القاهرة ـ «القدس العربي» تصدر خطاب الرئيس السيسي في الاحتفال بيوم المعلم، صحف أمس الثلاثاء 9 سبتمبر/ايلول، وأبرز ما فيه الإعلان عن أنه تم هذا العام بناء ألف ومئة وخمسين مدرسة، بمساعدة دول عربية شقيقة، ومساهمات رجال أعمال اضافة الى الحكومة، وهذه المدارس تحتاج إلى تعيين ثلاثين ألف مدرس جديد. وسخر الرئيس من الخبر الذي أذاعته القناة السابعة للتلفزيون الإسرائيلي بأنه وعد الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمنح قطاع غزة مساحة كبيرة من سيناء، مؤكدا أنه لا يحق لأي إنسان اتخاذ إجراء كهذا، كما سخر وزير الخارجية سامح شكري من الخبر وقال ان هذا الاقتراح كان قد قدمه الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وتوسعت الصحف في نشر أخبار وصور احتفال جامعة الأزهر بمنح الدكتوراه الفخرية لخادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، بحضور شيخ الأزهر الدكتور احمد الطيب ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، وكذلك أبرزت الصحف قيام الأمير بافتتاح المقر الجديد للسفارة.
واهتمت الصحف بأحدث التحركات الأمريكية والدولية لتكوين تحالف عالمي ضد «داعش» والقضاء عليه، وأخبار العمليات العسكرية التي تتم ضده في العراق، هذا وقد أخبرنا أمس زميلنا الرسام الكبير بجريدة «روز اليوسف» أنور في «المصري اليوم» بأنه شاهد احد العائدين من العراق وسمعه يقول:
– بس يا أخي الواحد برضه وحشته البلد عشان كده أول ما أرجع هاخدها بالحضن وكان يرتدي حزاما ناسفا.
وسخرت الصحف من الجماعة التي ظهرت وأطلقت على نفسها اسم «ضنك» لتقوم بأول مظاهرات لها أمس احتجاجا على غلاء الأسعار، ومن المعروف أن التاسع من سبتمبر / أيلول هو عيد الفلاح، وهو اليوم الذي أصدرت فيه ثورة 23 يوليو / تموز سنة 1952 قانون الإصلاح الزراعي وتوزيع الأرض على المزارعين المعدومين.
وأشارت الصحف الى استمرار العمل في شق القناة الجديدة، والقبض على تسعة من الإخوان المسلمين العاملين في قطاع الكهرباء بالسويس واعترافهم في تحقيقات النيابة بتلقي أموال مرسلة من تركيا لتخريب شبكة الكهرباء، وإصابة عدد من جنود الشرطة في انفجار لغم أسفل مدرعتهم في العريش.
أما أكثر الأخبار والموضوعات اجتذابا لاهتمامات الغالبية فكانت شراء شهادات استثمار قناة السويس، وموافقة وزارة الداخلية على حضور خمسة عشر ألف مشجع في مباراة منتخب مصر وتونس. والاستعدادات لبدء العام الدراسي وزيادات المصروفات، لا سيما في المدارس الخاصة، وبدء الدراسة في الجامعات والإجراءات التي سيتم اتخاذها لمنع تكرار احداث العام الماضي داخلها وداخل المدن الجامعية، وتركز جانب من الاهتمام الشعبي على بدء سفر الحجاج يوم الخميس والاستعدادات لعيد الأضحى المبارك، أعاده الله علينا جميعا مسلمين ومسيحيين عربا بالخير واليمن والبركات. وإلى بعض ما عندنا..
