دمشق – «القدس العربي» : يشارف النظام السوري على الانتهاء من إفراغ آخر معاقل المعارضة المسلحة في محيط العاصمة، برعاية وزارة الدفاع الروسية، ومن المقرر ان تكون الدفعة السادسة هي الأخيرة لتهجير أهالي ومقاتلي فصائل المعارضة من بلدات «ببيلا ويلدا وبيت سحم» في ريف دمشق الجنوبي إلى الشمال السوري، ويجري ذلك وسط تقدم قوات النظام التي منيت بخسائر بشرية فادحة، في محيط مخيم اليرموك، آخرها كان مقتل 20 جندياً في كمين لتنظيم الدولة صباح امس الثلاثاء في بلدة الحجر الأسود جنوبي العاصمة، بيد ان العمليات العسكرية في جنوبي دمشق أسفرت حسب الأمم المتحدة عن تشريد نحو 7 آلاف لاجئ فلسيطيني.
وتتجهز نحو 40 حافلة ستقل قرابة 1500 شخص في هذه الدفعة، فيما كانت القافلة الخامسة لمهجري المنطقة قد أقلت 1369 شخصاً، بينهم قرابة 900 طفل وامراة، وصلوا إلى مدينة جرابلس شرقي مدينة حلب، وبلغ تعداد المهجرين من البلدات الثلاث خلال أسبوع أكثر من 9500 شخـص ما بين مدنـي وعـسكري.
وتتوقع مصارد موالية أن يتم إعلان بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم خالية من المعارضة بعد إخراج الدفعة الأخيرة من المقاتلين وعائلاتهم الرافضين للمصالحة، تزامناً شنت المقاتلات السورية والروسية صباح امس الثلاثاء غارات مكثفة على مناطق سيطرة تنظيم «الدولة» جنوبي العاصمة دمشق وسط مواجهات عنيفة بين الطرفين على محاور عدة.
معارك وجود
وأفادت مصادر محلية لـ «القدس العربي» بأن سلاح الجو واصل قصفه المكثف على الأحياء المحاصرة التي لا زال تنظيم الدولة ينتشر فيها، في كل من «القدم ومخيم اليرموك والتضامن والحجر الأسود» إضافة إلى قصف صاروخي ومدفعي واستهداف المنطقة بعشرات البراميل المتفجرة، وسط تقدم عسكري مكن القوات المهاجمة من السيطرة على عدد من كتل الابنية منها «المشفى الياباني» و»ملعب فلسطين» شرقي مخيم اليرموك بعد مواجهات مع تنظيم الدولة.
من جهة أخرى، قتل أكثر من 20 عنصراً من قوات النظام السوري صباح امس الثلاثاء في هجوم شنه عناصر من تنظيم «الدولة الإسلامية» على مواقع لقوات النظام والميليشيات الموالية له في بلدة الحجر الأسود، حسب مصادر مطلعة اكدت أيضا إن “عناصر تنظيم الدولة قاموا بعملية التفاف على قوات النظام في الحجر الأسود وقتلوا أكثر من 20 فردا وجرحوا سبعة آخرين. كما أسروا أربعة.
ونتيجة الكمائن المتتالية، كثفت القوات الحكومية قصفها المدفعي والصاروخي على مخيم اليرموك التي باتت القوات المهاجمة تسيطرة على نحو 70 بالمئة من مساحته، وسط خسائر بشرية كبيرة.
صحيفة الوطن المقربة من النظام السوري قالت ان الوحدات القتالية المتقدمة من غرب الحجر الأسود ضيقت الخناق على مسلحي تنظيم الدولة في منطقة «الجزيرة» بعد اشتباكات عنيفة، أسفرت عن استعادة السيطرة على مسجد الشافعي وثانوية تقنيات الكمبيوتر وعدد من كتل الأبنية.
تشريد في المخيم
ولفت المصدر إلى أن الاشتباكات ترافقت مع رمايات من سلاح المدفعية وضربات جوية على تحصينات تنظيم الدولة ومحاور تسللهم وإمدادهم في الجزء الشمالي والشمالي الغربي من الحجر الأسود باتجاه القسم الجنوبي من مخيم اليرموك، كما وسعت قوات النظام من نطاق سيطرتها في حي الزين، كما وصلت إلى مشارف شارع العروبة بحي التقدم أول من أمس، بعد معارك عنيفة مع تنظيم الدولة.
قالت الأمم المتحدة، في بيان لها، أن العمليات العسكرية في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين أسفرت حتى الآن عن تشريد نحو 7 آلاف لاجئ، وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوجاريك، للصحافيين في مقر المنظمة الدولية في نيويورك، إن «مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أبلغنا بأن العمليات العسكرية في مخيم اليرموك تكشّف عنها نزوح 7 آلاف لاجئ 70 % منهم من اللاجئين الفلسطينيين».
وأشار دوجاريك إلى أن اللاجئين نزحوا إلى بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، الخاضعة لسيطرة الجيش السوري الحر في ريف دمشق، مضيفا «منذ 13 إبريل/ نيسان الماضي، أسفرت الأعمال العدائية في جنوب دمشق عن مقتل وإصابة مدنيين، فضلاً عن تشريد المدنيين وتدمير البنية التحتية» حسب وكالة الاناضول التركية.
وأكد أن الأمم المتحدة وشركاءها يقفون على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدة الإنسانية إلى الأشخاص المحتاجين في مخيم اليرموك، والبلدات الثلاث، حالما يتم السماح بالوصول إليها إلى تلك المناطق. ودعا دوغريك جميع الأطراف بسوريا إلى ضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام وغير معوق إلى جميع المحتاجين.
ويشكّل مخيم اليرموك، ذو الأغلبية من اللاجئين الفلسطينيين، وعدد من البلدات المجاورة، المنطقة الوحيدة التي تبقت خارج سيطرة النظام السوري في محافظة دمشق، بعد أن تمكن الأخير خلال العامين الماضيين من تهجير المعارضين له من محيط العاصمة.
وتنقسم المنطقة المذكورة إلى قسمين، الأول يخضع لفصائل الجيش السوري الحر، ويضم بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، أما القسم الثاني، فيخضع في معظمه لسيطرة تنظيم الدولة، ويشمل أغلب أرجاء مخيم اليرموك وأحياء: القدم والتضامن والعسالي، المتاخمة للمخيم، فيما كانت هيئة تحرير الشام – النصرة تسيطر على جيب صغير داخله.