المعارضة السورية بعد تخلي واشنطن عنها: سنسرق السلاح من النظام… وروسيا تدخلت بسبب صواريخ «تي أو دبليو» ومسؤولون أمريكيون يعتبرونها «ستنغر»

حجم الخط
2

لندن ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي تحركت فيه روسيا لتطمين دول الخليج حول نواياها في سوريا وأنها تريد الدفع بعملية السلام في هذا البلد الذي تطحنه الحرب الأهلية منذ أكثر من أربعة أعوام، هناك شعور داخل العالم السني أن روسيا اختارت محور إيران ـ العراق- سوريا و»حزب الله» الشيعي ضدهم ووقفت إلى جانبهم.
وليس أدل على هذا من موقف المعارضة السورية لنظام بشار الأسد التي تشعر اليوم أنها بين مطرقة الطيران الروسي ووعود العم الأمريكي الذين لم يف بوعوده طوال السنوات الماضية.
وبحسب أحد قادة الجيش السوري الحر في حماة «نستطيع الحصول على كل أنواع الأسلحة إلا تلك التي تمكننا من إسقاط الطائرات» التي تعود الكابتن مصطفى على سماع صوتها. فبعد أكثر من أسبوع على بدء الغارات الجوية الروسية وأقل من إسبوع على إعلان البيت الأبيض تعليق برنامج تدريب المعارضة السورية، لا تزال هذه متحصنة في مواقعها شمال غربي البلاد، ولكنها محاصرة في البلدات والقرى التي تسيطر عليها.

تقدم بطيء

ويحاول الجيش السوري التابع لنظام بشار الأسد التقدم واسثتمار الغارات بعد عام من التراجع. فيما استفاد «تنظيم الدولة» في الشمال من الغارات وتقدم في مناطق حلب. ويقول مصطفى، وهو متحدث باسم «تجمع العزة» الذي قال إنه أسقط عددا من طائرات النظام فخط الإمدادات العسكرية لا يزال مفتوحا «ولكننا لم نحصل بعد على الصواريخ المضادة للدبابات حيث لم يغير الأمريكيون موقفهم من هذا» حسبما نقلت عنه صحيفة «الغارديان».
وأضافت أن المعارضة السورية المسلحة قرب طرطوس واللاذقية والمناطق القريبة من معاقل الطائفة العلوية في الغرب تعرضت لضربات موجعة في الحملة التي قالت روسيا إنها تستهدف «تنظيم الدولة» لكن المسؤولين الأمريكيين والمقاتلين السوريين يرون إنها موجهة ضدهم.
وتعرضت قوات المعارضة في إدلب لضربات أخرى حيث نقلت عن أبو صالح قائد مجموعة إسلامية قرب بلدة حريتان «في الوقت الذي انشغل فيه الروس بضربنا فإنهم تركوا ـ داعش – يتحرك بحرية، فهل هناك حاجة لشرح هذا؟» ويقول أبو المجد من «تجمع الغاب» إن قرار الولايات المتحدة وقف برنامج تدريب المعارضة لا يؤثر عليهم.
وهناك قلق بين المقاتلين الذين يواجهون الآن عدوا قويا أن ينهار الدعم الأمريكي لهم. وقال أبو المجد «ماذا فعلنا قبل أن يدعمنا الأمريكيون؟ لقد سرقنا السلاح من الجيش السوري وهو ما سنفعله الآن، وسنقاتل حتى آخر قطرة دم في عروقنا وهذا هو خيارنا».
وأضاف «لدينا الكثير من الدعم من أصدقائنا حيث قدم بعضهم لنا الدعم المالي والبعض الآخر الأسلحة، وهي ست أو سبع دول، وبالطبع فالولايات المتحدة والسعودية هما الأكثر دعما لنا».
وأضاف أن «الدعم الذي يأتينا يصل بسرعة السلحفاة فيما يحصل النظام على الدعم الروسي بسرعة الغزال ولا أقول إن السعوديين والأمريكيين لم يقدموا لنا الدعم الكافي، ولكنه لم يصل بالسرعة التي نريدها».
والسبب في عدم توفير السلاح النوعي للمقاتلين هي خشية الولايات المتحدة وقوعه في يد جماعات جهادية رغم مطالب دول مثل قطر والسعودية بتوفيره.

