النظام السوري يبرق للأردن: القوات الإيرانية مشكلتنا أيضاً

عمان- «القدس العربي» : بدأ الأردن جدياً خلال الساعات القليلة الماضية بالاستعداد لسيناريو بديل قد ينتهي بالكثير من الإثارة والانفعال حول ما سمي سابقاً بخطة خفض التصعيد جنوبي سوريا في الوقت الذي بدأت فيه قوات الجيش السوري بالتقدم نحو قرى وبلدات درعا المجاورة بقيادة الفرقة الأعنف التي يقودها العميد سهيل الحسن، ليصبح الوضع في الجنوب السوري بالنسبة للأردن في حالة مفتوحة على كل الاحتمالات.
لذلك اتخذت استعدادات طارئة عسكرية وأمنية بالتعاطي مع أي وضع ميداني مربك بعدما بدأت القوات السورية تزحف نحو المنطقة تحت عنوان استعادة الجنوب وتحريره. وحصلت كل هذه التطورات بعدما بحث الأردن رسمياً الاوضاع في جنوب سوريا مع أطراف عدة من بينها وفد أمني إسرائيلي رفيع المستوى زار عمان برفقة بنيامين نتنياهو الاسبوع الماضي.
الأردن العسكري يراقب كل صغيرة وكبيرة في الجنوب السوري والعملية برأي مراقبين سياسيين من بينهم الدكتور عامر سبايلة تتم في ظل القناعة بان ترتيب اوراق الجنوب السوري غير ممكن بدون التفاهم مع الأردن تحديداً وبدون احترام المواصفات والمقاييس الأمنية التي تعتمدها واعلنتها المؤسسة العسكرية الأردنية عندما قرر الجيش العربي الأردني اغلاق الحدود عسكريا منذ عامين. وعملياً الأردن طرف على الطاولة عندما يتعلق الامر بتفاهمات وتكتيكات تحرير الجنوب السوري او استعادته لصالح النظام.
لكن غرفة العمليات الأردنية وحسب مصادر خاصة تحدثت لـ «القدس العربي» لا تبدو واثقة من تداعيات هذه المواجهات العسكرية خصوصًا وان السيناريو خفض التصعيد المتفق عليه مع الأمريكيين والروس سقط عملياً منذ 48 ساعة في الوقت الذي لا يوجد فيه سيناريو بديل متفق عليه لإدارة المواجهات.
عدم وجود سيناريو بديل ببعد إقليمي وسياسي يعني في المقايسات الأردنية أن الاحتمالات واردة، الأمر الذي يتطلب وضعية طارئة بالنسبة لحرس الحدود الأردني تراقب تداعيات هذه المواجهات.
عملياً دفنت روسيا سيناريو خفض التصعيد عندما قصفت صباح الأحد مواقع عسكرية متقدمة في الجنوب السوري تتبع المعارضة المسلحة وبدون تنسيق مع غرفة العمليات الثلاثية المشتركة والتي تضم عمان ودمشق. حصل ذلك في الوقت الذي جددت فيه الحكومة الأردنية على لسان الناطق باسمها جمانة غنيمات التأكيد على الأردن لديه مصالح حيوية على الحدود مع الجنوب السوري وينبغي ان تراعى.
ما أرادت ان لا تتحدث عنه مباشرة هو ثلاثة معطيات اساسية للحسابات الأردنية تتمثل في التوثق من ان العمليات العسكرية ضد القرى والبلدات التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة لن يشترك فيها مقاتلون إيرانيون او لبنانيون. ثم التوثق ثانياً من أن شظايا وتوابع استخدام اسلحة ثقيلة ينبغي ان لا تعبر الحدود باتجاه شمال الأردن.
والمسألة الثالثة من المرجح أنها تحترز لما يمكن أن تثيره عمليات عسكرية تحت ستار استعادة الجنوب من حركة نزوح ولجوء باتجاه الأردن حيث سبق لوزير الإعلام الأردني الاسبق واحد ابرز المتابعين للملف السوري الدكتور محمد المومني ان لمح امام «القدس العربي» إلى ضرورة التفريق ما بين عمليات عسكرية ببعد أمني له علاقة بسيادة الدولة السورية وبين عمليات انتقامية او ميليشياتية يمكن ان تمنع استقرار الجنوب او تطيل الازمة فيه.
مؤخرا زاد مستوى التنسيق بين المؤسسة العسكرية الأردنية ونظيرتها السورية بالرغم من ان الوزيرة غنيمات تتحدث عن عدم وجود اتصال وتنسيق مع الحكومة السورية.
ومؤخراً التقطت في مربع القرار العميق الرسالة التي وجهت لعمان من قبل النظام السوري وتحديداً من المؤسسة العسكرية والقصر الجمهوري عبر برقية حملتها قناة وسيطة أردنية وتلفت النظر إلى أن قرار دمشق أن لا يكون للمجموعات الايرانية واللبنانية والعراقية المساندة لها أي دور في العمليات العسكرية عند تدشين ما تسميه دمشق بمعركة تحرير الجنوب. بينما الأردن لديه كل الاجهزة والتقنيات الدفاعية الحدودية التي تراقب كل صغيرة وكبيرة حتى مساحة لا تقل عن 20 كيلومتراً في عمق الجنوب السوري.
ورغم التقاط الرسالة او البرقية الأخيرة مع موقف يشير إلى ان القوات الموالية لإيران هي مشكلة سورية وليست أردنية فقط او إسرائيلية الا ان عمان مهتمة جداً بمراقبة تحركات ذات علاقة بميليشيات وليس بفرق عسكرية سورية وهي مراقبة تعني بأن الأردن قد لا يثق بقدرة الدولة السورية على ضبط سلوك واندفاع القوات النافذة الموالية لإيران والموجودة في أكثر من منطقة على بعد 25 كيلوا متراً في عمق درعا او حتى في عمق الجغرافيا المقابلة للبادية الأردنية الشمالية. ومن المرجح أن الأردن وإسرائيل يتخذان الموقف نفسه من الحرص على عدم مشاركة قوات ايرانية.
ومن الملموس ميدانياً ان القوات الامريكية في التنف أبلغت قوات المعارضة المسلحة المعتدلة مثل الجيش الحر والفصائل الحليفة بأنها لن تتدخل في العمليات لصالحها وبالتالي قد تترك وحيدة ضمن الخيار الذي تقترحه موسكو وهو مواجهة العمل العسكري الجذري والهزيمة أو تدشين مفاوضات تسليم مناطق وأسلحة وهو وضع من الواضح أن الأردن وإسرائيل لا يعارضانه.
لحظة الحسم في الجنوب باتت وشيكة وسيناريو خفض التصعيد الروسي الامريكي الأردني لم يعد قائماً عملياً لكن ثمة تفاهمات سياسية ذات بعد عسكري وثمة على الأقل ملامح قلق أردنية عميقة من انفلات محتمل وتداعيات حساسة بعد إغلاق صفحة خفض التصعيد.

