رغم أنّ تنظيم «الدولة الإسلامية» لم يعد يسيطر إلا على مساحات ضئيلة في مدينة الموصل وجوارها، فإنّ عناصره أفلحت، منذ أواسط حزيران (يونيو) الماضي، في شنّ سلسلة هجمات مضادة مباغتة؛ أسفرت عن تفكيك خطوط الدفاع الأولى للجيش النظامي العراقي، خاصة الفرقة 16 التي تتولى قتال «داعش» في المدينة القديمة. آخر تلك الهجمات وقعت يوم الجمعة الماضي، حين نجح عشرات من مقاتلي التنظيم في اختراق صفوف الفرقة، وإجبارها على التراجع عشرات الأمتار خلف الأبنية السكنية، وبعيداً عن أحد الطرق الرئيسية. قبل هذا كان مقاتلو «الدولة»، متخفين في ثياب عناصر «الحشد الشعبي»، قد باغتوا الجيش العراقي عند الأطراف الغربية للمدينة، فانهارت القطعات التي تعرضت للهجوم، في مشهد أعاد التذكير بالأيام الأولى لسقوط المدينة السهل في أيدي جحافل «داعش»، قبل ثلاث سنوات.
ذلك يعني أنّ طريق تحرير المدينة ما يزال طويلاَ، من جانب أوّل، بالنظر إلى ما يعدّه تنظيم «الدولة» من تكتيكات مضادة، على أصعدة عسكرية تقليدية وأخرى أقرب إلى حرب العصابات. كما يعني، من جانب آخر، أنّ مفهوم «التحرير» محفوف بإشكاليات شتى، وتعقيدات سياسية وعسكرية ومذهبية وإثنية، من جهة ثانية. أوّل العناصر التي تضع علامات ارتياب كبرى حول مصداقية تحرير المدينة، هو موقع «الحشد الشعبي» في المعادلة: أهو تابع، أولاً، لقيادة العراق السياسية والعسكرية الرسمية (رئيس الوزراء حيدر العبادي، وكبار قادة الجيش النظامي)؛ أم يأتمر، عسكرياً وسياسياً ومذهبياً، بالجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد «فيلق القدس» الإيراني أيضاً؟ وكيف تُفسّر مشاعر البغضاء الفاضحة تجاه سنّة الموصل، والعراق عموماً، التي لا يجد أبو مهدي المهندس، القائد الفعلي الميداني لـ«الحشد»، أيّ حرج في الإعراب عنها؟ وماذا عن حقائق الأرض، وأعمال التصفيات والتعذيب والتطهير المذهبي والمناطقي، التي مارستها وتمارسها قوات «الحشد» أينما انتشرت إجمالاً، وفي الموصل تحديداً؟ وأيّ مهامّ «تحريرية» يتولى «الحشد» تنفيذها داخل الأراضي السورية، ضمن مشروع حلم سليماني بالسفر عبر طريق برّي يقوده من إيران إلى اللاذقية، عبر العراق؟
هذه الأسئلة، التي تخصّ «الحشد» وحده بادئ ذي بدء، سوف تتوالد عنها أسئلة أخرى كثيرة تخصّ تكوينات الموصل المذهبية والإثنية الأخرى؛ إذْ ليس من المنتظَر أن يتقبّل السنّة والكرد والكلدان والتركمان، في الأمثلة الأبرز، طراز الهيمنة التي تبشّر به ممارسات ميليشيات أبو مهدي المهندس، في أطوار ما بعد «التحرير». وليس خافياً، بالطبع، أنّ «الحشد» لم يعد مجرد ميليشيات عسكرية، وليس البتة على غرار ما أفتى به السيد علي السيستاني، المرجع الشيعي الكبير، حول استحقاقات «الجهاد الكفائي»؛ بل صار «الحشد» قوّة كبرى، فاعلة وفعلية، في المستويات السياسية والحزبية، وتحديداً بعد النقلة الحاسمة في اعتزام خوض الانتخابات التشريعية كمجوعة عسكرية (على نقيض ما يقول الدستور العراقي!).
ولعلّ سليماني، وجنرالاته في «الحشد»، سوف ينشغلون بمعارك «تحرير» الطريق البرّي إلى اللاذقية، أكثر بكثير من انشغالهم بما ستعتمده «داعش» من تكتيكات قتال مضادة، وهجمات مضادة أكثر شراسة وعنفاً، في مناطق أخرى من العراق. ذلك لأنّ تنظيم «الدولة» ما يزال ـ للتذكير المفيد مجدداً، ودائماً ـ يمتلك هوامش مناورة قتالية، وجيوباً يسهل التحشيد فيها، وخلايا نائمة يمكن إيقاظها في كلّ حين لتتولى مهامّ التشويش والإرباك ودبّ الاضطراب. صحيح أنّ المواطن العراقي، في الموصل ذاتها كما في كلّ وأية منطقة عراقية أخرى، يظلّ ضحية «داعش» الأولى؛ إلا أنّ قاتله التالي هو سلطة حاكمة بائسة، مطعون في شرفها الوطني والأخلاقي، تنحدر أدنى فأدنى نحو درك الطائفية والتمييز والفساد والقصور والتبعية، وتُسلم قياد البلد إلى جنرالات أغراب، على رأس ميليشيات محلية مذهبية.
صبحي حديدي
انا لم أفهم هذا كله لأنه حرر الموصل وقاتل داعش واقترب من محورها . أما عن الحلف الإيراني السوري فهو الداعم الوحيد بسلاح للجهاد وحماس فهو قديم نسبيا الجديد الجديد هو استرجاع همزة الوصل وهي العراق التي قطعت 2012 واسترجعت اليوم والسلام
الاخ العزيز رؤوف بدران من فلسطين الغالية ، تحياتنا لكم وشكرا لتعليقكم الجوهري وتحياتنا للقراء الأعزاء .
افضل مافي المقالة شحنته الانفعالية . التي تنقلنا الى عالمنا الحقيقي المضطرب ، بسبب هذه الطائفية اللعينة . شكر للكاتب على نقل واقنعا الحقيقي .