نواكشوط – «القدس العربي»: دفعت تأكيدات أدلى بها الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز مؤخراً لقناة «فرانس 24» أنه سيدعم بنفسه مرشحًا للانتخابات الرئاسية المقبلة، دفعت هذه التأكيدات الجديدة، الموريتانيين من سياسيين ومدونين للانشغال هذه الأيام بمن سيخلف رئيسهم الحالي وبالظروف التي ستكتنف الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وجاءت التصريحات التي أكدت أن الرئيس ولد عبد العزيز سيدعم الشخص الذي سيخلفه في انتخابات 2019، لتبدد أمل المعارضة الموريتانية في تنظيم الانتخابات المقبلة بصورة حرة وشفافة وبعيدة عن تأثير الجيش.
وأشعل هذا المعطى السياسي الجديد الذي ينضاف لتعديلات الدستور المثيرة المعروضة حالياً على البرلمان، إشاعات كثيرة في هذا المجال.
وما تزال سيناريوهات خلافة الرئيس ولد عبد العزيز على حالها الذي طرحته «القدس العربي» في عددها الصادر يوم 13 آب/أغسطس 2015 حيث لم تتغير المعطيات تغيرا يذكر بعد هذه الفترة الطويلة.
وفي خضم الجدل المشتعل حالياً حول أول حالة للتناوب على السلطة في موريتانيا بلد الانقلابات العسكرية، نقل موقع «28 نوفمبر» الإخباري المستقل عن مصدر مطلع قوله «إن رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز قبل العمل برأي مستشاره الخاص محمد يحظيه ولد ابريد الليل (منظر سياسي كبير والأب الروحي لبعثيي موريتانيا)، الذي نصحه فيه بالتأني قبل الإشارة لأي مرشح بذاته ولو سراً، إلى منتصف العام المقبل».
وأكد الموقع «أن نصيحة ولد ابريد الليل أغضبت بعض المقربين من الرئيس الذين رأوا فيها مضيعة للوقت وفرصة أمام المعارضة للتنسيق أكثر وجر الأغلبية إلى التشتت والتناحر وهو ما يهدد وحدتهم في دعم مرشح الخلافة».
وأوضح «أن أقرباء الرئيس يضغطون من أجل الشروع في الحملة لصالح المرشح الموعود الذي أصبح معروفاً لدى أفراد قلة من المحيطين بالرئيس، حتى لا تخرج الأمور عن سيطرة النظام أمام تعدد المترشحين للرئاسة الطامعين في دعم مؤسسة الجيش».
وجزم المحلل السياسي إسماعيل يعقوب الشيخ سيديا في تدوينة له أمس بأن «حال الديمقراطية في موريتانيا مرهون بعام 2019، حيث تنتهي الولاية الثانية للرئيس محمد ولد عبد العزيز فلأول مرة في تاريخ البلد يعلن رئيس عن تخليه عن الرئاسة ويحدد تاريخ ذلك».
وأضاف المدون «بعد عامين سيكون الرئيس عزيز قد قضى عقدًا من الزمن رئيساً للجمهورية؛ وسيكون بذلك ثالث أطول الرؤساء مكوثاً على كرسي الحكم بعد الرئيسين معاوية (عشرين عاماً) والمختار ولد داداه (18 عاماً)، وليس الأمر سهلا بالمرة على بلد لم يتعود الانتقال الدستوري للسلطة سوى مرة واحدة؛ ولم يودع فيه رئيس سلفه عبر تاريخه سوى مرة واحدة؛ وكان ذلك الوداع من رئيس عسكري لرئيس مدني».
وزاد «.. إذا غادر الرئيس عزيز الرئاسة وتسلم رئاسة الحزب الذي أسسه، فهو عائد للرئاسة على الطريقة الروسية؛ فالرجل ستيني بالكاد وقوي العزيمة والشخصية وعصي على التوقعات؛ أما إذا غادر السلطة وخرج من البلاد أو آوى إلى تقاعد مبكر، فتلك استقالته الأبدية».
وتابع المدون إسماعيل تحليله قائلاً «إما أن يكون رئيس موريتانيا ما بعد عزيز من الأغلبية أو من المعارضة؛ مدنياً لم يتعسكر أو عسكرياً تمدن حديثاً؛ فإذا كان الجنرال غزواني قائد الجيش هو الخليفة المنتظر وهو ما يحلو لمعظم كتاب الرأي ذكره، فإن الرجل الثاني في حكم عزيز لن يؤكد الأمر أو ينفيه إلا همساً، بحكم واجب التحفظ، ما لم يحن تقاعده المفترض أن يتزامن مع رئاسيات 2019؛ وهو لا يحتاج لنقاهة برزخية لخوض حملة انتخابية فهو سيد العارفين بأجوائها المرسومة سلفًا».
وأضاف «الجنرال الغزواني يحمل أعلى رتبة في الجيش، وقد أثبت ولاءه لعزيز بشكل أسطوري في مرض الرئيس عزيز بعد ما يعرف بحادثة «اطويله»؛ وتتحدث مصادر مقربة من الرجل عن ذكائه الحاد وطموحه الوقاد، والزمالة الطويلة بين الرجلين تجعل الخلافة أو الاستخلاف أكثر من وارد».
وبعد أن ذكر عجز المعارضة عن الفعل في هذا الموقف، أكد المدون «أن هامش المفاجآت محصور في رجلين، شاب يخطف الأضواء وينجح في جمع حراك شبابي انتخابي جامح في فترة وجيزة، وشخص قادم من الخارج في مواجهة «ميدفيديف موريتاني ضعيف».
وختم المدون تحليله قائلاً «في انتظار الإعلان عن سيد القصر الرئاسي نهاية 2019، تبقى الاحتمالات مفتوحة والتكهنات متتالية، على أن يبقى ثالوث المحمدين في القصر والجيش والأمن، هو صانع الحدث بامتياز في مأمورية الوداع هذه».
واستبعد المدون صلاح محمد فاضل في تعليق له على تدوينه إسماعيل يعقوب تطبيق طريقة «بوتين مدفيديف» في موريتانيا، لأن الدستور، حسب رأيه، لا يقبل بأكثر من مأموريتين من جهة، ولأن العودة للسلطة بعد مغادرتها ليس ممكنا إذ ليس في المستطاع حفاظ مجموعة ما على السلطة حتى تعيدها لمن كان يمسك بها؛ ففي بلادنا من يغادر السلطة تستحيل عودته لها خاصة إذا طال العهد وانقطعت علاقة الأمر والنهي بالعسكريين».
وتناولت صحيفة «ميادين» هي الأخرى موضوع الساعة الذي هو خلافة الرئيس ولد عبد العزيز في الرئاسة، حيث أكدت في تحليل لها عن الموضوع «أن بعض المراقبين يرى أن ولد عبد العزيز لن يغادر السلطة، إلا بعد أن يحدد المسار الذي ستسير عليه البلاد من بعده، من خلال اختيار «خليفة» له، يكون أول ما يتوفر فيه «ضعف الشخصية»، لأن ذلك الضعف سيمنع الرئيس الجديد من تحريك أي ملفات ضد الرجل و»مقربيه».
«ولهذا يقول البعض ، تضيف «ميادين»، «إن الرئيس عزيز إما أن يختار أحد «أضعف» الجنرالات الذين نفذوا معه الانقلاب العسكري الأبيض على الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله أو يختار «العقيد المتقاعد» الشيخ ولد بايه، الذي تربطه به روابط» خاصة، وإما أن يختار مدنيا يتصف بالضعف الذي أشرنا إليه آنفًا».
«فالرجل، تضيف «ميادين»، يريد أن يبين للرأي العام الوطني والدولي، بأن له القدرة على تحديد مستقبل موريتانيا وإلا لما سعى لرسم وجهة لهذا «المستقبل»، لأن من يريد مغادرة السلطة، عليه أن يترك الموريتانيين يقررون «مسارهم» بأنفسهم، دون أي تدخل، الشيء الذي يبدو أن ولد عبد العزيز يخالفه ويعمل على عكسه».
وفي خضم هذا الانشغال نقل موقع «الإخباري»، عن مصادر خاصة قولها «إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز قرر أن تخلفه امرأة في رئاسة موريتانيا وليس رجلاً كما ينتظر البعض».
وأضاف المصدر «أن الرئيس ولد عبد العزيز أسرّ إلى محيطه الضيق بنيته ترشيح سيدة لمنصب الرئاسة في الانتخابات المقبلة، وقد أبلغ مقربيه باسم السيدة التي وقع اختياره عليها، والتي تشغل حاليًا منصبًا ساميًا في الدولة».
وخلص موقع «الإخباري» للقول بأنه «إذا ما صدق هذا الخبر فإنه يمكن الجزم بأن الرئيس عزيز اختار سيدة من أجل هدف واحد هو ضمان العودة للقصر لتولي مأموريات أخرى».
عبد الله مولود