المصالحة مع الإخوان
ونبدأ بأبرز ردود الأفعال وأهمها على الدعوات التي تجددت عن إجراء مصالحة مع الإخوان المسلمين، وكان أولها لصديقنا الأستاذ بجامعة أسيوط الدكتور محمد حبيب، النائب الأول لمرشد الإخوان السابق المحبوس حاليا خفيف الظل محمد مهدي عاكف، الذي كتب مقالا يوم الأحد في «المصري اليوم» استبعد فيه تماما إمكانية المصالحة الآن، خاصة مع تفشي أفكار سيد قطب الداعية للتكفير والعنف داخل الجماعة من قياداتها إلى قواعدها، كما وجه لأول مرة اتهاما للجماعة بالخروج على أفكار حسن البنا واعتناق أفكار سيد قطب. أيضا انتقد لأول مرة من جانبه البنا في قضيتين، الأولى رؤيته للخلافة الإسلامية وعودتها، والثانية التعددية الحزبية التي كان البنا يرفضها تماما، وفي الحقيقية فإن أول من وجه نقدا للبنا وهو داخل الجماعة صديقنا عصام العريان المحبوس الآن ويحاكم في أكثر من قضية في مقال شهير له عام 1985 بجريدة «الشعب» الأسبوعية التي كانت لسان حال حزب العمل، وقال ان الإخوان الآن خرجوا عن خط البنا في قضيتين الأولى رفضه للتعددية الحزبية ورفضه عمل المرأة في السياسة وممارسة حقها في الانتخاب والترشح، وقد تعرض عصام بعدها إلى توبيخ عنيف من المرحوم محمد المأمون الهضيبي المتحدث الرسمي وقتها باسم الجماعة وعضو مكتب الإرشاد والمرشد السادس في ما بعد، وهو ابن المرحوم أحمد حسن الهضيبي المرشد الثاني للجماعة. ورفض المأمون انتقادات عصام الذي صمت ولم يكررها وعندما سألته لماذا لم يدافع عن رأيه كان يكتفي بالابتسام، وكان موقفه وقتها انعكاسا للخلاف بين أنصار تيار المرشد الثالث المرحوم عمر التلمساني، الذي قاد تيار التغيير بالنسبة للتعددية الحزبية بعد خروجه من المعتقل أوائل عام 1982، بعد إفراج الرئيس الأسبق حسني مبارك عن الذين اعتقلهم الرئيس الراحل أنور السادات في سبتمبر/ايلول 1981، وتخلي التلمساني عن موقف البنا، من دون أن ينتقده أو يعلن عن ذلك، بل ان الإخوان حاولوا تبريره، خاصة محمد المأمون الهضيبي بأن البنا لم يعارض الأحزاب من حيث المبدأ، وانما هاجم فساد الأحزاب أيام النظام الملكي. بينما الحقيقة أنه رفض الفكرة من أساسها بل دعا الملوك والرؤساء والأمراء العرب والمسلمين في رسالة لهم عام 1936 إلى إلغاء الأحزاب، واستمر الإخوان على موقفهم حتى بعد أن سمح لهم السادات بالعمل عام 1974، وإعادة إصدار مجلة «الدعوة» الشهرية، وبعد أن أعاد التعددية الحزبية عام 1976 ومقالاتهم في ذلك، بمن فيهم التلمساني منشورة في «الدعوة» وفي مجلة «الاعتصام» الشهرية التي كانت معبرة عن الجمعية الشرعية للعاملين بتعاون الكتاب والسنة. لكن التلمساني أثناء سجنه في سبتمبر 1981 مع ممثلي كل التيارات السياسية ومناقشاته مع قادة الوفد والناصريين والشيوعيين وبعض القساوسة غير من فكره، وقاد الجماعة بعد خروجه في اتجاه الإيمان بالتعددية وفتح صفحة جديدة مع الجميع والتعاون معهم، لكن الذي حدث أن التيار المنتمي لأفكار سيد قطب تمكن من السيطرة وكان ما كان المهم أن صديقنا الدكتور محمد حبيب قال:
«نفد رصيد الثقة أو الأمل والتعاطف الذي كان يتمتع به الإخوان لدى قطاعات عريضة من الشعب المصري، لذا لم تعد المشكلة بين الإخوان والنظام الحاكم، كما كان يحدث في الماضي، وعلى كل الذين يتحدثون عن مبادرات او مصالحات بين الإخوان والنظام أن يصمتوا. نحن نواجه اليوم أعمال عنف واغتيالات وإرهابا وتخريبا وتدميرا، لابد من القضاء عليه وتصفية بؤره أولا، كما أن هناك قضايا ومحاكمات لابد من الانتهاء منها بإصدار أحكام عادلة وسريعة وناجزة، ومن لم يثبت أن يديه ملوثتان بالدماء أو القتل أو التحريض عليه، أو حمل السلاح أو قام بأعمال العنف أو خرب منشأة عامة أو خاصة، فهؤلاء يتم الإفراج عنهم وإخلاء سبيلهم ويعاملون كمواطنين عاديين لهم الحق كأفراد في ممارسة العمل السياسي وفق الدستور والقانون. ومن أرادوا إنشاء جمعية تابعة لوزارة التضامن وتعمل في إطار القانون فلا مانع من ذلك، لكن من المستحيل أن تعود جماعة الإخوان كما كانت. المشكلة أن الخلل لا يوجد لدى قيادات الجماعة فقط، وإنما هو ممتد عبر كل المستويات من الرأس حتى آخر واحد في الصف، ومن ثم لابد من مراجعة الفكر والفهم والتطبيق. نعم لم يكن البنا تكفيريا وكان يتعامل مع الآخرين على أنهم مسلمون ولم يستخدم يوما مصطلحات مثل دار الحرب ودار السلام، ولكن لنا عليه ملاحظات، خاصة في ما يتعلق برؤيته للخلافة والتعددية السياسية واستخدام القوة، ومع ذلك كان أكثر رحابة ومرونة وفهما وفقها من سيد قطب».