أسلحة نوعية

وخلف القصف الروسي وراءه دمارا شاملا. ونقلت «الغارديان» عن عدنان كانجو، مسؤول المجلس المحلي في ديرة العزة قوله إن الدمار لا يصدق ولم يحدث على هذا المستوى من قبل.
ورغم شكوى القادة من الميدانيين من عدم توفر السلاح الميداني إلا أن تقارير تربط بين التدخل الروسي ووصول صواريخ مضادة للدبابات من نوع «تي أو دبليو».
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن هذه الصواريخ الأمريكية الصنع تلعب دورا في تشكيل المعركة الميدانية في سوريا مما يعطي النزاع مظهرا لحرب بالوكالة تجري الولايات المتحدة وروسيا، رغم محاولة الرئيس باراك أوباما تجنب سيناريو مثل هذا.
وكشفت الصحيفة إن الصواريخ الأمريكية «بي جي أ -71 تي أو دبليو» تم نقلها لجماعات من «الجيش السوري الحر» بشكل سري.
والآن وقد دخلت روسيا الحرب فهي تلعب دورا أكبر مما قصد تحقيقه وقت تزويد المقاتلين بها.
وساعد هذا النوع من السلاح النوعي الذي يطلق عليه المقاتلون في شمال سوريا «أسد تامر» ولعبت في الأيام القليلة الماضية دورا حيويا لإبطاء تقدم قوات النظام التي تحاول استعادة مناطق منهم.
ومنذ أن بدأ الجيش السوري هجومه ظهر العديد من أشرطة الفيديو التي تظهر نجاعة الصواريخ هذه في مواجهة الدبابات الروسية.
وتظهر هذه الصواريخ مثل كرات النار المدورة والتي تنطلق بطريقة معوجة وهي تبحث عن هدفها وسط الريف السوري قبل أن تنفجر وتحول الهدف إلى كتلة من النار.
ويزعم المقاتلون أنهم دمروا في اليوم الأول من الحرب 24 دبابة وزاد العدد مع تقدم المعركة. ونقلت عن الكابتن مصطفى الذي تحدثت إليه صحيفة «الغارديان» واشتكى من غياب الدعم الأمريكي قوله «كانت مذبحة للدبابات».
وقال إن إمدادات جديدة من الصواريخ في الطريق. وهو ما يذكر بالدور الذي لعبته صواريخ «ستنغر» أثناء الحرب الأفغانية في نهاية القرن الماضي.
وتقول ليز سلاي كاتبة التقرير إن الصواريخ الأمريكية أدخلت واشنطن في حرب بالوكالة مع الروس.
ونقلت في هذا الإتجاه عن جيفري وايت من «معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى» قوله «إنها حرب بالوكالة ولكن بالمصادفة».
ويعتقد أنه تم تدمير 15 دبابة في اليوم الأول من المواجهات وأضاف «يبدو أن لدى المقاتلين كمية كبيرة من صواريخ «تي أو دبليو»، فيما يضربهم النظام بدعم روسي، ولهذا لا أرى ما يجري حربا بالوكالة».
ومهما ستكون النتيجة حربا بالوكالة أم لا إلا أن برنامج الصواريخ أشرفت عليه وكالة الاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه» وهو مختلف عن البرنامج الفاشل الذي أشرفت عليه وزارة الدفاع الأمريكية بهدف تدريب 5.000 مقاتل في السنة وفشل فشلا ذريعا.
وكان برنامج «سي آي إيه» قد بدأ في بداية عام 2014 بهدف تقديم تدريب وأسلحة خفيفة والصواريخ المضادة للدبابات للمعارضة السورية. وأثبتت هذه نجاعة لمواجهة قوات النظام المنهكة.

