النظام السوري يدرس مشروع إعادة تنظيم داريا وإخفاء الأدلة على جرائمه فيها

حجم الخط
1

دمشق – «القدس العربي»: يدرس المجتمعون في «مجلس الشعب» السوري مشروع قانون تدوير الأنقاض والسماح للوحدات الإدارية والبلديات بالدخول إلى مدينة داريا في ريف دمشق الغربي، لإزالة انقاض الاملاك العامة والخاصة على حد سواء، بعد أربع سنوات متتالية من العمل الحثيث على تدمير المدينة التي بقيت محاصرة منذ 2012 حتى 2016، بكافة انواع الاسلحة حتى سميت بعاصمة «البراميل المتفجرة».
فقد أعلن معاون وزير الإدارة المحلية لؤي خريطة أول أمس عبر وسائل الاعلام الرسمية، ان المشروع المشار إليه في ترحيل انقاض المدينة ووضع الضوابط التي تسمح للبلديات بالدخول إلى الملكيات الخاصة، ستكون له وفرة اقتصادية، في اشارة الى ان قرار مجلس الوزاء الذي رصد نحو مليار ليرة سورية لازلة انقاض المدينة واخفاء الجرائم المتركبة فيها على مدار اربع سنوات من القصف والقتل.
وفيما يتعلق بتنظيم بعض المناطق التي تم تهجير أهلها مثل داريا بريف دمشق، كشف لؤي خريطة أنه يمكن أن تدخل هذه المناطق ضمن المناطق التنظيمية ولاسيما تلك التي تشكل محيطاً حيوياً لمدينة دمشق، و»خاصة ان داريا لا تبعد كثيراً عن منطقة خلف الرازي والذي طبق عليها المرسوم 66 « – وهي المنطقة التي استملكتها ايران وهدمت بيوتها تمهيداً لتشييد مشروع ابراج ضخمة – مؤكداً أن هناك لجنة مشكلة من محافظتي دمشق وريفها لدراسة هذا الموضوع.
وأشار خريطة إلى أنه يمكن تطبيق المرسوم 66 على باقي المحافظات مثل حمص، مؤكداً أن المشروع ناجح جداً وسيكون سيناريو إضافياً في يد البلديات وذلك في إطار اختيار البيئة التشريعية المناسبة، وفقا لمصادر رسمية. وفي ما يتعلق باتلاف الصحائف العقارية وتزويرها، أشار خريطة إلى المرسوم المتعلق بموضوع اعادة ترميم الصحائف، وقال إن ما تم إتلافه من تلك الصحائف نسبتها قليلة مضيفاً «ولو كان هناك تزوير بين الفينة والأخرى فهذا موجود في كل مكان».
اعادة تنظيم مدينة داريا وضمها للعاصمة دمشق له ابعاد عدة، بحسب مصارد معارضة للنظام السوري، فالبعد الاول سياسي والثاني تجاري، اما السياسي فهو تغير نمط المجتمع في مدينة داريا لانها امتداد للعاصمة دمشق، حيث اكد الناشط الحقوقي، المحامي «ايهاب عبد» في اتصال هاتفي مع «القدس العربي» ان خلال فترة الحصار والحرب والقصف تم نقل ملكيات عدد كبير من الاراضي الى رجالات النظام عن طريق احكام محمكة وقضايا ودعاوى مزورة، وفي حال فضح الامر في احدى المراحل، فكان النظام السوري يضع صاحب العقار امام خيارين، اما ان يستلم مبلغاً من المال مقابل تنازله عن ارضه، او السجن.

ناقوس الخطر

ثورة اهالي مدينة داريا على النظام السوري، دقت ناقوس الخطر، لكنها في الوقت ذاته اعطت بشار الاسد الفرصة لان يقوم بهدم المدينة بشكل كامل فوق رؤوس ساكنيها، واعادة تنظيمها بشكل «متجانس» كما وصفه في احدى خطاباته. ثم ليأتي هنا الدور التجاري، فبعد ان قاموا بعمليات نقل المكليات لعدد ضخم وكبير جدا ًمن اراضي مدينة داريا الى رجالات النظام، اصبح بحاجة الى قانون تنظيم جديد يقوم بعملية فرز الاراضي وتنظيمها لبناء الابراج.
حيث قال المتحدث الحقوقي، ان لاعادة تنظيم المنطقة له اهمية كبيرة بالنسبة للنظام، وخاصة على الطرف المشرف على «اتوستراد المتحلق الجنوبي» حيث يتفاوت سعر العقار بنسبة 900 % ما بين القسم الأيسر للاتوستراد التابع لمدينة داريا والطرف الايمن التابع لمنطقة المزة، أما الاراضي التابعة لمدينة داريا فقد استملكها أزلام النظام عنوة أو في بعض الاحيان بمبالغ زهيدة، لاشادة الابراج التي ستوازي تلك التي تقابلها في الطرف المقابل من حي المزة، لتتحول الاراضي المستملكة الى عقارات سكنية وابراج باهظة الاثمان تنافس «حي كفرسوسة والمزة» وخاصة بعد تدمير مدينة داريا واعادة تنظيمها وضمها الى مدينة دمشق، مع مراعاة النسيج السكاني الذي سيتم توطنيه فيها.

مطامع إيرانية
الايرانيون لديهم الرغبة في تحويل جميع المناطق الجنوبية من العاصمة دمشق الى ما يشبه الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، ولكن رأى مصدر مسؤول في حديث خاص مع «القدس العربي»، ان النظام لن يقبل ان تكون هذه المنطقة شيعية، لانهم سيشكلون في النهاية نفوذاً ايرانياً في منطقة جنوب دمشق، لكنه سيعمد على تطعيم المنطقة، من ابناء الطائفة العلوية كأبناء الضباط والمتنفذين، اضافة الى السنة من أثرياء وتجار دمشق واولاد المسؤولين، فيكون بذلك قد تخلص من كتلة سكانية ريفية تحمل روح الثورة وتكون مصدر ازعاج له في مقبل الايام، كما انه اتخم ازلامه ومسؤوليه واستفادوا من هذه اللعبة وحصلوا على اموال ضخمة جدًا.
اما السوريون برأي المتحدث فقد فخسروا داريا كما خسرها أهلها، الخطة تنفذ بحذافيرها، وحتى من الناحية القانونية فلا يمكننا القول بأن هناك تغييراً دموغرافياً، وذلك بسبب حجة اعادة الاعمار بعد تخريب المدينة، وتنظيمها بشكل جديد بملّاك جدد من الناحية القانونية، ولكنهم مؤيدون للنظام بشكل كامل.
النقيب سعيد نقرش مدير المكتب السياسي لفصيل شهداء الاسلام العامل في مدينة درايا سابقاً، قال ان المشروع الايراني لاخفاء الجرائم المرتكبة بحق مدينة داريا وأهلها، هو بهدف تغيير ديموغرافية المنطقة كلها، بدءاً من داريا حيث قام النظام بتهجير سكان المدينة بشكل كامل ولم يسمح لاي منهم بالعودة حتى الراغبين بالمصالحة.
وأضاف: منع النظام السوري اهالي المدينة من العودة اليها، ليبدأ بتفيذ المشروع الايراني والذي يشمل داريا والمعضمية ومناطق جنوب دمشق «يلدا وببيلا وبيت سحم» وصولاً الى السيدة زينب او «قبر الست» وهو ما تعتبره ايران «حرم المقام» وتستغل الشيعة في تنفيذ اجنداتها الطائفية.
وكان النظام السوري من قبل هذا المشروع قد ارسل شركة الحمشو لازالة الانقاض، حيث قامت الاخيرة بترحيل جميع الانقاض المتعلقة بالمواد المعدنية، خلال فترات طويلة استمرت لعدة اشهر، وفي المرحلة الثانية يتأهب النظام السوري اليوم لاصدار قرار اعادة تدوير الانقاض التابعة للملكية الخاصة حتى بدون علم اهلها واصحابها، الامر الذي رأى فيه معارضون «انتهاكاً لأملاك سكان مدينة داريا».
الناشط الاعلامي «كرم الشامي» المشرف على شكبة اخبار مدينة دريا قال في اتصال مع «القدس العربي ان ما يحدث في المدينة هو اعادة صياغة ديموغرافية لأكبر مناطق الغوطة الغربية، ويهدف بشكل اساسي الى وضع حجر اساس للمشروع الإيراني في هذه المنطقة وهذا الاستنتاج الوحيد بعدما سمح النظام للوفود الايرانية بأن تكون اول من يدخل المدينة بعدما هجر جميع سكانها البالغ عددهم 250 الف نسمة، وخاصة ان مقام سكينة المزعوم في المنطقة أول مكان يسمح بإعادة اعماره وتوافد من يسميهم بالحجاج الايرانيين اليه، وذلك يشير الى دليل واضح بان المدينة ستتحول الى مزار شيعي كما هو حال منطقة السيدة زينب في الطرف الاخر من العاصمة ولن نتعجب كثيراً في حال قام النظام بضغط ايراني بتسمية المنطقة بمقام سكينة.

النظام السوري يدرس مشروع إعادة تنظيم داريا وإخفاء الأدلة على جرائمه فيها

هبة محمد:

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود:

    هناك أموال طائلة تُقدر بعشرات المليارات تحت تصرف الولي الفقية وهي ما تُسمى الخُمس
    هذه الأموال يستخدمها الوالي الفقيه في التمدد الشيعي خارج إيران وليس لشعبه الفقير!
    خاصة في بناء الحسينيات في مجال الدعوة وتسليح الميليشيات في مجال السيطرة
    ولا حول ولا قوة الا بالله

إشترك في قائمتنا البريدية