الجزائر – «القدس العربي»: انتقدت أحزاب المعارضة في الجزائر مشروع قانون النظام الداخلي الجديد للبرلمان، الذي عرض للنقاش، مؤكدة أن هذا القانون يمثل تراجعاً عن الممارسة البرلمانية التي كانت موجودة، وأنه في الوقت الذي ينص فيه الدستور على توسيع مجال حركة المعارضة داخل المؤسسة التشريعية، يأتي هذا النص مناقضاً للدستور، ويفرض قيوداً جديدة على النواب لصالح الجهاز التنفيذي.
وقال لخضر بن خلاف رئيس المجموعة البرلمانية للإتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء إن النص المعروض للنقاش يكرس التضييق على المعارضة وتحجيمها داخل المؤسسة التشريعية، في وقت كانت فيه الطبقة السياسية تتطلع إلى قانون جديد يأخذ في الاعتبار التعديلات الدستورية المختلفة، وكذا التجارب السابقة، التي مكّنت من تشخيص الثغرات الموجودة والنقائص التي تعتري الممارسة داحل البرلمان، لكن الذي حدث كان عكس ذلك، بحسب مشروع القانون المعروض للنقاش.
وأضاف في مداخلة خلال مناقشة المشروع أن النص لم يأت على ذكر المادة 114 من الدستور والتي تنص على حق المعارضة المشاركة الفعلية في أعمال البرلمان إلا مرة واحدة، في حين أن معظم المواد مستنسخة من القانون الداخلي لمجلس الشورى، الأمر الذي أفرغ المادة 114 من محتواها.
واعتبر أنه عوض أن يعمل واضعو النص على تصحيح الاختلالات التي يعرفها سير البرلمان، وخاصة مجلس الشعب، فإن القانون الجديد جاء ليكرسها، وفي مقدم ذلك إقصاء المعارضة من المشاركة في هياكل المجلس، أي مناصب المسؤولية مثل نواب الرئيس واللجان القطاعية، فمنذ انتخاب أول برلمان تعددي سنة 1997 كانت المناصب توزع على أساس التمثيل النسبي في المجلس، لكن مع بداية الولاية البرلمانية الحالية، تم إقصاء المعارضة من خلال اعتماد عدد نواب المجموعات البرلمانية، الأمر الذي حصر توزيع المناصب على أحزاب الموالاة فقط، مثلما هو حاصل الآن، والقانون الجديد جاء ليكرس هذا الوضع.
أما في ما يخص مراقبة النواب لعمل الحكومة فإن النص الجديد، حسب بن خلاف، جاء ليزيد في تقليص دور النواب الرقابي، خاصة ما تعلق بالأسئلة الكتابية والشفهية التي يوجهها أعضاء المجلس للوزراء، إذ تمنح السلطة التقديرية لمكتب مجلس الشعب، المنتمين إلى الموالاة، والمكتب هو من يحدد موعد دراسة السؤال وتوقيت تحويله إلى الوزير المعني، من دون أن يذكر النص الإجراءات التي يمكن للنائب اتخاذها في حال رفض الوزير الرد على السؤال الذي طرحه ممثل الشعب.
واعتبر أن النص الجديد يضع شرطاً تعجيزياً لكل نائب يريد مناقشة رد الوزير، إذ عليه أن يجمع توقيعات 60 نائباً، في حين أنه لاستجواب الحكومة يكفي جمع توقيعات 30 نائباً، أما تشكيل لجنة تقصي حقائق فيكفي جمع 20 توقيعاً، وبعد جمع الـ60 توقيعاً لا بد من التصويت على الطلب في جلسة علنية.
وذكر النائب أن تنظيم أيام برلمانية أيضاً سيصبح أمراً معقداً، إذ سيتعين على المجموعات البرلمانية التنسيق مع اللجنة القطاعية المعنية بالموضوع الذي تريد المجموعة مناقشته، وإذا رفضت اللجنة فإن اليوم البرلماني يسقط في الماء، وبما أن اللجان بيد أحزاب الموالاة، فإنه ليس من الصعب تصور كيف سيكون مصير الأيام البرلمانية التي تتناول مواضيع تزعج الجهاز التنفيذي.
وشدّد على أنه من الغريب أن النظام الداخلي لا يعدل إلا بطلب موقع من 50 نائباً، في حين أن توقيعات 30 نائباً تكفي لتعديل قانون.
واعتبرت النائبة فطة السادات عن حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أن الموالاة المسيطرة على الغالبية داخل المجلس تحايلت على المادة 114 من الدستور، التي تكرس حق المعارضة في الممارسة الفعلية داخل البرلمان، وأفرغت هذه المادة من محتواها، من خلال هذا النص المعروض للنقاش، لأنه من المفترض أنه بحكم الدستور المعدل سنة 2016 فإن من حق المعارضة المساهمة فعلياً في الحياة الديمقراطية، من خلال المبادرة باقتراح قوانين واستجواب الوزراء والحكومة وتشكيل لجان تقصي حقائق، في حين أن مشروع النظام الداخلي يفرض قيوداً على المعارضة ويضيّق على هامش حركتها.
وأوضحت أن النص لا يشرح من هي المعارضة، هل إذا صوّت نائب ضد قانون ما جاءت به الحكومة يصبح بشكل آلي محسوباً على المعارضة، ما هي المعايير المعتمدة لتصنيف المعارضة داخل البرلمان، مشيرة إلى أن كل هذه الأسئلة تم تجاهلها، في حين أن النص كله جاء لتكريس هيمنة أحزاب الموالاة على المؤسسة التشريعية.
ويتضمن مشروع النظام الداخلي الجديد فصلاً يخص حضور النواب للجلسات، وجعل من ذلك واجباً ويشترط تبرير أي غياب، وحدّد أربع حالات للغياب المبرر للنائب تتمثل في «حضور نشاط رسمي في دائرته الانتخابية، أو وجوده في مهمة في الخارج، أو مشاركته في نشاط محلي أو وطني، أو أن يكون في عطلة مرضية أو عطلة الأمومة، وتفرض عقوبات على النائب في حال غيابه من دون مبرر، بأن يوجه له تنبيه كتابي، وأن تخصم منه الأيام التي غاب فيها من راتبه، وإذا كرر الغياب خلال الدورة البرلمانية الواحدة، فإنه يحرم من الترشح لمناصب المسؤولية في البرلمان خلال عملية التجديد المقبلة».