نواكشوط – «القدس العربي»: انتقدت المعارضة الموريتانية أمس «تصنيف موريتانيا في ذيل التقرير السنوي لمنظمة الشفافية الدولية الخاص بعام 2016 والذي نشرته المنظمة يوم الخميس».
واحتلت موريتانيا في التصنيف الذي نشرته منظمة الشفافية الدولية، الرتبة 142 على المستوى العالمي والرتبة 29 على المستوى الإفريقي.
وتشكك الأوساط الحكومية الموريتانية في صدقية التقارير الدورية التي تنشرها بعض المنظمات الدولية اعتماداً على معطيات غير مدققة، وتعتبر أن للمعارضة ضلعاً في مد هذه المنظمات بمعلومات مسيسة للإساءة للنظام.
وأكدت المعارضة الموريتانية في بيان وزعته أمس «أن منظمة الشفافية الدولية نشرت التقرير السنوي الذي يرتب الدول حسب انتشار الرشوة وما يصاحبها من فساد وسوء توزيع للثروة»، مضيفة «أن هذا التقرير أظهر أن موريتانيا لا تزال في ذيل هذه القائمة، بل وأخطر من ذلك، أنها قد تقهقرت ما بين 2014 و2016 من الرتبة 124 إلى الرتبة 142 من أصل 176 دولة شملها هذا التقرير، مما يبرهن على تفاقم سوء الحكامة والتلاعب بالثروات الوطنية واحتكارها من طرف السلطة ومحيطها المباشر»، حسب تعبير البيان.
وأكدت المعارضة «أن التقرير الذي نشرته مجلة «فوربس» الدولية الشهر الماضي، قد صنف هو الآخر موريتانيا، في الرتبة 125 من أصل 139 دولة في مجال مناخ الأعمال، في الوقت الذي لا تزال فيه موريتانيا، تحتل الرتبة 160 من أصل 180 دولة حسب تصنيف البنك الدولي».
«والحقيقة، تضيف المعارضة، أن هذه الأرقام المتواترة، الصادرة عن أكثر الهيئات الدولية مصداقية، ليست غريبة على بلد ينافس فيه الممسكون بالسلطة رجال الأعمال على المقاولة والتجارة، ويوزعون على أسرهم ومقربيهم الأراضي الثمينة وحصص الأخطبوط الغالية، ومع ذلك، ينظمون الاحتفالات والمسيرات، التي يقودها وزراؤهم، احتفاء بالشفافية ومحاربة الفساد».
يذكر أن الحكومة الموريتانية تنفي اتهامات الفساد التي تنشرها المعارضة في بياناتها من حين إلى حين، مشددة على «التزام الرئيس محمد ولد عبد العزيز المبدئي بمحاربة الفساد منذ وصوله للسلطة حيث جعل من مكافحة هذا الوباء محوراً أساسياً في برنامجه الانتخابي، الذي زكاه الموريتانيون خلال مأموريته الأولى والثانية».
وكان آخر توضيح رسمي لسياسة محاربة الفساد هو ما أكده وزير الاقتصاد والمالية الموريتاني المختار ولد أجاي في مقابلة أخيرة له مع صحيفة «الشعب» الحكومية، حيث أكد «أن التزام الرئيس بمحاربة الفساد، خيار لا رجعة فيه يترجم وعيه بما عانته التنمية في موريتانيا خلال المراحل السابقة جراء تفشي هذه الظاهرة، التي قوضت ثقة المستثمرين، وأخلت بالتوزيع العادل للدخل».
وأكد الوزير ولد أجاي «أن الجهود المذكورة مكنت موريتانيا من تحقيق نتائج هامة من بينها، تحسن ترتيبها على مؤشر الشفافية الدولية ما بين 2011 و2015 بـ 31 نقطة حيث انتقلت من الرتبة 143 إلى الرتبة 112، كما تقدمت على مؤشر تحسن مناخ الأعمال حيث تم تصنيفها ضمن الدول الأكثر تنفيذا للإصلاحات في هذا المجال، وتم الإعلان عن مطابقة موريتانيا لمعايير الشفافية في مجال الصناعات الاستخراجية في شهر شباط/فبراير 2012».
