الهجوم على الإمام الأكبر شيخ الأزهر بأوامر عليا وجمرة الطوارئ ستحرق أيدي الجميع

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: من حق ديكتاتور مصر الأشهر مبارك أن يتنفس الصعداء الآن، ويحدث زائريه بأنه كان ديمقراطياً بامتياز، وأنه كان رحيم القلب بالثوار الذين ما زالوا يلعنون زمانه على مقاهي وسط المدينة، حيث كان يتسع قلبه لنقدهم إياه، ويأمر أجهزته بالكف عن ملاحقتهم، في الوقت الذي تصدر فيه الآن الأحكام القضائية بالسجن لسنوات طويلة على شباب لا علاقة لهم بالإخوان ولا الإسلاميين، بسبب التظاهر تنديداً بالتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية.
في زمن مبارك كان النقد متاحاً بينما في زمن السيسي يورد صاحبه المهالك ويدفع به لغياهب السجون. الإمام الأكبر الذي كان عبر كل العصور من الملكية للجمهورية مصدر ترحيب من الحكام، يجد نفسه الآن مستباحاً من قبل إعلاميين لا يعرفون قراءة الفاتحة، لكن الأوامر صدرت إليهم كي يجرسوا فضيلة الدكتور أحمد الطيب لأنه أبدى رفضاً لبعض أمنيات القصر الرئاسي، فأخذوا يستخدمون ضده لغة التهديد والتنكيل و«الردح» غير عابئين بقدره، مطالبين بعزله، ووصل الأمر لحد دعوة بعض منافقي السلطة بسن قانون يتيح للرئيس تعيين خلف له. وها هو أحد معارضي السيسي يجد نفسه متهماً في بلاغ رسمي بأنه يخطط لاغتياله، جمال الجمل لا يملك مسدساً ولا حزاما ناسفا، ولا يرحب به في الفضائيات بجميع أشكالها، وكل ما يملك قلما يرفض أن يستخدمه في تزييف الحقائق. هاجم الإخوان بضراوة لكنهم لم يمسوه بسوء يوماً ما، وحينما قرر أن يقول لا لسعودة الجزيرتين فتحت عليه أبواب جهنم وبات في انتظار اللحظة التي «ينور» فيها الزنزانة.
وعمت الصحف المصرية الصادرة أمس الاثنين 17 أبريل/نيسان العديد من المعارك الصحافية على النظام وفي القلب منه السيسي والحكومة وباتت مصر مرشحه للمزيد من المفاجآت وإلى التفاصيل:

عسكرة الأزهر

«لم يعد أحد يعرف السبب الحقيقي وراء الحملات الموجهة ضد مؤسسة الأزهر وشيخها الدكتور أحمد الطيب، هل لأن شيخ الأزهر، كما يشير علاء عريبي في «مصر العربية» لم يوافق الرئيس على فكرة الطلاق الشفوى؟ هل لأن الرئيس يعتقد أن الإرهاب مشكلة فكرية وليست سياسية؟ هل السيسى يحاول الضغط على الشيخ الطيب لكي يتقدم باستقالته ويعين هو شيخا برتبة لواء؟ كلما شهدت البلاد واقعة إرهاب وراح ضحيتها بعض الأبرياء، حمل شيخ الأزهر مسؤولية الدماء التي أهدرت، وكأن الشيخ الطيب يتزعم عصابة من الإرهابيين تصدر صكوك التكفير والقتل للأبرياء في الكنائس والكمائن الثابتة والمتحركة، أو أنه يشرف على مركز لتدريب وتأهيل الإرهابيين، أو أنه يفتح مصنعا داخل المشيخة لتصنيع العبوات والأحزمة الناسفة. الرئيس السيسي بدأ هذه الحملة ضد المؤسسة وشيخها بشكل مبكر، ربما بعد توليه الحكم بفترة بسيطة، استهلها بتوجيه بعض الانتقادات اللاذعة للشيخ والمؤسسة، حمله مسؤولية التطرف، متجاهلا تماما العامل السياسي الذي دفع البعض إلى مناهضة الحكام فكريا وماديا بسبب بطشهم، وديكتاتوريتهم، وبسبب غياب العدالة الاجتماعية، وكثيرا ما توجه بانتقاداته للشيخ الطيب بشكل علني في المحافل التي تنقلها وسائل الإعلام، قائلا «سأحاجكم أمام الله»، وقائلا: «فضيلة الإمام كل ما أشوفه بقول له أنت بتعذبني». وللأسف انتقلت هذه الانتقادات من الرئيس إلى توابع النظام في الإعلام، وشنت حملات على الرجل ومؤسسته بمناسبة وبغير مناسبة، تزداد حدتها وتتصاعد وتيرتها مع وقوع بعض الحوادث الإرهابية، حتى إن البعض لوح بمشروع قانون لعزل الشيخ».

