الملكة رانيا تقود مسيرة تهدد «داعش» بالموت… ودور كبير للمقدسي في مكافحة التنظيم

حجم الخط
15

عمان ـ «القدس العربي» من بسام البدارين: حدثان لا يمكن إسقاطهما من أي تحليل معمق برزا صباح أمس الجمعة في الأردن على صعيد «المواجهة التي أصبحت مفتوحة» مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، بعد الإعلان عن إعدام الطيار النقيب معاذ الكساسبة.
الملكة رانيا العبد الله شخصيا، وفي الحدث الأول تقود تظاهرة شعبية حاشدة تغلق وسط العاصمة عمان، في إطار الاحتجاج وتتوعد تنظيم «داعش»، في الوقت الذي تنطلق فيه آلاف الحناجر بهتاف موحد يقول «يا داعش صبرك صبرك… عمان ستحفر قبرك».
وفي الحدث الثاني يظهر المنظر الأبرز في المنطقة للتيار السلفي الجهادي الخارج للتو من سجنه الأردني الشيخ أبو محمد المقدسي بجملة «نقدية شرسة» وحادة تنقلب تماما على «تنظيم الدولة»، وتتبرأ شرعيا من كل تصرفاته وتتهمه بالمساس بمصالح الإسلام والمسلمين.
اللافت جدا أن هذه الجملة، ولها دلالاتها بكل الأحوال، ظهرت في مقابلة صباحية مميزة على شاشة فضائية «رؤيا» المحلية وأدارها المذيع الشاب محمد الخالدي.
المقدسي كان سجينا بتهمة التواصل مع منظمات إرهابية بسبب بياناته وآرائه السابقة، لكنه على الشاشة المحلية ظهر متحدثا عن مراسلاته مع قيادات في «داعش» بهدف التفاوض على مبادلة الأسير الطيار قبل استشهاده بالسجينة ساجدة الريشاوي.
معنى ذلك سياسيا أن مغادرة المقدسي للسجن تمت في إطار ترتيب مع الرجل، وأنه – وهذا الأهم – يتهيأ للمشاركة في ما يسميه الأردنيون بالجانب الفكري والأيديولوجي المناهض للإرهاب والتشدد. ومن الواضح أن المقدسي بدأ خطواته بهذا الاتجاه في انقلاب واضح وشامل على تنظيم «داعش».
في مقابلته التلفزيونية قال المقدسي كلاما عميقا وصعبا عندما اتهم قادة في التنظيم بالمراوغة والكذب عليه شخصيا، رغم ان أحدهم، كما قال، حلف «أغلظ الأيمان»، مشيرا إلى أنه أحس بـ»الصدمة» بعد قتل الطيار الكساسبة حرقا، ومؤكدا عدم وجود ما يبرر الحرق شرعيا في السنة النبوية.
في مفصل مهم من حديثه شرح المقدسي أنه «ترقق وتلطف» مع قيادات «داعش» في السابق حتى يساهم في تصويب بوصلتهم المنحرفة، وتقديرا للشباب المسلم الذين غرر بهم واستهوتهم «الخلافة»، واصفا مجددا قيادات التنظيم الذين قرروا إعدام الطيار الأردني بأنهم «غلاة» ومستهترون بحياة رفيقتهم ساجدة الريشاوي، وبأن بعضهم «حديثو عهد» بالإسلام وقد كانوا للتو «بعثيين» يقتلون المسلمين.
الشيخ المقدسي أيضا اتهم تنظيم «الدولة» بالتفريط بالمصلحة الشرعية، مشككا بالخلافة التي قال إنها تجمع ولا تفرق، مشيرا إلى أن التيار السلفي الجهادي الأردني بريء من تصرفات التنظيم، وأنه شخصيا تقصد أن يظهر للشعب الأردني ليعلن هذه البراءة.
لافت جدا أن «التواصل» الذي قام به المقدسي حصل داخل السجن بهدف المساعدة في عملية مقايضة أخفقت رغم أنه يحاكم أصلا بتهمة التواصل، فيما قال الرجل إن الذاهبين إلى «الدولة الإسلامية» من الشباب المسلم الراغب بالجهاد مغرر بهم، وإن الناس «منخدعة» بما يسمى دولة الخلافة.
حديث المقدسي وظهوره العلني لا يمكنه أن ينجز بدون إقرار السلطات الأردنية ودلالته السياسية واضحة المعالم، فقد أصبح الرجل وبعد مغادرته للسجن عضوا في الفريق العامل بالساحة الأردنية في الاتجاه الفكري المضاد لتنظيم «داعش».
مقربون من المقدسي كشفوا لـ «القدس العربي» ان لدى الرجل مسوغات ومبررات شرعية للعمل ضد «داعش» في هذا الاتجاه لا علاقة لها برغبته في مغادرة السجن أو مساندة السلطات، بقدر ما له علاقة حصرية بسعيه لحقن الدماء والعمل على منع مواجهة مفتوحة داخل الأردن بين المؤسسات الرسمية والأمنية والتيار الجهادي السلفي الأردني، وهي مواجهة لو حصلت ستلحق ضررا بالغا بـ»جبهة النصرة» السورية التي يناصرها مئات الأردنيين السلفيين.
تقدير المقدسي كما فهمت «القدس العربي» يقضي بأن عدم التبرؤ من فعلة «داعش» بالطيار الأردني والبقاء في دائرة الصمت سيقود إلى مواجهة عنيفة بين التيار السلفي الجهادي الأردني، وعدده بالآلاف، وبين السلطة وحتى المزاج الشعبي في الساحة الأردنية وهو «ضرر بالغ» لا يجوز السماح بعبوره شرعيا كما يقول الرجل.
يحصل ذلك رغم ان المقدسي يعتبر الحرق مبالغة في الغلو ومخالفا للشرع، وهو موقف زميله نفسه في التيار القيادي أبو سياف.
من الواضح أن ما فعله «داعش» مع الطيار الأردني صدم وفاجأ السلفيين الأردنيين أيضا، ودفعهم لقراءة متعمقة للمشهد ستنتهي بمواجهة شرسة مع الحكومة والشارع في الأردن.
لذلك قرر المقدسي التصرف والتصدر في مواجهة فكرية لا تكتفي بالاعتراض، ولكن تسحب الشرعية من تصرفات «داعش»، على أن تستمر حالة «عدم الصدام» مع التيار السلفي داخل المملكة درءا للمفاسد واستقرار الأردن، كما أفاد المقدسي نفسه لمقريين منه.
لافت جدا في السياق أن السلطة السياسية والأمنية في الأردن تقر مبادرة المقدسي وتسمح لها بالعبور بصورة تنطوي على رسالة ضمنية مباشرة للتيار السلفي الجهادي قوامها أن «المواجهة مع داعش فقط» وقواعد اللعبة لم تتغير مع السلفية الجهادية إذا بادرت لاستنكار «داعش» والتبرؤ منها.
حتى وإن لم تكن صفقة بين السلطات الأردنية والشيخ المقدسي، فهي كذلك بالنتيجة في القراءة السياسية ، فالطرفان لهما مصلحة في منع امتداد لهيب المواجهة المفتوحة مع «داعش» اليوم على الساحة الداخلية.
عمان الرسمية ترغب في الاستعانة بالسلفيين المعتدلين مثل المقدسي، والأخير ورفاقه يعلمون بأن المزاج العام بعد حرق الكساسبة والتسبب بجرح عميق في الشارع الأردني سيزج بهم جميعا في السجن أو مواجهات صدامية مع السلطة التي حصلت اليوم على «تفويض شعبي» عارم وغير مسبوق بالانتقام من «داعش» والثأر للكساسبة.
هذا التفويض تحديدا حصلت عليه القيادة الأردنية، عندما استقبل الملك عبدالله الثاني بحفاوة شعبية وهو يعود من واشنطن، وعندما ظهرت الملكة رانيا العبدالله في مقدمة المسيرة الحاشدة ظهر الجمعة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سامح // الامارات:

