المنتدى الخليجي المتوسطي الأول: إتهامات عربية للغرب بدعم «الإرهاب» وتدليل إسرائيل وإعترافات أوروبية بإخفاق الناتو في ليبيا

روما ـ «القدس العربي»: لا يمكن الرهان فقط على صدى الصوت المرتفع في هوامش النقاشات الحيوية التي شهدتها جزيرة سردينيا الإيطالية تحت عنوان المنتدى الخليجي- المتوسطي الأول الذي عقد في الإقليم الإيطالي ليوم واحد فقط بحضور نخبة كبيرة من الدبلوماسيين والخبراء من الجانبين العربي والأوروبي.
بالتوازي مع صدى المداخلات العملية والدبلوماسية التي قدمها مسؤولون ايطاليون وأوروبيون عن الوضع العام في محيط المتوسط برزت تلك النغمة العربية التي تتهم الغرب برعاية «المنظمات الإسلامية المتطرفة» وتقديم الإسناد لبعض نزعات التطرف في الوقت الذي سيطرفيه تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق وسوريا على إيقاع كل المهامسات والملامسات بعدما أظهر الأوروبيون تحديدا جرعتهم الهوسية في البحث عن تفسير للحالة الداعشية مع تلك الجرعة المعتادة في الحديث عن السعي الغربي لتعزيز التنمية والديمقراطية جنوبي المتوسط وهي جرعة مكررة ومجترة برأي الوزير الأردني الأسبق الدكتور أحمد المساعدة الذي شغل موقع الأمين العام للإتحاد من أجل المتوسط لعدة سنوات.
وجهة نظرالمساعدة كما سمعتها «القدس العربي» مباشرة منه على هامش المنتدى أشارت للأخطاء المتوسطية التي إرتكبت عند التركيز على المقاربات الأمنية والإتهامية على حساب المقاربات الفكرية والثقافية والديمقراطية دون إظهار» الجدية» اللازمة في التعاطي مع الإخفاق المخجل للغرب في الحد من الدلال المفرط لإسرائيل على حساب حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة مستقلة مما ساهم في الإمتناع عن معالجةالصراع العربي الإسرائيلي وبالتالي توفير ذريعة يستعملها المتشددون.
محمد حمادي رئيس تحرير صحيفة «الإمارات» كان له رأي مقارب عندما دعى ستين دولة لتأسيس تحالف فكري وثقافي وعدم الإكتفاء بالتحالف العسكري والأمني لمواجهة التطرف في المنطقة العربية للعمل على إطلاق تنمية واعية وواعدة تقلص الهوامش بين الشمال والجنوب.
العدو الحقيقي للجميع في حوض المتوسط حسب المساعدة هو الفقر وندرة التنمية ونقص الحقوق الإنسانية وهي مسائل عولجت في الماضي على اساس أمني وعسكري وليس على أساس الإستثمار والتنمية في الإنسان.
المساعدة خاطب الدبلوماسيين الغربيين مشيرا إلى أن جوهر الأزمات في المنطقة هو الصراع العربي الإسرائيلي والفشل بعد 20 عاما من المفاوضات في إقامة الدولة الفلسطينية.
سفراء خليجيون تحدثوا عن إهتمام بلدانهم بالتعاون مع اوروبا على صعيد تعزيز التنمية الاقتصادية وفرص التعليم للتخفيف من شكوى الهجرة المعاكسة والحيثيات الإيطالية التي قدمها مسؤول ملف المتوسط في الخارجية الإيطالية تحدثت عن أكثر من 300 مليون جار عربي لديهم مشكلات حيوية وحياتية بدأت تشكل تحديات للأوروبيين متحدثا عن تطلعات إستراتيجية في منطقة فعالة جدا.
الإثارة أنتجها القيادي الفلسطيني محمد دحلان وهو يتهم دول أوروبا وأمريكا بدعم وحتى تمويل الإرهاب وكذلك تركيا العضو في الحلف الأطلسي مشيرا أن اوروبا اصبحت تصدر الإرهابيين للمنطقة العربية هذه الايام قائلا : نحن وأنتم معا ولا تختلفون عنا في تصدير الإرهاب وإنتاج الإرهابيين.
دحلان إقترح على الغرب التوقف عن إدعاء المعرفة بالمنطقة أكثر من أولادها متهما بريطانيا ودول أخرى بإستضافة إرهابيين بذريعة حقوق الإنسان وبدعم الإخوان المسلمين على حساب النظام العربي وفي بعض الأحيان الإمتناع عن مراقبة حركة المال التي تدعم مجموعات إرهابية.
الموقف الأكثر إثارة صدر عن مسؤول اللجنة الإيطالية المعنية بملف المتوسط الدكتور روتشييلو وهو يتحدث عن نقص في الإستراتيجيات الفعالة المشتركة محذرا من حرب اهلية مجاورة في ليبيا ستنهار فيها الدولة.
رويتشلو فاجأ الحضور بالإعتراف بأن بعض المؤسسات الأطلسية غير فعالة أو متأخرة خصوصا في ليبيا مشيرا لإنفاق أكثر من مليار يورو على مستوى الناتو دون أن يتحقق شيء داعيا إلى إعادة مراجعة الأمر وضرورة قيام شراكة أطلسية مع مؤسسات المجتمع المدني العربية لتغيير هذا الوقع ووضع مقاربات يمكن ان تكون فعالة.
بالنسبة لروتشييلو سياسات الحلف الأطلسي تتركز على الجانب الدفاعي وليس الوقائي وينبغي ان تتجاوز محطات الإنتظار والترقب وفيما يتعلق بالوضع السياسي في المنطقة العربية على الجميع التحدث بصوت مرتفع.
الطابع المباشر لأول لقاء للمنتدى الخليجي المتوسطي كان يشير بوضوح لبروز حالة تلاؤم مع جرأة في إنتقاد موقف الدول الاوروبية من الإسلام السياسي في الوقت الذي تحدث فيه جميع المتداخلين تقريبا عن ظاهرة «داعش» التي تقلق جميع الأطراف كما تبين في حوض المتوسط كما تقلق تماما أهل منطقة الشرق الأوسط.

بسام البدارين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية