وكما قالت الست «أم نحمده»: «تبات نار، تصبح رماد»، وكانت خالدة الذكر «أم نحمده» تأخذ بالقاعدة الذهبية «سكن تسلم»، فلم تقل «ناراً»، أو «رماداً»، ولم يُعرف عن المذكورة، أن لها بنتاً اسمها «نحمده»، فقد كانت «أم نحمده» هي كنيتها وهي صغيرة، وقبل أن تتزوج الحاج «عبد الرسول»، الذي لقي حتفه بعد فترة زواج قصيرة، في حادث «توك توك»، وعاشت «أم نحمده» على ذكراه، مع أنه لم يترك لها ذكرى، لكنها في الحقيقة لم يطرق بيتها «خاطب»، فقد اعتقد أبناء الحي، أنها «سيدة نحس» وجهها «يقطع الخميرة» من البيت، والدليل أن الحاج «عبد الرسول» لقي مصرعه لأنه استحوذ على نحسها. وكثير من أهل الحي، لا سيما الأجيال الجديدة، من كانوا يعتقدون أن «نحمده»، شخصية حقيقية، وأنها تزوجت ثريا عربيا وهاجرت معه إلى المكسيك، وكثيراً ما كانوا يسألون عنها، وبعد أن يئست من الرد التقليدي بأنها لم تنجب، وأنهم أطلقوا عليها وهي طفلة «أم نحمده»، أخذت تجيبهم بأنها «بخير» وأنها تهديهم السلام، وكم كانت سعيدة عندما علمت أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات «أبو عمار» ليس معه ابن اسمه «عمار»، كما أن نائبه «أبو مازن»، ليس معه ابن اسمه «مازن»، فقد رقدت على رجاء القيامة قبل أن يصبح الأخير رئيساً للسلطة الفلسطينية!
«أبو عمار»، كان محكوما ببرتوكول ثابت عندما يأتي للقاهرة، حيث يزور مكتب الإرشاد، ثم يقبل استضافة إبراهيم شكري، رئيس حزب العمل في منزله، على الغداء أو العشاء، حسب الظروف، وفي الثمانينات، أصر صحافي معروف على الحضور، وإدعى أن له ذكريات مع «أبو عمار»، وأنه صديق العمر، فلما التقيا، جلس يضع ساقاً فوق ساق، وقال بثقة: «أهلا يا أبو عمار»، فلما أجابه، سأله عن أخبار «عمار»، وظن الجالسون أنه يمزح، في غير أوان المزاح، ولكن ربما العلاقة التاريخية بينه وبين القائد الفلسطيني تسمح بهذا، لكنه وبنفس درجة الشموخ عاد يسأله عن أخبار «عمار» ليعرف ما إذا كان قد وصل للجامعة في دراسته؟ وهنا انخرط الحاضرون في «وصلة ضحك»!
دوار البحر
ما سبق هو استطراد لا لزوم له، لكننا فعلناه ليتقبل القارئ ما هو قادم، لأنه بدون طبق المقبلات السابق، لا تهضمه المعدة، وكفيل بأن يسبب تلبكاً معوياً لمن يقدم عليه، ولم يكن يعنينا من كل ما سبق سوى مقولة الست أم «نحمده»: «تبات نار، تصبح رماد» لتخفيف حدة الأمر، وحتى لا تصاب عزيزي القارئ بدوار البحر، وللعلم، فكما لا يوجد «عمار» وإن كانت الواقعة التي حصلت بشأنه صحيحة تماماً، فلا توجد «نحمده»، أو «أمها»، فهي محاولة فاشلة للكتابة الروائية، إذن فلندخل في الموضوع!
فقد استيقظ الناس في مصر، وفي الحقيقة أنهم كانوا مستيقظين، لأن الواقعة جرت نهاراً، لكن الكتاب دأبوا على التعبير عن كل مفاجأة بأن الجنس البشري قد استيقظ عليها، ما علينا!