وزير الأوقاف: نرفض استخدام
بيوت الله لتحقيق مآرب سياسية
وإلى الإسلاميين ومعاركهم، ومواصلة وزير الأوقاف عضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور الشيخ محمد مختار جمعة حملته لمنع أي إنسان من الخطابة في المساجد إلا إذا كان خريج الأزهر، وبعد اشتراط امتحانه أيضا للتأكد من بعده عن الفكر المتطرف وامتحان غير الأزهريين، خاصة من السلفيين، قبل السماح لهم بالخطابة أو إعطاء الدروس. وقد أثار ياسر برهامي نائب رئيس جمعية الدعوة السلفية، التي خرج منها حزب النور مشكلة عندما نشر أن الوزارة تقدمت ضده ببلاغات للنيابة بأنه خطب في أحد المساجد في الإسكندرية، من دون اذن، وهو ما نفاه ياسر ونشرت جريدة «الوطن» يوم الأحد على صفحتين حديثا مع وزير الاوقاف أجراه معه زميلانا محمود مسلم ووائل فايز كان أبرز ما فيه قوله:»حال قدّم أي إنسان برهامي أو غيره طلبا للحصول على تصريح، سيفحص ملفه، وإذا انطبقت عليه الشروط سيخضع لاختبار شفوي وتحريري، ليس فقط في حفظ القرآن الكريم أو الأحاديث النبوية أو السيرة أو التفسير، أو قدرته على إلقاء الخطب، وإنما يجري وضع أسئلة ضمن اختبار تحريري لتكون إجابات الممتحن حجة عليه، لأن بعض الجماعات التي لديها انتماء أو أفكار معينة تلجأ الى التقية حتى تجتاز اختبارات الشفوي، ولكن عندما تتقدم لاختبار تحريري يتناول المسائل الخلافية المثارة مثل، قضايا اللحية والجلباب ومعاملة غير المسلم، يصعب عليه إخفاء طبيعة انتمائه، لأنها تكون حجة عليه، وإذا اجتاز الاختبار يوقع ميثاق الشرف الدعوي الرافض لممارسة أي نشاط سياسي أو حزبي والتفرغ للدعوة.
ولم يصل إلى أي ملف لبرهامي، وسيخضع للشروط والإجراءات نفسها حال تقدمه للخطابة، ولكن أظن ان غالبية الشعب المصري لا يمكن أن يتقبل منح برهامي تصريحا بالخطابة، في ظل إطلاقه فتاوى مثيرة للجدل والقلق، ونحن لا نستطيع منح أي تصاريح لإنسان كسر القواعد والقانون وصعد المنبر، من دون إذن الأوقاف. فعلى الرغم من تعهد مشايخ الدعوة السلفية باحترام القانون وعدم تجاوز تعليمات الأوقاف، فإنهم تجاوزوها إما لأنهم لا كلمة لهم، أو لا سيطرة لهم على ياسر برهامي وبعض مشايخهم. والدعاوى التي ترفعها الأوقاف ضد برهامي لا تمكن من منحه تصاريح للخطابة، وهو مخالف لقانونها، ثم إذا كان لا يحترم القانون قبل الحصول على ترخيص فما بالك بعد حصوله عليه. لذلك فإن التفكير في إعطاء القيادات السياسية، خصوصا قيادات الدعوة السلفية والدكتور ياسر برهامي تراخيص خطابة غير وارد على الإطلاق في هذه المرحلة لسببين، الأول تجاوز عدد منهم للقانون. والثاني انهم مقبلون على معركة انتخابية يستغلون المنابر فيها، ومهما تعهدوا أو قالوا انهم لن يوظفوا المساجد في الدعاية الحزبية من أجل البرلمان فهو أمر لا يصدقه أي مواطن يدرك طبيعة المرحلة، ونحن نرفض استخدام بيوت الله لتحقيق مآرب سياسية. والدعوة السلفية لن تلتزم بتعليمات الوزارة والحكمة تقتضي إرجاء الأمر برمته لما بعد الانتخابات البرلمانية ووقتها سيكون لكل حادث حديث.
الوزارة منحت تصاريح خطابة لمشايخ ينتمون للدعوة السلفية، وهم 6 أشخاص، ولكنهم ليسوا رموزا سياسية ولا يعملون بالسياسة، كما أنهم تحت المتابعة وهم من خريجي الأزهر، وتنطبق عليهم شروط الخطابة، وأيضا منحنا «الجمعية الشرعية» بعض تراخيص للخطابة، وهذا دليل على أننا لا نقصي أحدا، فمن يلتزم بنهج الأزهر والأوقاف فلا مانع من التصريح له بالخطابة. والتجاوزات التي وقعت فيها الجمعية الشرعية نحن نتخذ إجراءاتنا ضدها على الفور».
لجان متابعة لكشف أي مخالفات
في مساجد الجمعية الشرعية
وإذا انتقلنا إلى الصفحة الخامسة من جريدة «التحرير» يوم الاثنين سنجد تحقيقا لزميلنا باهر القاضي عن مخالفات الجمعية الشرعية جاء فيه:»الشيخ جابر طايع وكيل وزارة الأوقاف بالقاهرة كشف مخالفات في أكثر من خمسة عشر مسجدا تابعا للجمعية الشرعية، الامر الذي دفعنا الى ضرورة تطبيق القانون، وبالفعل سُحبت إدارة تلك المساجد من الجمعية الشرعية، وانيطت بالأوقاف، حيث قمنا بإرسال إمام وخطيب وعمال من قبل الوزارة لتولي إدارة شؤون الدعوة في تلك المساجد، وعلى الفور تسلموا مهامهم بإشراف مني شخصيا، وتم طرد ممثلي الجمعية الشرعية الذين يعملون بخبث في تطبيق القانون، إضافة الى مخالفات عدة من عقد دروس دينية بشكل يومي و أسبوعي، من دون إخطار الوزارة، وان بعض تلك المساجد كان يروج في مجال الدعوة على نحو يخدم الجماعات المتطرفة الإرهابية، وأن من بين خطباء الجمعية الشرعية عناصر اخوانية تحاول أن تستغل موافقة الوزارة للجمعية الشرعية بالخطابة في بعض المساجد، نظرا لتوافر شروط الخطابة فيهم وبعدهم عن استغلال المساجد، الأمر الذي دفع الوزارة الى تشكيل لجان متابعة للكشف عن سير عمل الدعوي في مساجد الجمعية الشرعية وضبط أي مخالفات وسحب فوري للمساجد التي تخالف القانون».
الجمعية الشرعية تسعى
لحماية المجتمع من التطرف الديني
ومن جانبه قال الدكتور محمد المختار محمد المهدي أستاذ الدراسات العليا بكلية الدراسات الإسلامية ورئيس الجمعية الشرعية للتحرير، «ان الجمعية الشرعية حريصة على تطبيق القانون، وهي على مسافة قريبة من وزارة الأوقاف وحربها ضد الإرهاب، وان لوكلاء وزارة الأوقاف الحق في التعامل مع المساجد المخالفة حتى إن كانت تابعة للجمعية الشرعية، وان ما يصدر من مخالفات عن مساجد الجمعية لا يعبر سوى عن أشخاص وليس عن كيان الجمعية الشرعية التي تعمل على تطبيق وحماية المجتمع من الفكر المتطرف الإرهابي».
السيسي بصرنا بنفقنا
ولكنه لم يهدنا إلى الضوء
وننتقل الى «الشروق» عدد امس الثلاثاء لنقرأ بعضا من حوار الكاتب فهمي هويدي مع السيسي بعد القائه خطابا الى الامة، ويرى السيسي في حواره هذا ان مشاركة الرئيس الشعب في ازماته ومصارحته ووضعه في الصورة تعتبر بادرة خير لانها في المقابل ستجعل الشعب يبادل الرئيس المصارحة والمشاركة لتجاوز الازمات العديدة التي يعاني منها الجميع:»حمدت له أنه انفعل مثلنا بسبب الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي الذي أصاب الحياة بالشلل في بر مصر لعدة ساعات، فقرر أن يخاطب الناس لكي يضعهم في الصورة، مشيرا ضمنا إلى أنه يعيش معاناتهم اليومية وليس معزولا عنها، ووجدت في ذلك إجابة على التساؤل، إذا تحدث رئيس الجمهورية عن مشكلة الكهرباء وغير ذلك من المشكلات التي تواجهها الأجهزة التنفيذية فعن أي شيء يتحدث رئيس الحكومة، الذي يفترض أنه على رأس السلطة التنفيذية؟ إذ لم أجد تفسيرا لذلك سوى أنها لقطة تسجل التفاعل مع الغضب العام، وهو ما يمكن فهمه. أما كيف جاء التعبير عن ذلك الغضب، وهل كان مدروسا على النحو الذي يليق بمقام الرئاسة أم لا، فذلك شيء آخر.
إذا اعتبرنا أن تلك ملاحظة على الشكل، إلا أننا إذا دخلنا في الموضوع فسنلاحظ لأول وهلة ان خطاب الرئيس اعتمد مدخلا عبر فيه عن ان مصر تخوض معركة وجود منذ عدة سنوات، لأن هناك من يسعون إلى هدم الدولة، وعقب على ذلك بقوله ان العمل جار على قدم وساق لكي تقف الدولة على قدميها. وتلك مهمة لا تتم بين يوم وليلة، ولكن انجازها يحتاج إلى وقت ومثابرة وصبر. وقد اعتبرت جريدة «الأهرام» رسالة معركة الوجود منطلقا جوهريا في الخطاب، فأبرزتها في العنوان الرئيسي للصفحة الأولى (عدد الأحد 7/9).
وهو ما استوقفني لأنني أفهم ان مقتضى معركة الوجود ان تكون مصر في مواجهة تهديد خطر يترتب عليه ان تكون أو لا تكون. وهو ما يستدعي السؤال عما إذا كانت مصر في هذا الموقف حقا أم لا. في هذا الصدد، ليست غائبة عن ذهني التفرقة بين الدولة والنظام، وان النظام هو المقصود باعتبار انه بمثابة المؤسسة السياسية التي تحكم الدولة.
إن الحديث عن معركة الوجود يمكن ان يسري على النظام السوري الذي يخوض معركة ضد شعبه منذ أكثر من 3 سنوات، وعلى الحاصل في ليبيا المهددة بالحرب الأهلية، وعلى اليمن الذي احتل فيه الحوثيون العاصمة مطالبين بإسقاط الحكومة، بينما تتعالى أصوات الانفصال في جنوب البلاد، وقد يسري على النظام السوداني الذي انفصل عنه الجنوب، في حين لم يهدأ التمرد في دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان. كما قد يفهم في العراق الذى انفصل عنه الإقليم الكردي عمليا، ويجري الاستعداد لتمزيق ما تبقى من البلد بين الشيعة والسنة اللذين خرجت جماعة داعش من عباءتيهما. فى تلك النماذج يصح الحديث عن تهديد وجودي لهذه الدولة أو تلك، فهل هذا هو الحاصل في مصر؟…
إذا تصدعت جدران بيتك بحيث صار مرشحا للسقوط ويواجه بالتالي تحديا «وجوديا»، فأيهما أولى في هذه الحالة: ان تسارع إلى ترميم البيت، أم ان تشرع فى إقامة بيت جديد؟ سيكون الحل الأمثل في هذه الحالة ان تقوم بالمهمَّتين في وقت واحد، إذا كان ذلك بمقدورك، ولكن إذا عجزت عن ذلك، فأيهما نختار؟
هذا السؤال يرد فى السياق الذي نحن بصدده، حين تواجه السلطة تحديات آنية جسيمة من ذلك القبيل الذي أشار إليه الرئيس وفي الوقت ذاته نجدها تتجه إلى شق قناة سويس جديدة أو استصلاح أربعة ملايين فدان أو إعادة رسم الجغرافيا المصرية، بإضافة محافظات جديدة أو غير ذلك من المشروعات الكبيرة والمهمة التي باتت تحتل عناوين الصحف المصرية بين الحين والآخر…
لست في موقف يسمح لي بالمفاضلة بين الخيارات والأولويات، لكنني أتحدث عن الآلية التى يفترض ان يتحقق بها ذلك. وبهذه المناسبة فقد بدا مناسبا لأول وهلة ان يصدر وسط تلك الأجواء القرار الجمهوري بتشكيل المجلس الاستشاري لعلماء وخبراء مصر. وإذ قدرت الفكرة والأسماء الكبيرة التي ضمها التشكيل، إلا أنني لم أقتنع بأن المجلس بهذه الصورة يمثل علماء مصر، واستغربت ان يمثل علماء الاقتصاد الذي هو عقدة العقد في الموضوع الراهن شخص واحد هو الدكتور محمد العريان، الذي له احترامه لا ريب، ولكنه ليس مقيما في مصر ويعمل فى الولايات المتحدة الأمريكية منذ أكثر من عشرين عاما. ولاحظت أن حضور الاقتصاد بين خبراء المجلس معادل لحضور الصحة النفسية التي مثلت بشخص الدكتور أحمد عكاشة… يبدو أن المجلس فيه من الوجاهة السياسية والقيمة الأدبية أكثر مما فيه من القيمة العلمية. والسبب الجوهرى لذلك ان دوره استشارى وان القرار يصدر من خارجه…
إذا جاز لي أن ألخص ما خرجت به من كلمة الرئيس السيسي فقد أقول انه بصَّرنا بالنَفَق الذي نحن فيه، لكنه لم يدلنا على الضوء الذي نهتدى به للخروج منه».
إقامة دولة العدل وبناء
الديمقراطية سينهيان الإرهاب
وفي العدد نفسه من «الشروق» كتب لنا عمرو حمزاوي مقاله عن وحشية الجماعات الارهابية التي لم يرها حمزاوي مستحدثة يقول:»وحشية تنظيمات الإرهاب وجماعات العنف ليست بمستحدثة، والدموية المريضة المرتبطة بقطع رقاب الضحايا أمام عدسات كاميرات فيديو دائرة لا تختلف كثيرا عن دموية المقاطع المصورة المتداولة للتمثيل/للتنكيل بجثث بشر لم تحفظ لهم الكرامة الإنسانية لا في حياتهم ولا بعد الممات قتلا أو تعذيبا أو خوفا. وحشية ودموية تنظيمات كـ»داعش» وغيرها من انشطارات «القاعدة» فــــي المشرق العــــربي وشبه الجزيرة العربية وشمال أفريقيا تجتذبان مرضى نفســيين صنع منهم الفقر والتهميش والتمييز والعنصرية في المجتمعات الغربية، التي عاشوا بها متطرفين يقبلون على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة وذبح وتقطيع رقاب، ويرون في ذلك تحقيقا لذواتهم وإثباتا لقدرتهم على تحدي الغرب وإذلال أغلبيته ذات الانتماء الديني المغاير زيفا باسم الإسلام.
وحشية ودموية تنظيمات الإرهاب وجماعات العنف تجتذبان متطرفين عربا جبلتهم عوامل كالمظالم المتراكمة في مجتمعاتنا والقمع والقهر باسم حاكم أو منظومة حكم/سلطة أو طائفة أو مذهب على تبرير القتل والتصفية الجسدية على الهوية، واستساغة ارتكاب الجرائم ضد الأطفال والنساء والرجال، ودفعت معاناتهم من أزماتنا المستحكمة، كشيوع الفقر والجهل والتمييز وغياب الحرية إلى تعطيل العقل والضمير والقيم الإنسانية وهيأتهم لتقبل الاستدعاء الزائف للدين لتبرير الوحشية والدموية.
وحشية ودموية تنظيمات الإرهاب وجماعات العنف تجتذبان بعض شباب القطاعات السكانية المهمشة والفقيرة فى بعض بلدان القارتين الأفريقية (إقليم الساحل فى الغرب الأفريقى) والآسيوية (باكستان وأفغانستان وبعض الجيوب الصغيرة فى الهند وبنغلاديش والفلبين وغيرها)، وكذلك في مناطق الشيشان في روسيا، التي إما تعاني من أزمات اقتصادية واجتماعية لم تحل أو تواجه أزمات هوية وانتماء فشلت السلطوية (كخبرتها دوما) في احتوائها.
أما في أوساط الجاليات العربية والمسلمة التي تعيش في مجتمعات الغرب الأوروبي والأمريكي في ظل رخاء اقتصادي واجتماعي نسبيين ولأبنائها حظ جيد من التعليم والعمل، فلا جاذبية على الإطلاق لوحشية ودموية تنظيمات الإرهاب وجماعات العنف. وكذلك ينقلب الأمر أيضا إلى رفض مجتمعي عام لفكر التطرف الكامن وراء تنظيمات كـ»داعش» وانشطارات «القاعدة» الأخرى فى بلدان ذات أغلبيات سكانية مسلمة حققت معدلات تنمية متقدمة، ونجحت في احتواء الكثير من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وأزمات الهوية عبر مزيج تنموي عماده الإدارة الناجحة للمؤسسات العامة والخاصة، ومحاربة الفساد والشفافية المدعومتين بحكم القانون، والديمقراطية التي تكفل حرية الفكر والتعبير عن الرأي وتضمن حقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة ومشاركة المواطن في شؤون بلاده ــ هنا تستحق حالتا ماليزيا وإندونيسيا في القارة الآسيوية الكثير من التأمل والدراسة، وكذلك الوضعية الراهنة لجمهورية البوسنة والهرسك، بعد انقضاء الحرب الأهلية في يوغسلافيا السابقة واستقلالها ولحاقها الجزئي بركب الاتحاد الأوروبي وتخلص مجتمعها من أشباح الاستبداد والتطرف وصراعات الهوية، التي طاردته طويلا.
ثقوا في أن مهمة تجريد تنظيمات الإرهاب وجماعات العنف من «جاذبية» وحشيتهم ودمويتهم لن تسعفنا بها المواجهات العسكرية والحلول الأمنية فقط ولن تحول بينهم وبيننا في العالم العربي أحاديث ومقولات إصلاح الخطاب الديني، على الرغم من أهمية الأمرين. المدخل الحقيقي لمواجهة الإرهاب والعنف وفكر التطرف الكامن وراءهما هو إقامة دولة العدل ومجتمع التنمية المستدامة وبناء الديمقراطية التي لها وحدها أن تنشر مناخات الحرية والإنسانية».
الوزيرفي مصر
مجرد سكرتير تنفيذي
وننتقل من رأي عمرو حمزاوي عن كيفية مواجهة تطرف وارهاب التنظيمات التي تدعي الاسلام والتي ارعبت مجتمعاتنا والعالم اجمع الى «المصريون» ومقال رئيس مجلس ادارتها ورئيس التحرير جمال سلطان الذي يتساءل فيه عن سبب تقدم الاخرين وتخلف مصر يقول:»ما زلت أذكر العام الماضي عندما وقف وزير التعليم أمام الصحافيين صبيحة يوم مشمس لكي يقول لهم بكل ثقة: لا صحة أبدا لتلك الأقاويل التي زعمت أن الدراسة سيتم تأجيلها، وعلى مسؤوليتي الدراسة في موعدها ولا تستمعوا لتلك الشائعات. وبعد ظهر اليوم نفسه اختفى وزير التعليم وأعلن المتحدث باسم الحكومة أنه قد تقرر تأجيل بدء العام الدراسي، بعد عدة أيام عاد الوزير للظهور ليقابل الصحافيين ويرسم ابتسامته الساحرة ويدعوهم إلى أخذ الحقائق من كلامه وليس من الشائعات، ولكنه لم يعتذرعما قاله قبل أيام وثبت كذبــــه، ورفض الإجابة عن أي سؤال يتعلق بذلك.
هذا العام تكرر السيناريو، قــــال وزير التعليم انه لا صحة أبدا لتأجيل الدراسة هذا العام، وعلى مسؤوليتي أؤكد لكم أن الدراسة في موعدها، ولا تستمعوا إلى الشائعات، مصادر الصحافيين في الوزارة نفسها كانت تقول ان الاتجاه العام هو تأجيل الدراسة في المدارس لتبدأ مع الجامعات بعد عيد الأضحى المبارك، ونشرت الصحف هذا الكلام نسبة إلى مصادر حكومية، الأمر الذي استفز الوزير فكرر تكذيبه لهذه «الشائعات»، ليعود ليؤكد أن الدراسة ستبدأ في موعدها ولا صحة لوجود أي تعديل، ثم حدث أن تقرر تأجيل الدراسة هذا العام أيضا لتبدأ مع التعليم الجامعي بعد عيد الأضحى، ولكن الوزير كان قد استوعب خبرة العام الماضي ودرس التكذيب، ويبدو أنه أخذ دورة تثقيفية في «الانسحاب المشرف» فأعلن أن بدء العام الدراسي ـ نظريا ـ سيكون في موعده، ولكننا سنترك الطلاب يلعبون ويمارسون هواياتهم، كما يحبون للاستمتاع بأوقاتهم طوال الأسبوعين قبل العيد بدون دراسة أو منهج، يعني المدرسة تتحول إلى ناد رياضي مثلا، على أن تبدأ الدراسة والمناهج بعد العيد! تبقى المشكلة في مصر كما هي، الوزير مجرد سكرتير تنفيذي، يتلقى التعليمات من «الجهات العليا» ليقوم بتنفيذها، ولا دخل له في اتخاذ القرار ولا حتى رسم السياسات لوزارته، وأحيانا كثيرة ـ كما رأينا مع وزير التعليم ـ لا يعرف الوزير ما هو القرار الذي ستصدره وزارته أو يصدر باسم وزارته غدا أو بعد غد، وكان «العفريت الكبير» يوسف والي وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الأسبق وأشهر أمين عام لحزب مبارك «الحزب الوطني» يردد عبارة جارحة ولكنها ناجعة وذكية فيقول «نحن جميعا كوزراء سكرتارية للسيد الرئيس»، أي أن القرار قرار الرئيس وأنهم ينفذون توجيهاته وأن الوزير ليس صاحب قرار أساسا، وما زال هذا هو الحال، لذلك لن تتقدم بلادنا خطوة واحدة، ولن ينجح وزير في تحقيق أي نهوض في مجال عمله، فالكل يعمل تحت سيف الخوف من الخطأ، ويعمل باعتباره موظفا عند «السيد الرئيس» فلا الشعب اختاره ويخشى حسابه أو سوف يحاسبه على إنجازاته أو إخفاقاته، ولا هو يمثل حزبا سياسيا ينفذ رؤيته وسياساته التي انتخبه الناخبون من أجلها، هو أتى بقرار السيد الرئيس ويستمر بقرار السيد الرئيس ويعزل بقرار السيد الرئيس، ويمكن أن يدخل السجن أيضا بقرار السيد الرئيس، لذلك يعمل المسؤول من هؤلاء وفق منطق إرضاء «صاحب الدكان» فقط، المهم أن يرضى عنه السيد الرئيس».
الحمد لله اصبح
عندنا «ماستر بلان»
ونختتم جولتنا في شارع الصحافة لهذا اليوم في العدد نفسه من «المصريون» ومقال الكاتب حسام فتحي الذي يقول فيه:»… زارني رجل أعمال خليجي، محب لمصر، واستثماراته على أرضها تتجاوز بضع مئات من ملايين الدولارات، أغلبها في قطاع العقار والمجمعات التجارية، إضافة الى شركات تهتم بالتجارة «البحرية».. والسياحة. المهم ان الرجل بدت عليه علامات الحيرة وهو يحاول أن يشرح لي موقفه، وموقف العديد من رجال الأعمال العرب الذين اختاروا «المحروسة» ساحة لاستثماراتهم وحضناً آمناً لأموالهم، وبدأ الرجل بقوله: منذ سبعينيات القرن الماضي وأسرتي تركز جل استثماراتها في مصر، تعاملنا مع النظام الذي بدأ عهد الانفتاح الاقتصادي أيام السادات، ثم تواصلنا مع 30 عاما من حكم مبارك، تعاقبت على استثماراتنا حكومات متباينة، وتوالى رؤساء وزراء ووزراء مالية واستثمار ذوو رؤى مختلفة، وأحيانا متناقضة، وتمكنا من التعامل معها جميعا كي يستمر وجود مجموعتنا في مصر.. واستطرد قائلا: ومع قيام ثورة 25 يناير/كانون الثاني تعرضت أعمالنا «لركود» استمر 3 سنوات، لم نغلق فيها شركة، ولم نقلص عملا، بل تحملنا كل ما مر به بلدنا الثاني مصر، ولم نسع لقطع رزق موظف او عامل ممن يعملون في شركاتنا، حتى استقر الامر للنظام الجديد، فاستبشرنا خيرا، وحاولنا مواصلة ما فاتنا من اعمال، ففوجئنا بأمور جديدة لم نعتدها.. صمت الرجل لحظات، وأنا أنظر اليه منتظرا ان يكشف عن الامور الجديدة، ويوضح مما يشكو.. ولم يطل صمته فقال: كنت قد حصلت على موافقات «حكومية» لتخصيص ارض لإقامة مجمع تجاري «مول» بإحدى المدن الجديدة خارج القاهرة، وايضا موافقة اخرى لإنشاء تجمع سكني، وعندما اردت البدء بالتنفيذ فوجئت بان الجهات المسؤولة تقول لي: تريث قليلا، والموافقات التي حصلت عليها لن تلغى، ولكن لابد من تعديلها لتتوافق مع المخطط التفصيلي الشامل، أو ما يسمى بـ«الماستر بلان» لأي توسع جديد.. وهذا طبعاً يعني مزيداً من التأخير. قاطعته لأول مرة مبتسماً، وباغته بقولي: الحمد لله.. فصعق ورد غاضباً: الحمد لله على استمرار العطلة ووقف تدفق الاستثمارات؟ فأجبت، بل الحمد لله أن أصبح عندنا «ماستر بلان» ، للمدن والمناطق الجديدة التي كنا نخشى أن تطولها يد العشوائية، فهي بدأت منظمة، ثم بدأ «فساد المحليات» يتسلل إليها شيئاً فشيئاً، فيجري تغيير النشاط المذكور في التراخيص، وتتحول المنطقة السكنية إلى مكاتب وعيادات «بقدرة قادر»، وتتغير الجراجات إلى «كافيهات»، والأدوار الأولى من العمارات السكنية إلى مكاتب وورش تصليح. الحمد لله أن هناك «عقولا» بدأت تعمل بفكر جديد يفهم ماهية الحياة الإنسانية في المدن الجديدة، وضرورة أن تتحقق فيها شروط «الحياة» الإنسانية حتى لا تتحول إلى نموذج جديد من سيئ الذكر حي «مدينة نصر».. والعياذ بالله. .. وعقبال ما يبقى عندنا «ماستر بلان» حقيقي لكل أحياء مصر».
حسنين كروم
إرهاب إرهاب إرهاب .. محترفون وهواة , كبار وصغار , نائمون أو ناشطين , جدد وقدام , مجهولون أو ملاحقين , بلطجية أو شبيحة نظام , تخرجوا أو مازالوا في السجون , في السلطة أم في الطريق , خريجي سجون أو مورستان …. الحقونا بالأسبرين ..