لهذا وقعت الفتنة

كثيرة هي الاجتهادات الرامية لفهم أسباب ما تشهده مصر من حوادث، جلال أمين في «الأهرام» لديه وجهة نظر مهمة: «هناك في رأيي أحد احتمالين لتفسير هذا التغير في الموقف من الأقباط. الاحتمال الأول أن ما يسمى بالفتنة الطائفية ليس فتنة طائفية على الإطلاق، وإنما أحداث مدبرة عن قصد من جانب قوة خارجية أو داخلية أو الاثنتين معا، لزعزعة الاستقرار السياسي والاقتصادي في مصر، سعيا وراء مآرب ضد مصلحة المصريين جميعا، مسلمين وأقباطا. والاحتمال الثاني أن يكون ما حدث نتيجة تغيرات نفسية ترجع إلى تغيرات اجتماعية قد يكون منشؤها ما مرت به مصر خلال الخمسين عاما الماضية، من حراك اجتماعى سريع. وسواء كان السبب هو هذا أو ذاك فلا يمكن أن يكون العلاج تخويف الناس أو إلقاء المواعظ عليهم. فالقوى الشريرة التي يمكن أن تكون وراء هذه الأحداث لا تعبأ بالطبع بما يلقى من كلمات الوعظ أو التخويف، كما أن المريض نفسيا لا ينجح معه أيضا لا هذا ولا ذاك. هذا هو سبب شعوري بعدم الارتياح عندما أقرأ وأسمع ردود الأفعال السائدة إزاء هذه الأحداث فما العمل إذن؟ ويحذر الكاتب من التسرع، وإلا كان عملنا من قبيل إبراء الذمة، بدون رغبة حقيقية في الإصلاح. كثيرا ما يذكر إصلاح التعليم، أي تغيير المقررات الدراسية، أو حسن تدريب المدرسين…إلخ، لكنني أعتقد أن هذا بدوره قد لا يختلف كثيرا عن محاولة الإصلاح بإلغاء المواعظ. علاج هذه الظاهرة في رأيي لا يحدث إلا بإصلاح اقتصادي حقيقي يمتد فترة طويلة من الزمن، ويغير بعض العلاقات الاجتماعية المهمة تغييرا حاسما. يرجح صحة هذا الرأي أن الدول أو الأمم التي لا تعاني مثل هذه الظاهرة غير الصحية في العلاقة بين الطوائف الدينية، هي تلك التي نجحت في إرساء دعائم اقتصاد قوي ويتمتع بدرجة عالية من الاستقرار. إن السخط لأسباب اقتصادية كثيرا ما يعبر عنه بسلوك غير اقتصادي، وكراهية الأحوال الاقتصادية كثيرا ما يعبر عنها بكراهية طوائف اجتماعية سيئة الحظ، إما لأنها وافدة من مجتمع آخر، أو لأنها تنتمى لأقلية من أي نوع، دينية أو غير دينية».

ما أريكم إلا ما أرى

ومن معارك أمس الاثنين ضد السيسي تلك التي شنها سليمان الحكيم في «مصر العربية»: «حين أراد فرعون أن يختبر الطفل موسى ليقف على مدى وعيه، هل هو واع بما سيختار ليستحق القتل شأن كل مواليد مصر من الذكور؟ أم غير واع فيستحق الحياة؟ فوضع فرعون له قطعة من الجمر وإلى جوارها تمرة، فألهمه الله أن يمد يده إلى الجمرة لينجو من مقصلة فرعون، ليؤكد موسى بذلك أن وعيه لم ينضج بعد إلى الدرجة التي تهدد فرعون وعرشه. فاستحق أن يحيا وينجو من فرعون. وحين وضع الله السيسي في الموقف نفسه مد السيسي يده لقطعة الجمر تاركا التمرة، فاختار بذلك الطريق الذي يسلكه الهالكون ممن لا يستحقون النجاة، كما استحقها موسى بوحي إلهي. كانت الجمرة طريق النجاة لموسى ولكنها لم تكن كذلك للسيسي، فاختيار الجمرة وإن كان يليق بطفل لا يدرك، فإنه لا يليق برجل عاقل حصيف. اختار السيسي إعلان حالة الطوارئ في البلاد، وهي جمرة ستحرق أيدي الجميع كما أحرقت أيدى المصريين وأكبادهم طوال ثلاثين عاما من حكم المخلوع مبارك. ولولا ما صاحبها من إجراءات قمعية لكان مبارك ينعم بالرئاسة حتى اليوم، أما السيسي نفسه فقد جرب الطوارئ، كما جرب حظر التجول في سيناء طوال الشهور الماضية فلم تفلح في الإقلال من حوادث الإرهاب، بل زادت وتيرته وارتفعت معدلات حوادثه حتى أصبحت أخبارها يومية تتوالى ساعة بعد ساعة، مثل أخبار الطقس وحالة الجو. وتشهد سنوات حكم مبارك بأن أكبر حوادث الإرهاب وأخطرها حدثت خلال السنوات التي شهدت حالة الطوارئ وإجراءاتها في البلاد، من تفعيل قانون الاشتباه، والتوسع في عمليات الكبت والقمع والتكميم، ومراقبة الهواتف والمساكن والأشخاص، وتلفيق القضايا وتعذيب الأبرياء إلى حد الموت، واعتقال كل صاحب رأي معارض وإقصاء المخالفين».

مأساة آية وجبروت السلطة

نتحول نحو مأساة يلقي عليها الضوء جمال سلطان في «المصريون»: «احتاج الأمر إلى أكثر من ثلاث سنوات سجنت مصر فيها مواطنين أبرياء، وجهت إليهم الجهات الأمنية تهما مشينة وبشعة، قبل أن يكشف القضاء أن التهم المنسوبة إليهم هراء وأباطيل. ثلاث سنوات نزيف العمر لحوالي عشرة شبان ومن ضمنهم الناشطة آية حجازي. ثلاث سنوات أيضا من نزيف السمعة والكرامة لمصر ونظامها السياسي على الصعيد العالمي، حتى بين أصدقاء السيسي نفسه في واشنطن. آية حجازي كانت قد أسست جمعية صغيرة ناشئة لرعاية أطفال الشوارع، بعد أن انتشرت تلك الظاهرة بقوة وجذبت انتباه الرأي العام والإعلام المصري، حاولت أن تؤسس لمشروع يحتوي أطفال الشوارع ويعيد تأهيلهم بما يجعلهم مواطنين صالحين، ويغير وجهتهم من الانحراف والسقوط في قبضة البلطجية وتجار المخدرات وشبكات التسول والابتزاز الجنسي للأطفال، إلى التعليم والحياة الصحية الآمنة، كانت مشكلة آية الوحيدة أنها من شباب ثورة يناير/كانون الثاني المغضوب عليهم بعد 3 يوليو/تموز، وكانت هناك موجة من العنف السياسي والإعلامي الواضحة تجاههم، رغبة في إخماد طموحهم وكسر إرادتهم وفرض الإحباط السياسي عليهم، لطي صفحة ثورة يناير وتجاوز أحلامها، فتم اقتحام الشقة التي توجد فيها الجمعية في وسط القاهرة، والقبض على آية حجازي وزوجها وآخرين، حيث وجهت لهم وزارة الداخلية تهمة «تأسيس جماعة إجرامية لأغراض الاتجار بالبشر، والاستغلال الجنسي لأطفال وهتك عرضهم»، أي والله ، هكذا كانت التهمة.. غير أن مذكرة الاتهام ضمت إلى «الاستغلال الجنسي» الاستغلال السياسي أيضا، حيث قالت إنهم استخدموا الأطفال للمشاركة في المظاهرات مقابل بعض المال، ولا تحاول أن تستحضر أي منطق في خيالك للجمع بين الاستغلال الجنسي والاستغلال السياسي للأطفال».