فقد استيقظ الرأي العام في مصر، على قيام شركة مجهولة اسمها «ايغل كابيتال» بالاستحواذ على كل ما تمتلكه شركة «إعلام المصريين» من ترسانة إعلامية، وقد كانت الشركة البائعة مجهولة أيضا عندما قامت فجأة بالاستحواذ على هذه الترسانة، التي تضم «صحفا ورقية، ومواقع الكترونية، وقنوات تلفزيونية»، لكنها استمدت شهرتها من مالكها رجل الأعمال الشاب، «أحمد أبو هشيمة»، والذي لم يكن شيئاً مذكوراً قبل زواجه من الفنانة «هيفاء وهبي»، في زواج لم يدم طويلاً، وقد تم الانفصال بهدوء، وبإعلان الاحترام المتبادل بين طرفي المعادلة، وقيل إن الفتى حصل على بغيته، فقد صار مشهوراً، كما قالت الشائعات إنه طلاق تم بطلب من الإخوان، وهو بدا في انسجام مع حكمهم في زمن الرئيس محمد مرسي، وربما رأى الاخوان، وكانوا مقلدين في السلطة ولم يكونوا مبدعين، أنه لا بد لكل عصر من تاجر حديد، وإذا كانت الساحة السياسية خسرت في الثورة أحمد عز، فلا بد من أحمد عز جديد!
قبل هذه الصفقة، التي استحوذ بها أبو هشيمة على الترسانة الإعلامية هذه، كان يملك موقع وجريدة «اليوم السابع»، وكانت بالباع والذراع مع الإخوان في هذه الفترة، وقد كتب رئيس تحريرها أنه طلب الأمان للصحافيين من الإخوان في ظل حكمهم، فمنحهم الدكتور محمد البلتاجي الأمان، وكان هذا المدخل لتبرير تأييده، ولم يكن غريباً بعد ذلك أن يعينه الرئيس محمد مرسي عضواً في المجلس الأعلى للصحافة، ضمن الشخصيات العامة، لكنه عندما وجد المركب تغرق، استقال ليقدم نفسه معارضاً شرساً للحكم الذي أوشك على الإسقاط. (يغضب الاخوان من ذكر مثل هذه الوقائع وليس دوري ادخال السعادة إلى قلوبهم).
سوق الجواري
المهم، فمن الطبيعي أن يشتري رجل أعمال قناة فضائية، أو صحيفة، لكن الجديد هو شراء ترسانة إعلامية، وكأنه دخل سوق الجواري، وقديما قال «مصطفى أمين»: «إن الصحافة انتقلت من كونها صاحبة الجلالة لتكون جارية في البلاط»، وفي الإمكان تأسيس إعلام جديد، لا سيما وأن الإعلام القائم فاشل ولا يمثل علامة تجارية، فقد جاءت الصفقة كاشفة عن محاولة للاستحواذ على ما هو قائم، ولأن التكلفة باهظة، ولأن امكانيات أي رجل أعمال هو اطلاق قناة، أو صحيفة، بالكاد، فكان الاستحواذ على ترسانة لافتا، إلى أن «أبو هشيمة» وهو وكيل عن المشتري، فلا يوجد نظام في دول العالم الثالث، يسمح لشخص واحد بالسيطرة على هذه الترسانة الاعلامية، ثم يشعر بالأمان، وعبد الفتاح السيسي هو فرع في جذع الحكم العسكري، الذي بدأ في المرحلة الناصرية بتأميم المؤسسات الصحافية لتكون تابعة له، وإلى الآن لا يسمح الحكم العسكري، وقد وصلنا إلى أسوأ طبعة منه، للأفراد بتملك الصحف، وما يحدث الآن هو تحايل على القانون في ظل عدم ممانعة السلطة، لكن عقدة النكاح لا تزال في يدها!
وإلى الآن ليس مسموحاً للقطاع الخاص بتملك الاذاعات، رغم أن القانون يتيح هذا، أما القنوات التلفزيون، فالملكية هي لأناس بعينهم، مقربين من السلطة، وتحت وصايتها، وكانت الحرية مقيدة حتى في عهد الثورة!
حكاية ساويرس
وقد بدا السيسي منزعجا من الإعلام، رغم أنه جارية في بلاطه، فليس منطقياً والحال كذلك، أن يسمح لشخص واحد هو «أبو هشيمة» بتملك كل هذه القنوات، وكان معلوماً أنه اشترى «أون تي في»، في مرحلة تجريد «نجيب ساويرس» من كل ما يملك، وقد باع خلال الأيام الماضية حصته في جريدة «المصري اليوم»، للمالك الرئيسي «صلاح دياب»، فقد كان لساويرس طموح أزعج السيسي، لأنه ينظر لنفسه باعتباره شريكا في الانقلاب على الرئيس المنتخب، والسيسي كالفريك، وقديما قالت السيدة «أم نحمده» للحاج «عبد الدايم»، عندما أراد الجمع بينها وبين زوجته بعد وفاة شقيقه المرحوم «الحاج عبد الرسول»: «أنا كالفريك لا أحب شريك».. مرة أخرى فإن «الست نحمده» تلتزم بقاعدة «سكن تسلم»، فلم تقل لا أحب شريكاً!
كان نجيب ساويرس يمني نفسه بتشكيل الحكومة، فهو المخ، والسيسي العضلات بحكم موقعه العسكري، وكانت هذه الأماني سبباً في تأخير موعد إجراء الانتخابات البرلمانية لأكثر من مرة، حتى لا يحصل حزبه «المصريين الأحرار» على الأغلبية، وهو ما تم بفضل مخطط أمني، ولم يكتف السيسي بإفشال مخطط الحزب، ولكن أحدث فيه مؤخراً انشقاقاً، فصار الحزب حزبين، بعد أن تم تفجيره من الداخل، ثم أجبر على بيع «أون. تي. في» لأبو هشيمة، فهل كان المشتري فعلاً هو «أبو هشيمة»!
وكما هبط «أبو هشيمة» على «سوق الجواري» بـ «البارشوت»، فقد فعلت مالكة شركة «ايغل كابيتال»، التي استحوذت على كل الممتلكات الإعلامية لشركة «إعلام المصريين»، ولا توجد معلومات حقيقية عن الشركتين، والذي من الواضح أن التأسيس تم بغية هذه الصفقة، وقد قالت صاحبة الشركة التي تمثل جانب المشتري، إن هذه الصفقة هي أولى باكورة أعمالها الاستثمارية، فأي مجنون هذا الذي يستثمر في الإعلام في مصر، في ظل هذا الركود؟ فالبلد الذي عرف صحفاً يصل توزيعها إلى مليون نسخة في العدد الواحد، هبط توزيع عموم الصحف المصرية، حسب تقارير جهاز التعبئة والاحصاء، إلى نصف مليون نسخة يومياً، وارتفع سعر الورق، وقلت الإعلانات بسبب الكساد الاقتصادي، أما المواقع الالكترونية، فهي استنزاف للأموال، لأن الإعلان لم يعرف طريقه اليها، أما القنوات التلفزيونية فلا توجد قناة واحدة تستطيع أن تقول إنها لا تخسر بالملايين، فعن أي استثمار تتحدث وزيرة الاستثمار السابقة؟!
من أين لها هذا؟
رئيسة شركة «ايغل كابيتال» هي «داليا خورشيد»، وقد خرجت من الحكومة بزيجة معتبرة، فهي زوجة محافظ البنك المركزي، وبقراءة سجلها الوظيفي، نكتشف أنها لا يمكن البتة أن تكون صاحبة لشركة تدفع في صفقة واحدة عداً ونقداً (6) مليارات و(800) مليون جنيه، فقد تخرجت في الجامعة سنة 1993، وعملت موظفة في شركات مرتباتها مهما ارتفعت، لا تمكنها من فتح «سوبر ماركت»، وآخر وظيفة قبل أن تصبح وزيرة، هي سكرتيرة سميح ساويرس، شقيق «نجيب» المالك السابق لـ «أون. تي. في»، فمن أين لها هذا؟!