النظام السوري يبرق للأردن: القوات الإيرانية مشكلتنا أيضاً

بسام البدارين

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول تيسير خرما:

    آن الأوان لإعادة الوضع في سوريا إلى ما كانت عليه قبل عام 2000 حين كانت تحظى برعاية عربية ودولية حيث بلغت الثقة بها إلغاء كل ديونها وإغداق مساعدات عربية لها وتدفق استثمارات بالمليارات بتوازي مع تسليمها ملف إدارة لبنان 25 عاماً وصولاً لاتفاق الطائف وانسحاب إسرائيل من جنوب لبنان. إذن آن الأوان لوضع حد لفوضى سوريا بإخراج كل مقاتل غير سوري وإبعاد ميليشيات تتبع دول إقليمية طامعة بها تمهيداً لعودة رعاية عربية ودولية وإغداق مساعدات عربية لإعادة الإعمار وإعادة تسليمها ملف إدارة لبنان لحصر سلاح بيد الدولة

  2. يقول عربي حر:

    البداية والنهاية معا ومنذ ٢٠١١ وحتى اللحظة بالمحصلة ماذا كانت النتيجة تدمير متبادل ومتناوب لمؤسسات الدولة السورية من النظام الذي ارتهن لإيران وروسيا ،والمعارضة التي ارتهنت للخارج،ومع انتهاءالمهمة رفع الغطاء عن المعارضة وفر رموزها وقيادتها الخارجية بملاينهم للخارج بعد إكمال المهمة وضياع مستقبل جيل سوري كامل بالشتات بالداخل والخارج ، و بقاء نظام ضعيف يلملم ويلعق جراحه بنفسه .

إشترك في قائمتنا البريدية