الرباط ـ «القدس العربي» : لازالت الاسئلة تتناسل بعد إعفاء عبد الإله بن كيران من مهمة تشكيل الحكومة المغربية، اسئلة تتعلق بالقرار الملكي اسبابه وتداعياته، ان كان على صعيد القصر الملكي او على صعيد حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه بن كيران وسيكلف احد قياداته، حسب بلاغ القصر الملكي، بالمهمة، هل سيكون للحزب رأي في الشخصية التي سيتم اختيارها، ام ستخضع لمعايير القصر فقط.
اسئلة اخرى تناسلت بعد بلاغ حزب العدالة والتنمية الذي صدر الخميس بعد اعفاء بن كيران، وان كان البلاغ اكد على التعامل بايجابية مع قرار الاعفاء، لكنه لم ينس أن يذكر بتمسك الحزب برؤيته لمكونات الحكومة التي تحفّظ عليها مناهضوه المرشحون لمشاركته، والتذكير انه اراد القول ان بن كيران لم يكن سبب «البلوكاج»، وما قام به كان رؤية الحزب، المؤهل بعد فوزه بالمرتبة الاولى بتشكيل الحكومة وفق نص دستوري.
مباشرة بعد نهاية اجتماع الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، اضطر عبد الإله بن كيران، الأمين العام للحزب، إلى نقل لقائه بالصحافة إلى مكان اجتماع قيادة حزبه، في وقت لم يتمكن العديد من الأعضاء من مغادرتها وهو ما سبب لهم ارتباكاً كبيراً.
اجتماع المجلس الوطني
واذا كانت هذه الاسئلة ستكون محور الاجتماع الاستثنائي للمجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، الذي يعقده اليوم السبت، فان الاجوبة ليست صيغتها مؤكدة، و(المحللون) و(الخبراء) لا زالوا يجتهدون ويفسرون، لكن بنية الحزب ذات المرجعية الاسلامية والتي استطاع ان يشغل وزعيمه بن كيران المغرب منذ 2011، لا زال عصياً على الفهم نظراً لبنيته وطبيعة الديمقراطية والضبط التي تسيره والتي استطاعت خلال السنوات الماضية تضمن له قوته ووحدته.
وبالانتظار، ومع عبارة «أية شخصية ثانية سيعينها الملك يجب أن تكون بنفس شروطنا» التي وردت في بلاغ الامانة العانمة ليوم الخميس و»لو بقي بن كيران رئيساً للحكومة كان من الممكن التنازل وسيكون الأمر متفهماً»، والتأكيد على أن الحزب يهنئ الأمين العام ويقدّر ما قام به، مشددة على أهمية التدبير الإيجابي والصبور للمشاورات، مع ومواصلة العمل بالطريقة نفسها النهج القائم على التعاون والمشارك مع مختلف الفاعلين، وعلى ضرورة مواصلة الحزب لحمل مسؤوليته ووفائه، صممت الاحزاب المناهضة لبن كيران ولم تعلن موقفاً في حين اشاد حزب التقدم والاشتراكية (الحزب الشيوعي المغربي سابقًا والمرشح للمشاركة في الحكومة) بتمسك الملك محمد السادس بروح الدستور عندما قرر إعفاء عبد الإله بن كيران من مهام رئاسة الحكومة، كما طالب حليفه العدالة والتنمية بالتفاعل إيجاباً مع الوضع الجديد.
وقال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام للحزب إنه يرجو أن يتفاعل «العدالة والتنمية» إيجاباً مع المقترح الملكي وفي ظل لحظات عصيبة ووضعية دقيقة أتمنى أن يتمكن من تشكيل حكومة تراعي الدستور والإرادة الشعبية وأن تحظى بسند وثقة صاحب الجلالة».
وكشف عن المجهود الذي بذله حزبه لتجاوز الازمة وقال «إن حزب التقدم والاشتراكية بذل مجهودات كبيرة لإقناع مختلف الأطراف، من أجل التوصل لحل توفيقي وتوافقي يمكن من الوصول لتشكيل الحكومة» وأن حزبه ظل يواصل مجهوداته لإقناع بن كيران خاصة في الآونة الأخيرة دون أن يتم الوصول لنتيجة إيجابية «كان بودنا لو تمكن بن كيران من تشكيل الحكومة عقب تعيينه غداة انتخابات السابع من تشرين الاول/ أكتوبر «.
