رغم الطابع الاستراتيجي الذي يتسم به التحالف بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا، من حيث كون تركيا عضوًا في حلف الناتو وصاحبة ثاني أكبر جيش بري فيه، إلا أن التفاعلات المرتبطة به لم تغير من درجة الاختلاف في المصالح والتصورات بين أنقرة وواشنطن، حول سورية تحديدًا، وما يرتبط به من دعم الحرب على «تنظيم الدولة».
يمكن تفسير الخلاف بين واشنطن وأنقرة، في ضوء عوامل عدة، منها إدراك أنقرة أن دورها في هذا التحالف مهم حتى تنجح العمليات العسكرية في تحقيق أهدافها، وأن تحقيق هذا الهدف لن يحدث من دون مشاركة فعلية من جانبها، خاصة أن قوات التحالف لا تستطيع التدخل بريًا من دون مساندة من تركيا، كما أن تدريب المعارضة «المعتدلة» يحتاج إلى مساعدة تركية.
يدور العامل الثاني حول وجود خلاف جوهري حول مستقبل الأسد، ففي حين تطالب تركيا بشكل مستمر بإسقاط الأسد، ترى واشنطن أن الأولوية لمحاربة «تنظيم الدولة»، وربما السعي إلى الوصول لحل سياسي، أيًا كان دور الأسد فيه، ولعل ذلك يفسر عدم استهداف عمليات التحالف في سورية، أي أهداف تابعة لنظام الأسد، مقابل عدم محاولته عرقلة هذه العمليات.
أما العامل الثالث، فيتعلق بوجود خلاف في التصورات بين الجانبين حول معركة عين العرب «كوباني»، حيث تنظر تركيا إليها على أنها معركة بين تنظيمين إرهابيين لا يقلان خطورة عن بعضهما، وذلك على خلاف التصورات الأمريكية التي ترى ضرورة دعم الأكراد لإحكام سيطرتهم عليها.
«إقالة» وزير الدفاع الأمريكي تشاك هيغل، الذي اعتبر شماعة لتحمل فشل استراتيجية أوباما في المنطقة، وخاصة سورية، ترجح رضوخ الولايات المتحدة لمطالب تركيا حول المنطقة الآمنة أو العازلة، لاسيما أنها تلقى دعماً أممياً بدأت تتجلى ملامحه في مبادرة المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، الذي ينص أحد بنود مبادرته على تشكيل منطقة آمنة، تكون حلب منطلقاً لتنفيذها، ما يعني أن واشنطن تهيئ الرأي العام الدولي وأذرعه الأممية لتبني مطالب إنشاء المنطقة الآمنة أو العازلة (بحسب اختلاف المسميات والمضامين).
ما من شك في ان الولايات المتحدة ستحاول إيجاد صيغة توافقية ترضي تركيا من جهة، ولا تفتح عليها أبواب الاعتراضات الدولية، خاصة من روسيا والصين وبقية حلفاء الأسد، وتشير بعض التسريبات إلى أن المنطقة الجديدة المعتزم تشكيلها، سيطلق عليها «منطقة صد جوية» وهي منطقة عازلة داخل سورية على طول الحدود التركية ستقيمها القوات البرية التركية، وستتم حمايتها من قبل القوة الجوية الأمريكية.
الهدف من هذه المنطقة التي لن يكون لها مسمى منطقة حظر جوي برعاية أممية أو قرار من مجلس الأمن، لتجنب الفيتو الروسي – الصيني، هو تقديم الحماية لبعض قوات المعــــارضة والمدنيين في سورية من كلٍ من «تنظــــيم الدولة» ومن نظام بشار الأسد، وزيادة تدفق المساعـــدات الإنسانية إلى سورية عبر هذه المنطقة.
وقد طرحت هذه الفكرة آخر مرة من قبل الحكومة الفرنسية عام 2012، وأفادت التقارير حينها بأن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون دعمتها، لكن الرئيس الأمريكي أوباما رفضها حينها.
حتى الآن، لم يتم ذكر هذه المنطقة بشكل رسمي على مستوى مجلس الأمن القومي، ولم يقم أوباما باتخاذ أي قرار حيالها، وهو ما يفسر تضارب التصريحات الأمريكية إزاء تسريب مضمون الاتفاق الأمريكي التركي حول المنطقة، فالولايات المتحدة بأمس الحاجة الآن لهذه المنطقة لضمان مشاركة تركيا، وهي مضطرة لتلبية مطالبها التي تصر عليها.
ويأتي العرض الأمريكي الجديد كجزء من اتفاق أكبر سيشمل أيضاً تصعيد تركيا لقتالها ضد «تنظيم الدولة»، بما فيها استعمال القوى البرية التركية داخل سورية للاستطلاع من أجل الغارات الجوية الأمريكية، وأن تسمح للولايات المتحدة بتنفيذ خططها من قاعدة إنجرليك الجوية.
على الرغم من تضارب التصريحات الأمريكية إزاء التوصل إلى مثل هذا الاتفــــاق بيـــن واشنطن وأنقرة حول إيجاد المنطقة الآمنة أو العازلة، إلا أن الولايات المتحدة تريد أن ترى المنطقة النور بأسرع وقت ممكن، بعد أن تحولت إلى مطلب أمريكـــي، كما هي مطلب تركي وسوري (المعــــارضة) بالضـــرورة، وعليه فإن مسألة تكوين هذه المنطـــقة التي لن تحظى بقرار من مجلـــس الأمن على الأغلب، ستكون قريباً لضمان اســـتمرار التحـــالف الدولي وبقاء الحلفاء فيه، خاصة أن التململ من فشـــل استراتيجية واشنطن وصل إلى الحلفاء، وبات من الضروري على واشنطن اجـــتراح حل يــــغير معادلات الحـــل في سورية، خاصة بعد موقف إيـــران المتصــــلب فـــي الملف النـــووي، وشروع روسيا بأخـــذ مسافة عن إيران في هذا الملف، ما يفسر مساعي موسكو لعرض مبادرات سياسية، تفاوض من خلالها على دور متوقع في مستقبل سورية، فيما لو أنشئت هذه المنطقة، وتطورت الأمور إلى حرب متوقعة بسبب عدم موافقة النظام عليها.
٭ كاتب وباحث فلسطيني
هشام منوّر
المنطقة الآمنة ليست قاب قوسين مع الأسف يا أستاذ هشام
فايران أعلنت أنها ترفض هذه المنطقه ومعلوم دور ايران بسوريا
والولايات المتحدة رضخت للرفض الايراني مقابل التنازل الايراني بالنووي
تركيا قد أرهقها وجود اللاجئين السوريين على أراضيها
وكذلك أرهقها اغلاق طريق صادراتها الغذائية للخليج العربي
لذلك تريد انتهاء الوضع المأساوي بسوريا بأسرع وقت حتى لا تزيد خسائرها
ولا حول ولا قوة الا بالله
ارى ان داعش في وضعها الحالي مصلحة تركية وهذا مايفسر برود الموقف التركي إزاء التحالف لان داعش في نظر الاتراك سوف تريحهم من ملف اكراد سورية وتقضي على طموحاتهم في إنشاء كانتون لهم في سوريا وهذا ما يهدد الامن القومي التركي وليس داعش