تونس ـ «القدس العربي» من حسن سلمان» خسر الحزب الحاكم في تونس أغلبيته البرلمانية بعد استقالة ثلث أعضاء كتلته، وهو ما مكن حركة «النهضة» من استعادة مركزها كقوة أولى في البرلمان، بينما توقع بعض المراقبين أن تؤثر التطورات الجديدة في تعزيز الحضور السياسي للحركة الإسلامية في البلاد وزيادة حظوظها في الانتخابات البلدية المقبلة، وربما في الانتخابات البرلمانية عام 2019.
وكان 32 نائبا أعلنوا الأحد استقالتهم من كتلة «نداء تونس»، والاتجاه نحو تشكيل كتلة برلمانية جديدة، مؤكدين تمسكهم بعلاقة جيدة مع الرئيس التونسي ومؤسس الحزب، الباجي قائد السبسي»نظرا لقيمته الاعتبارية ودوره في مرحلة مرت بها تونس بظروف صعبة»، مع استمرار دعمهم لحكومة الحبيب الصيد.
الحدث السياسي الجديد دفع بحركة «النهضة» لتصبح القوة السياسية الأولى في البلاد، في وقت أشار فيه مراقبون إلى أن «نداء تونس» ربما دخل في نفق الانقسام، في ظل تلميح بعض النواب المستقيلين إلى تأسيس حزب جديد، مع احتمال أن تشهد الأيام المقبلة استقالة العديد من أعضاء الحزب في ظل «الحرب» المستمرة بين الأمين العام للحزب، محسن مرزوق، ونائب رئيسه، حافظ قائد السبسي (نجل الرئيس التونسي).
ويرى الباحث والمحلل السياسي صلاح الدين الجورشي أن التحول الجديد الذي أصاب «نداء تونس» سيكون باتجاه» تعزيز الحضور السياسي لحركة النهضة على الصعيدين البرلماني والوطني. لكنه، من جهة أخرى، لن يغير من المشهد المؤسساتي في البلاد، إذ أن حكومة الصيد ستبقى محتفظة بأغلبية مريحة، لأن أغلب النواب الذين غادروا الحزب أكدوا أنهم ليسوا ضد الحكومة».
وأضاف: «لكن على المدى المتوسط والبعيد، فإن هذا التحول يؤكد فشل حزب «نداء تونس» في تحقيق التوافق بين قياداته، ويظهر حركة النهضة كحزب متماسك داخليا وقادر على أن يمارس مزيد من الضغوط على الماسكين بالسلطة التنفيذية. بل أن ما يجري داخل نداء تونس قد يمهد الطريق أمام حركة النهضة لعودة قوية خاصة على مستوى الانتخابات البلدية، وربما في الانتخابات البرلمانية بعد أربع سنوات».
وكتب القيادي في «النداء» في صفحته على موقع «فيسبوك»: «الأكيد أن تشارك «نداء تونس» مع حركة «النهضة» في السلطة لم يزعج فقط الناخبين الذين صوتوا للنداء لطرد النهضة، بل أيضا وبصفة خاصة مناضلي النداء أنفسهم الذين خاطروا بحريتهم وحتى بحياتهم أحيانا للدفاع عن مشروع مضاد لمشروع النهضة وليس فقط للحكم».
وأضاف: «لقد استقال اليوم عشرات النواب من الكتلة النيابية لنداء تونس وسوف يتبعهم آخرون في الأيام القادمة. كما أن العشرات من أعضاء المكتب التنفيذي يعتزمون تنظيم ندوة صحافية قريبا للإعلان عن استقالتهم الكاملة من الحزب وتأسيس حزب آخر يتقيّد بالثوابت التي انبنى عليها النداء. وأمام هذه الكارثة المعلنة يستمر الرئيس المؤسس في عملية توريث ثار ضدها الشعب التونسي بأكمله في انتفاضة تاريخية لم تجف بعد دماء شهدائها».
النائب المستقيل من الحزب علّق على تصريحات الرئيس التونسي حول اعتبار استقالة النواب «خيانة مؤتمن» بقوله إن «خيانة المؤتمن هي أقل بكثير من خيانة الوطن»، موضحا أن عدم الالتزام بالمشروع الوطني الديمقراطي الّذي بشر به قائد السبسي و»نداء تونس» عند الإعلان عن تأسيس الحزب هو «خيانة وطن».
من جهة أخرى، لم يستبعد الجورشي أن يدفع الصراع المستمر داخل «النداء» عددا من قياداته إلى التفكير في صيغة تنظيمية مستقلة قد تتحول إلى حزب جديد، مؤكدا أن «مؤشرات عديدة تدل على أن الحزب يتجه نحو الانقسام».
لكنه أكد، بالمقابل، أن الذين سيخرجون عن الدائرة التي سيحميها ويدعمها الباجي قائد السبسي، سيجدون أنفسهم بدون تأثير أو بتأثير محدود، إذ لا يزال الباجي قائد السبسي الشخصية الاعتبارية الموجهة للحزب بشكل غير مباشر.
وأضاف: «لا شك في أن لغة الخطاب بين طرفي الصراع قد تراجعت كثيرا إلى الخلف إذ وصل تبادل التهم إلى درجة التخوين. لكن هذا يدل على وجود مشكلة في الخطاب السياسي لدى جزء من النخب السياسية التونسية عموما».
يخطئ من يعتقد أن النهضة هي القوة الأولى أو الثانية في البلاد فقط لعل حجم الكتلة النيابية في هذه الدورة ربما له قيمة. لكن حزب الدساترةهو الذي سوف يخلف النداء ولعل، الذين لا هم مطلقين ولا هم معلقين قد يجدون في هذا الحزب المفر من نداء تونس ما يمكنه أن يشكل قوة برلمانية إلى حين انتهاء هذه الدورة النيابية. هذا فعلا هو حزب سياسي بأتم معنى الكلمة بعد أن خدع عدد هام من الناخبين في النداء سوف يكون لهذا الحزب شأن عظيم خصوصا أن النهضة أيضا تفتك بها خلافات داخلية بسبب ما تراه قواعدها استبداد بالرأي.
لقد ذكرت سابقا في هذه الصحيفة بالذات أن حزب نداء تونس غير متجانس و هدف تواجده هو ازاحة حركة النهضة من الحكم و قد نجح في ذلك ثم في انتخابات 2014 .. لكن تحالف النداء مع النهضة في حكومة الصيد أغضب الشق اليساري من البداية.. أبى السيد الباجي قايد السبسي وهو يتوج حياته السياسية كرئيس كل التونسيين أن يواصل في عداء الاسلاميين و هم القوة الثانية في البلاد و جعل التوافق و الحوار عنوانا لسياسته.. لكن الطرف اليساري من النداء فضل الانسحاب على أمل تكوين حزب جديد أو الانضمام الى حزب الجبهة الشعبية اليسارية.. و تبقى النعرة الايديولية النخبوية المقيتة تنخر المجتمع الذي هو في حاجة أكيدة الى وحدة الصف..