الملك لجأ الى الدستور
وسجل بن عبد الله إيجابا موقف الملك الذي « آثر التأويل الإيجابي للدستور وفضل اعتماد حل بديل في احترام للمنهجية الديمقراطية والإرادة الشعبية والدستور، من خلال السعي لتعيين شخصية بديلة من حزب العدالة والتنمية» وقال «أتمنى بعد تحية بن كيران الذي أؤكد له احترامي وتقديري الشخصي بصفته رجل دولة ووطنياً غيوراً، أن يتفاعل العدالة والتنمية إيجاباً مع مقترح الملك محمد السادس». واعتبر علي بوطوالة، الامين العام لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي (يسار معارض)، أحد مكونات فدرالية اليسار، أن قرار الإعفاء الذي اتخذه الملك كان متوقعاً منذ مدة، وأن «الانتظار لا يمكن أن يستمر إلى ما لا نهاية، نظراً لطبيعة المرحلة، ونتائج الانتخابات، والنظام الانتخابي الذي لا يساعد على إفراز أغلبية منسجمة، والتوتر الذي بصم مسلسل المشاورات الحكومية وتشبث كل طرف بمواقفه».
وقال القائد اليساري أن تصلب بن كيران في مواقفه وطريقة تدبيره للمشاورات زادت من تأزيم الوضع، وأن الكرة الآن في ملعب العدالة والتنمية الذي «يقبع في مأزق حقيقي؛ فإما أن يقدم مزيدا من التنازلات لتجنب الدخول في مواجهة مع كل أطراف الحقل السياسي ومع المؤسسة الملكية، وإما أن يختار الخروج إلى المعارضة». واضاف ان هذا الحزب مطالب بتقديم تنازلات جديدة لتجنب المواجهة مع مختلف الفاعلين في الحقل السياسي، مشيرًا إلى أن اختيار التوجه إلى انتخابات سابقة لأوانها يبقى واردا في الوقت الراهن، «بما له من كلفة اقتصادية وسياسية كبيرة على البلد، لأنه يتطلب شهوراً من الإعداد وتشكيل حكومة مؤقتة للتحضير لهذه الاستحقاقات».
مشكلة بن كيران
وقال مصطفى البراهمة، الكاتب الوطني لحزب النهج الديمقراطي (يسار راديكالي)، إن قرار الملك محمد السادس بإعفاء الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، من رئاسة الحكومة راجع إلى عدد من العوامل أبرزها طبيعة شخصية بن كيران.
وأوضح حسبما نقلت عنه هسبريس، أن «هناك فرقاً كبيرا بين بن كيران والقيادات الأخرى؛ لأنه يشكل حيزاً كبيراً من الحزب من ناحية حضوره ومن ناحية الـShow الذي يقوم به في الخرجات الإعلامية، وكذا طريقته الشعبوية». وقال البراهمة أن الدولة متبرمة من عبد الإله بن كيران، بالرغم من الخدمات الجليلة التي قام بها «جل القرارات المجحفة في حق الشعب المغربي تم إقرارها في ظل حكومة بن كيران، وعلى رأسها الاجهاز على التقاعد، وتحرير الأسعار، والتقليص من نفقات المقاصة»، يقول البراهمة، لكن بالرغم من ذلك، فإن «دولة المخزن لا تريد شخصاً يَكْوي ويْبخْ في الوقت نفسه كبن كيران».
واضاف أن «الدولة اشتغلت من أجل أن يكون حزب آخر في الصدارة وعمدت بعد صعود بن كيران إلى حيلة أخرى، من خلال تكليف عزيز أخنوش برئاسة حزب التجمع الوطني للأحرار، ويكون بذلك قطبا آخر يوازي قطب بن كيران، وتكون الحكومة بقطبين، إضافة إلى معارضة من داخلها»، وأن «حزب العدالة والتنمية انتبه إلى هذه المسألة ورفضها».
واكد ابراهمة ان «في الأصل، فإن الدولة لا تريد أن يكون بن كيران رئيسا للحكومة»، متسائلاً «كيف يمكن أن تكون حقيبة وزارية تخص إفريقيا، انطلاقاً من العلاقة مع الأممية الاشتراكية بالاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، هي التي فجرت هذه الحكومة؟»، و»حتى حضور بن كيران، والعرض الذي يقوم به في مختلف المحافل، جعل الدولة لا ترغب فيه، لكنه على الأقل دفعها إلى احترام نتائج الانتخابات، ويتم اختيار واحد من الحزب نفسه».
وأشار إلى أنه كانت هناك حالة استثناء غير معلنة، بالنظر إلى أن الحكومة والبرلمان لا يشتغلان، «من أجل إظهار أن لا قيمة عملياً لنتائج الانتخابات التي لم تأت بالطريقة التي كانت تريدها الدولة، وتبين في آخر المطاف أن المخزن متحكم في اللعبة من أولها إلى آخرها، وأن هناك ثغرات كبيرة في الدستور».