الحقيقة، أن انتقال الترسانة الإعلامية من «أبو هشيمة» إلى «داليا خورشيد»، هو انتقال من وكيل لوكيل، لكن المالك الحقيقي لم يتغير، وهو عبد الفتاح السيسي وأجهزته الأمنية، فلماذا استبدل وكيل مكان وكيل؟ والاجابة أنه استبدال له ما يبرره، فالمذكور «أبو هشيمة»، تخطى الرقاب ليصبح هو النجم، وليس عبد الفتاح السيسي، فضلاً عن أنه بدأ في بعض الأعمال الخيرية في المحافظات، وبدأ من حوله يدغدغ مشاعره الجياشة بأنه قد يكون البديل في المستقبل وبعد الدعاء بطول العمر للسيسي، وقد تجد المؤسسة العسكرية نفسها في حاجة إلى واجهة مدنية للحكم، عندئذ يكون هو الأولى بهذا الحضور، والفتى تستهويه النجومية، ربما يريد أن يكون أشهر من «هيفاء»!
وهناك نقطة أخرى، وهي أنه وكما قفز من مركب مرسي، قد يقفز من مركب السيسي إن وجد مرشحاً جاداً في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وقد يقف على الحياد، في وقت يريد السيسي استخدام مدفعيته الثقيلة في هذه الانتخابات، بدون أن يوجد من بين ترسانته الاعلامية متراجعاً خوفاً من الغد.
لقد أصبحت الأمور بما سبق أكثر وضوحاً، وكما قالت الست «أم نحمده»: «تبات نار تصبح رماد».
صحافي من مصر
سليم عزوز
فى كل دول العالم
ليس معنى ان رئيس مجلس إدارة شركة هو ان يكون مالكها
والسيدة داليا خورشيد رئيسة مجلس إدارة شركة مساهمة يملكها مجموعة من المستثمرين معروفه أسمائهم
وكل شركة حره فى اختيار المجال الذى تستثمر فى
عسكر مصر يمتلك أكثر من نصف ثروة مصر وبلا محاسبة أو رقابة !!
لقد تعلم من الصهاينة كيفية الإستثمار في الإعلام
ولا حول ولا قوة الا بالله
بغض النظر عن الموضوع وتشعباته وزج اكثر من عنصر فيه فهو مقال جميل جدا وينم عن مقدرة كتابية رفيعة
شكرا استاذ عزوز. وناسف جدا للاعلام المصري فقد بات من صنف ما ابدعته مطلقة بوهشيما هيفاء: بوس الواوا..
يقول محمد صلاح أن الشركة معروف مؤسيسها . معروف لمين؟..لك؟.. قل أسماءالمؤسيسين المعرفوة اسماءهم
ليت الأمر توقف على استيلاء العسكر على الاعلام
بل ان شركات الجيش الأن تقوم بالاستيلاء بالأمر المباشر على ميزانية كل المشروعات بمختلف تخصصاتها وتصنيفها ومجالاتها وتعملها بنفسها أو تبيعها أو تأجرها من الباطن لشركات تانية وتاخد العمولة
**
فتلاقي الجيش يتفق مع شركة مش تبع وزارة الكهربا عشان يحصلو الفواتير
وتشتغل تجارة عامة ومقاولات وتبني المدارس والمستشفيات وترصف الطرق وتعمل البنازين بعيد عن كل الوزارت المختصة
وتشتغل مستورد وتستورد ادوية ولبن اطفال بعيد عن وزارة الصحة
وتشتغل صيادين ويعملو مزارع سمك
ويشتغلو جزارين ويعملو مزارع عجول وبقر ويبيعو لحمة وخيار وبتنجان ومخلل بعيد عن وزارة الزراعة
*
المنطق يقول – طالما كل الوزارات الحكومية دي فاشلة
ليه مش يلغوها ويوفروا وجع الدماغ
والجيش يمسك كل حاجة – عشان يعرف الشعب المصري – هو بيحاسب مين بالضبط على كل الفشل والفساد اللي في البلد ؟؟
الخلاصة – قادة العسكر وعلى رأسهم بلحة محتفظين بكل الوزارات دي عشان يشيلوهم كل غضب الناس ويتهموهم بأنهم مقصرين
بينما ميزانية كل المشروعات داخلة علي جيوب قادة الجيش – زبادي في الخلاط
وفي نفس الوقت مشغلين مجندين بالسخرة سباكين وبنايين وبلاطين ومزارعين وفلاحين وبياعين وكهربائية وسواقين وببلاش والمكافأة ينزل يومين اجازة زيادة