أزمة ثقة

ازدادت التساؤلات عما إذا كان حادث تفجير الكنيستين مدبرا ليكون ذريعة لإعلام الطوارئ وإسكات كل الأصوات وتمرير كل ما تريد السلطة تمريره من قضايا عالقة أو متعثرة؟ ويؤكد فهمي هويدي في «الشروق»: «أن البعض يستند إلى أن الخبر نشرته إحدى الصحف الكويتية، وتحدثت فيه عن أن الشاب الذي فجر كنيسة طنطا كان داعشيا يعمل في الكويت، لكن السلطات الكويتية ألقت القبض عليه وقامت بترحيله إلى مصر، إلا أن الأجهزة المعنية المصرية لم تكترث به وأطلقت سراحه، وقد اختفى الرجل لبعض الوقت، ثم تبين أنه «أبو فلان» الذي فجر نفسه في الكنيسة. سألت صاحبي عما إذا كان واثقا من صحة الخبر الذي قيل إن الصحيفة الكويتية نشرته، فكان رده أن ذلك لم يحدث، إلا أن تسلسل الحوادث التي تلاحقت بعد ذلك يؤيد صحة الخبر. وخص بالذكر من تلك الحوادث قرار إعلان الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر لترهيب الجميع وإسكاتهم، ثم مسارعة مجلس النواب إلى تشغيل ماكينة الموافقة على الطوارئ، وعلى التعديلات التي اقترحت على قانون الإجراءات الجنائية، ثم عرض الاتفاقية الخاصة بجزيرتي تيران وصنافير على البرلمان في ذلك التوقيت، بما يضمن الموافقة عليها وتحدي قرار المحكمة الإدارية العليا بإبطالها. أضاف أن المسارعة إلى إصدار تشكيلات المجالس الثلاثة المختصة بضبط الخطاب الإعلامي، ووضع حد للسخط الحاصل في مصر بسبب تفشي الغلاء وعلو مؤشرات الإحباط السياسي. وهي قرائن تؤيد أن التفجير كان مفتعلا ومدبرا، وأن الصدمة التي أصابت المجتمع جراء التفجير أذهلت الناس وجعلتهم على استعداد لتقبل أي إجراء يسهم في وقف الإرهاب وقمع الإرهابيين. محترم آخر أضاف إلى ما سبق أن تطبيق الطوارئ في مصر كان الحل الوحيد الذي يمكن في ظله تمرير «صفقة القرن» التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية. استغربت أن تنتشر الشائعة على ألسنة البعض، واستغربت أيضا أن يكون آخرون على استعداد لتصديقها، ولم أجد لذلك تفسيرا إلا أنه ناشئ عن تفاقم أزمة ثقة المجتمع، والحاجة الملحة إلى ردم الفجوة المتسعة بينه وبين السلطة».

الرئيس يراوغ

ومن المعارك ضد القصر الرئاسي والبرلمان ذلك الهجوم الطاغي من محمد عصمت في «البديل»: «لم تكف طاحونة الانتهاكات الدستورية التي يمارسها العديد من الأجهزة والمؤسسات عن الدوران، منذ إقرار الدستور نفسه عام 2014، بداية من عدم تقديم الرئيس لإقرار الذمة المالية عن العام الأول لحكمه، حسب المادة 145، والقبض على الشباب بالمخالفة للمادة 54، ورصد عمليات تعذيب بتقارير طبية، واعتقال أطفال بتهمة ازدراء الأديان، حتى وصلت هذه الانتهاكات إلى محطة تيران وصنافير، التي يرى قانونيون أنها تهدد مرتكبيها بعقوبات تصل إلى الأشغال الشاقة المؤبدة، طبقا للمادة 151 من الدستور «لا يجوز لرئيس الجمهورية إبرام أي معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة»، كل ما يحق له في هذا المجال أن «يبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب»، ولكن ما حدث في اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع السعودية، أن رئيس الوزراء لا رئيس الجمهورية هو الذي وقعها بالمخالفة للدستور، رغم حضور الرئيس نفسه حفل التوقيع، وهو إجراء شكلي لكنه يسقط الاتفاقية دستوريا. أما النقطة الأهم بحسب الكاتب فإن الاتفاقية تتضمن تنازلا عن أراض مصرية، بالمخالفة لنص الدستور، بعد أن قضت المحكمة الإدارية العليا في حكم نهائي وبات بمصرية الجزيرتين، وردت في حيثيات حكمها التاريخي على كل ما يثار بعدم اختصاصها بنظر القضية، بزعم أن توقيع هذه الاتفاقية عمل من أعمال السيادة. هناك شيء غامض في سلوك النظام يفتح شكوكا واسعة حول ارتباط سعيه للتنازل عن الجزيرتين بترتيبات إقليمية ترعاها أمريكا لتطبيع العلاقات بين إسرائيل ودول الخليج، وبتصفية القضية الفلسطينية بما يخدم أهداف واستراتيجيات الكيان الصهيوني».

زمانه أسوأ من مبارك

ومن بين الذين شنوا حروبهم على الرئيس السفير معصوم مرزوق مساعد وزير الخارجية الأسبق في «البداية» مؤكداً علىأن حالة الطوارئ موجهة لقمع الشعب وليس لمحاربة الإرهاب، وأن المصريين لن يفرطوا في ذرة رمل من تراب الوطن. وأضاف مرزوق في حوار لـ»البداية»: «بعد مرور عام على مظاهرات الدفاع عن الأرض يمكن أن نشير إلى عدة مظاهر، أهمها أن الروح التي دفعت الشعب للقيام بثورة 25 يناير/كانون الثاني لا تزال موجودة، والدليل على ذلك العدد الهائل الذي خرج في مظاهرات الأرض رغم كل التحذيرات، ورغم الأسلوب الذي اتخذ في التجييش الإعلامي، ودفع مجموعة ممن يطلق عليهم علماء القانون وعلماء الجغرافيا وغيرهم ممن زوروا تاريخ البلاد، ومع ذلك جاء يوم 15 أبريل/نيسان 2016، لكي يكون علامة ساطعة وردا قويا من شعب مصر على كل هذه الأكاذيب، وده أنا اعتبره في حد ذاته انتصارا. وتابع: «عندما صدر الحكم النهائي في 16 يناير/كانون الثاني الماضي بتأييد مصرية تيران وصنافير، ورفض اتفاقية ترسيم الحدود مع السعودية، كان هناك ذلك العدد الهائل من المصريين رغم كل التهديدات، ورغم السجون التي لا يزال بعض شبابنا يعانون منها حتى الآن، إلا أن الشعب المصري خرج لكي يعلنها قوية واضحة أنه لا تفريط في الأرض، لا تفريط في ذرة رمل واحدة. وعن إحالة حكم الأمور المستعجلة بتأييد الاتفاقية وإحالتها للبرلمان قال معصوم: «هذا ما يطلق عليه (هزل في موضع الجد)، وينبغي لمصر ورجالها الذين تميزوا دائما بالقدرات المتميزة في القانون والفهم الدستوري، والذين علموا المنطقة العربية بالكامل ما هو القانون وما هو الدستورهذا الكلام عيب أن يصدر في مصر».

التفاؤل ممكن

«الأسباب الموضوعية للتفاؤل عديدة، أولها بحسب مصطفى كامل السيد في «الشروق» أن الجماعات التي تحمل السلاح هى بطبيعتها محدودة العدد، أعضاؤها لا يتجاوزون على أقصى تقدير بضعة آلاف، لأن هذه هي بالضرورة طبيعة الجماعات التي تنتهج الإرهاب سبيلا لعملها، والمقصود بالإرهاب هنا هو استخدام السلاح لتحقيق أهداف سياسية محدودة، لا تشمل هزيمة الجيش النظامي وتولي السلطة، مما قد يكون هدفا للجماعات التي تخوض حرب العصابات، وتستهدف من ورائها إلحاق الهزيمة بالقوات النظامية، وخلع الحكومة وتولي السلطة، وهو ما عرفته ثورات الصين وفيتنام والجزائر. أما الجماعات الإرهابية، فهي مضطرة لاتخاذ السرية، والاحتماء بتنظيم صارم، وتجنيد أعداد صغيرة ممن يمكن تدريبهم على استخدام السلاح، بعد أن يتم غسل عقولهم ليتشربوا رؤية هذه الجماعات لمجتمعها، ومن تصنفهم أعداء ينبغي، من وجهة نظرها، التخلص منهم. وإذا كان هذا التحليل صحيحا، فليس من المستحيل على المجتمع والدولة في مصر هزيمتها، لأن إمكانيات الدولة بشريا وماديا وفنيا أضخم بكثير، إذا ما استخدمت بحكمة. ثاني هذه الأسباب أن المجتمع المصري ورغم كل ما يقال عن انتشار الاتجاهات المتعصبة فيه هو عصي على الانصياع وراء المواقف الطائفية لهذه الجماعات. المهمة العاجلة الأولى هي وقف التجنيد المحتمل لمتطوعين جدد في صفوف هذه الجماعات، وتكشف البيانات التي تتوافر عمن انخرطوا في تنظيمات الجماعات الإرهابية، أنهم ممن يتصورون أن الإسلام في مصر في خطر، وأن هذا الخطر تزايد، خصوصا بعد الموجة الثانية لثورة يناير/كانون الثاني في يونيو/حزيران 2014 التي يعتبرونها انقلابا عسكريا أزاح أنصار الإسلام من سلطة الحكم في مصر».

