلب من شخص أن يتحمل تكلفة الإصلاح بما ينهك حياته ومعيشته ويكلفه فوق طاقته بما لا يستطيع، مقابل أن حياة جيدة ورائعة تنتظر أحفاده في المستقبل البعيد، أو حتى بعد عدة سنوات. أي إجراءات اقتصادية ينبغي أن تراعي هذا البعد المهم. معيشة الإنسان طاقة لها رصيد معين، إذا نفد، فلن يستطيع السيطرة على نفسه وجنوحه. الجوع كافر كما يقولون.
احتجاجات الأردن درس جديد للعالم العربي وللعالم الثالث عموما المختنق بمشاكله السياسية والاقتصادية. لم يكن أحد يظن أن مملكة راسخة كالمملكة الهاشمية، بما فيها من أجهزة أمنية قوية مشهود لها بالكفاءة والخبرة والقراءة الجيدة للأخطار الكامنة، يمكن أن تشهد ذلك الغضب الشعبي الذي نجح في الوصول إلى الدوار الرابع، وهو المرادف لميدان التحرير عندنا أثناء ثورة 25 يناير/كانون الثاني، حيث مقر رئاسة الحكومة الأردنية. لم يكن الدوار الرابع هو الدور الرابع كما كتب مغرد مصري طريف على تويتر مستغربا من أن المتظاهرين الأردنيين يتظاهرون في عمارة، بل هو ميدان يعج بالوجود الأمني القوي وبالحراسات، وكانت المفاجأة أن كل ذلك لم يمنع امتداد غضب الناس إليه بسبب عدم قدرة جيوبهم على الوفاء بالزيادات في أسعار الطاقة وضريبة الدخل والغلاء الفاحش. على أي حكومة أن تراعي الأبعاد الاجتماعية ومقدرتها ولا تكلف الناس، خصوصا محدودي الدخل والموظفين ذوي المرتبات المتدنية، ما لا يطيقون.عليها أن تبحث عن وسائل أخرى لعلاج مشاكلها الاقتصادية والتضخم والبطالة وقلة ذات اليد. الاستجابة لشروط صندوق النقد الدولي بدون وعي بالخطورة الكامنة وراءها، يمكن أن تقود إلى مشاكل وكوارث. قلنا ونكرر أن هناك طاقة احتمال يجب تبينها وقراءتها بحياد ووعي واحترامها وعدم المجازفة بها. إنه الدرس الأردني الذي يجب أن تتعلمه الحكومات التي تتبنى قرارات اقتصادية صعبة نتيجة ظروفها وندرة مواردها المالية».

الأردن يدفع الثمن

وعن الدرس الأردني كتب أيضا عماد الدين أديب في «الوطن»: «يجب أن لا تشغلنا الهموم الداخلية والتوترات في المنطقة ومسلسلات رمضان، عما حدث ويحدث في الأردن الشقيق. ما حدث في الأردن خلال الأسبوع الماضي تحصيل حاصل عناصر ضاغطة بشدة على البلاد والعباد بشكل مخيف يمكن تحديدها على النحو التالي: إن الأردن يستوعب أكبر عدد للنازحين واللاجئين في العالم العربي مقارنة بتعداد سكانه، وهي مسألة تشكل تهديداً مخيفاً لبنيته الديموغرافية وأمنه واقتصاده. يدفع الأردن دائماً أكثر من غيره فاتورة الأزمات الإقليمية بشكل فادح. – دفع الأردن ثمن هزيمة الجيوش العربية عام 1948 وأصبحت البلاد أكبر ملجأ لسكن الفلسطينيين مقابل المواطنين الشرق أردنيين – دفع الأردن ثمن هزيمة 1967 وتغيرت خريطته الديموغرافية حتى أصبحت التركيبة السكانية تميل في بعض المناطق إلى أغلبية فلسطينية – دفع الأردن ثمن غزو صدام حسين للكويت فتم تهجير العمالة الأردنية وعودة عشرات الآلاف من الأردنيين إلى بلادهم وخسارة العائدات المهمة التي كانوا يدعمون بها الاقتصاد الوطنى سنوياً – دفع الأردن ثمن هجرة ونزوح آلاف العراقيين نتيجة الحرب الأهلية في العراق – ويدفع الأردن أغلى فاتورة لأكبر عدد من النازحين السوريين منذ اندلاع الحرب الأهلية السورية منذ خمس سنوات. إذن الأردن الذي تحده فلسطين وإسرائيل وسوريا والسعودية والعراق ومصر، يقع في عين العاصفة وبؤرة التوترات. ففي عهد جمال عبدالناصر كان يدفع ثمن قومية عبدالناصر. وفي زمن حافظ الأسد كان يدفع ثمن تهديدات البعث السوري. وفي زمن صدام حسين كان يدفع ثمن الحرب العراقية الإيرانية. وفي علاقته بالسعودية ما زال تاريخ الأشراف في الحجاز في خلفية العلاقات، حتى أسس الملك عبدالله بن الشريف الحسين الأردن عام 1921. كل ما يدور في المنطقة يضغط على بلد محدود الموارد العامة محصور جغرافياً يسعى سكانه إلى الحصول على مستوى رفيع من التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية. إذاً نحن أمام بلد كثير التحديات، مضغوط إقليمياً، يعاني من تهديد في تركيبته السكانية، يدفع فاتورة لا قبل له بها في منطقة شديدة الحساسية قابلة للتفجر في أي لحظة. وحده يتحمل الأردن بشجاعة هذا الوضع المخيف. أزمة الأردن تمثل حالة بالغة الأهمية تحتاج منا في مصر ولبنان والسودان وتونس والمغرب دراستها بشكل متأنٍ وعميق للغاية. أزمة الأردن هي عدم قدرة اقتصاد مريض على تلقى روشتة إصلاح هيكلي ومالي ضروري لا بديل عنه، إلا أن المريض يرفض تماماً العلاج لأنه يرى فيه موت شعب وسقوط نظام».

المصريون يشكون ليل نهار من الغلاء وأعضاء مجلس النواب والساسة لا يعرفون حقيقة الأوضاع ومعاناة ناخبيهم

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية