شهدت الساحة السورية حراكا نشطا في الأيام الأخيرة تركز حول المعركة المقبلة في الرقة آخر المعاقل الكبيرة لتنظيم «الدولة» وهي المعركة التي تتصارع عليها الإرادات المتعددة. وعلى خلاف المعركة الدائرة على الموصل في العراق وتقترب من نهايتها، فإن الأراضي التي أجبر تنظيم «الدولة» على الخروج منها في سوريا أصبحت مركزا للتنافس الاستراتيجي بين القوى المحلية والإقليمية والدولية. ولهذا جاءت زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الخميس إلى موسكو واجتماعه مع الرئيس فلاديمير بوتين حيث جدد فيها رغبة بلاده طرد المقاتلين الأكراد من مدينة منبج الذين دخلوها ضمن تحالف أنشاته أمريكا وهو «قوات سوريا الديمقراطية» في محاولة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما استرضاء تركيا التي تعتبر قوات حماية الشعب الكردية فرعا لحزب العمال الكردستاني الذي يخوض حربا انفصالية ضد الدولة التركية. وكان لافتا أن تركيا قررت إرسال قواتها إلى العمق السوري بعد أسابيع من طرد جهاديي تنظيم «الدولة» من منبج. فقد أعلنت أنقرة في آب (أغسطس) 2016 عن عملية درع الفرات في محاولة لمواجهة تهديد تنظيم «الدولة» على تركيا الذي شن عمليات إرهابية ضدها خلال العامين الماضيين من جهة ومنع الأكراد من التقدم صوب غرب الفرات لتأمين كانتونهم «روج آفا» حيث تخشى من ولادة كيان تابع لحزب العمال الكردستاني. ويبدو أن تقدم القوات المدعومة من تركيا باتجاه منبج كان وراء نشر أعداد من القوات الأمريكية الخاصة في سوريا وبشكل علني، حيث رفرفرت الأعلام الأمريكية على دبابات سترايكر وهمفي وانتشرت في عدد من القرى القريبة من منبج في مهمة قال المسؤولون الأمريكيون أنها من أجل التهدئة وتأكيد السلام بين الأطراف المتنازعة وسط تحضيرات الإدارة الأمريكية لمعركة الرقة.
من يدخل الرقة؟
وتحولت المعركة على الرقة وطبيعة القوة التي ستقودها لموضوع نقاش حاد، حيث ترفض أنقرة مشاركة قوات سوريا الديمقراطية وبالضرورة دخول قوات كردية مدينة غالبيتها عربية. أما أمريكا فعلى ما يبدو ماضية في تحضيراتها وتعاونها معهم. وحسب المراجعة التي طلبها دونالد ترامب في 28 كانون الثاني/ يناير لخطة الهجوم على ما يطلق عليها عاصمة «الخلافة» والتي أعدتها إدارة أوباما، فالبنتاغون سيزيد من عدد القوات الخاصة وسيزود السلاح مباشرة للأكراد من قاعدة عسكرية في بلدة كوباني حسبما أوردت صحيفة «واشنطن بوست»، وزادت الولايات المتحدة من تحضيراتها حيث نشرت 900 جندي يوم الأربعاء بعضهم سيستخدم أسلحة ثقيلة في المعركة المقبلة. كل هذا وسط جدل بين أربع قوى وهي أمريكا وتركيا وروسيا والنظام السوري، كل يحاول إملاء شروطه وشكل المعركة المقبلة والتي تركزت على مدينة منبج في الوقت الحالي. وكانت تركيا اقترحت على الإدارة الأمريكية خطة بديلة لتحرير الرقة لم تجد قبولا من القيادة العسكرية الحالية ولا السابقة التي تعتقد أن الأكراد هم حلفاؤها في سوريا. وأشارت صحيفة «الغارديان» أنه بمواجهة الخطة الأمريكية يجري الحديث عن خطة أخرى روسية ـ تركية يتم فيها التعاون بين القوات المدعومة من أنقرة وبقايا جيش النظام وبدعم من الطيران الروسي، ومن السابق لأوانه الحديث عن هذا.
وتقول الصحيفة إن معركة التأثير في الحرب السورية يتم تشكيلها ولأول مرة على الجبهة السياسية. فقد دعت روسيا وتركيا المتحالفتان منذ العام الماضي قوات النظام للعودة إلى المنطقة القريبة من الحدود التركية نفسها حيث ترابط القوات الأمريكية الآن.
نهاية قضية
وترى المعارضة السورية التي ركزت معظم الوقت على محاولات الإطاحة بنظام الرئيس بشار الأسد، أن التحرك يعتبر المسمار الأخير في تراجع الدعم التركي لقضيتهم. فالمعركة على حلب وسقوطها في نهاية العام الماضي والذي التزمت تركيا الصمت عليه بالإضافة لتركيز حكومة أنقرة جهودها على قتال تنظيم «الدولة» والأكراد، أقنع قادة المعارضة المسلحة في الشمال أن قضيتها انتهت. وتقوم هذه التحولات بتشكيل النظام الإقليمي الذي تؤثر عليه تركيا وإيران وترعاه روسيا. وتقول جماعات المعارضة إن الرسالة التركية لها هي أنه يجب التركيز الآن على العدو المشترك بينها والنظام – أي تنظيم «الدولة». وفي شمال سوريا تشعر الجماعات التي أتعبتها خمس سنوات من الحرب أنها «خسرت». ونقلت «الغارديان» عن سعيد شيخ الذي قاتل منذ بداية الحرب قوله «قضيتنا انتهت» و «بدون تركيا وقطر فلا نعرف إلى أين نمضي، والواقع ظل هكذا منذ سقوط حلب». ويتزامن التغير في الموقف التركي المدفوع على ما يبدو بالحسابات الجيوسياسية والمخاوف على حدودها الجنوبية مع سوريا مع مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة لدونالد ترامب الذي جمد المساعدات للمعارضة السورية. وحتى برنامج مساعدة المقاتلين الذي كانت تشرف عليه «سي آي إيه» من خلال مركز العمليات العسكرية في أضنة وبرنامج التدريب الفاشل الذي أشرفت عليه وزارة الدفاع لم تكن كافية لمنح المقاتلين السلاح الكافي للانتصار في المعركة. فالأسلحة التي كانوا يحصلون عليها مستعملة وتشترى من دول أوروبا الشرقية. ولم تستجب الولايات المتحدة لمطالب قادة الفصائل الحصول على أسلحة جيدة. وحسب قيادي توقف عن القتال في تموز/يوليو ويعيش الآن في جنوب تركيا «كانت المعارضة تأتي من الأمريكيين دائما» و«كانوا راضين عن توفير البنادق والرصاص وهذا كل ما في الأمر، وبهذه لم نكن لنربح الحرب وكنا نأمل بالسيطرة على الأسلحة الثقيلة من النظام، وبعد ذلك غيرت تركيا موقفها». ومع أن مركز العمليات العسكرية لا يزال موجودا إلا أن الأسلحة التي ترسل قليلة جدا ومعظمها من فترة الاتحاد السوفييتي السابق والتي تم شراؤها من بلغاريا وصربيا وترسل بتعليمات أنها للاستخدام فقط في محاربة تنظيم «الدولة».
البعد الكردي
ولا يخفى أن التغير في الموقف التركي نابع من خوف أردوغان على سيادة أراضيه ووحدة بلاده. فقد حاولت روسيا لعب الورقة الكردية ضده بعد تردي العلاقات الروسية – التركية إثر إسقاط الطائرة الروسية والذي أدى لتوقف العلاقات وعقوبات اقتصادية ودعم للأكراد حيث سمح الكرملين لهم بفتح ممثلية في موسكو. وحدث التغير في العلاقات في نيسان/ إبريل عندما أعلن بوتين أنه مع وحدة الأراضي السورية وهو ما يعني عدم دعم الطموحات الإستقلالية للأكراد. واعتبر أردوغان الإعلان بمثابة حماية للسيادة التركية. وفي الوقت الذي قللت فيه روسيا من دعمها للأكراد زادت الولايات المتحدة من الدعم. وهو ما أغضب تركيا التي على كونها عضوا في حلف الناتو فهي تعتبر الحليف التقليدي للولايات المتحدة وجزءا من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم «الدولة» وسمحت باستخدام القاعدة العسكرية في إنجرليك ضد الجهاديين. وبالنسبة لأنقرة فموسكو تبدو متعاطفة مع المخاوف التركية أكثر من الحليف التقليدي، واشنطن. وحسب دبلوماسي غربي تحدث لـ«الغارديان» «فقد كانت هذه هي اللحظة التي غيرت كل شيء» و «منذئذ باعت تركيا حلب لمنع الأكراد، وبدأوا (الأتراك) بالحديث عن مهمتهم في سوريا باعتبارها إنسانية، وبدأ الدور الأمريكي يقل أكثر فأكثر». وكان مدير الإستخبارات الأمريكية «سي آي إيه» الجديد مايك بومبيو قد زار أنقرة الشهر الماضي لمناقشة الحرب في سوريا وقتال تنظيم «الدولة». وحسب مسؤول بارز «فلا يزال من غير الواضح من سيسطر على الرقة بعد سقوط الموصل»، «ويواصل الأمريكيون الميل تجاه الأكراد رغم معارضة الأتراك الشرسة. ويريد الروس أن يقوم بالمهمة جيش النظام وجماعات المعارضة تحت رعايتهم، ولا تعارض تركيا هذا. وما هو مؤكد أن الأسد لا يحتاج للخوف من المعارضة، فمصيره بيد الروس والإيرانيين». وفي المحصلة النهائية تواجه أنقرة والجماعات المتحالفة معها معضلة تتمثل بأن مسارات الحرب تسير في الإتجاه المضاد لها، ففي معركة الرقة تتمسك الولايات المتحدة بقوات سوريا الديمقراطية. وعندما تبدأ المعركة فستدخل الحرب في مرحلتها النهائية وستجد تركيا نفسها أمام منعطف. وتبدو الرقة «هدية» يريد كل طرف الحصول عليها لتعزيز مواقعه في أي تسوية مقبلة على مستقبل سوريا، فأكراد سوريا يعتبرونها هدفا لتأكيد وجودهم وأنهم قوة يحسب لها حساب. وهم في الطريق لتحقيق هدفهم، ذلك أن أمريكا تقف بينهم وبين تركيا.
إبراهيم درويش
انا لا أعتقد أن التحالف الدولي يعمل بجديه للقضاء على تنظيم الدوله داعش.
لو اتحدت تركيا وأمريكا وروسيا والسعودية مع الجيش العراقي فهم يحتاجون فقد إلى أسبوع للقضاء على فيروسات داعبش.
التحالف الدولي يحتاج إلى عمليه بريه واسعه مع تغطيه جوية.
وأنا غير مقتنع في جدية القضاء على التنظيم! !
غالبية المقاتلين في تنظيم الدوله لا يملكون التدريب الخاص والأساسي للأساليب الحربيه.
لنرى في الوقت القريب كيف سيستمر التحالف الدولي في لعبت الحرب على الإرهاب الداعشي