الفساد السياسي أشد خطراً

«قرار إنشاء لجنة عليا لمكافحة الإرهاب صدر متسرعاً، لم يضع في الاعتبار، وفقاً لما يذهب إليه عبد الناصر سلامة في «المصري اليوم» أن هناك بالفعل لجنة قومية لمكافحة الإرهاب كان يجب النص على إلغائها، أو تفعيلها ولو بإدخال بعض التعديلات عليها، بدون حاجة إلى اللجنة الجديدة. اللجنة السابقة تم تشكيلها عام 1998 بموجب قرار من مجلس الوزراء، برئاسة وزير العدل، وفيها ممثلون لوزارات الداخلية ومكتب النائب العام والمخابرات العامة وأمن الدولة والقضاء العسكري، لم يصدر حتى الآن أي قرار بشأن تلك اللجنة، لا أدري هل تعقد اجتماعات أم لا؟ هل تزاول النشاط المنوط بها أم لا؟ هل تم إقصاؤها أم لا؟ لماذا تم تجاوزها، هل كان تجاهلها متعمداً، أم أصبحت في طي النسيان؟ ويؤكد الكاتب أن هناك العديد من الاسئلة التي تحتاج إلى إجابات واضحة ومحددة، حتى لا نجد أنفسنا أمام لجان تنبثق عنها لجان بدون إنجاز حقيقي على أرض الواقع، خاصة أن اللجان العليا في بلادنا ما أكثرها، كما اللجان القومية، كما المجالس القومية، وفي النهاية هذا هو الحال، الأزمات التي تشغل المواطن منذ ما قبل نصف قرن من الزمان كما هي لم تتغير، الإرهاب، تلوث الغذاء، تلوث مياه الشرب، عدم فاعلية الدواء، ارتفاع الأسعار، الاحتكار، الفقر، البطالة، سوء التعليم، مشاكل الصحة، أزمة المرور، حوادث الطرق، الأُمية، العنوسة، ارتفاع نسبة الطلاق، ارتفاع نسب الجريمة، إلى غير ذلك من قضايا لكل منها مجالسها، وقد أنفقنا على الاجتماعات واللجان والبدلات بشأنها أموالاً طائلة، كان يمكن إنفاقها لتحسين الأوضاع على الطبيعة».

المملكة تتأهب

«تناقلت المواقع الإعلامية تقريراً حول الإخطار السعودي بإدخال تيران وصنافير ضمن الحدود «الورقية» للمملكة، وهو ما يعتبره محمود خليل في «الوطن» تطورا خطيرا، فالاتفاقية الخاصة بترسيم الحدود التي نسفها القضاء المصري وحكم ببطلانها، تنص على أن بنودها تصبح سارية بعد موافقة الحكومات والمجالس النيابية داخل البلدين، هذه الموافقات تمت في المملكة عقب التوقيع على الاتفاقية مباشرة، وهو أمر طبيعي يحدث في الحالات التي يشعر فيها الفرد بأنه وجد غنيمة، لكن الأمر مختلف هنا في مصر، فالمحكمة الإدارية العليا أبطلت الاتفاقية، وحتى الآن لم يتم البت فيها داخل مجلس النواب، ولم يصدق عليها بالتالي رئيس الجمهورية، فهل اتخذت المملكة هذا القرار من جانب واحد؟ أم أن البعض يريد التنازل عن أرض حكم القضاء بمصريتها قطعة قطعة؟ إذا كانت المملكة قد اتخذت هذا القرار من طرف واحد فهذا تجرؤ ينبغي عدم السكوت عليه، لأن السكوت سيدفع غير المملكة إلى التجرؤ، ولعلك تتابع اللغط الذي يثيره المسؤولون السودانيون حول حلايب وشلاتين. لقد تناقلت وكالات الأنباء خبراً يقول إن وزير الدفاع السوداني ذكر في جلسة مغلقة في البرلمان السوداني أن «مصر تمارس المضايقات والاستفزازات للقوات السودانية في منطقة حلايب، ونحن نمارس ضبط النفس في انتظار حل المشكلة سياسياً بين الرئيسين البشير والسيسي». هل وصلنا إلى هذا الحد؟ ضع هذا التصريح إلى جوار تصريح آخر ذكر فيه أحمد أبوالغيط أمين عام الجامعة العربية أن قيام إثيوبيا بملء سد النهضة في 3 سنوات سيؤدي إلى سحب 35 مليار متر مكعب من حصة مصر من ماء النيل (55 مليار متر مكعب)، لتعلم حجم جرأة الغير علينا، بدءاً من السعودية ومروراً بإثيوبيا وانتهاء بالسودان».

كرهناك يا سيسي

ومن أبرز المعارك تلك التي شنها جمال الجمل ضد الرئيس السيسي في «البداية» بسبب بلاغ يتهمه بالتحريض على اغتيال رئيس الجمهورية، وهو بلاغ يصفه الجمل بـ: «الساقط، يخفي خلفه اتجاها مريبا وحقيراً أعرفه وأنتظره، ولا أتوقع غيره منذ عملت في الصحافة والعمل العام، لكن مثل هذه التدبير الظلامية للمنحرفين داخل النظام وذيولهم من المخبرين والعسس ليست موضوعي، ولن أرد عليها الآن، فمن حسن الحظ أنني كاتب مؤمن بالشفافية، لا أتحدث في الخفاء، مواقفي معلنة، وكتاباتي موجودة ومنشورة لمن يريد التعرف على تاريخي وانحيازاتي ودعواتي، وبالعناوين المثيرة التي نعرفها في الصحافة أقول: نعم أنا أحرض ضد رئيس الجمهورية، وضد نظامه بالكامل، بآليات عملي ككاتب وبالآليات السلمية والديمقراطية المتاحة لتداول السلطة، تحريضي يقتصر على المنصب لا على الشخص، تحريضي يقتصر على تأكيد فشل الرئيس في الوفاء بما تعهد به، منذ تراجع عن وعده بالحفاظ على مسافة بين الجيش والحكم، حتى لا يسمح بأن يقال إن جيش مصر تحرك من أجل اقتناص السلطة، فإذا به يقتنصها ليعيد نظام مبارك بمساوئه. يتابع الجمل: أنا ضد الرئيس وضد نظامه، وضد بقائه في السلطة لفترة أخرى، لكنني لست ضد بقائه في الحياة، فهذا أجَلٌ في يد الله، وليس في يدي، فأنا لست إلهاً لأقبض الأرواح، ولا أتمنى الاغتيال لأي شخص ولا أنادي به، من واجبي أن أُحذر، وأن أُذَكِّر، وأن أنصح، فهذا دوري بحكم عملي، وفي حدود حقوقي الدستورية والقانونية، لكنني لا أحرض على القتل، ولا أتضامن مع القتلة، ومنهم النظام نفسه الذي يريد أن يقنعنا أنه يقتلنا ويفقرنا باسم القانون، أو تحت ضغط الضرورة. النقطة الثانية أنني أقدم بلاغا للنائب العام للتحقيق في هذا الاتهام، معي، ومع الأفراد والجهات التي سأذكرههم في بلاغي وأتهمهم بالقتل وبالتحريض على القتل، وتهديد التماسك الاجتماعي».