    من الآخر : ما حصل يثبت أنّ ( الدواعش ) مجموعات همجية
    وغوغائية وغبية ( بامتياز ) وأرادوها فتنة في ( الأردن )
    وانقلب الشارع الأردني بالكامل ضدهم وهم الى زوال
    والى جهنم وبئس المصير .
    شكرا .

    1. يقول MUSLIM (JAZAIRI):

      الى جهنم وبئس المصير

  2. يقول ابومحسن:

    داعش صناعه مؤقتة سينتهي قريبا ويجب على علماء الأمة تبصير الأمة وشبابها بمخاطر هذا التنظيم الإرهابي.

  3. يقول ali haider Mohammed. England:

    حلوة هذه عبارة المقدسي من المعتدليين !!!أخشى لن يأتي يوما نقول فيه ان البغدادي ايضا من المعتدليين!!

    1. يقول الحزائر:

      اذا كان المقدسي من المعتدلين اذا لماذ ادخل السجن فعلا هزلت
      بعد مدة سيصبح البغدادي من المعتدلين

  4. يقول Adel:

    حرب داحس والغبراء . التاريخ يعيد نفسه من اجل رجل واحد عمت العيون وانطفات القلوب . مستقبل اسود يبشر به من هم في سدة الحكم . اعان الله امة الاسلام . والسلام على من اتبع الهدى .

  5. يقول Mr.Geronimo:

    ضربة قوية لصفقات التدريب للجيش الأردني…

  6. يقول خالد المانيا:

    الاردن داخل حرب ليس له فيها لاناقة ولا جمل
    يجب ان يتحاسب من ارسل معاذ للقتال
    وثانيا يجب ان يحاسب من اسقط طائرة معاذ
    وثالثا يجب على الاردن ان يبتعد الحروب ويحافظ على سلامة ابنائه
    يارب احفظ الاردن والاردنيين

  7. يقول الكروي داود النرويج:

    حرب الأردن مع داعش هي حرب وجود
    فوجود الأردن مهدد الآن بتمدد داعش اليه
    والأخطر هو بالطابور الخامس وأقصد الخلايا النائمة

    الأردن الآن أكون أو لا أكون – لا ينفع مع داعش شيئ غير الاستئصال

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  8. يقول غازي المﻻح -- ايطاليا:

    اصبت ياخالد ربنا يحفظ اﻻردن وشعبها وان يحاسب العاملين على صيانة الطائرات اﻻردنية
    المقاتلة ومن قدم الشهيد معاذ لهذه الفتنة وان يحذى اﻻردن الشقيق حذو تركياكي ﻻ
    تحرقه ﻻسامح الله نار الفتنة، وانا لله وانا اليه راجعون

  9. يقول علي _ الاردن:

    من كل التعليقات اجد ان الاخ الكروي داود هو الذي اصاب الحقيقه .فالمساله الان بالنسبه للاردن مساله وجوديه وهذه تسمى ضربات استباقيه لا بد منها .

  10. يقول ناصيف الكايد:

    معاذ لم يحرق وأنا على يقين من ذالك .وهذا يدخل في حسابات للدولة اﻹسﻻمية والذي حرق هي
    دمية متحركة.
    ومعاذ سترونه قريبا يقاتل مع جنود الدولة.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية