لندن – «القدس العربي»: انتشرت مؤخراً مجموعات خاصة للتواصل عبر تطبيقات الهاتف المحمول لتحل مكان شبكات التواصل الإجتماعي التي يعود لها الفضل في إشعال ثورات الربيع العربي في العام 2011، بعد أن تمكن النشطاء العرب من استخدامها في عمليات الترويج لأفكارهم وأهدافهم وتداول الدعوات من أجل النزول إلى الميادين والمـــشـــاركة في فــعاليات الإحتجاج التي أسقـــطت في النهاية عدة أنظمة عربية.
والظاهرة الجديدة أن الاعتماد على شبكات «فيسبوك» و»تويتر» بدأ في التراجع في أوساط النشطاء العرب على الرغم من ارتفاع أعداد المستخدمين والمشتركين في هذه الشبكات، ليظهر بدلاً منها وسائل اتصال وتواصل أكثر فعالية وذات سرعة أكبر تعتمد على التطبيقات المثبتة على الهواتف المحمولة الذكية التي أصبحت في أيدي كل المستخدمين، أو أغلبهم في العالم العربي.
وبدأ العديد من النشطاء الاعتماد على مجموعات يتم إنشاؤها على تطبيق «واتس اب» العالمي، وتطبيق «فايبر» وكلاهما برامج اتصال تستخدم الانترنت المتوفر على الهواتف المحمولة ولا تحتاج إلى أجهزة كمبيوتر، فضلاً عن أنها انتشرت بصورة سريعة وعلى نطاق واسع في مختلف أنحاء العالم خلال الآونة الأخيرة، خاصة مع تحسن شبكات الانترنت المتنقل وظهور الجيل الثالث منها، لتصبح الاتصالات عبر البرامج المجانية أحياناً أكثر فعالية من استخدام الهاتف ذاته.
وتوفر هذه البرامج خاصية إنشاء مجموعات من أجل التواصل الجماعي وتداول الاعلانات والدعوات، وهي تشبه في ذلك شبكة «فيسبوك» و»تويتر» إلا أنها تعتمد على أرقام الهاتف، مما يجعل من وصول الرسائل أمراً مضموناً ويتجاوز مشكلة «الحسابات الوهمية» أو الحسابات غير النشطة التي تعاني منها شبكات «فيسبوك» و»تويتر».
ويؤكد العديد من النشطاء والمراقبين أن توسع شبكات التواصل الإجتماعي وارتفاع فعاليتها جعل منها «أدوات سياسية ناجحة، وجعل من التواصل الجماهيري أمراً أسهل وأيسر من السابق»، بحسب ما يقول الإعلامي الفلسطيني عز الدين أحمد لــ»القدس العربي».
وهو يرى أن المجموعات التي يقوم النشطاء بتأسيسها على «واتس أب» و»فايبر» أصبحت أكثر أهمية من صفحات الفيسبوك وحسابات التويتر، مشيراً إلى أنها مكنت الناشط من التواصل سريعاً وبشكل مباشر مع الآخرين، وأحيانا يقوم بالبث من موقع الحدث أو مكان الإعتصام بواسطة أي من هذه التطبيقات على الهاتف المحمول.
وبحسب أحمد فإن الكثير من البيانات الصحافية والصور ومقاطع الفيديو أصبح تداولها يتم من خلال مجموعات «فايبر» و»واتس أب» والتي تحولت إلى مصادر أيضاً للإعلاميين والصحافيين الذين يلتقطونها سريعاً ويعيدون بثها، كما أن الحشد للكثير من الفعاليات يتم عبر هذه الوسائل الجديدة.
ويلفت عز الدين أحمد الى أن أهم ما يميز تطبيقات التواصل على الهاتف المحمول هو أنها تتمتع بخصوصية أعلى، ويصعب مراقبتها، وبالتالي لا يتم حذف المقاطع والمواد الفيلمية منها، كما لا تتعرض الحسابات فيها للإغلاق، كما يحدث بالنسبة لشبكتي «فيسبوك» و»تويتر» اللتان تقومان بإغلاق عشرات الحسابات والصفحات يومياً، كــما أن إدارة موقع «يوتيوب» تلاحق هي الأخرى المقاطع المخالفة وتقوم بحذفها.
تويتر: إغلاق ألفي حساب
وفيما تنتشر وسائل التواصل البديلة والمتمثلة في المجموعات على «واتس اب» و»فايبر» فإن إدارة شبكة «تويتر» تشن حملات متفاوتة بين الحين والآخر لإغلاق الحسابات المخالفة، وهو ما بدأ مؤخراً حيث طالت أحدث حملة أكثر من ألفي حساب لنــشطاء يروجون لتنظيم الدولة الإسلامية.
وقالت شبكة (abc) الأسترالية إن حملة ملاحقة لنشطاء تنظيم «الدولة» على «تويتر» طالت أكثر من ألفي حساب تم إغلاقها خلال أيام قليلة فقط، ومن بينها حسابات لنشطاء مهمين ورئيسيين وناطقين معتبرين باسم «تنظيم الدولة».
ونقلت الشبكة عن المحلل المتخصص في شؤون الإرهاب والمراقب لأنشطة «تنظيم الدولة» على الإنترنت جي أم بيرغر قوله إن حملة الإغلاق «شملت حسابات رئيسية مهمة كانت تلعب دوراً مهماً في ترويج ونشر رسائل تنظيم الدولة» مشيراً إلى أن الحملة واسعة وتهدف إلى وقف عمليات الترويج ومحاولات التجنيد التي يقوم بها التنظيم عبر «تويتر».
وقال المحلل المتخصص إن من بين الحسابات التي تم إغلاقها حسابات رسمية ومعروفة بالترويج لتنظيم الدولة، مشيراً إلى أن 13 من أصل 16 حساباً رئيسياً للتنظيم تم إيقافها عن العمل في حملة هي الأكبر ضد التنظيم على الشبكة.
ويقول مسؤولون أمنيون كبار في الولايات المتحدة إن تنظيم الدولة تمكن من استخدام شبكة الإنترنت بنجاح، وخاصة شبكات التواصل الإجتماعي من أجل استقطاب مزيد من المقاتلين إلى صفوفه من أكــثر من 90 دولة في العالم، إلا أن مصدراً مطــلعاً على الحملة ومقربا من شركة «تويتر» قال لــ«إيه بي سي» إن الحملة ليست مرتبطة بأي من وكالات الأمن الأمريكية، كما أنها لم تتم عبر أجهزة الأمن الأمريكية.