حمّلت مشاركة السعودية في حرب «عاصفة الصحراء» لإخراج القوات العراقية من الكويت في عامي 1990-1991 الرياض تبعات هائلة على المستوى السياسي أدّت إلى تضعضع الكثير من رأسمالها الرمزيّ، فقد اعتبرت هذه الحرب، انخراطاً ضمن خطّة أمريكية كبرى للإطاحة بالنظام العراقي وليس للدفاع عن السعودية أو لتحرير الكويت، وأدّت بالنتيجة إلى فقدان العراق لصالح إيران، الأمر الذي ما تزال السعودية، والمنطقة العربية ككلّ، تدفعان ثمناً هائلاً نتيجة له.
يمكن ببساطة اعتبار التدخّل السعودي في اليمن حالياً أول محاولة جدية سعودية لموازنة ما حصل في تسعينيات القرن الماضي، وهذا تغيير كبير في معالم السياسة السعودية في المنطقة، فالمملكة كانت تكتفي، ضمن حركتها الإقليمية، بتحريك حلفاء لها في المنطقة، ومدّهم بالمال أو بالسلاح عبر وسطاء، وكانت حركتها مؤطّرة دائماً بسياسات حذرة ومهادنة لا تحبّ التغيير أو التدخّل الفاعل والمباشر.
لذلك تؤشر حرب التحالف العربي ضد الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي صالح في اليمن إلى مرحلة عربية جديدة تخرج فيها السعودية (وبعض حلفائها في الخليج العربي) من حالة الكمون التي جعلتها في عيون أعدائها رقماً خاملاً في المعادلات الجيوسياسية المتبدّلة في المنطقة (أو مجموعة تنابل وكسالى على حد وصف زعيم حزب الله حسن نصر الله) إلى حيّز اكتشاف قدراتها على الفعل وردّ الفعل، وصولاً إلى إمكانية صدّ الهجوم المتواصل عليها، أو على الأقل، تعديل ميزان التراجع في وزنها الإقليمي والداخليّ.
والحقيقة أن خوض دول (أو مجموعة دول) لحرب لا تؤثر في حسابات الخصم فحسب، ولا تغيّر في معادلات الخارج وحدها، بل إنها تغيّر في معادلات الداخل أيضاً، ولذلك فمن المتوقع أن تؤدي الحرب في اليمن، إلى تفاعلات قد تغيّر في الطبيعة السياسية السعودية نفسها باتجاه دفعها نحو ديناميّة جديدة قد تضخّ دماء التغيير السياسيّ في المنطقة.
يأتي هذا مع إعلان الدول الكبرى وإيران الوصول إلى اتفاق إطار للتعامل مع المشروع النووي الإيراني، وهو يعني إعادة تطبيع تدريجية لعلاقات إيران مع العالم، كما يعني إعطاء مصداقيّة أكبر للتحالف الغربي الموضوعي معها في العراق، على الأقل.
كما يأتي مع ورود أنباء عن دخول القوات الخاصة الموالية لعلي صالح والمتحالفة مع الحوثيين إلى قصر الرئاسة في عدن، العاصمة السابقة لليمن الجنوبي والمدينة الثانية الأهم بعد صنعاء، وهو حدث إذا لم يعزز إمكانيات التدخّل البرّي لقوات التحالف العربي فهو يعلن أن الصراع لن ينتهي بين يوم وليلة بل سيطول أمده، وسيفرض على المتحاربين مراجعة خياراتهم.
مع حسم «عاصفة الحزم» تاريخ التردّد العربي لم يعد هناك مناص أمام ما تبقى من «المنظومة العربية» من وضع استراتيجية مستقبلية تعيد قراءة أخطاء الماضي الكارثية وتضع جدول أولويات وتحالفات جديدة… رغم أن كل ذلك يبدو متأخراً جداً.
رأي القدس
عﻻمات فوز المحور الروسي ايران وحزب الله والحشد الشعبي والحوثي على المحور اﻻميركي السعودية وداعش ومن لف لفها
انا برأي ان هذا لا يغير في المعادله اي شيء. انا العالم العربي في سباته العميق ولا اعتقد ان يصحى في يوم من الايام. بعض دول العربيه تضرب على وتر ايران لان اسرائيل مكتوب عليها ” ممنوع اللمس” من قوى عالميه وغربيه وعربيه معاً. اذا حدث شيء اخر بعدها ابئه ابلوني. امما عن عاصفه الصحراء و عاصفه الحزم فهناك عواصف اخرى سوف تصعقنا وما اكثر هذه العواصف.
الخوف من التمدد العراقي حينها وفي الحليف الامريكي فرصة مناسبة للقضاء على هاجس تغول صدام ، لا يتفي حقيقة أن السلطة الحاكمة في السعودية لم تكن تستطيع رفض المشاركة في اجتياح العراق وفتح أجواءها للتحالف ، على عكس تركيا . ستلتقي الأمة العربية دائما عند مشكلة غياب الديمقراطية التي تعني غياب قاعدة شعبية داعمة للقرارات الكبيرة .
لوكان العقل حاضرا لسبق الحرب حوار شامل ومعمق من اجل بعث وحدة تكاملية بين السعودية واليمن كمرحلة اولى لبعث الولايات العربية المتحدة التي تجمع العرب كل العرب تحت راية واحدة كما هي حال الولايات الامريكية المتجدة.ولكن……
شكراً لرأي القدس العربي السديد…
السعودية في التسعينات كانت تحت عباءة أميريكا عسكرياً وأستراتيجياً ولم تكن ترغب في اللعب على المكشوف بهدف أخراج صدام حسين من الكويت…
بعد ربع قرن تقريباً أختلفت الامور جملة وتفصيلاً لاسيما بعد ظهور االقاعدة و بن لادن و من ثم المتطرفين التكفيريين من داعش و أقرانهم في المنطقة…هذا من جانب… أما من الجانب الاخر فأن أيران ولاية الفقيه و حرس خميني أبتلعوا ثلاثة أرباع العراق منذ 2011 وأصبحوا على الحدود السعودية وأعتقدت أيران بأمكانها بواسطة شيعة اليمن (الحوثيين) أن تثبّت لنفسها قدماً في باب المندب وخليج عدن. السعودية لم ولن تسمح بذلك وأخذت زمام المبادرة في التصدّي لهذا التحرك الايراني المشبوه على حدودها الجنوبية… وهنا يحق لنا ذكر جزء من الآية 43 في سورة الاعراف من محكم التنزيل :
…وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ۖ … والحمد لله رب العالمين…