وكتب المختار ولد اجاي وزير الاقتصاد والمالية تدوينة على صفحته على الفيسبوك علق فيها على تقرير منظمة الشفافية الدولية جاء فيها:
»لقد أظهر مؤشر الفساد 2016 الذي تعده منظمة الشفافية العالمية تراجع ترتيب بلادنا من المرتبة 112 عالمياً الي المرتبة 142. و تعليقا علي هذا الموضوع تجدر الإشارة إلي أن كل الدول العربية باستثناء تونس شهدت تراجعاً في قيمة هذا المؤشر مقارنة مع ترتيبها 2015 والي أن 46 دولة افريقية من أصل 51 دولة تم قياس المؤشر فيها سنتي 2015 و 2016 شهدت تراجعاً في قيمته.
وتجدر الإشارة إلي أن هذا المؤشر هو مؤشر انطباع لمجموعة من الخبراء والشركات يتأثر بشكل كبير بما ينشر ويتداول من معلومات عن الشفافية والرشوة في بلد ما. والكل يعلم أن أي مؤشر مبني بالكامل علي انطباعات يغذيها ما يكتب عندنا في المواقع والإعلام سيعطي بالقطع صورة مشوهة للحقيقة.
لا أريد هنا أن أقلل من شأن التراجع على هذا المؤشر ولا أريد أن أقول إنه لم يبق هنالك فساد ولا رشوة في بلدنا بقدر ما أردت أن أؤكد على أن هنالك تراجعاً عاماً في معظم دول المحيط والى ضرورة الحذر من بناء أحكام علي مؤشر مؤسس غلي انطباعات عينة كثيرا ما تكون غير عشوائية من أجل أن لا أقول شيئاً آخر.
على كل حال نحن سنراسل الجهة المعنية من أجل استبيان مبررات هذا التراجع وسنستمر في جهودنا الرامية الي القضاء علي الرشوة و الفساد. ومن هنا أوجه دعوة عاجلة لكل الوطنيين الصادقين أن ابقوا بالمرصاد لكشف المفسدين والمرتشين لكن احذروا ان تلعبوا لعبة من يريد تشويه سمعة بلدكم لأهداف صغيرة. «
هذا وكشفت منظمة الشفافية الدولية في تقريرها عن العام 2016 الذي شمل 176 بلداً، عن وجود علاقة بين الرشوة وسوء توزيع الثروة داخل المجتمعات، مؤكدة «أن كلاً من الرشوة والظلم يتغذى على الآخر مشكلين حلقة مفرغة بين الرشوة وعدم المساواة في التمتع بالسلطة داخل المجتمع مع التوزيع السيئ للثروة».
وأكد جوزي أوغاز رئيس منظمة الشفافية الدولية في مقدمة التقرير»أن الأسر في مجتمعات كثيرة عاجزة عن توفير ضروراتها اليومية وبعض أفرادها ينامون على الطوى والجوع كل ليلة بسبب الرشوة بينما يعيش المترفون والمرتشون في أرغد عيش».
وأكدت الشفافية الدولية «أن الرشوة وانعدام المساواة تغذي الشعوبية».
وتحدثت المنظمة في خلاصات تقريرها عما أسمته «فشل الطبقة السياسية التقليدية في مكافحة الرشوة مما جعلها موضع سخرية الشعوب التي جذبتها الخطابات الشعبوية».
وبخصوص ترتيب الدول في التصنيف، فقد احتلت بوتسوانا الرتبة الأولى بوصفها البلد الأقل رشوة، وتلتها الرأس الأخضر في الرتبة (38) ثم جزيرة موريس في الرتبة (50) ثم ناميبيا في الرتبة (53). وفي أدنى السلم يحتل السودان الرتبة (170) يتلوه جنوب السودان في الرتبة (175) ثم الصومال في الرتبة (176).
ويؤكد سلم الشفافية المحصور ما بين 1 إلى 100 والذي تبلغ درجته العامة المتوسطة 43، أن هناك دولاً عديدة في العالم يلزمها بذل جهود مضنية وطويلة للقضاء النهائي على ظاهرة الرشوة.
عبد الله مولود