واعتبر الكاتب الوطني للنهج أن ذلك المسألة خطيرة، «في ظل غياب الوسائط الحزبية والمجتمع المدني التي تؤطر كفاحات الشعب، يمكن أن يخرج مباشرة في الشارع، وبالتالي هذه المسألة تقول إن إضعاف الأحزاب والمجتمع المدني الحقيقي سيكون وبالاً على المغرب»، ودعا الى «تغيير دستوري حقيقي وديمقراطية حقيقية، يكون فيها فصل للسلط، وللشعب سلطة تأسيسية، ويجعله هو صاحب السيادة والمصدر الأساسي للسلطة. وما عدا ذلك، فإن اللعبة مستمرة».
الكرة في ملعب «العدالة والتنمية»
وقالت يومية «العلم»، الناطقة باسم حزب «الاستقلال»، الذي اصر مناهضو بن كيران على استبعاده وكانت حوله المعركة الاولى التي خاضوها ضده، إن «الكرة الآن في مربع عمليات حزب العدالة والتنمية الذي يجب أن تقتنع قيادته وقواعده بأن اللحظة السياسية ليست مناسبة لتصفية الحسابات مع من ترى أنهم أعاقوا مهمة رئيس حزبهم في تشكيل الحكومة»، مضيفة «لأن الوطن فوق كل الحسابات بما فيها السيئة والخبيثة».
وأوضحت يومية «العلم» امس الجمعة «ومادام الأمر في إطار الدستور وبضمانات صادقة وواضحة من الملك محمد السادس فإن التفاعل الإيجابي يبدو أولوية الأوليات في الظروف الدقيقة الحالية، بل وضرورة حتمية بالنسبة لمصلحة الوطن».
وقالت «أكيد أن مهمة الانتقاص من الدور الكبير الذي قام به الأستاذ بن كيران في المشهد السياسي الوطني ستكون صعبة لمن يحاول أن يسوقها في الظروف الحالية، ويكفي في هذا الصدد الاستدلال بما تضمنه بلاغ الديوان الملكي في هذا الشأن»، وأن «مهمة من يحمل معاول الهدم لتدمير أسس الشرعية الانتخابية التي تبنى عليها المؤسسة الدستورية لن تكون ممكنة»، واضافت «الآن اتضحت الحقائق وتجلت فلا ملاذ عن الدستور الذي يزداد قوة بإرادة ملكية صادقة ومؤمنة بمسار إصلاحي سياسي شامل».
واكدت العلم أن حزب «الاستقلال» مقتنع بأن القرار الملكي المتضمن في بلاغ الديوان الملكي «يؤشر على فتح جديد في تاريخ الممارسة الدستورية في المغرب التي تطورت في الاتجاه الإيجابي»، «لذلك نقول اليوم إنه على الرغم من الملاحظات الأساسية التي كانت ولا تزال لدينا على بعض الفاعلين السياسيين، فإننا نرى أن التجربة كانت مفيدة جدا للمسار السياسي الإصلاحي العام في البلاد».
وقالت «يكفي الاستدلال على ذلك بأن تشكيل السلطة التنفيذية لم يعد أمراً سهلاً ومريحاً، بل شاقاً ومتعباً في مشهد سياسي نشيط وفاعل»، لتؤكد أن المغرب يعيش حالة غير مسبوقة في التاريخ السياسي الحديث، وهو «إضافة نوعية وازنة في تجربة سياسية ودستورية في أمس الحاجة إلى جرعات اجتهادات تستنبت من مشاتل القراءة الديمقراطية للدستور المغربي».
وأكدت لسان حزب «الاستقلال»، أن «من مسؤولية الجميع في ضمان نجاح هذه التجربة واضحة وجلية سواء الذين يعنيهم مباشرة مضمون بلاغ الديوان الملكي ّأو غيرهم من الفرقاء والأطراف»، لتختم الافتتاحية بالقول «إنها لحظة سياسية تاريخية يجتاز فيها الجميع امتحاناً صعباً، فلا بد من الجدية والمسؤولية والنضج».
محمود معروف
بن كيران رجل المبادئ والأخلاق السياسية كرهنا ام احببنا.قاوم التحكم والابتزاز بكل ما اوتي من قوة.احترم ارادة المواطن الذي صوت لصالحه ولم يخضع لا بتزاز أخنوش رجل القصر المدلل.
أتفق معك أخي عبد الله٠٠٠فابنكيران رغم شعبويته و خرجاته الإعلامية غير الموفقة في بعض الأحيان إلا أنه شخص صريح ، نزيه و نظيف اليد٠٠٠و الآن فهمنا فعلا من الذي لا يريد بنكيران في رئاسة الحكومة لولاية أخرى٠٠٠الشعب المغربي ليس غبيا٠٠٠