الخوف حاكم الأرض وسيدها الجبار

ونبقى مع القضية نفسها التي تخيم على الصحف كلها، حيث يرى محمد علي إبراهيم في «المصري اليوم»: «الخوف يحكم العالم كله الآن، لكن الفرق بين خوفنا وخوف الآخرين أن في أوروبا تحمل أجهزة الأمن السلاح بيد والرغيف والدواء وكتاب الله في اليد الأخرى، الاختلاف أن كل أجهزة الدولة في الغرب تتكامل في الأمن، لكن عندنا نعلق المسؤولية في رقبة الأمن ونرتاح، وننسى أن هناك عجزا في الطعام والتعليم والصحة والخدمات والطرق وتدريس الأديان السماوية، أن أسوأ ما في شرقنا العربي أن الخوف أصبح هو حاكم الأرض وسيدها الجبار، وأسوأ ما في الخوف أن الشك أصبح رسوله، والمرض من حوارييه، والموت هو بابه المفتوح على الرحمة. ويندد الكاتب بالحملة الشعواء على الأزهر الشريف: تعجبت كثيرا من استعداء أحمق يمارسه الإعلام ضد الأزهر، مجاملة للدولة أو قربانا، نقدمه لأشقائنا المسيحيين، اعتذارا عن مجرم قتل المسلمين والمسيحيين، دهشت وأنا أقرأ وأشاهد من يدعو لتصفية الأزهر وعدم استقبال طلاب فيه، وتنظيفه من المنتمين للفكر السلفي. الأزهر فيه تطرف مثل كل مؤسسات وأجهزة الدولة، لكن لابد من الحفاظ على دوره التنويري، نصلحه ونقومه، لكن ما يجري من هدم له وإهانة شيخه سيزيد النار فتنة، المسلمون والمسيحيون لهم رموزهم من مساجد وكنائس، ومن الخطأ البالغ الانسياق وراء مجاملات تغضب المسلمين، ولن ترضي الأقباط، بدون زعل هدم الأزهر هزيمة لمصر، الأزهر هو رمز الوسطية بين الوهابيين والشيعة والسلفيين والإخوان، ليس معنى أن إرهابيا فجر نفسه أن يكون الأزهر السبب، بالتالي سيكون الأزهر مسؤولا عن السارق والقاتل والمغتصب والمتحرش والراشي والمرتشى، علينا أن ندرك أن الذي فجر الكنيسة يهدف إلى هدم الإسلام وتشويهه في الخارج».

ترامب لا يخلو من العقل

«تراجعت واشنطن، عن تهديدها بالرد عسكريا على كوريا الشمالية إن نفذت تجربة نووية أو صاروخية جديدة..هذا التراجع الأمريكي حسب حسين أبو طالب في «الأهرام» إن كان صحيحا، فقد جنب أمريكا نفسها وأصدقاءها وحلفاءها كاليابان وكوريا الجنوبية دمارا محققا، إن نفذت بيونغ يانغ تهديداتها. كما جنب العالم حربا نووية لن تبقي ولن تذر. ورغم أن التهديد باستخدام القوة أمر معتاد في العلاقات الدولية في مرحلة التوتر والأزمة، فإنه في حالتي سوريا وكوريا الشمالية يبدو وكأنه نوع من اللعب بالنار الخالي من المضمون. وهنا الخطر الأكبر، فكلا التطورين يعتبران انعكاسا لتطورات داخلية بحتة، وليست رؤى استراتيجية متماسكة، والهدف الأكبر منهما هو إزالة الانطباع الداخلي بأن الرئيس ترامب واقع تحت الضغوط، ولا يمكنه اتخاذ قرارات كبرى. الخطر قائم أيضا في الميل إلى الحلول العسكرية غير المدروسة، وبالتالي تكون نتائجها عكسية تماما. أما الخطر الأشد فهو الاحتكاك مع قوة نووية لا تعرف سوى الجد في القول والجد في الفعل. وحتى لو تصور صاحب قرار أمريكي أن ضربة عسكرية استعراضية ضد كوريا الشمالية قد تمر مرور الكرام فهو واهم تماما، ولا يدرك طبيعة النظام في هذا البلد المنكفئ على نفسه، والمؤمن بأن أمريكا تضمر له كل الشر وتسعى إلى إسقاطه بعمل عسكري، وأن أي استفزاز يجب أن يجد ردا قاسيا مهما كانت التبعات، فالمهم أن يبقى النظام في عين شعبه قويا وصلبا ويرد الصاع صاعيْن».

الهجوم على الإمام الأكبر شيخ الأزهر بأوامر عليا وجمرة الطوارئ ستحرق أيدي الجميع

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول سالم اليماني:

    تعددت الصور والعداء للإسلام واحد . ومن الصور الهجوم على الحجاب ، أو القرآن ، أو السنة ، أو المناهج التي بها (ريحة) إسلام ، أو اللحية ، أو الأزهر ، أو البخاري ، أو المتدينين والتدين ، أو الشيوخ ، أو المساجد ، أو خطب الجمعة ، أو البنوك الإسلامية ، أو الكعبة ومكة والمدينة والقدس ، أو المرأة الملتزمة ، أو الحكم بما أنزل الله ، أو جمعيات رعاية الأيتام . كل هذا زبد يذهب جفاء ، ويمكث الإسلام في الأرض .

إشترك في قائمتنا البريدية