من السعودية إلى سوريا

وتولت السعودية توفير الصواريخ من ترسانتها وتم نقلها إلى سوريا عبر الحدود التركية بموافقة من «سي آي إيه».
وكان الهدف وراء تقديم الصواريخ هذه لدعم استراتيجية أوباما الساعية لدفع الأسد إلى التفاوض حول الخروج من السلطة.
وبحسب مسؤولين أمريكيين وصفوا الاستراتيجية وقالوا إن الهدف كان ممارسة ضغط كاف على القوات السورية بدرجة تدفع النظام للتفاوض وليس الانهيار.
ونقلت الصحيفة عن أبي شهبندر، الذي عمل مع المعارضة سابقا قوله «العامل الرئيسي في الحسابات الروسية هو أن نظام الأسد يعاني من ضعف عسكري ويواجه خطر خسارة مناطق شمال – غربي سوريا.
ولعبت صواريخ «تي أو دبليو» دورا مهما في هذا» مضيفا أن الأمريكيين شعروا هم بالدهشة للنجاح الذي حققته المعارضة. ولم تكن مصادفة أن يستهدف الطيران الروسي قوى المعارضة التي حققت تقدما بسبب الصواريخ النوعية هذه.
ويرى مسؤول أمريكي أن ما فعلته الصواريخ هذه هي أنها حرمت النظام من تفوقه العسكري في مجال المدرعات وفعلت ما فعلته صواريخ «ستنغر» في أفغانستان.
وفي الظرف الحالي لا يعرف المراقبون ما يمكن أن تلعبه الصواريخ في ضوء التفوق العسكري الروسي والمروحيات والمقاتلات التي استهدفت مواقع المقاتلين.
ومن هنا فقد تبطئ الصواريخ تقدم القوات الروسية لكنها لن تشل حركتها كما فعلت ستنغر مع الجيش السوفييتي.
وطالب المقاتلون الولايات المتحدة تزويدهم بصواريخ مضادة للطائرات لكن واشنطن رفضت مطالبهم. ولكن الصواريخ المضادة للدبابات ستصل إليهم، خاصة بعد تعهد السعودية برد عسكري على روسيا.

مواجهة بريطانية ـ روسية

وفي هذا السياق ذكرت صحيفة «التايمز» البريطانية أن الكرملين الروسي استدعى الملحق العسكري بعد التقارير التي طلبت من طياري سلاح الجو البريطاني استهداف المقاتلات الروسية في الشرق الأوسط.
وطلب من الدبلوماسي البريطاني تقديم «توضيح رسمي» من أن المقاتلات البريطانية ـ تورنيدو- جهزت بصواريخ حرارية لضرب الطيران الروسي.
وطلب السفير الروسي في لندن الكسندر ياكوفينكو توضيحا عاجلا من وزارة الخارجية والكومنولث.
وكانت صحيفة «صنداي تايمز» قد نقلت عن مسؤولين قولهم إن طائرات التوريندو في العراق قد جهزت بصواريخ جو- جو من أجل حمايتها من المقاتلات الروسية.
ولم تذكر الصحيفة اسم الوزير الذي قال إن الروس «ناشطون بشكل عال، ولن يفاجأ أحد لو قام الأتراك بضرب مقاتلة روسية، إن ظل الروس ينتهكون المجال الجوي التركي».
وقال السفير ياكوفينكو إن التقارير مثيرة للقلق خاصة أنها تنقل عن مسؤولين بارزين في الحكومة.
وقال إن «فكرة تصادم الطيران الروسي مع البريطاني فوق روسي غير مفهومة، خاصة أن عدم مشاركة الطيران الروسي في الهجمات ضد «تنظيم الدولة» فوق العراق معروفة» و»في الوقت نفسه لا يشارك طيران سلاح الجو البريطاني في الغارات على سوريا، فما هو هدف هذا التسريب الإعلامي المثير للاستفزاز».
وفي العراق تعالت أصوات البعض تطالب بتدخل الطيران الروسي وضرب مواقع التنظيم الجهادي.

