الرباط ـ «القدس العربي» من الطاهر الطويل: لم تفلح وقفات التضامن ولا المساعي التي أعلن عنها مصطفى الرميد، وزير حقوق الإنسان، في إطلاق سراح مغنية الريف الشابة سليمة الزياني المعروفة بـ»سيليا»، فقد أمر قاضي محكمة الاستئناف، عشية أول أمس الأربعاء، بإبقائها محبوسة على ذمة التحقيق، بتهمة المشاركة في التظاهرات الاحتجاجية التي تشهدها مدينة الحسيمة منذ شهور للمطالبة بتحسين الأوضاع الاجتماعية.
وفي مقابل المساندة التي حظيت بها قضية الفنانة المناضلة من لدن الأوساط الحقوقية والفنية وغيرها، انخرط عدد من الفنانين المغاربة في حملة تقوم بها الأجهزة الرسمية لمحاولة تلميع الصورة والتغطية على الحراك، تحت ذريعة تشجيع السياحة في الحسيمة. غير أن أولئك الفنانين ظلوا «مختبئين» في الفندق، دون أن يجرؤوا على النزول إلى الشارع، بحسب الجريدة الإلكترونية «الأول».
مشاركة الفنانين في رحلة جوية داخلية نظمت خصيصا لهم إلى تلك المدينة الواقعة شمال المغرب، قبل يومين، قوبلت باستنكار واستهجان شديدين من لدن الكثير من الإعلاميين والباحثين والناشطين الحقوقيين، عبّرت عنها تدويناتهم في شبكة التواصل الاجتماعي «فيسبوك».
وشبّه معلقون هذه المبادرة بما قام به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من حملات لتشجيع السياحة في أرض الكنانة، وهي حملات سبق لمجموعة من الفنانين والإعلاميين والمثقفين المغاربة أن شاركوا فيها. وبهذا الخصوص، كتب المفكر الأكاديمي والباحث السياسي حسن طارق: «عودة المقاربة المصرية: الغباء السياسي نفسه، مع فارق كبير في الموهبة الفنية». كما كتب الصحافي مولاي التهامي بهطاط: «شحن «قطيع» من الفنانين نحو الحسيمة، مؤشر على العقلية المصرية». وتساءل الباحث كمال السعيدي: «لا أدري لماذا، ولكن أرى في طائرة الفنانين شيئا مشتركا مع معركة الجمل التي جرت على أرض الكنانة: شيء من عبقرية الأغبياء…».
نبرة الاستغراب نفسها عبر عنها الباحث عبد الله الغلبزوري قائلا: «على الطريقة السيساوية المخزن يأتي بفنانين في رحلة مسبوقة الدفع ويطلقهم في شوارع الحسيمة… ما الفائدة؟».
وكتب المصطفى معتصم (أمين عام حزب «البديل الحضاري» المحظور): «فنانون في زيارة الحسيمة: الطنز (التزييف) والاستفزاز». كما جاء في تدوينة الباحث عبد الكريم زاوو: «فنانو الريع عوض التضامن مع زميلتهم الريفية سيليا المعتقلة بالبيضاء، أُرسِلوا في رحلة مجانية مع كل مصاريفها الجانبية إلى الحسيمة بأموال الشعب وفي طائرة خاصة، من دون أن يدروا بأن ضحكاتهم الصفراء والبلهاء هي استفزاز لنا». واعتبر الناشط يحيى البياري أنه كان على أولئك الفنانين أن يذهبوا اليوم إلى سجن «عكاشة» للتضامن مع الفنانة سيليا… «هذا هو الفن الذي نعرفه… لكنهم يحبون المرقة (أي الولائم)».
بينما رأى الإعلامي إبراهيم الراجي أن مهمة وفد الفنانين المغاربة إلى الحسيمة «هي التقاط الصور لهم ليزينوا بها حيطانهم الفيسبوكية الخالية من أي ذكر للفنانة المعتقلة سيليا». وفي رأي الفاعل الجمعوي محمد العدوني، فإن الحسيمة تنتظر فنانة واحدة هي سيليا. وتساءل الكاتب محمد أقوضاض: «هل ذهب هؤلاء للتشفي في أهل الحسيمة، أم أعماهم سخاء من أرسلهم؟». كما تساءل الكاتب والصحافي مصطفى روض «هم مجموعة فنانين أم عصابة؟»، وذلك على منوال الشعار الذي أطلقه بعض نشطاء حراك الريف: «هل أنتم حكومة أم عصابة؟».
وبرأي الإعلامي محمد أوباها، كان من الأفضل تنظيم رحلة استكشافية لمدينة الحسيمة لزعماء الأحزاب السياسية عوض الفنانين. وعلّق الكاتب والصحافي أحمد بيضي قائلا: هؤلاء «طاروا» اليوم إلى الحسيمة لحل الأزمة هناك! بالله عليكم ألم يعد ثمة حكماء في هذه البلاد؟». وجاء في تدوينة الكاتب أحمد الطود: «لو كانوا فنانين حقا لرفضوا أن يحشرهم الفساد في طائرة نحو الحسيمة. ترى… كم سيتقاضى أولئك (…) عن عرضهم التافه المقيت؟».
ووصف الأديب حسن برما ما وقع بـ»العفن الانتهازي»، قائلا: «يبدو لي أن المخزن يفكر مرة أخرى بطريقة مثيرة للسخرية ويعوّل على تحريف الأنظار عن الحراك، ولكن صوت الشعب لا يخاف». وأطلق الكاتب والأكاديمي عبد السلام الفزازي صرخته: «قليلا من الحياء احترموا مدينة تعيش الحزن»، فيما تساءلت الناشطة حسناء العلمي: «هل تحتاج الحسيمة لهؤلاء أم تحتاج إلى تنمية حقيقية؟». أما الباحث مصطفى بو ركبة فكتب ما يلي: «المهنيون يعرفون أن أي مدينة لكي تكون وجهة سياحية وتستفيد من الاستقطاب يجب أن يتوفر فيها على الأقل 10 آلاف سرير في الفنادق. بينما الحسيمة التي اضطر المسؤولون لتذكّرها في الشهور الأخيرة، عدد الأسّرة بها لا يتجاوز الألفين! بمعنى آخر، ليس الغرض من كل هذه المسرحيات (بدعوى إنعاش الموسم السياحي) سوى تحريف اهتمام الرأي العام عن الاحتقان الذي تعيشه المنطقة والمطالب المرفوعة والتي صار على رأسها إطلاق سراح المعتقلين الأبرياء.».
ودعا المطرب والموسيقي محمد الزيات نقابة الفنانين إلى التبرؤ من هذا التصرف الذي وصفه بالأرعن، كما وصف من قاموا به بـ»الوصوليين والانتهازيين»، مستغربا أن يصبح الفنان موضوع بيع وشراء. وخاطبت رشيدة لكحل من نعتتهم بـ»الفنانين غير المحترمين المنخرطين في هذا الهبل»: «إن المواطن الريفي الذي انتفض ضد الفساد لن يفرح برؤية وجوهكم المنتفخة الأوداج بل برؤية أبنائه طليقين… لن يفرح بتبختركم على شواطئ الحسيمة بل برؤية أبنائه أحرارا». وتابعت قائلة: «الفنان الذي ينضم للفرقة الغالبة لا يستحق أن يمتهن الفن، الفنان الذي لا يصطف مع الحق لا يستحق أن ينظر له… الفنان الذي يستنكر غضب الشعب من الفساد لا يستحق إلا أن يبصق على وجهه…».
كثيرة هي التعليقات السلبية التي كتبت عن زيارة وفد من الفنانين للحسيمة ، بدعوة من المكتب المغربي للسياحة وتحت اشراف الفنان الجميل نبيل الخالدي .
وهنا يجب أن أوضح الآتي :
1/ لا يمكن أن نسميها عطلة لأنها لم تدم لأكثر من 24 ساعة شاملة التنقل للمطار ، والطيران والمبيت والعودة.
2/ لا يمكن أن نسميها بذخ لأن الفنانين متعودين المبيت في الفنادق أكثر من المبيت في منازلهم ، وأي فنان يفظل المبيت في بيته ولو كان جد متواضع على الاقامة بفندق مهما كان فخما .
هؤلاء الفنانين ( يوليوز وغشت ) هما الشهران اللذان يضمنا لهم قوتهم لباقي أيام السنة ، وبالتالي تحركهم طواعية ومجانا الآن لا يمكن أن يكون سوى بنية طيبة وودية .
3/ بمجرد أن علم هؤلاء الفنانون أن زيارتهم تدخل في إطار تشجيع السياحة لمدينة الحسيمة ، لم يفكروا في,شيء سوى في المصلحة العامة .
أما اذا كانت هنالك أي رؤية سياسوية ، فهي حتما ليس مسؤوليتهم ، وإنما مسؤولية من خطط لها في أروقة وزارة السياحة .
كلامي هذا بالطبع موجه للعقول النيرة والأقلام الصحفية الرزينة ، أما من لا شغل لهم ، سوى الجلوس وراء الكيبورد والشتيمة ، فالشتيمة سلاح الضعفاء.
ورجوعا لموضوع الحراك ، لا زلت أقول أن من تبثت عليه بالدليل القاطع التعامل مع أجندات خارجية لزعزعة استقرار الوطن ،فيجب أن يعاقب أشد عقاب .
وما دون ذلك أتمنى أن يطلق سراحهم في أقرب الآجال . ولا مزايدة على حب الوطن.