ترحيب

وفي العراق مثل سوريا هناك ترحيب واسع بالغارات الجوية. ونقلت مراسل صحيفة «نيويورك تايمز» الأجواء من مدينة النجف.
وتقول إن أكثر صورة تداولا على صفحات الفيسبوك في العراق هي صورة معاملة على «الفوتوشوب» وتظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الزي التقليدي لمشائخ الجنوب العراقي.
ومع أن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 هو الذي قاد لتعزيز قوة الشيعة في البلاد إلا أن الموقف الحازم الذي أبداه «الشيخ بوتين» في سوريا هو الذي يحظى باحترام الناس في مركز التأثير الشيعي في العراق.
ونقل التقرير عن إبراهيم بحر العلوم، النائب في البرلمان، إن ما يهم الناس في الشارع هو كيفية التخلص من «تنظيم الدولة»، و»يشعر الناس الآن أن الروس أكثر جدية من الولايات المتحدة».
وتشير الصحيفة إلى أن أكثر أشرطة الفيديو مشاهدة على اليوتيوب ويظهر بوتين يسير بثقة على وقع أغنية وطنية عراقية تمدحه كقائد وحرصه على توفير الاستقرار للعراق.
ويقول المغني «لا نحتاج لذكر اسمه فهو معروف» وينتهي الشريط بصورة للرئيس الروسي مع حسن روحاني، الرئيس الإيراني يجتمعان في طهران.
وتضيف الصحيفة أن معظم الإعجاب ببوتين بين شيعة العراق ينبع من البعد الطائفي. ففي الوقت الذي عبر فيه السنة عن غضبهم من دعم روسيا لنظام بشار الأسد القاسي إلا أن شيعة العراق يرون فيه حاجزا ضد التطرف السني ويشعرون بالراحة لانضمام روسيا لمحور إيران ـ سوريا.
وهناك بعد آخر يقف وراء الدعم الشعبي للضربة الروسية وهو متعلق ببطء الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد التنظيم في العراق. بالإضافة للنظرة العامة وهي أن إدارة أوباما لم تعد مهتمة بالتأثير في المنطقة.
وتشير الصحيفة إلى «سيمنار» للصحافيين والقادة المدنيين عقد في النجف الأسبوع الماضي حيث سأل رئيس نقابة الكتاب المحلي فارس همام الحضور عن مشاعرهم تجاه التدخل الروسي، فرفع معظمهم دعما له.
وقال همام إن التدخل الروسي مرحب به ليس لأن الناس يحبون التدخل، ولكن بسبب الفشل الأمريكي.
وتعلق الصحيفة أن الكثير من العراقيين لا يعرفون أن معظم الغارات موجهة ضد المعارضة السورية المعتدلة لا «تنظيم الدولة».
ورغم بعد النجف عن ساحة المعركة إلا أنها تبدو في قلبها، ليس لأن آية الله علي السيستاني أصدر فتوى العام الماضي دعا فيها للحشد الشعبي ضد «تنظيم الدولة» بل للجنازات اليومية التي تخرج من مسجد الإمام علي للمقاتلين الذين قتلوا في المعارك.
كما أن منظر اللاجئين الهاربين من الموصل والفلوجة والرمادي ممن يعيشون في خيام على جانب الطريق لا يخفى على الناظر. وتلفت الصحيفة الانتباه لزيارة الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس مقام الإمام الحسين في كربلاء.
وكان سليماني قد زار موسكو في تموز/يوليو هذا العام واجتمع مع القادة الروس لتنسيق الهجوم على سوريا.
وبالإضافة للبعد الطائفي لدعم بوتين لا يزال الكثير من العراقيين يشكون بالأمريكيين الذين وعدوا ببناء العراق ولم يوفوا بوعدهم.
وهناك من يؤمن بنظريات المؤامرة ويربط بين صعود «تنظيم الدولة» والدعم الأمريكي له. ويقول أحمد ناجي، وهو محاضر في جامعة الكوفة «لدى الأمريكيين التكنولوجيا لاكتشاف الماء على المريخ» «فلماذا لا يستطيعون هزيمة داعش؟».
ولا يعرف هذا أن الولايات المتحدة لا تريد الانجرار لحرب جديدة في العراق أو سوريا. ويقول النائب بحر العلوم «يجب أن نضغط على الولايات المتحدة كي تغير موقفها وتتحرك لمساعدة الشعب العراقي».
ويقول محمد حسين الحكيم، أحد القادة الدينيين المعروفين، ان الإعجاب بالروس متعلق بإحباط العراقيين بالحملة الأمريكية ضد «تنظيم الدولة» وبطء وتيرتها. فما يريده الشارع العراقي هو تحركات عملية وفاعلة ضد داعش».
وعلى ما يبدو تأثرت الحكومة العراقية بمواقف الشارع الشيعي، فطائرات النقل العسكرية الروسية عبرت الأجواء العراقية في طريقها للاذقية من دون أي اعتراض. وأعلنت حكومة بغداد عن تعاون أمني إيراني- روسي ـ سوري- عراقي.

إبراهيم درويش

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول ابوطاهر الكوجر:

    من حق كل طرف الترحيب بدعم اية قوة تساعده
    في النجاة من بطش الطرف الاخر.وهكذا يتم
    استنزاف المنطقه.

  2. يقول نمر ياسين حريري ــ فرنسا .:

    روسيا وامريكا تلعبان ورقة الاقليات في المنطق ” شيعة ــ علويون ــ اكراد ” وتنسيقهم وتعاونهم على الارض دون مواجهة او اعتراض من اي دولة كرىى من الدولبتين بل بالعكس تعاون وتنسيق بينهم باسم الشمّاعة التي ابتدعوعها ” تنظيم الدول الاسلامية .” فهم ينهبون مع أهل النظام الثروات السورية الطبيعية والحضارية مثل الغاز والبترول والاثار التاريخية المحمولة .

إشترك في قائمتنا البريدية